- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
إميل أمين يكتب: واشنطن ـ تل أبيب.. والطريق إلى طهران
إميل أمين يكتب: واشنطن ـ تل أبيب.. والطريق إلى طهران
- 15 ديسمبر 2021, 9:44:13 ص
- 531
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قبل ساعات قليلة كانت الأخبار الآتية من واشنطن تفيد بأن مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، سيزور تل أبيب خلال هذا الأسبوع بهدف لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت.
الخبر يحوي في طياته دلالات مهمة للغاية، وربما مصيرية، لا سيما أن الزيارة سوف تجري على مقربة من الإخفاقات التي تشهدها العاصمة النمساوية فيينا، بين الوفد الإيراني المفاوض، والأطراف الغربية وفي مقدمها الولايات المتحدة الأمريكية.
إيران تعلن عن موقفها، ومطالبها، بل ورغباتها الآنية والمستقبلية، والتي أجملها وزير خارجيتها أمير عبد اللهيان في رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران من جهة، واستكمال البرنامج النووي الإيراني من جهة ثانية.
لم تعد واشنطن وحدها من يؤمن بأن المفاوضات مع نظام الملالي ليست سوى عبث ومضيعة للوقت، إذ بات يشاركهم في الأمر دبلوماسيون من الدول الأوروبية الثلاث المشاركة في مفاوضات فيينا، وهي فرنسا وألمانيا وبريطانيا، والذين اعتبروا أن تلك المفاوضات مضيعة للوقت الثمين، في مناقشة مواقف إيرانية جديدة لا تتماشى مع خطة العمل الشاملة المشتركة أو تتجاوز ما تنص عليه.
بات الجميع غربا وشرقا يدرك أن طهران تتلاعب بالمفاوضات والمفاوضين، فقد تراجعت عما وعدت به من قبل، عطفا على طلب المزيد من التنازلات، الأمر الذي يفيد بأنه لا أمل في تغيير السلوك الإيراني.
في الوقت عينه بات جليا أن الإيرانيين يسوفون الوقت بأكبر قدر ممكن لتجاوز المرحلة التي لا يمكن الرجوع بعدها، أي حيازة السلاح النووي، وهو الهدف الرئيس الذي تسعى إليه طهران منذ بداية المشهد النووي وحتى خاتمته.
في العاشر من ديسمبر كانون أول الجاري، طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن من فريقه مباشرة “التحضيرات” في حال إخفاق المحاولات الدبلوماسية، وفق ما كشفت عنه الناطقة باسم البيت الأبيض، جين ساكي.
ما الذي يمكن أن تعنيه مسألة “التحضيرات” هذه؟
يعرف دارسو الاستراتيجيات أن الوصول إلى الأهداف لا يكون عادة بشكل مباشر، وإنما أحيانا تقتضي الظروف الزمانية والمكانية، الالتفاف من حول التضاريس للوصول إلى الهدف المطلوب.
في حال إيران كان ولا يزال الهدف الرئيس من المفاوضات وقبله الاتفاق النووي 2015 هو حرمان إيران من امتلاك سلاح دمار شامل، لا سيما وأنها نظام ثيؤولوجي، ووراؤه أفكار ومنطلقات لا دالة لها على السلم أو الأمن الدوليين.
هنا تشير المعلومات إلى أنه وفي حال وصلت المحادثات النووية إلى طريق مسدود، فإن سيناريو تدمير المنشآت النووية الإيرانية قد يكون من بين الخيارات التي تدرسها الولايات المتحدة بالشراكة مع إسرائيل.
أسئلة عديدة ترتفع في الأفق مع هذا التوجه، تبدأ من عند مَن سيقوم بتوجيه تلك الضربة، ثم ما هي خارطة مثل هذا العمل العسكري؟، وهناك بلا شك حساب ردات الفعل المنتظرة من إيران، وصولا إلى جوهر الأمر وهل هذه الضربات يمكنها أن تحرم إيران مرة وإلى الأبد من الحلم النووي، أم أنها فقط ستؤجل الحدث إلى وقت قريب أو متوسط على أقصى تقدير؟.
