ملامح تصعيد غير مباشر وخيارات محدودة للرد

احتلال إسرائيلي جديد في سوريا.. واقع عسكري ميداني أم تمهيد لتوسّع استراتيجي؟

profile
  • clock 20 أبريل 2025, 8:44:21 م
  • eye 474
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
زامير

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، أن رئيس هيئة الأركان إيال زامير أجرى جولة ميدانية في الجولان السوري المحتل لتقييم الأوضاع العسكرية والأمنية في المنطقة، في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة.

 

وفي تصريحات مثيرة للجدل خلال جولته، أكد زامير أن القوات الإسرائيلية تسيطر على نقاط استراتيجية داخل الأراضي السورية، معتبراً أن هذا التواجد يهدف إلى "الدفاع عن إسرائيل بأفضل طريقة"، حسب تعبيره.

 

الاحتلال الإسرائيلي يعمّق وجوده تحت ذريعة "الدفاع"

 


أشار زامير إلى أن الوجود العسكري الإسرائيلي في الجولان يحمل أهمية أمنية بالغة، مؤكداً أن الجيش يواصل العمل ضمن ما وصفها بـ"المنطقة الأمنية" بهدف حماية المستوطنين من أي تهديد محتمل.

 

 زامير 

 

وأضاف: "لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور في المستقبل، لكن وجودنا هنا أمر ضروري في ظل الوضع غير المستقر في سوريا"، وهو ما يعكس تبني الاحتلال سياسة "الدفاع المتقدم" من خلال التمركز خارج حدود فلسطين المحتلة.

 

الجولان... منطقة "حيوية" في الحسابات الإسرائيلية


ووصف زامير منطقة الجولان بأنها "منطقة حيوية" لأمن إسرائيل، مبررًا السيطرة عليها بـ"انهيار سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد". وادعى أن القوات الإسرائيلية دخلت الجولان للسيطرة على "نقاط مفتاحية" تتيح مراقبة التحركات في الهضبة الجبلية، بما يعزز من قدرات الجيش على "الإنذار المبكر" والتصدي لأي تحركات معادية.

 منطقة الجولان

 


تأتي هذه التصريحات في وقت تُواجه فيه المنطقة تصعيدًا إسرائيليًا على أكثر من جبهة، خاصة في قطاع غزة وسوريا ولبنان. ويُنظر إلى تصريحات زامير على أنها محاولة لتكريس واقع احتلال طويل الأمد في الجولان، عبر ذرائع أمنية تتجاهل القانون الدولي الذي يعتبر الجولان أرضًا سورية محتلة منذ عام 1967.

 

ويُحذر مراقبون من أن هذا التمركز العسكري الإسرائيلي قد يُستخدم لاحقًا كنقطة انطلاق لعمليات توسع جديدة داخل الأراضي السورية، مستغلًا حالة الانقسام والضعف التي تشهدها سوريا منذ أكثر من عقد.

 

قراءة عسكرية للتصريحات: تكريس لعقيدة "الدفاع المتقدم"

 

وفي قراءة عسكرية للتصريحات قال الدكتور رامي أبو زبيدة رئيس تحرير موقع 180 تحقيقات إن تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي تُظهر محاولة واضحة لاستغلال ضعف الدولة السورية في أعقاب سنوات من الحرب، وسقوط نظامها المركزي، لتحقيق أهداف استراتيجية بعيدة المدى. فمفهوم "الدفاع المتقدم" الذي يستخدمه الاحتلال، يشير إلى نقل نقاط المراقبة والمواجهة إلى ما وراء الحدود الفلسطينية المحتلة، بما يعزز من قدرات الإنذار المبكر ويوسع نطاق السيطرة الأمنية والعسكرية.

 

ومن خلال هذه الاستراتيجية، تحاول إسرائيل فرض واقع جديد في المناطق السورية المحتلة، والإبقاء على وجودها العسكري باعتباره ضمانة أمنية دائمة، متجاهلة بذلك القانون الدولي وانتهاكها المستمر لسيادة الدول المجاورة.

 

هل تصبح المواقع المحتلة نقطة انطلاق لتوسّع جديد؟

 

وتابع: هذا السيناريو وارد بقوة، لا سيما في ظل الطموحات التوسعية لليمين الصهيوني الذي يتبنى مقاربة أمنية هجومية. إذ إن أي موقع استراتيجي يُحتل يمكن أن يتحول إلى قاعدة دعم لوجستي واستخباراتي، تُستخدم مستقبلاً في عمليات توسع إضافية داخل الأراضي السورية أو نحو مناطق أخرى تعتبرها إسرائيل ذات أهمية جغرافية أو أمنية.

ومع ذلك، فإن قرار التوسع لن يكون أحاديًا بالكامل، بل سيتوقف على عدة عوامل، من أبرزها:

تطورات الأوضاع الأمنية والسياسية داخل سوريا.

مستوى التهديدات التي تراها إسرائيل في محيطها.

ردود الأفعال الإقليمية والدولية.

التكاليف السياسية والعسكرية المترتبة على أي توسع جديد.

 

كيف يمكن أن تتعامل الحكومة السورية مع التصعيد دون مواجهة مباشرة؟

 

وقال إنه في ظل ضعف الجيش السوري وتراجع بنيته العسكرية نتيجة سنوات الحرب، فإن خيار المواجهة المباشرة مع إسرائيل يبدو غير واقعي حاليًا. ومع ذلك، لا تزال أمام الحكومة السورية بعض الأدوات السياسية والدبلوماسية التي يمكن توظيفها للرد على الاحتلال الإسرائيلي:

 

وأكد ان التحرك الرسمي في الأمم المتحدة ومجلس الأمن لتقديم شكاوى حول انتهاك السيادة السورية والمطالبة بإدانة الاحتلال.

 

والتنسيق مع الحلفاء الإقليميين والدوليين، خاصة تركيا وقطر، للضغط على إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية.

 

وبناء موقف عربي موحد يرفض الاعتداءات الإسرائيلية ويعيد وضع الملف السوري على طاولة النقاش الدولي.

 

وتعزيز التواجد العسكري الرمزي في المناطق المتاخمة للمواقع المحتلة، بما لا يورّط سوريا في مواجهة مفتوحة، مع محاولة تطوير قدرات دفاعية جديدة بالتعاون مع الحلفاء.

 

ملامح تصعيد غير مباشر وخيارات محدودة للرد

 

وفي تصريحاته قال إن بناءً على المعطيات الحالية، يتضح أن إسرائيل تحاول فرض واقع جديد داخل الأراضي السورية عبر استغلال الوضع الهش في دمشق، وتكريس سيطرتها على مواقع استراتيجية في إطار ما تسميه بـ"الدفاع المتقدم".

 

وفي المقابل، تبدو خيارات الحكومة السورية محدودة لكنها ليست معدومة. ويمكنها أن تمارس ردًا متعدد الأبعاد – دبلوماسي، إعلامي، وتحالفاتي – دون الانجرار إلى حرب مباشرة قد تكون مكلفة للغاية في هذه المرحلة.

 

ويبقى المشهد مفتوحًا على جميع الاحتمالات، في ظل استمرار الاحتلال بمحاولاته تغيير قواعد الاشتباك، ومع غياب ردع دولي حقيقي يوقف التمدد الإسرائيلي في المنطقة.

 

التعليقات (0)