اسر ذكي يكتب : مذكرات الموتى

profile
ياسر ذكي إذاعي مصري
  • clock 4 أبريل 2021, 12:46:21 ص
  • eye 875
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

مذكرات الموتى

غالبا ما كنت أراجع شريط الذكريات وأنا أشيع أحد الأقارب أو المعارف إلى  مثواه الأخير،  فأتذكر أبرز المواقف التي ربطتني بالمتوفى . اليوم وأنا أشيع هذا الرجل إلى مثواه الأخير، لا أذكر له سوى مجموعة من التناقضات التى تحير العقول فلا أنت قادر على أن تحبه وتقدره ولا تستطيع كراهيته.حسنا لا بأس من وداعه كغيره . الرجل بدأ حياته يتيما في وجود أمه وأبيه ، حيث جمعت المصلحة بين أبوية لصلة قرابة جمعتهما ، لكن كراهية شديدة جعلت تلك الزيجة لا تستمر سوى عام واحد ، انتهت بانفصال غير مشرف، لكن الرابطة لم تنته بمجرد الطلاق ، فقد تركت توابعها بثمرة غير ناضجة ، طفل رأي الحياة بنصف عين ،حين أصابه مرض في صغره جعله يرى بصيص نور استمر معه سني عمره التى دامت طيلة ستين عاما أو يزيد . وكغيره ممن في ظروفه التحق بكتاب القرية ، حيث حفظ القرآن فريضة لأمثاله، الذين لا أمل لهم في الحياة سوى ارتياد هذا  الطريق. وكأمثاله أيضا عانى معاناة شديدة في حفظ كتاب الله الرقيق الجانب من قساة قلوب لا يعرفون طريقا سوى التنكيل بهؤلاء حتى يكملوا  مهمتهم  التى اعتادوا عليها. عندما أصبح التلميذ أستاذا ، اختار لنفسه طريقا لم أر له مثيلا فيمن سبقه أو تبعه في تلك المهنة . لقد أخذ على نفسه عهدا على إلا يعلم أحدا ما تعلمه، لكن عليه أن يكسب قوته، فماذا يفعل ، كان يقطع مع طلبته الذين يختارهم بعناية على أن يكونوا من أثرياء البلده، طريقا لا نهاية له حيث يجب الوقوف في نصف الطريق ،ويبدأ في ابتزاز اهلهم على أنه يقوم بمهمة سامية ، وأي أمر يعادل حفظ كتاب الله ؟لكن هل تكفى الأموال كي يقوم بهذا العمل الجليل . بالطبع لا . لقد حفظ هذا الكتاب الذي لم يع  يوما حرفا منه ، كان يحفظه ولا يفهمه ولا يقف أمام معانيه، بل كان يستخدمه أحيانا لجنى أموال العدية ، وهو قراءة سورة يس لإحداث الضر بأحد الأشخاص. كان يفاخر بحفظه الجيد ،ولم يعرف التواضع  إليه طريقا.حاولت وأن أراه محمولا على الأعناق تمهيدا لإدخاله  لآخر مكان يلامس جسده في هذه الدنيا ، أن ألخص تلك الحياة الطويلة فلم أجد سوى هذه العبارة .تزوج وأنجب ومات هكذا كانت حياته باختصار

التعليقات (0)