الحلبوسي يتمسك بالمنصب.. رئاسة البرلمان تُقسم السنة في العراق

profile
  • clock 29 أبريل 2024, 10:33:20 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

كشفت مصادر سياسية عراقية، أن الخلافات والانقسامات بين النخبة السنية في العراق بسبب التنافس على منصب رئيس مجلس النواب وصلت إلى ذروتها، مما يجعل مسألة انتخاب خليفة لمحمد الحلبوسي مأزقاً كبيراً للمشهد السياسي في العراق.

في نوفمبر 2023 أصدرت المحكمة الاتحادية العليا العراقية قرار عزل رئيس مجلس النواب السياسي السني البارز محمد الحلبوسي، بالإضافة إلى إلغاء عضوية النائب ليث الدليمي.

وتعود تفاصيل الأزمة إلى شهر مايو/أيار 2022 عندما قام الحلبوسي بعزل ليث الدليمي من عضوية البرلمان بزعم أن الدليمي قام بتقديم استقالته في الأساس، ونفى الدليمي مزاعم الحلبوسي ورفع قضية أمام المحكمة الاتحادية العليا متهماً الحلبوسي بالتزوير وإساءة استخدام السلطة.

وقال الدليمي إن الحلبوسي أجبره هو وآخرين على التوقيع على استقالات غير مؤرخة لضمان تعاونهم المستقبلي معه، ثم استعاد الدليمي عضويته ولكن الحلبوسي أسقط عنه العضوية مرة ثانية في بداية العام الجاري.

الصراع على الأغلبية
ومنذ أواخر 2023 ومنصب رئيس مجلس النواب العراقي شاغر، لكن في الآونة الأخيرة حاولت الأحزاب السنية التوصل إلى اتفاق لإيجاد بديل للحلبوسي، مع الإشارة إلى أن منصب رئيس البرلمان العراقي يذهب إلى المكون السني بحسب نظام المحاصصة المتعارف عليها في العراق من بعد الغزو الأمريكي عام 2003.

وقدمت الأحزاب السنية: تقدم، العزم، السيادة، حسم، مرشحيها لانتخاب رئيس البرلمان الجديد، ولكن إلى الآن لم تنجح الأحزاب السنية في الاتفاق على مرشح تتفق عليه الأغلبية.

وفي هذا الصدد، يقول سياسي سني مقرب من خميس الخنجر زعيم حزب العزم  إن "الحلبوسي يُعيق جميع محاولات السنّة للاتفاق على مرشح لمنصب رئيس البرلمان، فقد أصر على أن يكون المرشح من حزبه، كما أصر على أن حزبه هو من يمثل  الأغلبية السنية في البرلمان وهذا غير صحيح".

وقد قدم حزب تقدم بزعامة محمد الحلبوسي شعلان الكريم الذي لم ينجح في الحصول على عدد الأصوات المطلوبة لانتخابه رئيساً للبرلمان، في الجلسة البرلمانية التي عُقدت يوم 13 يناير/كانون الثاني 2024 والتي فشلت بسبب المشادات الكلامية بين النواب.

وبحسب القانون الداخلي للبرلمان العراقي يتطلب انتخاب رئيس البرلمان نصاباً قدره النصف زائد واحد، أي بموافقة 165 نائباً من إجمالي عدد نواب البرلمان.

وفي الجلسة البرلمانية لانتخاب بديل الحلبوسي في 13 يناير 2024، حصد شعلان الكريم مرشح حزب الحلبوسي "تقدم"، 152 صوتاً فقط، تلاه النائب سالم العيساوي بـ97 صوتاً، والنائب محمود المشهداني بـ48 صوتاً، والنائب عامر عبد الجبار بـ6 أصوات، والنائب طلال الزوبعي بصوت واحد.

ويقول المصدر ذاته إن "الحلبوسي يريد إقصاء الجميع ويريد أن يسيطر على منصب رئاسة البرلمان من خلال ادعاء أن حزبه هو الأغلبية السنية في البرلمان".

وبحسب المصادر السياسية العراقية ، فإن الخلافات تزايدت في الفترة الأخيرة بين الحلبوسي والخنجر بسبب البيان الذي أصدرته باقي الأحزاب السنية بدون حضور حزب الحلبوسي.