البداية.. ليس هناك أحد مرشح سوى الولايات المتحدة، وإسرائيل، أما الجانب الأوروبي، ففي أغلب الظن سيمتنع عن المشاركة في أي أعمال عسكرية بشكل رسمي، هذا إذا استثنينا بريطانيا، والتي يمكنها أن تكون عونا وسندا لوجستيا على الأقل، في أية عملية قادمة.
شكل العمل بالقطع لن يكون حربا موسعة أو غزوا شاملا، بل عمليات جراحية انتقائية لمواضع ومواقع البرنامج النووي الإيراني، وذلك من خلال القصفات الصاروخية المكثفة، عطفا على الهجمات الجوية من خلال سلاح الجو.
هل تحتاح منشآت المواجهة مع طهران إلى استخدام ما يفوق الأسلحة التقليدية؟.
المعروف أن إيران قد تعلمت الدرس من ضرب إسرائيل للمفاعل العراقي أوائل ثمانينات القرن الماضي، ولهذا لم تقم على إنشاء برنامجها النووي في مكان واحد، بل عمدت إلى توزيعه على مختلف أنحاء البلاد، والأمر الآخر هو أنها أنشأت رديفا لكل منشأة، بحيث إذا تعطلت واحدة تقوم الأخرى محلها، ولهذا لايزال هناك البعض منها خافيا عن أعين الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
هنا يمكن أن تكون قنابل الأعماق الأمريكية الشهيرة كافية وكفيلة بإحداث إصابات جسيمة في قلب المشروع النووي الإيراني دفعة واحدة.
غير أن الأمر قد يتطور إلى ما هو أبعد من السلاح التقليدي، إذا ما نست أو تناست إيران ما يسمى بـ “ميزان الانتباه العسكري”، بمعنى عدم إلتفاتها إلى قدراتها العسكرية والتصرف بتهور أو جنون.
قد تعمد إيران إلى استخدام أذرعها الميليشاوية في المنطقة لإحداث خراب شامل للمنشآت أو الاعتداء على الآمنين وترويعهم، وقد يبلغ بها الشطط حد استخدام صواريخها الباليستية في شكلها التقليدي، أو عبر تحميلها برؤوس بيولوجية أو كيميائية، ناهيك عما يعرف بالقنابل القذرة.
في هذا التوقيت تحديدا يمكن أن تبدأ الردود من عند القنابل “الميني نووي”، وصولا إلى ما هو أهول وأفعل.
هل واشنطن راغبة في الدخول في مثل هذه المغامرة هذه الأيام، لا سيما أنها تعلم أن معركتها الحقيقية مع روسيا والصين؟.
الروس يتحينون الفرصة لكي يوجهوا درسا تأديبيا قاسيا لأوكرانيا وحلف الناتو من ورائها، والصينيون يتطلعون لنافذة العودة للسيطرة على جزيرة تايوان من جديد.
هنا تبدو إسرائيل مرشحة قبل غيرها لمواجهة إيران وبدعم خلفي أمريكي، لا سيما فيما يخص الخرائط الجوية، أما المعلومات الاستخبارية فيبدو أن ما لدى تل أبيب منها يفوق ما تمتلكه واشنطن.
ولعل زيارة وزير الدفاع بني غانتس، ومدير الموساد دافيد برنيع، قبل أسبوع إلى واشنطن، يشي بأن التحضيرات التي نبه إليها بايدن قد أخذت طريقها بالفعل، لكي تضحى واقعا حيا معاشا في المنطقة.
هل يمكن أن ترتدع إيران إذا شعرت بأن الحرب على الأبواب، أم أن أكلاف التوقف عن برنامجها النووي ستكون أكثر من أثمان المواجهة؟.
الليالي حبلى بالمفاجآت.