- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
إقالات واعتقالات لمقربين من الحلبوسي.. السوداني يستهدف نفوذ رئيس البرلمان قبل الانتخابات المحلية
إقالات واعتقالات لمقربين من الحلبوسي.. السوداني يستهدف نفوذ رئيس البرلمان قبل الانتخابات المحلية
- 7 يوليو 2023, 11:42:27 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كشفت مصادر عراقية لـ"عربي بوست" عن تفاصيل الحملة التي يقودها رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، منذ أسبوعين، ضد شخصيات تنفيذية على صلة مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، قبل الانتخابات المحلية، موضحة الأهداف السياسية وراء حملته هذه.
السوداني بدأ حملته بإعفاء محمد هاشم العاني، رئيس صندوق إعادة إعمار المحافظات المتضررة من الإرهاب شمالي وغربي العراق، في 25 يونيو/حزيران 2023، وتبعه بعدها بيومين اعتقال مدير هيئة التقاعد في الأنبار، أنس ياسين عبد الهادي، وجهت لهما تهم بالفساد والتلاعب بالمال العام، وكلاهما شخصيتان قريبتان من رئيس البرلمان، ما يعكس تزايد الخلاف بين الحلبوسي والسوداني في العراق.
بناء على اعترافات أدلى بها أنس ياسين، نفذت هيئة النزاهة الاتحادية (حكومية) أيضاً، أمر القبض الصادر بحق علي عبيد ماطر المرعاوي مدير مكتب تحقيق الهيئة في محافظة الأنبار، بتهمة التواطؤ مع المتهم الأول من أجل التغاضي عن "المعاملات المزورة والرشاوى المالية التي كان يتلقاها"، بحسب بيان صدر عن "الهيئة" السبت 1 يوليو/تموز 2023.
الخلاف بين الحلبوسي والسوداني في العراق طاف على السطح منذ أشهر، ولكن الحملة الجديدة التي ينفذها الأخير كانت لافتة، لا سيما أنها تستبق الانتخابات المحلية للمجالس البلدية في ديسمبر/كانون الأول 2023.
الحد من نفوذ الحلبوسي
المصادر المقربة من السوداني، والتي طلبت عدم الكشف هويتها، أكدت لـ"عربي بوست" أن "الاعتقالات وإبعاد رئيس صندوق إعادة الإعمار تعدّ بمثابة تكسير الأطراف الفاعلة لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي في معقله، ومسقط رأسه الأنبار، التي كانت تمده بالأموال خلال الانتخابات، وبمنح المشاريع للشخصيات السياسية والعشائرية الموالية له".
لفتت المصادر في حديثها عن الخلاف بين الحلبوسي والسوداني في العراق، إلى أن الأحير "عمد إلى التحرك ضد الشخصيات القريبة من الحلبوسي، التي عليها مؤشرات فساد قبل انتخابات مجالس المحافظة، خصوصاً أن هناك قراراً بتغيير محافظ الأنبار الحالي، علي فرحان، الذي ينتمي إلى حزب (تقدم) برئاسة رئيس البرلمان، لتجريد الأخير من أدواته"، وفق تعبيرها.
لفتت كذلك إلى أن "رئيس الوزراء يستهدف الشخصيات هذه بعد إكمال ملفات حقيقية ضدها تتعلق بالفساد وهدر الأموال والتزوير، وذلك خلافاً لما كانت تتهم به حكومات سابقة بأنها كانت تلفق التهم للشخصيات المناوئة"، مشيرة إلى أن "الحلبوسي أمام حملة ضد حلفائه تعمل ضمن القانون، والاعتقالات والاستبعاد يجريان على أساس مهني".
مصادر أخرى كشفت لـ"عربي بوست"، أن الحلبوسي بعد هذه الحملة زار الرئيس العراقي، عبد اللطيف رشيد، من أجل التوسط مع السوداني وطلب التهدئة.
وقالت: "لكن بعد الزيارة مباشرة، أقال السوداني شخصيات أمنية كبيرة، منها وكيل رئيس جهاز المخابرات ماجد الدليمي، المقرب من رئيس البرلمان، واستبداله بشخصية أخرى".
رأت المصادر في ذلك إشارة إلى فشل الوساطة.
في حين أفاد بيان صادر عن مكتب رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، الثلاثاء 4 يوليو/تموز 2023، بأن الأخير التقى رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد وتدارس آليات التنسيق بين مجلس النواب ورئاسة الجمهورية في تقديم وإقرار التشريعات التي لها مساس بحياة المواطنين، وكذلك الاستعدادات لإجراء انتخابات مجالس المحافظات في موعدها المقرر، وضمان نزاهتها وشفافيتها، دون التطرق إلى ذكر سعي الحلبوسي إلى وساطة رئيس البلاد.
