الجاسوسية أسرار وألغاز: «الكافير» الإسرائيلية مقابل «القاهرة 200»

profile
مصطفي إبراهيم رئيس التحرير التنفيذي لموقع 180 تحقيقات ورئيس تحرير موقع 180ترك
  • clock 22 أبريل 2024, 11:22:11 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لأن الجاسوسية هي السلاح الرابع كما يطلقون عليها، بعد سلاح الطيران والبحرية والقوات الجوية، فهي اولاً وأخيراً تعتمد على عقول ماهرة تبني الحقائق، وتحلل المعلومات وتستخلص النتائج وتضع الخطط، وتصنع ما لا يتخيله عقل او منطق من خداع وحرب خفية اسلحتها الذكاء، والشفرة، والرموز، وأجهزة الارسال اللاسلكي، وآلات التصوير، إلى جانب العامل البشري، واللجوء لشتى السبل من إغراء أو تهديد أو إرهاب وخلافه لتجنيد الجواسيس، لذلك أصبحت الجاسوسية هي الأداة الأساسية في تحديد السياسات الدبلوماسية للدولة الحديثة، وكذلك هي المستشار الخفي والأمين لرؤساء الجمهوريات والحكومات عند اتخاذ القرارات المصيرية التي يتوقف عليها مصير الدولة.

ولأهمية الجاسوسية أفردت لها الصحف والكتب والمواقع الإلكترونية صفحاتها لتسجيل أغرب الحوادث وأندر الحالات، وهو ما حاولت جمعه وطرحه بين يدي القارئ في سلسلة «الجاسوسية أسرار وألغاز» التي سبق أن نشرتها في جريدة «النهار» الكويتية في عام 2013. ولأهمية الموضوع ولحب الجمهور لقراءة ملفات المخابرات، نعيد نشرها في موقع «180 تحقيقات»... خدمة لقراء الموقع الأعزاء إلى قلوبنا.. وذلك بمعدل حلقة أسبوعية ننشرها يوم الاثنين من كل أسبوع .

الحلقة الأولى

«الكافير» الإسرائيلية مقابل «القاهرة 200».. طائرة بطائرة

 

المخابرات المصرية ردت بدهاء على عرقلة الـ«موساد» تصنيع مصر المقاتلات الجوية

 

كان لابد من الرد القاسي من جانب مصر.. بعدما نجحت جهود إسرائيل بمساعدة أميركا وأوربا الغربية وتواطؤ أو تغافل من جانب الاتحاد السوفييتي في عرقلة إنتاج مصر للطائرات المقاتلة بعدما نجحت القاهرة بالتعاون مع الهند في إنتاج طرازين بالفعل للمقاتلات وهما القاهرة 200 والقاهرة 300.. اللتين تلقفتهما فرنسا وطورتهما،وانتجت الطائرة ميراج 5 وطرازاتها المختلفة التي تم تحديثها حتى وصلت ميراج 2000 ومن جابنها طورت إسرائيل ميراج 5 وصنعت طائرة الكافير وهنا خططت المخابرات المصرية لإفساد الطائرة الإسرائيلية الكافير أو أخراجها من الخدمة وتم ذلك بالفعل وتحقق لها ما أرادت.

ولمعرفة القصة من بدايتها نتعرض لتعريف بالطائرة القاهرة 200 وقصة تصنيعها في مصر والقاهرة 200 هي طائرة تدريب أساسي، يمكن استخدامها في مهمات الهجوم الأرضي والمساندة التكتيكية الخفيفة وهي طائرة نفاثة ذات محركين. صنعت في مصر بترخيص في مصانع حلوان بترخيص من شركة هسپانو الاسبانية.

بدأ التصنيع الفعلي في العام 1960 في المصنع (36-حربي) للطائرات في حلوان تجميع وإنتاج الطائرة (القاهرة-200) وهي طائرة نفاثة للتدريب المتقدم ذات محركين وهي من تصميم المهندس الألماني ويلي مسرشميت وأنتجت بترخيص من شركة (Hispano) الاسبانية.حلق أول نماذجها في أكتوبر عام 1962 وأنتج منها ما مجموعه 90-63 طائرة عرف طرازها باسم (HA-200B). كما تم خلال الفترة ذاتها تجميع محركاتها من طراز (E-200) وأنتج من هذا المحرك الذي زيدت قوة دفعه بمقدار 400 كج، أكثر من 180 محرك.ويعتبر أنتاج هذه الطائرة من مشاريع الإنتاج العسكري الناجحة حيث استمر استخدام هذه الطائرة في صفوف القوات الجوية المصرية حتى الثمانينيات.

