- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
استراتيجية مقايضة.. ماذا وراء التقارب العسكري بين روسيا وإيران؟
استراتيجية مقايضة.. ماذا وراء التقارب العسكري بين روسيا وإيران؟
- 10 يناير 2023, 6:47:06 ص
- 530
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قدمت إيران مئات الطائرات المسيرة إلى روسيا منذ قرار الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" غزو أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، وحاولت طهران في البداية الحفاظ علي سرية هذه الخطوة، فيما لم يتضح وقتها هدف إيران من تقديم هذه الطائرات سوى دعم حليف في حاجة ماسة لها في أرض المعركة.
ربما كانت طهران تهدف إلى إظهار التأثير الذي يمكن أن تحدثه على الأمن الأوروبي خلال محادثات الاتفاقية النووية، وربما كانت تحاول التوضيح بأن عودة واشنطن إلى سياسة "أقصى ضغط" ستكون غير فعالة في حالة انهيار المحادثات النووية أو إذا عاد الجمهوريون إلى السلطة بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024.
وربما كانت محاولة لكسب نفوذ على روسيا على المدى القصير بعد أن طلب وزير الخارجية الأمريكي من موسكو الضغط على إيران للموافقة على اتفاقية نووية جديدة في يناير/كانون الثاني 2022.
وبغض النظر عن النوايا، فقد أضافت هذه الخطوة درجة من التوتر في حرب أوكرانيا وخاطرت بالمزيد من التصعيد. وعلى الأقل، فقد أضافت درجة من الاعتماد الروسي على إيران ودعمت التكهنات حول العلاقات الروسية الإسرائيلية.
لقد أصبح من الواضح منذ ذلك الحين أن إيران تسعى إلى تنفيذ استراتيجية مقايضة فيما يتعلق بالتحالف مع روسيا في أوكرانيا.
ترقية السلاح الجوي الإيراني
قال بيان صادر عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي "جون كيربي" في 9 ديسمبر/كانون الأول عام 2022، أن روسيا تقدم "دعمًا عسكريًا وفنيًا غير مسبوق لإيران" في مقابل أن تصبح إيران داعما عسكريًا رئيسيًا لحرب روسيا في أوكرانيا.
وتتعلق معظم مخاوف الولايات المتحدة بالمعدات العسكرية المتقدمة، مثل المروحيات وأنظمة الدفاع الجوي والطائرات المقاتلة المتقدمة "سو-35"، والتي يمكن تسليمها إلى إيران، وقد كان الطيارون الإيرانيون بالفعل يتدربون في روسيا.
وينظر الرئيس "جو بايدن" والاتحاد الأوروبي إلى أي عملية نقل لبعض الطائرات المسيرة المقاتلة أو الصواريخ إلى روسيا كانتهاك لقرار 2231 لمجلس الأمن الذي أقر خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران.
وتهدف الصفقة المتبادلة في المبيعات العسكرية الروسية إلى معالجة اختلال التوازن في القوة الجوية في الخليج فيما يعود إلى حد كبير لنظام العقوبات الدولي القوي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد إيران التي لديها بالفعل سلاح جو عفا عليه الزمن ويتطلب اهتمامًا عاجلًا لتطويره.
وعلى النقيض من ذلك، كان لدى السعودية والإمارات الحرية في الاستثمار بكثافة لترقية جيوشهم على مدار السنوات الأخيرة، مع تبني استراتيجية تنويع مصادر الأسلحة بما يشمل روسيا.
وما يزال الغموض محيطًا بتفاصيل الصفقة العسكرية السعودية الروسية في عام 2021، لكن الإمارات كانت واضحة في تعاونها مع روسيا بشأن تطوير مقاتلة "سو-75 كش مات"، التي تم الكشف عنها في يوليو/تموز 2021.
كانت هذه الصفقة والمبيعات العسكرية الصينية ملجئًا مفيدًا للإمارات بعد أن ربطت الولايات المتحدة بيعها 50 طائرة مقاتلة "F-35" للإمارات بشروط رفضتها أبوظبي.
وهكذا فإن استيراد إيران لمقاتلات "سو-35" من الجيل الرابع والتي تتميز بنقاط قوة في الاستهداف والتحمل، من شأنه أن يضيق الفجوة مع الدول الإقليمية الأخرى التي كانت تغازل روسيا، مثل السعودية والإمارات.
قدرات المسيّرات الإيرانية
تشكل الطائرات المسيرة والصواريخ بشكل متزايد جزءًا من المجمع الصناعي العسكري الإيراني. وتم توجيه البلاد نحو الصراع منذ حرب الإيرانية العراقية، وتمثل الطائرات المسيرة تهديدًا متزايدا للأمن في الشرق الأوسط.
وتتكشف هشاشة البنية التحتية الحيوية في الخليج من محاولات تنظيم "القاعدة" مهاجمة منشأة معالجة النفط السعودية في بقيق في عام 2006 والهجوم الذي نُسب لإيران بالطائرات المسيرة ضد مرافق النفط السعودية في بقيق وخريص في سبتمبر/أيلول 2019.
وأوقفت هجمات بقيق وخريص في عام 2019 نصف إنتاج النفط في المملكة مؤقتا وأدت إلى أكبر ارتفاع في أسعار النفط في يوم واحد. ولم تُقابل الهجمات برد عسكري أمريكي لكنها حفزت في النهاية تجدد التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والسعودية من خلال "مركز الرمال الحمراء للتجارب المتكاملة"، والذي من المتوقع أن يختبر تقنيات جديدة تهدف إلى دمج أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ في المملكة بشكل أفضل.
