- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
إيران.. تقدم في الخارج وخسائر في الداخل
إيران.. تقدم في الخارج وخسائر في الداخل
- 10 يوليو 2022, 4:44:16 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
اعتمدت سياسة إيران الخارجية منذ الثورة الإسلامية عام 1979 على دعم وكلاء في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وعلى مدار العقود الخمسة الماضية، رعت إيران عدة مجموعات مثل "حزب الله" في لبنان، و"كتائب بدر" في العراق، و"لواء فاطميون" في أفغانستان، والعديد من الميليشيات الشيعية لدعم حليفها المحاصر في سوريا. ومنح هؤلاء الوكلاء طهران نفوذًا إقليميًا هائلاً، لكنهم تسببوا أيضًا في خسائر فادحة للشعب الإيراني.
وفي حين تمنح هذه الجماعات المسلحة طهران نفوذاً كبيراً أمام خصومها وتمنحها ميزة استراتيجية فريدة في الشرق الأوسط، فإن دعم إيران لهذه الجماعات أدى إلى عزل البلاد وجعلها في مواجهة العديد من الدول في المنطقة. وأدى ذلك إلى تصعيد العقوبات الاقتصادية الدولية التي دمرت اقتصاد البلاد وأثرت بشدة على مستويات معيشة المواطن الإيراني.
علاوة على ذلك، فإن تركيز النظام على أولويات السياسة الخارجية وأمن الدولة أدى إلى صرف الانتباه عن الأولويات الأخرى مثل الأمن المائي. لذلك بغض النظر عن نتيجة المفاوضات النووية فإن المهمة الأصعب ستكون الإصلاح الاقتصادي.
لقد وفرت الحماسة الثورية، فضلاً عن المصالح الوطنية المتصورة، الزخم الأولي لدعم إيران لشبكة الوكلاء. على سبيل المثال، منذ عام 1982 زودت إيران "حزب الله" بالأسلحة والدعم المالي والتدريب العسكري لردع إسرائيل. وبالمثل، أنشأت طهران "فيلق بدر" - مجموعة من العراقيين الشيعة المنفيين - للقتال إلى جانب الحرس الثوري خلال الحرب التي استمرت 8 سنوات بين البلدين.
ولم تستغن إيران عن "فيلق بدر" بعد الغزو الأمريكي عام 2003، حيث لعب التنظيم دوراً مهماً في بسط نفوذ إيران في العراق. كما دعمت إيران الحوثيين في اليمن لتأسيس موطئ قدم على مدخل البحر الأحمر واستنزاف السعودية من خاصرتها. وبتكلفة زهيدة نسبيا، ألحقت طهران أضرارًا جسيمة وفرضت تكاليف باهظة على خصمها الإقليمي الأساسي.
أخيرًا، حشد الحرس الثوري العديد من الجماعات الشيعية لدعم "بشار الأسد" وقمع الثورة في سوريا. ومن بين المجموعات الموالية لإيران في سوريا يبرز لواء "فاطميون" من الشيعة الأفغان و"حزب الله" من لبنان و"زينبيون" من الشيعة الباكستانيين. وتشكل هذه الجماعات صندوق أدوات مهم في حالة المواجهة العسكرية مع إسرائيل أو الولايات المتحدة في المستقبل.
في الوقت نفسه، أدى ميل إيران إلى دعم الوكلاء في الخارج إلى عواقب وخيمة على الجبهة الداخلية. ففي السنوات الأولى للثورة، لم يكن هناك اهتمام يذكر بالصحة الاقتصادية للجمهورية الإسلامية وفي الواقع قال "الخميني" ذات مرة إن الوعود الاقتصادية كانت مخصصة لـ"الحمير". بعبارة أخرى، كان الهدف من الثورة هو دفع لـ"الإسلام الثوري" وليس الاقتصاد.
وكان للعقوبات الدولية المفروضة على إيران تأثير خطير على اقتصاد البلاد. وانخفض الناتج المحلي الإجمالي لإيران بشكل مطرد لأكثر من عقد بسبب العقوبات الدولية - خاصة تلك المفروضة على قطاع النفط. وفي عام 2020، كان الناتج المحلي الإجمالي للبلاد حوالي ثلث ما كان عليه في عام 2012.
وأدى هذا الأداء الاقتصادي السيئ إلى ارتفاع معدلات البطالة التي بلغت حوالي 10% في عام 2021 ومن المقرر أن تقفز في عامي 2022 و 2023، وفقًا لصندوق النقد الدولي. يشار إلى أن معدلات البطالة أعلى بكثير بين الشباب الإيراني حيث يوجد واحد من كل 4 شباب بلا عمل.
ويعاني الاقتصاد الإيراني أيضًا من التضخم حيث تضاعفت الأسعار في بعض الحالات 3 مرات. وإلى جانب معدلات البطالة المرتفعة، انتشر الفقر في جميع أنحاء البلاد حيث يعيش أكثر من 35% من سكان إيران حاليا تحت خط الفقر.
وتساهم هذه المصاعب الاقتصادية في زيادة الاضطرابات الاجتماعية. وينبغي العلم أن هذه الأرقام قد تكون أعلى بكثير نتيجة نقص البيانات الموثوقة. لذلك لن يكون من السهل استعادة التوازن الاقتصادي في البلاد، حتى لو تم رفع العقوبات الدولية.
ولعل الأمر الأكثر خطورة هو أن التوتر المستمر بين إيران ودول أخرى على الساحة الدولية صرف انتباه طهران عن التهديدات الاقتصادية الوجودية مثل الأمن المائي.
وتشير التقديرات إلى أن 97% من إيران تعاني من الجفاف بدرجة ما، وهناك 11 مدينة ضخمة يبلغ إجمالي عدد سكانها 37 مليون نسمة تعاني بالفعل من نقص المياه. وقد واجهت عدة مدن إيرانية اضطرابات اجتماعية مؤخرًا بسبب نقص المياه. ففي أصفهان، أصبحت المظاهرات شائعة. وبالمثل، كانت هناك عدة احتجاجات في خوزستان في عامي 2018 و 2021.
ومثل العديد من الدول المجاورة لها، أعطت الحكومة الإيرانية الأولوية لبقاء النظام على رفاهية شعبها.
وبالرغم أن النظام لا يزال متماسكا، فإن مشاكل إيران هيكلية بطبيعتها لذلك سيكون من الصعب معالجتها؛ ويفسر ذلك جزئياً عدم نجاح الحكومة في التعامل مع هذه المشاكل خلال العقود الخمسة الماضية.
إن تعليق آمال الانتعاش الاقتصادي على رفع العقوبات الدولية يعد تفكيرًا رغائبيا. وبغض النظر عن نتيجة المحادثات النووية، تواجه طهران مشاكل عميقة من صنعها.
المصدر | مصعب الألوسي | منتدى الخليج الدولي