وتبع ذلك تجارب عدة نتج عنها نجاح تجربة الطائرة البروتوتايب الأول V1) يوم 4 مارس 1964 بواسطة الطيار الهندي قابيل بهارجاوا ولمدة إحدى عشر دقيقة فقط لاختبار المحرك... وفعاليته... وكانت عجلاتها ممتدة وهذا شيء طبيعي في طلعات الاختبار المبدئية الأولى حتى تتمكن من الهبوط دون تحطيم جسد الطائرة... ولم تتعد زاوية الصعود 24 درجة مئوية وقد استعمل البراشوت لإيقافها بعد الهبوط وتبع ذلك طلعات الطيران الاختباري الفعلي، اعتبارا من يوم 7 مارس 1964... وهو اليوم الذي التقطت فيه الصورة للطائرة وهي تحلق بالقرب من هرم الملك زوسر في الجيزة كان المحرك: Bristol Siddeley Orpheus 703-S-10 turbojet وتم ترميمها وإصلاحها وتعرض حاليا في المتحف الألماني في شمال ميونخ.

مؤامرات الموساد

لكن نشاط الموساد الإسرائيلي وجهود رافي إيتان مسؤول كبير بالموساد وقتها ووزير في حكومة أيهود أولمرت عام 2008 والجاسوس لوتز نجحا في إيقاف التجربة الرائدة..ولوتز جاسوس ألماني عمل لحساب الموساد اسمه بالكامل ولفغانغ لوتز ولد في ألمانيا في عام 1933 لأسرة يهودية والده كان مخرج مسرحي ووالدته ممثلة وكل منهما لم يشعر بأية ارتباطات دينية.ووقت صعود هتلر إلى السلطة في ألمانيا هاجرت والدته إلى فلسطين وأخذت معها ابنها وعملت هناك في مسرح بتل أبيب في حين التحق الابن بمدرسة بين شمين الاستيطانية وغير اسمه إلى زائيف غور اريح في سن الخامسة عشر انضم إلى منظمة الهغانا الأمنية الاستخبارية، وكانت من بين مهامه حراسة الحافلات المدرعة التي تحمل ما تحتاجه مدرسة بين شمين.

عمالته للموساد

في عام 1939 اندلعت الحرب العالمية الثانية وبما أن لوتز كان يتحدث الألمانية والإنكليزية ببراعة إضافة إلى العبرية والعربية رأت القوات الانكليزية أنه سيكون عوناً كبيراً لها وتم تجنيده وأرسل إلى مصر وظل هناك طيلة فترة الحرب وكانت مهامه الأساسية تتضمن التحقيق مع أسرى الحرب الألمان هناك حيث كانت مهارته في استخدام اللغة الألمانية عوناً كبيراً له، في عام 1956 رقي إلى رتبة لواء وقاد عملية إسرائيلية ضد القوات المصرية في سيناء في عملية أطلق عليها في إسرائيل اسم حملة السويس.

مجيئه إلى مصر

مع بداية عام 1957 اتخذ القرار بإرساله إلى مصر حتى يمكنه جمع معلومات استخباراتية عن المساعدات السوفييتية هناك التي تقدم للحكومة المصرية وللرئيس جمال عبدالناصر.

ظل لوتز يعمل بشكل جيد في القاهرة لعدد من السنوات إلى أن حدثت تغيرات في السياسة الخارجية المصرية،وفي خريف عام 1964 حيث كانت مصر تعتمد على المساعدات العسكرية السوفييتية منذ منتصف الخمسينيات واستخدم الروس المساعدات في الضغط على عبدالناصر لدعوة رئيس ألمانيا الشرقية والتر البريتش لزيارة القاهرة واعترضت حكومة ألمانيا الغربية ولكن عبدالناصر شعر أن عليه عدم إلغاء الزيارة في الوقت الذي كان فيه السوفييت يشتكون أيضا من العمليات الاستخبارية التي تقوم بها ألمانيا الغربية بالتعاون مع وكالة الاستخبارات الأميركية ضدهم.