وبحسب التقارير، استخدمت إيران الطائرات المسيرة أيضًا ضد إسرائيل، وفي العمليات العسكرية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا والعراق في عام 2021، وضد السفن في خليج عمان.
كما قامت طهران بتقديم الطائرات المسيرة للجهات الفاعلة غير الحكومية، بما في ذلك "حزب الله" و"حماس" و"الحوثيين"، والميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في العراق.
ومن خلال تطوير واختبار عدد من النماذج الجديدة من الطائرات المسيرة في العديد من ساحات القتال في الشرق الأوسط، مثل "شاهد" (يُزعم أنها استخدمت لضرب ناقلة قبالة ساحل عمان وقتلت شخصين في نوفمبر/تشرين الثاني 2022)، و"قاصف"، و"صمد" و"مهاجر" و"أبابيل" و"كمان" (القادرة على حمل أنواع مختلفة من الذخائر والمصنوعة على غرار "إم كيو-1 بريداتور" و "إم كيو-9 ريبر" الأمريكية)، تهدف إيران إلى زيادة مبيعات الطائرات بدون طيار.
وحتى الآن، لم تبع إيران طائراتها المسيرة إلا إلى عدد محدود من المشترين، مثل فنزويلا والآن روسيا، بالنظر إلى العقوبات الأمريكية الواسعة ووجود عدد من الموردين البديلين، بما في ذلك تركيا.
وفي مايو/أيار 2022، افتتحت إيران قاعدة لتصنيع الطائرات المسيرة في الخارج في دوشانبي في طاجيكستان، في رد ربما على العمليات الإسرائيلية ضد برنامج الطائرات المسيرة الخاص بها.
وتواصل إيران تطوير الطائرات المسيرة الانتحارية "كاميكازي"، والتي أصبحت قادرة بشكل متزايد على تفادي الاكتشاف من رادارات الدفاع الجوي الأرضي أو البحري باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وعلى خلفية التغطية السعودية للاحتجاجات المستمرة في إيران، زُعم أن الحرس الثوري هدد المملكة مرة أخرى في نوفمبر/تشرين الثاني 2022. وبالنظر إلى الاعتماد السعودي على محطات تحلية المياه في أمنها الغذائي، وكذلك مرافق معالجة النفط الخاصة بها، لا تزال المملكة هشة أمام مثل هذا الهجوم.
وتثير قدرة الطائرات المسيرة على أن تحوم، وتتفادى الاكتشاف، وتهاجم باستخدام مجموعات جديدة من الأسلحة والذكاء الاصطناعي أسئلة جديدة حول حماية البنية التحتية الحرجة في فترات السلام والتوتر والحرب.
تداعيات العلاقات الروسية الإيرانية
يمكن أن تؤدي إمدادات الأسلحة الروسية إلى إيران، مثل المروحيات وأنظمة الدفاع الجوي ومقاتلات "سو-35" المتقدمة، إلى زيادة زعزعة الأمن الإقليمي.
أولاً، لا بد أن يؤدي اقتران واردات الأسلحة مع قدرات الطائرات المسيرة الإيرانية إلى دق ناقوس الخطر في بعض العواصم الخليجية وإسرائيل، خاصةً مع غياب معلومات كافية حول حول النوايا. كما أن الافتقار لنظام دفاع جوي متكامل يجمع مجلس التعاون الخليجي واستمرار نقاط الهشاشة أمام هجمات الطائرات المسيرة التي يشنها وكلاء إيران يؤدي إلى تفاقم هذه المشكلة.
وثانياً، هناك افتقار إلى اتفاقيات حول الأسلحة النووية أو الأسلحة الأخرى مما يؤدي لغياب أي ضمانات، ويجب أن تتوفر مثل هذه الاتفاقيات كشروط مسبقة بالنظر إلى انعدام الثقة (ثقل كل جانب في في المفاوضات هو ما يحدد ما سيتم تضمينه في الاتفاق، وليس إحساس أحد الجانبين بغياب المتطلبات المسبقة).
وثالثًا، بالنظر إلى السياق المحلي، من المحتمل أن تكون إيران في وضعية تأهب للقتال لترسيخ السيطرة محليًا وضمان بقاء النظام الثوري. وبالنظر إلى تعثر الاتفاقية النووية، تغذي مبيعات الأسلحة التصور بأن إيران تستعد لانهيار الاتفاقية النووية، واستمرار المقاومة ضد الغرب، وتصاعد المواجهة.
وأحد الحلول لتجنب مثل هذا التصعيد قد يتأتى من الدبلوماسية الوقائية؛ عبر بناء اتفاقية بشأن الأمن الجوي في الخليج لدعم أهداف الأمن القومي المشتركة، بما في ذلك صفقة تركز على حماية البنية التحتية الحرجة.
وإذا جرت مفاوضات بهذا الشأن مسبقا، لكانت دعمت المفاوضات النووية، وأزالت دافع إيران لتطوير الصواريخ والطائرات المسيرة والتبادل العسكري مع روسيا قبل أن يصل إلى هذه المرحلة المتقدمة.
ومع غياب مثل هذا الاتفاق، وغيره من الاتفاقيات التي كان من شأنها أن تساهم أيضًا في تهدئة التصعيد، يبدو أن إيران تعتزم التقدم إلى الأمام بسرعة، للهروب من قيود تجدد الاتفاقية النووية وعواقب هذا التهرب.
**لقراءة النص الأصلي Looking to Moscow, Iran Steps Up Measures to Bolster its Air Power
المصدر | روبيرت ماسون/ معهد دول الخليج في واشنطن