وكان خميس الخنجر قد ترأس اجتماعاً جمع أغلب القادة السنة البارزين بهدف تسمية مرشح متفق عليه لمنصب رئاسة البرلمان، وكان من بين الحضور ثابت العباسي وزير الدفاع الحالي ورئيس ائتلاف الحسم، وأحمد أبو مازن الجبوري رئيس حزب الجماهير الوطنية، ومثنى السامرائي.

وعقب الاجتماع أصدر الحاضرون بياناً مشتركاً باسم الأغلبية البرلمانية السنية، وأعلنوا أنه تم التوصل إلى اتفاق للعمل معاً تحت راية "تحالف القوى السنية".

وفي المقابل أصدر حزب تقدم بزعامة الحلبوسي رداً رفض فيه ادعاء منافسيه بأنهم يمثلون الأغلبية السنية الجديدة في البرلمان، ووصف البيان تحالف القوى السنية الجديد بأنه أكاذيب لا أساس لها من الصحة.

يقول مصدر مقرب من الحلبوسي : "يريدون تزييف الحقائق، حزب تقدم هو أكبر حزب سني في البرلمان، وإن منصب رئيس البرلمان هو حق أصيل لحزب تقدم؛ لأنه من يمثل السنّة في البرلمان".

المزيد من الانشقاقات
وعلى إثر الصراع على منصب رئيس مجلس النواب، بين الأحزاب السنية العراقية، تشهد هذه التحالفات السياسية المزيد من التشرذم والانشقاقات، فقد عدد من قادة تحالفي السيادة والحسم انشقاقهم لتشكيل كتلة برلمانية جديدة تحت اسم "الصدارة".

وتضم هذه الكتلة محمود المشهداني النائب السني المفضل لدى الإطار التنسيقي الشيعي، وخالد العبيدي، وطلال الزوبعي، بالإضافة إلى محمد الفارس.

وفي هذا الصدد يقول محمد الفارس: "ما يحدث الآن بين الأحزاب السنية أمر سيئ للغاية وسيؤدي بالجميع إلى الانهيار، لا بد من تشكيل تحالفات تمثّل كافة الطبقات، ولا بد من الحفاظ على منصب رئيس البرلمان".

وأضاف المتحدث: "إن البيت السني أصيب بضربة قوية، ولا بد أن تعمل كافة التحالفات السنية من أجل معالجة هذا الأمر".

ولكن الضربة الأقوى جاءت مع انسحاب شعلان الكريم مرشح حزب تقدم بزعامة محمد الحلبوسي، لمنصب رئيس البرلمان، وقد أصر الحلبوسي على أن يذهب المنصب إلى مرشح حزبه، وهذا ما دفع بالخلافات القوية بينه وبين باقي الأحزاب السنية.

وفي هذا الصدد، يقول مصدر مقرب من الحلبوسي : "لقد لعبوا لعبتهم واستطاعوا استمالة شعلان الكريم من أجل وضع الحلبوسي في مأزق ودفعه للتخلي عن حقه السياسي في أن يكون المنصب من نصيب حزب تقدم".

"الشيعة والأكراد هم المستفيدون"
ويرى عدد من السياسيين السنة أن الشيعة والأكراد لا يفعلون شيئاً من أجل التوصل إلى حل في مسألة اختيار رئيس مجلس النواب، وبحسب نائب برلماني سني فإن الشيعة والأكراد هم المستفيدون.

ويقول النائب البرلماني لـ"عربي بوست": "في هذه الأزمة سعى الإطار التنسيقي الشيعي الذي يفضل محمود المشهداني رئيساً للبرلمان، إلى تأجيج الصراع بين النخب السنية، والأكراد أيضاً يرون مصالحهم من وراء صراع السنة".

ويضيف المتحدث قائلاً: "بعض قادة الإطار التنسيقي سعوا إلى عقد الصفقات السياسية مع عدد من القادة السياسيين السنة من أجل تهميش الحلبوسي، والآن بعد انسحاب شعلان الكريم من ترشحه لمنصب رئيس البرلمان، فقد نجحوا في مساعيهم".

