- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
الحياة السرية لأشهر جاسوسات جهاز الاستخبارات البريطاني
الحياة السرية لأشهر جاسوسات جهاز الاستخبارات البريطاني
- 10 ديسمبر 2022, 5:39:08 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في الماضي كان يتم التغاضي عن النساء أو إقصاؤهن إلى وظائف السكرتارية، أو توزيعهن كـ"مصائد" لإيقاع الأعداء أو ابتزازهم قبل حقبة جهاز الاستخبارات البريطانية.
وعندما شارك "فيرنون كيل" في تأسيس بدايات جهاز الاستخبارات في عام 1909، حدد تصوره للمجند المثالي من الرجال بأنه "من يستطيع تدوين الملاحظات على كم القميص أثناء ركوب الخيل"، وكانت آرائه حول النساء أقل شهرة، ويقال إنه علق ذات مرة: "أحب أن تتمتع فتياتي بسيقان جميلة".
وعلى الرغم من إثبات النساء لقدراتهن بمهارة وشجاعة كبيرتين خلال الحرب العالمية الثانية، فقد كافحن للتقدم في جهاز الاستخبارات البريطاني والوكالة الشقيقة "إم آي 5" المعروفة بالمكتب الخامس، ولم يجندن بانتظام كضباط استخبارات حتى أواخر السبعينيات.
وتكررت هذه العنصرية ضد النساء وتمت المبالغة فيها في الروايات الرائجة التي كتبها جواسيس سابقون مثل "إيان فليمنغ" و"جون لو كاريه"، فضابط الاستخبارات الخيالي "جيمس بوند" يداعب سكرتيرته ويضيف الإثارة على عملياته بعلاقات مسرفة ويصادف القليل من الجواسيس الإناث، وأشهرهن ضابطة مكافحة التجسس الروسية المتهورة "روزا كليب".
واشتهرت النسخ السينمائية لكتب "فليمينغ" بنوع كامل من "فتيات بوند"، لا يتم تصويرهن أكثر من مواضيع إغواء.
وكذلك "لو كاريه" الذي اشتهر بسجلات الجاسوسية للحرب الباردة من بطولة ضابط المخابرات القزم "جورج سمايلي"، وقد عبر عن وجهة نظر ثنائية الأبعاد مماثلة، فشخصياته من النساء عبارة عن فاتنات يملكن سيطرة جنسية قوية على أبطال الرواية الذكور، ولكن لا يملكن الكثير من التعبير عن الذات.
فيما كانت الاستثناء الوحيد هي "كوني ساكس" (مراقبة موسكو)، والتي كانت شخصية كاريكاتورية في الاتجاه المعاكس، وتتميز بغرابة الأطوار وذاكرة موسوعية وقد استسلمت لإدمان الكحول بعد إقصائها عن الوظيفة التي تتفوق فيها.
ولا تكاد التصورات المتحيزة جنسيًّا تقتصر على أفلام التجسس، لكنها شديدة الأهمية في المهنة التي يشجَّع فيها على الغموض وتصنيف الواقع، وكما في العديد من جوانب إرث "بوند"، تصبح التصورات التي يتم تكوينها من خلال مراجع ثقافية ذات حدين.
وصنعت الأفلام علامة أسطورية من جهاز الاستخبارات البريطاني، لكن تصويرها لعمليات القتل الاستهدافية والعمليات الفردية بعيد كل البعد عن الدقة.
ففي حالة جهاز الاستخبارات البريطاني، فإن الغياب التاريخي للمرأة هو إغفال خطير كما هو سلاح سري.
فإن الخصوم الرئيسيين للمملكة المتحدة اليوم من الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، وهم من المجتمعات القمعية؛ حيث تقل النساء في مناصب السلطة وتصبح هذه نقطة ضعف في العدو يمكن للجاسوسة استغلالها، فالمرأة لديها القدرة على أن تكون أفضل الجواسيس على الإطلاق، لأنه سيتم التغاضي عنها في أغلب الأحيان.
وقبل 4 سنوات، أطلق جهاز الاستخبارات البريطاني أول إعلان تلفزيوني لتجنيد المزيد من النساء والأقليات العراقية.
ويبدأ الفيلم بلقطات لسمكة قرش تشق المياه بشكل خطير، قبل أن يتحرك المشهد ليكشف عن مشهد أكثر اعتدالًا: سيدة وصغيرها ينظران إلى المفترس من الجانب الآخر من زجاج الحوض، وتم تصميم المشهد الأخير لإلغاء "غيرية" الجواسيس: "في السر، نحن مثلك تمامًا".