وفي شتاء عام 1965 قبيل زيارة رئيس ألمانيا الشرقية أمر عبدالناصر باعتقال نحو ثلاثين عالماً من ألمانيا الغربية كانوا يعيشون في القاهرة وكان من بين الذين أمر باعتقالهم ولفغانغ لوتز إضافة إلى زوجته ووالديها اللذين كانا في زيارة لمصر وقتها.

البـريــد

نعود إلى مؤامرات الموساد لإيقاف دخول مصر عالم تصنيع الطائرات،حيث تم إرسال البريد المفخخ والملغم بالقنابل الصغيرة الحجم التي كانت توضع في رسائل بريدية للخبراء الألمان الذين كانوا يعملون في مشروعي إنتاج الصواريخ القاهر والظافر وتم اغتيال بعضهم جراء هذه الطرود وهرب الباقي إلى فرنسا والصين،بالإضافة إلى المشاكل الناتجة عن عدم التمكن من تزويد الطائرة بالعديد من الأجهزة التقنية واحتياج مصر للمال من أجل التعويض علي ما دمرته الحرب من معدات وذلك للضغط على مصر لإيقاف المشروع ومنع المصريين من إنتاج الطائرة التي كانت ستصبح أسرع طائرة مقاتلة في العالم كما كان ينقصها الحصول على الجيروسكوب للتوجيه وكانت فرنسا ستزود مصر بها...وتمت محادثات بين البكباشي ثروت عكاشة الملحق العسكري في باريس والحكومة الفرنسية، وكاد القرار يصدر بالموافقة من الرئيس شارل ديغول ولكن بسبب إسرائيل وذراعها الطويل ونفوذها أسفر عن عدم تحقيق هذا الهدف

ومن جهة أخرى، بدأ الإتحاد السوفييتي الضغط على مصر من أجل إيقاف المشروع، حيث كانت مصر تستورد طائرات ميغ 21..وهو ما يتعارض مع خطة الروس في ربط مصر... كما رجح مراقبون تأثير اليهود على السوفييت وبالتحديد على قرارات مجلس السوفييت الأعلى، وتم ذلك بتقديم الروس تسهيلات في تزويدها بالطائرات السوفيتية من طراز ميغ 21 وسوخوي وغيرهم بعدما تم إيقاف ذلك المشروع القومي الخطير الذي كان يبشر بمستقبل زاهر لمصر.. وكانت الدول العربية ودول العالم الثالث،هم السوق المستقبل لها... وهو نفس السوق الذي يهدف له (وداخله) الإتحاد السوفييتي بطائراته المقاتلة...ميغ 21 وسوخوي 7 والطرازات التالية..و كل ذلك أدي إلي إيقاف المشروع وتلقفت فرنسا نموذج الطائرة القاهرة 200 وطورتها لتنتج الطائرة الميراج 5، التي طورتها إسرائيل لتنج منها الطائرة الكافيير التي خططت المخابرات المصرية لإيقاف إنتاجها أو إخراجها من الخدمة.

الكـافــير

والكافير مقاتلة متعددة المهام وقد دخلت الخدمة عام 1976 وكان أول إصدار لها هو الإصدار a لعدة سنوات. وكان الإصدار الأول من الكافير النسخةa طائرة اعتراضية ممتازة في أول الأمر إلى أن طلبت إسرائيل من فرنسا مساعدتها بتطوير المقاتلة الإسرائيلية ولكن فرنسا كانت قد قامت مسبقا بحظر تصدير السلاح إلى الدول المتحاربة بالشرق الأوسط خاصة قبل إبرام معاهدة كامب ديفيد.

وقامت القوات الجوية الإسرائيلية بعمل خطة لتطوير الطائرة المستنسخة من الميراج لتلبي احتياجات إسرائيل الملحة خاصة في مجال طائرات الاعتراض والدفاع الجوي وكانت الاختبارات الأولى للتحديث تهدف إلى تزويدها بمحرك قوي ولكن كان المحرك المستخدم كان يستهلك وقودا بكميات كبيرة مما يعيق الطائرة بالمكوث بالجو مدة كافية.

فقرر سلاح الجو الإسرائيلي تزويدها بالمحرك النفاث جي 79 من شركة جنرال إليكتريك.

ولكن ذلك قد تطلب إضافة بعض الكماليات لتلاءم التغييرات داخل جسد الطائرة كل ذلك تم مع تغليف المحرك بمادة التيتانيومِ لمقاومة درجة الحرارة المرتفعة،وقد قدم النموذجَ نجاحا باهرا بعد التعديلات.