وأشار المصدر إلى أن عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي وهي جزء من الإطار التنسيقي الشيعي المظلة التي تضم أغلب الأحزاب الشيعية الكبرى، عقد صفقة سياسية مع بعض السياسيين السنة من أجل تسمية مرشح سني لمنصب رئاسة البرلمان يكون قريباً من الإطار التنسيقي الشيعي، وبعيداً عن حزب الحلبوسي.

وفي نفس السياق، يقول المحلل السياسي محمد الشمري : "من مصلحة الإطار التنسيقي والأكراد أن يأتوا برئيس برلمان سني قريب منهم من أجل مساعدتهم في تمرير مشاريع القوانين التي يعملون على تنفيذها، خاصة بعد أن قام الحلبوسي في الفترة التي سبقت الإطاحة به بعرقلة الكثير من مشاريع القوانين خاصة تلك المرتبطة بالتجارة مع إيران".

وبالنسبة للمرشحين المفضلين لدى كل من الإطار التنسيقي الشيعي والأكراد، لمنصب رئيس البرلمان، فبحسب المصادر التي تحدثت لـ"عربي بوست"، في هذا التقرير، وهما المرشحان: سالم العيساوي، ومحسن المندلاوي.

وفي هذا الصدد، يقول قيادي بالإطار التنسيقي الشيعي  : "العيساوي والمندلاوي من أفضل المرشحين لهذا المنصب، وأعتقد أن أغلب القادة السنة يوافقون عليهم، إلا الحلبوسي الذي يريد الاستحواذ على الصوت السني وإقصاء من كانوا حلفاءه من أجل تحقيق مصالحه الشخصية".

هل من الممكن عودة الحلبوسي لمنصبه؟
ووسط هذه المنافسة الشرسة على خلافة الحلبوسي وفشل الجلسات البرلمانية لانتخاب رئيس جديد للبرلمان العراقي، ووسط إصرار الحلبوسي على احتفاظ حزبه بالمنصب؛ لأنه يمثل الاغلبية البرلمانية السنية، وفي الوقت نفسه يرى معارضوه من حزب الحسم والسيادة والعزم أن المنصب جزء من حصة المكون السني دون التقييد باتجاه سياسي معين.

قالت مصادر مقربة من الحلبوسي  : "إن هناك من يرى داخل الإطار التنسيقي الشيعي أن عودة الحلبوسي لمنصبه أفضل من الصراع الدائر الآن".

وقال مصدر من حزب تقدم لـ"عربي بوست": "من خلال اجتماعات واتصالات مكثفة في الأيام الأخيرة بعض القادة في الإطار التنسيقي أرسلوا رسائل تفيد بأن من الممكن عودة الحلبوسي إلى منصبه مرة أخرى نظراً لعدم التوصل إلى بديل له حتى الآن".

وأضاف المصدر ذاته قائلاً: "عودة الحلبوسي لمنصبه بعد قرار المحكمة الاتحادية، ممكنة وهناك إمكانية قانونية وسياسية لحل هذه الأزمة، لأن من غير المعقول أن يظل منصب رئيس البرلمان شاغراً حتى الانتخابات البرلمانية القادمة".

وفي نفس الوقت، قال قيادي سياسي بالإطار التنسيقي الشيعي ": "مسألة إعادة الحلبوسي إلى منصبه تم طرحها من قبل أطراف في الإطار، لكن لم يتم حسمها، وأعتقد أنها صعبة، وستكون مأزقاً للجميع، لكن لا شيء غريب في السياسية العراقية".

ومعلقاً على الصراع السياسي السني يقول المحلل السياسي العراقي محمد الشمري: "لا بد للأحزاب السنية أن تُعيد مكانتها داخل البرلمان، ولا بد من الاتحاد لأن غياب رئيس البرلمان يضعف الموقف السني".

وأشار المتحدث إلى أن هذا الصراع يعيد الأحزاب السنية إلى نقطة الصفر، أي إلى فترات ما بعد الغزو الأمريكي، من حيث الانقسام والصراع الذي كانت تعاني منه النخب السنية آنذاك، صحيح أن الحلبوسي أراد الاستحواذ على مكاسب المكون السني لنفسه، ولكن لا بد من منافسيه أن يتوحدوا من أجل موازنة القوى والحفاظ على مكاسبهم السياسية.

المصادر

عربي بوست

كلمات دليلية
التعليقات (0)