الداعية خالد سعد يكتب: ماذا رأيتم من الله حتى تكرهوا شريعته؟

profile
خالد سعد داعية إسلامي مصري
  • clock 5 يناير 2025, 1:01:21 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

الحمد لله الذي أرسل رسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

إن الشريعة الإسلامية ليست مجرد أحكام وقوانين، بل هي منهج حياة قائم على العدل الإلهي، الذي لا تحكمه أهواء البشر ولا مصالحهم المتقلبة. وعلى النقيض من ذلك، فإن القوانين الوضعية التي يضعها الإنسان تعاني من القصور والظلم لأنها وليدة عقول محدودة لا تستطيع الإحاطة بحاجات الناس ومصالحهم الحقيقية.

القوانين الوضعية: عدالة مزعومة وظلم مستتر

لنأخذ بعض الأمثلة التي توضح الفارق بين الشريعة الإلهية العادلة والقوانين الوضعية الجائرة:

1. القوانين الاقتصادية:

القوانين الوضعية: تسمح بالربا الذي يؤدي إلى استغلال الفقراء وزيادة الأثرياء ثراءً. لقد ثبت عمليًا أن النظام الربوي هو أحد أسباب الأزمات الاقتصادية العالمية المتكررة، حيث تُرهق الدول والشعوب بالديون الربوية الباهظة التي لا سبيل لسدادها.

شريعة الله: تحرم الربا بكل أشكاله، وتحث على الصدقة والزكاة، وتمنع استغلال حاجة الفقير. قال الله تعالى:
﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275].
وبهذا يتحقق التكافل الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي.

2. القوانين الجنائية:

القوانين الوضعية: تعتمد غالبًا على عقوبات مخففة، مثل السجن الذي قد لا يردع المجرم، بل يجعله أكثر انحرافًا. وقد يُفلت بعض المجرمين بسبب المحسوبيات أو الثغرات القانونية، مما يؤدي إلى تفشي الجريمة.

شريعة الله: تضع عقوبات عادلة تردع المجرمين وتحمي المجتمع، مثل حد السرقة الذي يقطع الطريق على اللصوص ويحمي أموال الناس. قال الله تعالى:
﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ﴾ [المائدة: 38].
هذه العقوبات قد تبدو قاسية لمن يجهل حكمتها، لكنها أعدل وأرحم من ترك المجرم يعيث فسادًا في الأرض.

3. الأسرة والعلاقات الاجتماعية:

القوانين الوضعية: تسمح بتفكيك الأسرة عبر شرعنة العلاقات غير المشروعة، وتؤيد الزواج المثلي، مما يؤدي إلى انهيار القيم الأخلاقية والمجتمعات. كما أن قوانين الطلاق والحضانة في كثير من الدول الوضعية تُهمل حقوق الأطفال، وتظلم الآباء أو الأمهات.

شريعة الله: تحمي الأسرة وتُعلي من قيمتها، وتجعل الزواج أساسًا لبناء المجتمع. كما أن أحكام الطلاق والحضانة فيها تحقق العدل بين جميع الأطراف. قال الله تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21].

4. القضاء وحقوق الإنسان:

القوانين الوضعية: كثيرًا ما تتأثر بالسياسة أو النفوذ، وقد يتحكم فيها المال والقوة. وفي كثير من الأحيان، يتم التمييز بين الأغنياء والفقراء في المحاكم، وتُظلم الفئات الضعيفة.

شريعة الله: تقوم على المساواة المطلقة أمام القضاء. قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" [متفق عليه].

لماذا نرفض الشريعة؟

1. جهل حقيقتها: كثيرون يجهلون أن الشريعة تقوم على الرحمة والعدل، ويتأثرون بالدعايات المغرضة التي تصورها نظامًا قاسيًا وظالمًا.

2. التبعية للغرب: بعض المسلمين يقلدون الغرب دون وعي، ويرون أن قوانينهم الوضعية أرقى وأعدل، رغم أنها مليئة بالثغرات.

3. اتباع الهوى: هناك من يرفض الشريعة لأنها تقيد شهواته أو مصالحه الشخصية.

شريعة الله: الحل الذي لا بديل عنه

إن الشريعة الإسلامية لا تتغير بتغير الزمان والمكان، لأنها صادرة عن الله العليم الخبير الذي يعلم ما يصلح عباده. أما القوانين الوضعية فهي متقلبة ومتغيرة، وتتأثر بأهواء البشر وفسادهم.
قال الله تعالى:
﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50].

خاتمة
إن رفض شريعة الله هو رفض لعدله ورحمته، واستبدال لها بقوانين وضعية أثبتت فشلها وظلمها. فلنتق الله ولنعد إلى شريعته التي فيها الخير والنجاة في الدنيا والآخرة.

نسأل الله أن يردنا إلى دينه ردًا جميلًا، وأن يجعل شريعته هي الحاكمة في حياتنا.
والحمد لله رب العالمين.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)