وكان اللواء يحيى رسول عبد الله، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلّحة (رئيس الوزراء) أعلن في بيان، الأربعاء 5 يوليو/تموز 2023، أن قرار السوداني بتغييرات في بعض المواقع الأمنية، الهدف منها "ضخ دماءٍ جديدة، وإعطاء الفرصة لقيادات أخرى في إدارة الملف الأمني، من أجل رفع كفاءة الأداء للمؤسسات الأمنية".
حاول "عربي بوست" جاهداً الحصول على تعليق من نواب وشخصيات تنتمي إلى حزب "تقدم" بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي لكنه لم يتلقّ أي رد على اتصالاته.
"فساد مالي وإداري"
في المقابل، رأى النائب عن قوى الإطار التنسيقي (الشيعي) عامر الفايز في حديثه لـ"عربي بوست" أن ما غير مرتبط بخلاف بين الحلبوسي والسوداني في العراق، موضحا: "بعض التغييرات التي قام بها السوداني جاءت نتيجة ما ثبت على هذه الشخصيات من فساد مالي أو إداري، ولكن استبدلهم من المكون السني ذاته، ولا يعني أن الحلبوسي يمثل كل السنة".
لفت الفايز إلى أن "السوداني يبحث عن النزيه وصاحب الكفاءة من المكون السني نفسه حتى يحافظ على معادلة التوازن بين المكونات، ولا يقصد من هذه الإجراءات استهداف الحلبوسي أو غيره من السياسيين"، وفق قوله.
تابع بأن "التغيير الذي أجراه السوداني بإبعاد الفاسدين لو كان يخص المكون السني فقط، لقلنا بالفعل إن الموضوع فيه أبعاد سياسية تتعلق بانتخابات مجالس المحافظات، وإن المستهدف منها هو الحلبوسي، لكن الأوامر التي اتخذها شملت مناصب تتولاها مكونات أخرى في البلد"، بحسب تقديره.
وأشار الفايز إلى أن التغييرات التي حصلت، الأربعاء 5 يوليو/تموز 2023، للقيادات الأمنية "ليس لها علاقة بالفساد أو بالشخصيات بعينها، وإنما قضوا مدة معينة في مناصبهم وأراد السوداني أن يستبدلهم بدماء جديدة".
من جهته، علق القيادي في تحالف "الأنبار الموحد" المناوئ للحلبوسي، طه عبد الغني، بالقول إن "التغييرات الأمنية تمثل توجه رئيس الوزراء في تدوير بعض الشخصيات في المواقع المهمة، وليس فيها استهداف لأي حزب".
عن إقالة رئيس صندوق إعمار المحافظات المتضررة من الإرهاب، أكد عبد الغني عضو مجلس محافظة الأنبار السابق في حديث لـ"عربي بوست": "نتمنى أن يجري تغيير جميع من يثبت عليهم شبهات فساد، وما حصل بحقهم تصرف مهني بحت".
إقالات مرتبطة بالخلاف بين الحلبوسي والسوداني في العراق – رويترز
قرار إبعاد رئيس صندوق الإعمار، بحسب عبد الغني، جرى بناء على "توصية لجنة خاصة شكلها السوداني تتابع الفساد، وأن ما حصل أعطى الثقة لمنافسي جهات سياسية معينة بالأنبار، أن الانتخابات المقبلة ستكون لها مصداقية أكثر من الانتخابات الماضية في عام 2021".
وتابع: "تغيير محافظ الأنبار أمر يهمنا وأغلب القيادات الإدارية في المحافظة، لأننا نعتقد أن استخدام النفوذ والسلطة في الانتخابات المقبلة لن يكون في مصلحة المواطن والقوى السياسية المتنافسة".
في مقطع صوتي نشرته وكالة محلية عراقية، الثلاثاء 4 يوليو/تموز 2023، قال مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون المحافظات محمد المسعودي، إن "واحدة من المحافظات التي تئن من الفساد المالي والإداري هي محافظة الأنبار، وقد كُشفت في الآونة الأخيرة العديد من الملفات، بالتالي يتطلب الأمر من الحكومة أن تقوم بدورها تجاه مواطني هذه المحافظة".
وأكد المسعودي أن القرار الذي سيصدر من رئيس الوزراء هو تكليف شخص يثق به لإدارة محافظة الأنبار، ويكون هو المشرف الأول على الناس الذين يثق بهم، ولهم تجربة وخبرة في إدارة المحافظة.
الانتخابات المحلية حاضرة
على صعيد تنامي الخلاف بين الحلبوسي والسوداني في العراق بما يتعلق بانتخابات مجالس المحافظات، أكدت المصادر لـ"عربي بوست" أن "الأول يسعى أيضاً إلى أن يقدم نفسه رمزاً وطنياً، وللدخول إلى الأنبار في الانتخابات البرلمانية التي من المتوقع أن تجري في عام 2025".
لكن السوداني، وفقاً للمصادر، التقى في مطلع شهر يونيو/حزيران 2023، مع نواب مستقلين ينتمون إلى القوى المحسوبة من حراك تشرين (احتجاجات شعبية اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول 2019) للترتيب من أجل دعم قائمة تشارك في انتخابات مجالس المحافظات.
