- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
إقالات الوزراء في تونس.. سر التوقيت وجدوى التغيير (تقرير)
إقالات الوزراء في تونس.. سر التوقيت وجدوى التغيير (تقرير)
- 2 مارس 2023, 11:43:43 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
- الباحث هشام الحاجي: الإقالات يمكن فهمها على أساس أن حصيلة حكومة بودن لم تكن إيجابية بالمرة
- طارق الكحلاوي: التعديلات كان مخططا لها منذ مدة طويلة
- عبدالرزاق الخلولي: القرار صائب وليس هناك مبرر لطرح سؤال كيف ولماذا؟
دون توضيح الأسباب، أقال الرئيس التونسي قيس سعيد خمسة وزراء من حكومة نجلاء بودن، خلال الشهرين الأخيرين، مع تعيين آخرين خلفا لهم.
أغلب التوقعات كانت تتحدث عن "تحوير (تغيير) حكومي بعد انتخابات مجلس النواب"، التي جرت بالفعل في 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وسط سياق مشحون وإقبال ضعيف.
لكن تتابع الإقالات أثار ردود فعل واسعة في الشارع التونسي، ما دفع الأناضول إلى استطلاع آراء عدد من السياسيين، الذين ذهب بعضهم إلى أنها "مخطط لها من فترة"، فيما ذهب آخرون إلى أنها "مناورة لكسب الوقت".
وبدأت حكومة بودن عملها في 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بتشكيلة تتكون من 24 وزيرا، إضافة إلى كاتبة دولة وحيدة.
** 5 وزراء
بدأت إقالات سعيد، في 7 يناير/ كانون الثاني الماضي، بإعفاء وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي من مهامها.
وفي 30 من الشهر نفسه، أجرى سعيد، تعديلا آخر على الحكومة بإقالة وزيري التعليم فتحي السلاوتي، والزراعة محمود إلياس حمزة.
وفي 7 فبراير/ شباط الماضي، أقال وزير الخارجية عثمان الجرندي، الذي كان يحتفظ بمنصبه منذ تعيينه في حكومة هشام المشيشي عام 2020.
وفي 23 من الشهر نفسه، أقال وزير التشغيل والتكوين المهني نصر الدين النصيبي، الذي كان يشغل أيضا منصب الناطق باسم حكومة بودن.
وكان سعيد قد قَبِل في 8 مارس/ آذار 2022، أول استقالة بحكومة بودن، وهي "عائدة حمدي" كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة.
** أسباب الإقالات
وعن توقيت الإقالات، قال الباحث في علم الاجتماع هشام الحاجي: "يمكن فهمها على أساس أن حصيلة ومردود حكومة بودن لم تكن إيجابية بالمرة، وربما كان من المفترض التفكير في تعويض الحكومة برمتها".
وأضاف الحاجي، للأناضول: "ربما لجأ الرئيس إلى هذا الأسلوب بالتغيير الجزئي والمرحلي حتى لا يقر بفشله في اختيار نجلاء بودن رئيسة للحكومة من ناحية، وحتى يربح الوقت والمحافظة على الأوضاع كما هي من ناحية أخرى".
واستدرك: "لكن الحصيلة في كل المجالات والملفات تبقى سلبية وهذا يتفق حوله الجميع، ففي كل مرة يعالج سعيد مشكلة وزارة في محاولة لربح الوقت تماشيا مع منطق يرى أن التعديل الحكومي الكلي بعد تنصيب مجلس النواب الجديد".
أما عبد الرزاق الخلولي رئيس المكتب السياسي لحركة شباب تونس الوطني (حراك 25 جويلية) المساند لسعيد، فقال إن "التحويرات تدخل في إطار نظرة جديدة للحكومة، وتقييم الرئيس لأداء أعضاء الحكومة وخاصة بعض الوزراء".
وأضاف الخلولي، للأناضول: "لا نعتبرها إقالات، بل تحوير حكومي كان من الضروري أن يقع، ونحن طالبنا وما زلنا نطالب بمراجعة التعيينات (بالحكومة) خاصة أننا رأينا وجود تململ وتعثر وفشل في أداء بعض الوزراء".
من جهته، قال الرئيس السابق للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية (حكومي يتبع الرئاسة) طارق الكحلاوي، إن "التحوير الحكومي كان مبرمجا (مخططا) منذ مدة طويلة، وما عطله هو تأجيل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي".
