- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
عبود مصطفى يكتب : التعليم أولا وأخيرا
عبود مصطفى يكتب : التعليم أولا وأخيرا
- 27 مارس 2021, 6:38:38 م
- 1191
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أنا واحد من المؤمنين أن التعليم هو أساس أي تقدم ونهضة في المجتمعات، وأنه بدون تعليم جيد المصير الحتمي لأي بلد هو السقوط في هوة التخلف والتراجع الحضاري، مهما شيد هذا البلد من كباري ومهما رصف من طرق ومهما أقام من مؤتمرات واحتفالات.
والتعليم الجيد ليس معناه استيراد الأفكار والمناهج وإنشاء مدارس من كافات الجنسيات وكذلك الجامعات، على العكس هذا مظهر من مظاهر إنهيار التعليم في بلادنا، حيث توجد مدارس فرنسية وألمانية وكندية وأمريكية ...إلخ وللعلم في كل البلاد التي تحترم هويتها وثقافتها لا تجد ذلك العبث، وفي نقاط محددة أقول:
1- التعليم الجيد يبدأ من المعلم، أن نصون كرامته، بتوفير حياة كريمة ولائقة به وبدوره، أن يكون رقم واحد في اهتمامات الدولة، وأن يكون الأعلى في السلم الإجتماعي، فلا نسمح بإهانته والسخرية منه بل يجب إصدار تشريع يمنع المساس به.
2- بناء العدد الكافي من المدارس، ووفق بعض التقديرات نحتاج إلى بناء 50000 مدرسة جديدة، وإذا تأخرنا في تنفيذ ذلك سيزيد العدد وتتفاقم المشكلة، وتوفير المال اللازم لبناء هذه المدارس ليس صعبا، إذا وفرنا الأموال التي تنفق في المؤتمرات وعلى السيارات الجديدة للسادة الوزراء، كما يمكننا أن نكتتب لذلك، كما فعلنا في تفريعة قناة السويس.
3- المناهج، لا بد من تطويرها لكن انطلاقا من أساس وطني هدفه الحفاظ على هويتنا وقيمنا وإعادة صياغة وجدان شعبنا بقيم سليمة وصحيحة حتى لا تتعرض الأجيال القادمة للمسخ كما تعرضنا نحن عبر عقود، مع التأكيد على خصوصية تجربتنا فقد أثبتت كل تجاربنا السابقة أن استيراد الأفكار ليس هو الطريق الصواب، وأننا ممكن أن نستلهم بعض من التجارب الناجحة في العالم لكن لا نستنسخها، فلكل أمة خصوصيتها وطبيعتها الخاصة.
4- الطلاب هم الهدف وهم أمل هذا البلد في خلق نهضة حقيقية وهم الضلع الرابع في إصلاح العملية التعليمية، لذلك على الدولة أن تراعي المنظومة كاملة فيما يوجه لهم، فلا يصح أن نفسد ما نصلحه في التعليم بعدم مراعاة ما يقدم لهم في السينما والتليفزيون والبرامج والأغاني..إلخ
ما طرحته ليس جديدا، أو مجهولا للناس والمسئولين، فكلنا نعرفه لكن نتناساه، كلنا نؤمن به ليلا ونكفر به صباحا مع أول دوامة من دوامات الحياة التي تستهلكنا، كلنا نطالب به لكن عند الاختبار الحقيقي نقدم عليه مباراة كرة قدم ننفق فيها الملايين بدعوى أننا بنفرح الناس، والأولى أن نبني مدرسة أو نجدد معمل للبحوث، لأننا مهما أحرزنا من بطولات رياضية لن نتقدم لكن بإهمال التعليم نتأخر كل يوم عشرات السنين عمن حولنا.
الإهتمام بالتعليم بات فرض عين على كل مواطن، جعل العلم والعلماء في المقدمة وتراجع ما عداهم للصفوف الخلفية بات واجبا حتميا علينا جميعا إذا أردنا الخير لأنفسنا وللأجيال القادمة وأي تأخر في ذلك سيجعلنا نتحمل تبعات أكثر وتكاليف أكثر عندما تحين اللحظة.