لكن واجهت إسرائيل مشكلة وهي احتمالية كبيرة لاختلال توازن الطائرة وسقوطها، وفكرت في التواصل مع فرنسا لحل تلك المشكلة حيث كانت الطائرة الفرنسية الكونكورد تعاني من نفس المشكلة، واتصلت فرنسا بمصر لتساعدها في حل هذه المشكلة لوجود خبير مصري أكرم المصري ضابط في القوات المسلحة له خبرة كبيرة في هذه الجزئية ويستطيع حلها، وهنا تدخلت المخابرات المصرية، لكي تتعرف على كل إمكانيات الطائرة الكافير وتفسدها وفي الوقت ذاته تصلح العطل في الطائرة الفرنسية الكونكورد وتمنع وصول هذا الحل للكيان الصهيوني وتم للمصريين ذلك عبر خطة في منتهى الذكاء وغير مسبوقة.

وتم ذلك في أواخر نوفمبر1971 عندما كان العقيد أكرم متجهاً إلى باريس..فوجد هذا الأخير نفسه بمطار تل أبيب عندما نبهه ضابط الجوازات بذلك.. وأصبح في مأزق خطير عندما سُئل عن عمله لأنه جاوب في منتهى البساطة ضابط بالقوات المسلحة المصرية وكان جواز السفر الذي يحمله يؤكد ذلك.. انقلب مطار تل أبيب رأساً على عقب وتم إعلان حالة الطوارئ في جميع أجهزة الأمن الإسرائيلية مع التحفظ على العقيد أكرم الذي كان لا يعلم أي شيء عن تلك الخطوة الجريئة وهي من صنع المخابرات المصرية.

وقبل ذلك اليوم المشئوم بأسابيع قليلة كان هناك فريق من المخابرات المصرية يعمل جاهداً للعثور على ثغرة ما يتم من خلالها الوصول إلى الطائرة الإسرائيلية الكافير بعدما علمت مصر أن إسرائيل تحاول تصنيع تلك الطائرة التي تفوق سرعة الصوت لكنهم- الإسرائيليون - كانوا يحاولون التخلص من عيب تقني بالطائرة، وهذا يعني أن الدخول من بوابة الحرب أصبح مستحيلاً لنا مع انقلاب موازين القوى.

لذلك، كان من المهم لمصر أن تحصل على كل المعلومات الممكنة حول الكافير فوضعت المخابرات خطة محكمة للعقيد أكرم الذي تم استخدامه دون إعداد مسبق بل ودون إخباره بطبيعة المهمة لكي يتصرف بتلقائية، وفاجأ المخابرات المصرية بمجهوداته غير المتوقعة، ونجح في خداع الموساد، لكنه لم يكتف بهذا..فقد قدم لمصر جميلاً لن تنساه.. لأنه أطاح بالكافير من الخدمة وأحال تلك الطائرة الشابة إلى المعاش.

خطة محكمة

وتفاصيل الخطة المحكمة للمخابرات المصرية بدأت عندما علم مدير المخابرات الحربية ان الرئيس الفرنسي جورج بومبيدو قد أشرك الحكومة الفرنسية في المشروع التي تقدمت به شركة Aero-special الفرنسي لصناعة الطائرات الكونكورد، وهي أول طائرة ركاب ضخمة تطير بسرعة الصوت، لكن بعد التجارب التي أجريت على الطائرة الأولى، لوحظ أن هناك اهتزازات في جسم الطائرة، وهو نفس العيب الموجود بالطائرة الكافير. وفشل الخبراء الفرنسيون في إصلاح هذا العيب. لذلك، اتصلت الحكومة الفرنسية بمصر وطلبت منها مساعدة م. العقيد أكرم المصري، فلدى هذا الرجل بحث بجامعة السوربون يناقش موضوع الاهتزازات، وبالطبع هذا الطلب أزعج المخابرات الحربية بشده لأنه إذا نجح العقيد أكرم في إصلاح الكونكورد، فسوف يعلم الإسرائيليون بذلك، وتدخل الكافير الخدمة. وهنا كانت أهداف العملية المستحيلة:

(1) إصلاح الطائرة الكونكورد ووضع القوات الجوية المصرية في مكانة عالمية

(2) عدم السماح للفرنسيين بمعرفة كيفية إصلاح الطائرة

(3) الوصول إلى الكافير بعد التجنيد المتوقع من الموساد لأكرم

(4) الحصول على المعلومات المطلوبة عن الكافير دون إصلاحها

الدفع

وبدأ التنفيذ للعملية شبه المستحيلة بأن صدر أمر للعقيد أكرم بالسفر إلى فرنسا في مهمة سرية لإصلاح الكونكورد وقد زودته المخابرات المصرية دون علمه بجهاز تنصت دقيق للغاية، ومنذ أن ترك العقيد أكرم مطار القاهرة، ظل غارقاً في كتب هندسة الطيران التي كان يحملها معه غير مبال بما حوله. وفي مطار روما انتبه إلى النداء على طيارته المتوجهة إلى باريس فقام مسرعاً إلى بوابة طائرته لكنه اصطدم وهو يجري بأجنبي فاسقط منه كارت الـ Boarding الذي سيركب بموجبه الطائرة الفرنسية، فانحنى رجل يوناني الملامح وأعطى له الـ Boarding بعد أن اعتذر له، وأسرع أكرم إلى بوابة Air-France، فأشارت المضيفة له على البوابة الأخرى التي اتجه إليها أكرم مسرعاً غير مدرك انه دخل بقدميه إلى طائرة العال الاسرائيلية (ماحدث هو أن الرجل اليوناني قد أبدل كروت الـ Boarding عن عمد بتعليمات من المخابرات المصرية بعدما نبهت المخابرات على م. أكرم ان يحمل الـ Bording دائماً في يدهوظل أكرم يقرأ ولم يلاحظ الجو الاسرائيلي المحيط به في الطائرة وتفاجأ العقيد أكرم بأنه في تل أبيب وتم استجواب أكرم عن طريق ضابطة الموساد مارغو وبعد تحريات الموساد عن أكرم وبعد علمهم بمهمته، صدرت الأوامر لمارجو بتجنيده. وهنا فقط، نجحت المرحلة الأولى من عملية الكافير وهي الدفع. اقترحت ضابطة الموساد على أكرم أن يعود إلى روما أولاً ثم يتجه إلى باريس بعد أن لقنته بما سيقوله للملحق العسكري المصري بفرنسا ليبرر تأخيره، حاولت مارغو باستخدام وسائل غير شرعية السيطرة على أكرم لكنها لم تنجح في ذلك. لأنه بكل بساطة مؤمن يخشى ربه. فهددته بأن تقتل زوجته وأولاده.. اهتز أكرم بشدة ووافق فوراً. لم يكن يعلم أي شيء عن الكافير في ذلك الوقت وأوهمته مارغو بأنهم جندوه لينقل لهم أسرار القوات الجوية،و طلبت مارغو أن تسافر وراء أكرم إلى باريس لتتابعه وفي أحد فنادق باريس الفاخرة، كانت هناك 4 غرف تابعة لأحداث العملية، غرفة العقيد أكرم وكانت مجهزة من قبل الموساد بكاميرات خفية،غرفة أخرى بها شاشات المراقبة وتوضح ما يفعله أكرم، وغرفة مارغو المجاورة لغرفة أكرم.

وقعت مارغو في حب العقيد أكرم وكانت مطاردتها له بباريس بشعة وكان هذا الأخير يتساءل دائما أين المخابرات المصرية من كل هذا؟ لقد قالوا له انه سوف يكون تحت حمايتهم طوال مدة سفره. وبعد أن نجح أكرم في إصلاح الطائرة الكونكورد، عن طريق وضع أثقال في أماكن معينة بجسم الطائرة اقترحت عليه مارغو أن يطلب من سفارته مصر في باريس أجازة مدتها عشرة أيام لكي تعود هي إلى إسرائيل لتسرق كل الوثائق والمستندات التي تدين أكرم وتهرب معه إلى مصر لقد وقعت في خطأ جسيم عندما وقعت في غرامه وأفشت له السبب الحقيقي وراء تجنيد الموساد له وعندما رفض أكرم، هددته بالغرفة الرابعة وهذه حادثة وقعت قبل انتهاء مهمة أكرم بيومين في الفندق الذي يقيم به العقيد حيث تسلم رسالة من سيدة ارتطمت به قرأها أثناء صعوده بالمصعد لأنه اكتشف انه تحت الميكروسكوب في حجرته عن طريق قداحه أهدته بها المخابرات المصرية.