وأضاف الكحلاوي، للأناضول: "فريق التفاوض مع صندوق النقد يتكون من رئيسة الحكومة، ووزير الاقتصاد والتخطيط (سمير سعيد)، ومحافظ البنك المركزي (مروان العباسي)، الذي يكون هو أيضا معنيا بالتحوير".
وتابع: "رئيسة الحكومة كانت معنية بالإقالة، في انتظار حسم الاتفاق مع صندوق النقد، الرئيس لم يكن راضيا عن أداء الحكومة بشكل عام، لكن هذا فريق بالمفاوضات لا يمكن تغييره وسطها لإمكانية التشويش على مآلها".
ومنذ فترة، تسعى تونس إلى الحصول على قرض من صندوق النقد في ظل أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية المتواصلة منذ 24 فبراير/ شباط 2022.
** توازنات داخلية
وعن الوزراء المقالين، قال هشام الحاجي، إن إقالة الناطق باسم الحكومة لها "علاقة بتوازناتها الداخلية، فليس سرا أن الحكومة فيها تجاذبات وقراءات مختلفة، وهذا ربما أدى الى أن يدفع وزير التشغيل الثمن".
أما عن إقالة وزير الخارجية التونسي، فأشار الحاجي، إلى أن "إقالة عثمان الجرندي تلفت الانتباه، خاصة أنه إلى حد الآن لم تبح بأسرارها" من قبل الحكومة أو الرئاسة.
وأضاف: "الظاهر أن إدارة السيد الجرندي للخارجية كانت فاشلة، يكفي أن نرى أن عددا من البعثات الدبلوماسية بقيت دون سفراء وقناصل، وتراجع دور تونس في المشهد الدولي، إلى جانب عدة نقائص".
وتابع: "الأكيد أن وزارة الخارجية من وزارات السيادة، وكل مساس بها يطرح أكثر من سؤال، ويمثل في نهاية الأمر حدثا في حد ذاته".
فيما علق عبدالرزاق الخلولي، بأن "التقييم الذي يقوم به رئيس الدولة هو الذي يؤخذ بعين الاعتبار، وتقييم أداء وزير الخارجية يندرج في إطار عمل سعيّد الرئيسي، لذا فالقرار كان صائبا وليس هناك مبرر لطرح سؤال كيف ولماذا".
وتابع: "لربما رأى رئيس الجمهورية أنه (الجرندي) لم يقم بواجبه، وهذا يدخل في إطار صلاحيته، ونحن لا نتدخل في الصلاحيات ولا ننقدها لأنه ليس من اختصاصنا".
من جهته، ذهب طارق الكحلاوي، إلى أن "إقالة وزير الخارجية جاءت بطلبه"، مشيرا إلى أن "المصادر القريبة منه تقول إنه طالب المغادرة منذ مدة لأسباب صحية".
وقارن الكحلاوي، بين وزير الخارجية السابق والوزير الحالي نبيل عمّار، وذكر أن "الجرندي لم يكن ديناميكيا بالشكل الكافي بالنسبة للرئيس في الردود والدفاع عن مواقف الرئيس".
وتابع أن "أحد أهداف تعيين وزير الخارجية الحالي كان واضحا، وهو حضوره في الإعلام بقوة، لا سيما أنه متحمس لمسار 25 جويلية (يوليو/تموز 2021)".
** تعديلات متوقعة
وعن سيناريوهات تعامل سعيد مع الحكومة في المستقبل، توقع طارق الخلولي أن تشهد الفترة المقبلة تغييرات أخرى، مشيرا إلى أن "هناك عديد الوزراء والولاة وبعض المسؤولين لابد من تغييرهم"، من دون أن يذكر أي أسماء.
وختم حديثه بقوله: "لا نطالب بالتغييرات من فراغ بل من خلال تقييم ومتابعة ومن خلال ملاحظات والجميع طالب بالتغييرات وليس نحن فقط".
ومنذ 25 يوليو/تموز 2021، تعيش تونس أزمة سياسية بعد اتخاذ سعيّد إجراءات استثنائية من أبرزها حل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة وإقرار دستور جديد.
وتصف قوى تونسية، في مقدمتها جبهة "الخلاص الوطني" المعارضة "مسار 25 جويلية" بأنه "تكريس لحكم فردي مطلق"، فيما تراها قوى أخرى "تصحيحا لمسار ثورة 2011" التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.
أما سعيد، الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، فقال إن إجراءاته "ضرورية وقانونية" لإنقاذ الدولة من "انهيار شامل".