الجميلة بو حيرد" رمز النضال العربي"

profile
  • clock 16 أبريل 2021, 4:29:15 ص
  • eye 1830
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تعد جميلة بو حيرد (مواليد 1935) مُقاوِمة جزائرية، ومن المناضلات اللاتي ساهمن بشكل مباشر في الثورة الجزائرية أثناء الاستعمار الفرنسي، في أواخر القرن العشرين.

وواحدة من أبرز مناضلات الوطن العربي من أجل الحرية في القرن العشرين، امرأة دخلت التاريخ من أوسع أبوابه في خمسينيات وستينيات القرن الماضي بطلة تحدث عنها العالم كله عاشت حياة عادية في الجزائر؛ حيث كانت تعمل موظفة بسيطة في أحد بنوك العاصمة الجزائرية، وفي شقة صغيرة بالدور الرابع تطل على شاطئ مدينة الجزائر في شارع أول نوفمبر، أقامت مع زوجها وابنتها "مريم" وأمها وأقاربها بسبب أزمة الإسكان.

 والغريب في الأمر إن بو حيرد، لم تستطع العثور على شقة لنفسها ولم تحاول أن تذهب إلى أي جهة حكومة، وتقول دائماً: " أنا بطلة وكان دوري عادياً في الثورة.. وهناك المئات بل آلاف من فتيات الجزائر ضحين من أجل الحرية، وحملن المدافع والقنابل، واستشهدن في صمت بلا ضجة". 

ولدت جميلة في حي القصبة، الجزائر العاصمة، من أب جزائري مثقف وأم تونسية من القصبة، وكانت البنت الوحيدة بين أفراد أسرتها فقد أنجبت والدتها 7 شبان، كان لوالدتها التأثير الأكبر في حبها للوطن، فقد كانت أول من زرع فيها حب الوطن وذكرتها بأنها جزائرية لا فرنسية.

رغم سنها الصغيرة آنذاك، واصلت جميلة تعليمها المدرسي، ومن ثَم التحقت بمعهد للخياطة والتفصيل، فقد كانت تهوى تصميم الأزياء. مارست الرقص الكلاسيكي وكانت ماهرة في ركوب الخيل.

عندما اندلعت الثورة الجزائرية عام 1954، انضمت بوحيرد إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية للنضال ضد الاحتلال الفرنسي وهي في العشرين من عمرها، ثم التحقت بصفوف الفدائيين وكانت أول المتطوعات مع المناضلة جميلة بو عزة التي قامت بزرع القنابل في طريق الاستعمار الفرنسي، ونظراً لبطولاتها أصبحت المطاردة رقم 1 حتى ألقي القبض عليها عام 1957 عندما سقطت على الأرض تنزف دماً بعد إصابتها برصاصة في الكتف، وهنا بدأت رحلتها القاسية من التعذيب.

بعد 3 سنوات من السجن تم ترحيلها إلى فرنسا وقضت هناك مدة ثلاث سنوات ليطلق سراحها بعد ذلك مع بقية الزملاء.

قصة نضال وجملتها الشهيرة :

كان الطلاب الجزائريون يرددون في طابور الصباح فرنسا أُمُنا لكنها كانت تصرخ وتقول: الجزائر أمنا، فأخرجها ناظر المدرسة الفرنسي من طابور الصباح وعاقبها عقاباً شديداً لكنها لم تتراجع، وفي هذه اللحظات ولدت لديها الميول النضالية.

انضمت  بو حيرد بعد ذلك إلى جبهة التحرير الجزائرية للنضال ضد الاستعمار الفرنسي، وكان دور جميلة النضالي يتمثل في كونها حلقة الوصل بين قائد الجبل في جبهة التحرير الجزائرية ومندوب القيادة في المدينة (ياسيف السعدي) الذي كانت المنشورات الفرنسية في المدينة تعلن عن دفع مبلغ مئة ألف فرنك فرنسي ثمنا لرأسه! ونتيجة لبطولاتها أصبحت الأولى على قائمة المطاردين حتى أصيبت برصاصة عام 1957 وألقي القبض عليها عندما سقطت على الأرض تنزف دماً بعد إصابتها برصاصة في الكتف.

صعق كهربائي وحكم بالإعدام :

من داخل المستشفى بدأ الفرنسيون بتعذيب المناضلة، وتعرضت للصعق الكهربائي لمدة ثلاثة أيام من طرف المستعمر كي تعترف على زملائها، لكنها تحملت هذا التعذيب، وكانت تغيب عن الوعي وحين تفيق تقول الجزائر أُمُنا.

حين فشل المعذِّبون في انتزاع أي اعتراف منها، تقررت محاكمتها صورياً وصدر بحقها حكم بالإعدام عام 1957، وأثناء المحاكمة وفور النطق بالحكم رددت جملتها الشهيرة: "أعرف أنكم سوف تحكمون علي بالإعدام لكن لا تنسوا أنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة".

وتحدد يوم 7 مارس 1958 لتنفيذ الحكم، لكن العالم كله ثار واجتمعت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بعد أن تلقت الملايين من برقيات الاستنكار من كل أنحاء العالم. تأجل تنفيذ الحكم، ثم عُدّل إلى السجن مدى الحياة. وبعد تحرير الجزائر عام 1962، خرجت جميلة بوحيرد من السجن، وتزوجت محاميها الفرنسي جاك فيرجيس سنة 1965 الذي دافع عن مناضلي جبهة التحرير الوطني خاصة المجاهدة جميلة بوحيرد والذي أسلم واتخد منصور اسماً له.

وكان من أوائل ما فعلته بعد إطلاق سراحها زيارة مصر والالتقاء بالزعيم الراحل  جمال عبد الناصر وشكره على قيادته حملة تحريرها وتحرير الجزائر ومنذ ذلك الحين وهي تعشق مصر وشعبها وقد زارتها مره اخري في عام 2018 علي هامش مهرجان اسوان لافلام المرأة وكانت سعيده جدا بهذه الزياره .

 ملهمة الشعراء.. 70 قصيدة :

وأضحت بوحيرد أشهر رمز للمقاومة في الجزائر، بل هي الأشهر على الإطلاق عندما يذكر العرب اسماً لمناضلة، وقالت إنها ألهمت الشعراء، حتى إن بعض النقاد أحصوا ما يقرب من سبعين قصيدة كتبها عنها أشهر الشعراء في الوطن العربي: نزار قباني، وصلاح عبد الصبور، بدر شاكر السياب، الجواهري و عشرات آخرين .

من الأشعار التي قيلت فيها:

قالو لها بنت الضياء تأملي ما فيك من فتن ومن انداء

سمراء زان بها الجمال لونه واهتز روض الشعر للسمراء

تولت جميلة بو حيرد بعد الاستقلال رئاسة اتحاد المرأة الجزائرى، لكنها قررت الاستقالة بعد عامين، وعاشت بعد ذلك معتزلة السياسة ومتوارية عن الساحة الإعلامية، فى الكثير من الأوقات ولكنها تظل رمز خالد وايقونه لكل مناضل ومناضله في وطننا العربي الكبير .

التعليقات (0)