الغرفة 606

وكانت تلك الرسالة القصيرة تحمل هذه الكلمات:- قابلني في الغرفة 606 بعد انقطاع التيار الكهربائي. وكانت تلك الرسالة عليها علامة النسر بما يعني انها من المخابرات الحربية، وفعلا عندما انقطع التيار، نفذ أكرم المطلوب، وكانت مارغو تتابعه من شاشات المراقبة وكإجراء روتيني من أي ضابط مخابرات محترف، خرجت مارغو من حجرة المراقبة متجهة إلى غرفته، لكنها فوجئت به يخرج منها متجهاً إلى السلم، فظلت تراقبه حتى وجدت يد تخرج من تلك الحجرة وتسحبه إلى الداخل في تلك الأثناء، كان التيار الكهربائي قد عاد، وأيضاً عادت مارغو إلى حجرة المراقبة فوجدت زميلتها تستنفر ما يحدث، انقطع التيار مرة أخرى وعندما عاد، كان أكرم بحجرته هذه المرة.

بهذا التهديد، لم يدر أكرم بما سيفعله، هل يبلغ عن مارغو للموساد ويحكي لهم أنه وقعت في حبه وعرضت عليه الهروب إلى مصر؟ لكن ماذا يحدث لو أبلغت هي عنه؟ ربما يشك الموساد في أمره ويكشفونه بطريقة ما.. كان أكرم في تلك اللحظات مرتبكاً وخائفاً بحق، ولأن المخابرات المصرية كانت مدركة لشعوره وما يفكر فيه، تحركت على الفور وأرسلت له رسالة أخرى محتواها: ابلغ عما حدث من مارغو لمندوب الموساد الجديد، ولم يكن يعلم من هو أو هي مندوب الموساد الجديد حتى فوجئ ان Virginia مديرة العلاقات العامة بشركة Aero-special والتي تولت برنامج زياراته بفرنسا هي نفسها ضابط الموساد الثاني، فأدرك انه محاط بشبكة عنكبوتية من الموساد فأبلغ Virginia بكل ما ورد من مارغو معه وبذلك، اكتسب هو ثقة الموساد من ناحية أخرى، وبالفعل تم التحقيق مع مارغو في حجرة الاستجواب بالموساد.

ليس بسبب بلاغ أكرم عنها..لكن بسبب أمور كثيرة مريبة وقعت فيها منها إصرارها على الذهاب وراء أكرم بباريس وحجزغرفة لها بجانب غرفته على الرغم من وجود غرفة مراقبة، فشك ضباط الموساد أنها وقعت في غرام أكرم فوضعوا كاميرات مراقبة في حجرة مارغو وسمعوا كل ما دار بينهما عن الهروب إلى مصر والغريب في الأمر أن مارغو لم تقل للموساد أي شيء عن الحجرة 606 لكي تنتقم منهم، ومن حسن حظ أكرم، أن الحديث الذي دار بينهما هو ومارغو عن اكتشافها لعلاقته بالمخابرات المصرية لم يكن بغرفتها.

عن طريق Virginia، توصل أكرم إلى الكافير بعد أن طلبت الموساد منه إصلاحها لكنه اقنع المهندسين الإسرائيلي بذكاء شديد جدا بأنه لافائدة من محاولاتهم، حتى جاء اليوم الرابع وأصلح العيب الموجود بالكافير.لكن على حساب الـ stall speed للطائرة.

والـ stall speed هذه هي سرعة سقوط الطائرة..فكل طائرة لها سرعة قصوى (Maximum speed) وأدنى سرعة للطائرة (stall speed) فإذا حلقت المقاتلة بسرعة اقل من الـ stall speed، تسقط على الفور. لذلك، كلما تناقصت سرعة السقوط، كلما زادت قدرة الطائرة على المناورة، فالطيارون يستخدمونها في مناوراتهم مع الطائرات الأخرى بحيث يقوم الطيار بإبطاء سرعة طائرته إلى اقلها حتى تضطر المقاتلة التي تطارده أن تتخطاه وبالتالي يتمكن هو من ركوبها والارتفاع عليها ثم ضربها. وبهذه الطريقة، أصبحت سرعة سقوط الكافير أعلى من سرعة سقوط أي طائرة بالقوات الجوية المصرية وبالتالي خرجت الكافير من الخدمة وتمكن أكرم من الفرار إلى القاهرة بعدما أتم مهمته على خير وجه وهكذا انتقمت المخابرات المصرية لضلوع الموساد في إيقاف برنامج تصنيع مصر للمقاتلات الجوية.
 

التعليقات (0)