- ℃ 11 تركيا
- 8 يناير 2025
الاحتلال يعمل مع أمريكا والسعودية ومصر والإمارات لمنع انهيار النظام الأردني
الاحتلال يعمل مع أمريكا والسعودية ومصر والإمارات لمنع انهيار النظام الأردني
- 7 يناير 2025, 12:59:19 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بوعز جولاني - معاريف
حتى منتصف القرن التاسع عشر كانت أوروبا تتكون من عدد كبير من كيانات شبه الحكم الذاتي تحكمها على نحو متبادل الإمبراطورية الفرنسية، الروسية والنمساوية – الهنغارية. في 1848، نشبت سلسلة من الثورات التي عرفت باسم “ربيع الشعوب” وأدت إلى خلق دول قومية مستقلة.
عندما دخلت القوى العظمى الأوروبية إلى الفراغ الشرق أوسطي مع تفكك الإمبراطورية العثمانية، حاولت أن تصدر الى هنا نموذج الدولة القومية التي تبنوها. غير أن هذا النموذج لم يأخذ بالحسبان عمق الفجوات والخلافات بين القبائل، الطوائف والجماعات الاثنية المختلفة في الشرق الأوسط وبخاصة العداء المتجذر بين الشيعة والسُنة.
وكانت النتيجة جملة من الدول الزائفة التي تنجو طالما كانت القوى العظمى تدعمها (السعودية، الأردن وغيرهما)، أو تكون يحكمها دكتاتوريون وحشيون (صدام حسين في العراق أو الأسد الأب والابن في سوريا).
مرت نحو 100 سنة وعدنا إلى هذا الحد أو ذاك إلى نقطة البداية، التي يوجد فيها في الشرق الأوسط جملة دول كفت منذ زمن بعيد عن الوجود ككيانات قومية حقيقية، رغم أن العالم يواصل التعاون معها كدول قوية.
لبنان تفكك في الحرب الأهلية في 1975، ومنذئذ وهو لا يؤدي حقا مهامه كدولة ذات سيادة. العراق تفكك بعد سقوط نظام صدام حسين في 2003. ليبيا تفككت بعد سقوط نظام القذافي. سوريا بدأت تتفكك بعد نشوب الثورة في 2011 ومعظم أراضيها استبدلت بخلافات إسلامية في 2015. نجح الأسد في تثبيت الوضع حتى انهياره قبل شهر. الصومال لا توجد كدولة ذات سيادة منذ نهاية التسعينيات. اليمن تفكك الى كيانين قبل اكثر من عقد والقائمة لا تزال طويلة.
في قسم كبير من دول الشرق الأوسط، الهوية الاثنية والطائفية تفوق كثيرا الهوية القومية. نصر الله قال في حينه إنه قبل كل شيء شيعي وفقط بعد ذلك لبناني. زعيم سوريا الجديد أحمد الشرع هو قبل كل شيء سُني وفقط بعد ذلك سوري. الأكراد في العراق، في تركيا وفي سوريا مخلصون لتراثهم الاثني أكثر بكثير مما هم للدول التي يعيشون فيها.
الاعتراف بهذا الواقع وفهم الهشاشة التي تتميز بها الكيانات التي تحيطنا هما حرجان لمستقبلنا. يكفي التفكير ماذا كان سيحصل لو اننا استسلمنا لضغط إدارة كلينتون في نهاية التسعينيات وأعدنا هضبة الجولان لنظام الأسد في سوريا، فقط كي نكتشف بان الجهاديين الذين أسقطوه يتحكمون بكل شمال البلاد.
في هذا السياق، فإن المسألة الأكثر حدة التي أمامنا تتعلق باستقرار النظام في الأردن وبامكانية أن تحاول الميليشيات السُنية المسيطرة في جنوب سوريا “تصدير” أجندتها إلى داخل المملكة الهاشمية. مظاهرات التأييد لحماس التي رأيناها على مدى السنة الأخيرة في عمان هي تعبير عن القوة المتزايد لحركة الاخوان المسلمين في الأردن. خليط من قوى خارجية مع تأييد شعبي للاخوان المسلمين يمكنه أن يؤدي الى سيناريو يصبح فيه الأردن دفعة واحدة دولة عدو تحكمها قوى إسلامية متطرفة. مثلما فعلنا في 1970 حين كاد نظام الحسين يسقط امام التهديد السوري، فان إسرائيل ملزمة بالعمل مع الولايات المتحدة، السعودية، مصر واتحاد الامارات لاستباق الضربة بالعلاج وصد كل خطوة من شأنها أن تؤدي الى انهيار الحكم في الأردن.