أكدت المصادر ذاتها أيضاً أن قوى في الإطار التنسيقي تخشى من زعامة السوداني في المرحلة المقبلة ودخوله الانتخابات، لا سيما ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي يعارض بشدة منافسته على زعامة القوى السياسية الشيعية.
أشارت كذلك إلى أن "زعامة السوداني متحققة داخل قوى الإطار التنسيقي، بل إن بعض القيادات لا تستطيع معارضة أي قرار يتخذه، وربما انتخابات مجالس المحافظات ستكون بمثابة جس نبض بخصوص مدى مقبوليته، وذلك من خلال تشكيل قوائم تعرّف بأنها قريبة منه أو تمثله".
تعليقاً على ذلك، قال النائب عامر الفايز لـ"عربي بوست"، إن السوداني "جزء من الإطار التنسيقي، فلا ضير أن ينزل بقائمته (الفراتين) التي يرأسها أساساً، وإذا قام بتشكيل قائمة أخرى فإنه بإمكانه أن يتفق مع أي كتلة من "الإطار" على اعتبارها ابنة لهذا التشكيل السياسي والمساندة له".
توتر مستمر بين الحلبوسي والسوداني في العراق يتزايد مع قرب الانتخابات المحلية – مواقع التواصل
يشار في هذا الصدد إلى أن السوداني كان قد شارك في الانتخابات البرلمانية السابقة التي جرت في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021، عبر تأسيسه لقائمة "الفراتين"، وحققت فوزاً بمقعدين في البرلمان.
رأى الفايز أن "السوداني لا يحتاج إلى أن يشكل قائمة في الظل وأن يستعين بشخصيات مستقلة، بالتالي هو يريد الوقوف على مسافة واحدة من جميع الكتل السياسية في انتخابات مجالس المحافظات".
حول ما صدر عن عضو ائتلاف "دولة القانون" النائب عارف الحمامي من تحذيرات للسوداني بخصوص تشكيله أي قائمة للمشاركة في الانتخابات، قال الفايز إن ما صدر عنه يمثل رأيه الشخصي، لأن كتلته لم يصدر عنها الموقف نفسه بمنع رئيس الوزراء من تشكيل قائمة انتخابية.
وقال: "السوداني لن يشكل أو يدعم أي قائمة في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة، وذلك حتى لا يُتهم في هذا الجانب من باقي القوى السياسية، لذلك لا صحة لما يشاع من دخوله للانتخابات بقائمة تمثله"، وفق تقديره.
وكان عضو النائب عن ائتلاف "دولة القانون" عارف الحمامي، قد حذر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من التفكير في إنشاء حزب سياسي وتكوين ائتلاف انتخابي له للدخول في الانتخابات المقبلة، لأنه لن يحصل على ولاية ثانية، وسيقف الإطار التنسيقي ضده، بحسب قوله.
الحمامي قال خلال مقابلة تلفزيونية في 17 مايو/أيار 2023 إن "السوداني عندما أتى إلى رئاسة الحكومة لم يأت لأن كتلته تمتلك مقاعد، وإنما لنظافته شخصياً (نزاهته)، وعليه أن يكون ذكياً ويبقى يعمل على الوتيرة ذاتها التي أوصلته لمنصبه".
وخاطب عضو ائتلاف المالكي، السوداني، قائلاً: "لا يخدعك المقربون منك بأنهم سيعملون مع كتلة (الفراتين) وتحويلها إلى حزب ودمج أحزاب أخرى معه، لأنه لو أنشأ حزباً فإنه لن ينفع نفسه ولا ينفعنا، وإن الجماعة (الإطار التنسيقي) سيعيقون ذلك، ولن يصبح رئيساً للوزراء حتى لو أتى بمئة مقعد".
وتابع: "هذه رسالة أخوية وسياسية إلى السوداني الذي جاء إلى الحكومة ولا يملك سوى مقعدين في البرلمان، لذلك عليه أن يبقى للعمل رئيساً للوزراء، لأنه يمثل جميع المكونات الشيعة والسنة والأكراد، التي وافقت عليه واختارته ليكون رئيساً للوزراء".
وشدد الحمامي قائلاً: "نريده (السوداني) أن يبقى على ما هو عليه الآن بدون تشكيل حزب، وأن يفعل ما يريد خلال منصبه، لأن الجميع داعم لحكومته، وبذلك ربما يحصل على ولاية ثانية، وخلافاً لذلك فإنه لن يصل إليها مجدداً".
يشار إلى أنه من المقرر أن تجري انتخابات مجالس المحافظات (المحلية) في 18 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وذلك بعدما ألغيت هذه المجالس عام 2019 استجابة لمطالب المتظاهرين، على اعتبار أنها "حلقة من حلقات الهدر المالي في البلاد"، وفي حين ستعود هذه الانتخابات في أواخر العام الجاري 2023، تظهر بشكل متزايد الخلافات بين الحلبوسي والسوداني في العراق