- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
الانسحاب من قوة الخليج البحرية المشتركة.. هكذا ترسم الإمارات مسارها الأمني الخاص
الانسحاب من قوة الخليج البحرية المشتركة.. هكذا ترسم الإمارات مسارها الأمني الخاص
- 16 يونيو 2023, 11:41:16 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سلط الباحث المتخصص في الشؤون الأمنية لمنطقة الخليج، ليوناردو جاكوبو ماريا مازوكو، على إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة انسحابها من القوة البحرية المشتركة بالخليج (CMF)، وهي شراكة بحرية متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة تقوم بأنشطة أمنية بحرية في المياه المحيطة بشبه الجزيرة العربية، مشيرا إلى أن القرار يؤشر إلى تراجع العلاقات بين أبوظبي وواشنطن.
وذكر مازوكو، في تحليل نشره بموقع "منتدى الخليج الدولي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن القرار الإماراتي يتزامن مع إعلان إيران تشكيل تحالف بحري لحماية الممرات الملاحية، واصفا تلك التطورات بأنها "تغير ميزان القوى البحري في منطقة الخليج وسط التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة وإيران".
وأضاف أن إنشاء القوة البحرية المشتركة بالخليج جرى في عام 2002 لإجراء عمليات مكافحة الإرهاب في مياه الشرق الأوسط ومنذ ذلك الحين تطورت لمواجهة تحديات الأمن البحري المختلفة.
وتدير القوات 5 فرق عمل تركز على ردع الجهات غير الحكومية والقرصنة وبناء القدرات والتدريب، وشاركت بعض دول الخليج العربية، مثل الكويت والسعودية والبحرين، بنشاط في القوات البحرية المشتركة لتعزيز قدراتها وإظهار التزامها بالأمن الإقليمي.
ويلفت مازوكو إلى أن الأحداث الأخيرة في مضيق هرمز بين الولايات المتحدة وإيران أدت إلى تصعيد التوترات، بما في ذلك ادعاءات بإجبار غواصة أمريكية على الظهور على السطح ومصادرة ناقلات النفط، معتبرا أن انسحاب الإمارات من القوات البحرية المشتركة يأتي في سياق العلاقات المتوترة بين واشنطن وأبوظبي وسعي الإمارات إلى إقامة شراكات أمنية بديلة، مع دول عظمى أخرى، على رأسها الصين.
ورغم أن تدهور العلاقات الإماراتية الأمريكية لم يصل إلى الحضيض أبدًا، إلا أن العديد من الحلقات ساهمت في إفساد الشراكة المستمرة منذ عقود، بدءًا من تفجيرات الفجيرة عام 2019 واستمرارًا لهجمات أبوظبي الصاروخية والطائرات بدون طيار عام 2022، أصبحت الإمارات العربية المتحدة أكثر ارتيابًا في قدرة واشنطن أو استعدادها للوفاء بوعودها الأمنية.
صحيح أن واشنطن اتخذت منذ ذلك الحين خطوات لتعزيز موقفها الدفاعي في الخليج وإظهار ردع موثوق به ضد التهديد الإيراني الذي يلوح في الأفق، إلا أن التطمينات اللفظية وعمليات نشر إضافية للعتاد الجوي والبحري في البلاد لا تزال غير كافية في نظر الإماراتيين لتلبية احتياجاتهم الأمنية، حسبما يرى مازوكو.
وإزاء ذلك، وفي أواخر عام 2021، كشفت تقارير غربية أن البناء جار على قدم وساق في منشأة بحرية صينية بميناء خليفة، وهو تطور أثار غضبًا واضحًا من واشنطن.
وبعد فترة وجيزة، توقف البناء بسبب مخاوف واشنطن من إمكانية استخدام موقع عسكري صيني محتمل في البلاد كنقطة انطلاق لجمع معلومات استخبارية حول أنشطة القوات الأمريكية المتمركزة في القواعد في جميع أنحاء الخليج.
وبعد أكثر من عام، أثار موقع البناء المثير للجدل جدلاً جديدًا بعد أن زعمت تقارير إعلامية أن المبنى قد استؤنف مستشهدة بوثائق سرية مسربة.
ولا يزال مدى تصميم الإماراتيين على منح الصين موقعًا استراتيجيًا في منطقة الخليج غير واضح، لكن هذه التطورات تؤكد أن أبوظبي تبحث بنشاط عن حلول بديلة لمعالجة مخاوفها الأمنية، حتى لو كان هذا يعني الاقتراب من منافسي واشنطن.
شكوك أبوظبي
ومع ذلك، لا تزال هناك شكوك حول قدرة الصين على تلبية الاحتياجات الأمنية لدولة الإمارات في منطقة الخليج، بحسب مازوكو، الذي اعتبر أن السياق المناسب لقراءة انسحاب الإمارات من القوات البحرية المشتركة في الخليج هو اتجاه أبوظبي لتأكيد استقلالها واتباع نهج أمني متعدد الأقطاب.
وهناك سببان للشك في نوايا الصين طويلة المدى في الخليج، الأول هو أن السفن الحربية التابعة للبحرية الصينية لديها إلمام ضئيل بإجراء العمليات في هذه البيئة البحرية الحرجة، والثاني هو العداء المرير بين الإمارات وإيران، والذي يظل قائما رغم خفة حدته مؤخرا، إذ لا تزال طهران تهيمن على تصورات أبوظبي لتهديدات الأمن القومي وتظل التحدي الأمني الأكبر للبلاد.
ووفقًا لسمعتها كشريك تجاري محايد، من الواضح أن بكين مترددة في اختيار جانب بين طهران وأبو ظبي، خوفًا من تعريض علاقاتها المريحة مع شاطئي الخليج للخطر، وقد تكون أقل استعدادًا لمحاسبة إيران على مضايقاتها للسفن التجارية وتدخلها.
وبالنسبة للولايات المتحدة، قد يكون لانسحاب الإمارات من القوات البحرية المشتركة تداعيات على جهودها لتقليل وجودها العسكري في الشرق الأوسط، حسبما يرى مازوكو، مؤكدا أن الحفاظ على شراكات قوية مع الحلفاء الإقليميين يعد أمرًا بالغ الأهمية للولايات المتحدة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
وفي حين أن انسحاب الإمارات قد يشير إلى إعادة ضبط العلاقات بين واشنطن وأبوظبي، لا يزال لدى كلا البلدين سبل للتعاون العميق من خلال صيغ أخرى، بما في ذلك التحالف الدولي لأمن وحماية الملاحة البحرية وضمان سلامة الممرات البحرية (IMSC)، حيث يواصلان التعاون من خلاله.
ويخلص مازوكو إلى أن انسحاب الإمارات من القوات البحرية المشتركة بالخليج يعكس رغبتها في اتباع نهج أمني أكثر استقلالية وتشككها تجاه التزامات الولايات المتحدة، ومع ذلك، فهي لا تزال تدرك أهمية الشركاء الرئيسيين ذوي القدرات العسكرية والإرادة السياسية بالمنطقة، ولن يكون من المفيد لها زيادة تقليص العلاقات مع الولايات المتحدة.
ويشير الباحث في الشؤون الأمنية لمنطقة الخليج إلى أن فرص استمرار أبوظبي في قطع شراكتها الأمنية مع واشنطن ضئيلة، لكنها موجودة، ولذا يجب على الولايات المتحدة أن تولي اهتمامًا أكبر لدعوات الاهتمام القادمة من شريكها الخليجي، وأن تنظر لها بعناية.