هذا ليس صحيحًا تمامًا؛ فالجواسيس لا يشبهوننا كثيرًا والعمل في جهاز الاستخبارات البريطاني هو تجربة غريبة بشكل واضح؛ حيث لا يمكنك إخبار أي شخص بخلاف العائلة المقربة عن وظيفتك، وحتى هم لا يُسمح لهم بمعرفة أي شيء عن أنشطتك اليومية.
ومن المفترض أن تغلق هاتفك قبل وقت طويل من الاقتراب من المقر الذي يبدو كالزقورة الزمردية على جسر فوكسهول بوسط لندن، وبمجرد الوصول إليه يجب حفظ الهاتف في خزانة، فهناك لا يتوفر سوى اتصال محدود بالإنترنت والاتصال الوحيد بالعالم الخارجي عبر الخط الأرضي.
كما أن العمل من المنزل صعب للغاية لأنه غير آمن، ولذلك؛ وعلى الرغم من أن المنظمة تشجع المرونة، فإن هذا مقيد بحقيقة أن ساعات عملك يجب قضاؤها غالبًا في المكتب تصبح إدارة الحياة اليومية مرهقة بشكل غير عادي.
وعلى حد تعبير أحد ضباط المخابرات، فإن المعاملات المعقدة مثل شراء منزل هي "كابوس".
والجاسوسات ملتزمات بعدد من القيود، فقانون الأسرار الرسمية، الذي يجعل الكشف عن المعلومات السرية جريمة جنائية.
وتعهد جهاز الاستخبارات البريطاني بأنه لن يكشف أبدًا عن هويات موظفيه أو عملائهم، وحرصهم شخصيًا على تجنب صد المجندات المحتملات بحكايات مروعة.
وكان المكتب الخامس قلقًا بشأن انخفاض نسبة المتقدمات سنة 2002 بعد حلقة في مسلسل "سبوكس" الجاسوسي والذي أظهر متدربة شابة وقد أغرقت في مقلاة زيت عميقة، وفقًا للتقارير في ذلك الوقت.
وتعليقًا على ذلك، ألقت "كلير هوبارد هول" المؤرخة الاستخباراتية، باللوم على الثقافة الشعبية على "تأطير" النظرة العامة للجواسيس بشكل غير عادل على أنها "ذات طابع جنسي للغاية".
وتقول الأكاديمية، التي تكتب سيرة ذاتية لما تسميه "النساء المنسيات" للمخابرات البريطانية، بما في ذلك سكرتيرة جهاز المخابرات البريطاني الشجاعة التي ألهمت شخصية "فليمينغ آنسة مونيبيني"، إن كلمة "سكرتيرة" كانت تستخدم غالبًا لإخفاء النساء اللواتي تطورت أدوارهن إلى ما أبعد من رتبهن.
وتضيف: "هذا يفسر الغموض النسبي الذي تعاني منه النساء العاملات في العمليات الاستخباراتية، والوضع المتدني لمعظم الموظفات".
وتجعل القيود المفروضة على الجاسوسات من الصعب للغاية البحث عنهن، فحتى سنة 1973؛ كان على المتزوجات ترك الخدمة على الفور.
ونتيجة لذلك، ظلت الكثيرات منهن عازبات ولم ينجبوا أطفالًا، ويجب على المؤرخين البحث عن وثائق مثل اليوميات المدفونة في أرشيفات العائلية؛ حيث تقول "هوبارد هول"، إن "تعقب الآنسة مونيبيني الحقيقية كان مثل محاولة العثور على شبح".
ظاهريًا، يتمتع "تيمس هاوس"، حيث يوجد مقر المكتب الخامس، بتوازن جنساني أفضل من جهاز الاستخبارات البريطاني.
وتشكل النساء حاليا 47% من موظفيه، مقارنة بـ37% فقط في فوكسهول، وذلك وفقًا لأرقام السنة الماضية.
ومع ذلك، فإن متوسط فجوة الأجور في المكتب الخامس، التي تكون في حدود 19%، أعلى بكثير مقارنة بجهاز الاستخبارات البريطاني، التي تبلغ 7%.
مع أن الخدمات قد تطورت مؤخرا، إلا أن انعدام المساواة لا يزال قائما.
ونقل تقرير صدر سنة 2015 عن الجاسوسات من قبل اللجنة البرلمانية المشتركة للاستخبارات والأمن ما قالته مجموعة من النساء المجهولات في مجتمع الاستخبارات عن بيئة العمل.
وقالت إحداهن إنه على الرغم من وجود رغبة حقيقية في التنوع لدى المسؤولين الذين يشغلون مناصب رفيعة ومتدنية في المنظمة، إلا أن هناك "طبقة متجمدة" على مستوى الإدارة الوسطى حافظت على "عقلية ونظرة ذكورية تقليدية للغاية".