- ℃ 11 تركيا
- 5 يناير 2025
الداعية خالد سعد يكتب: ازدواجية المعايير الغربية تجاه سوريا: مأساة شعب وصمت دولي
الداعية خالد سعد يكتب: ازدواجية المعايير الغربية تجاه سوريا: مأساة شعب وصمت دولي
- 3 يناير 2025, 1:02:19 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011، تعرض الشعب السوري لأبشع الجرائم والانتهاكات، بدءًا من القتل والقصف العشوائي، إلى التهجير القسري والتعذيب في المعتقلات. ومع ذلك، لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل فعّال، ووقف الغرب موقف المتفرج أو المتواطئ، رغم شعاراته المزيفة حول حقوق الإنسان والديمقراطية. والآن، وبعد سنوات من التجاهل المتعمد، يبرز اهتمام الغرب المفاجئ بسوريا، ليس من باب المساعدة الإنسانية، بل للتدخل في شؤونها الداخلية والخارجية بما يخدم مصالحه.
المأساة السورية: معاناة مستمرة في ظل الصمت الدولي
1. استخدام الأسلحة الحديثة والكيميائية:
منذ السنوات الأولى للثورة، تحولت سوريا إلى ميدان اختبار للأسلحة الحديثة، حيث استُخدمت البراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية، مثل هجوم الغوطة الشرقية بالغاز السام في عام 2013 الذي أودى بحياة أكثر من 1,400 مدني. رغم التقارير الدولية الموثقة مثل تقارير منظمة "هيومن رايتس ووتش"، لم يتخذ الغرب أي خطوات رادعة حقيقية ضد النظام السوري، مكتفيًا بالإدانة اللفظية.
2. التجويع والحصار:
فرض النظام السوري حصارًا خانقًا على العديد من المناطق الثائرة، مثل مضايا والغوطة الشرقية، مما دفع السكان لتناول الحشائش وأوراق الشجر للبقاء على قيد الحياة. وعلى الرغم من المناشدات الإنسانية، لم يتحرك العالم لإنقاذ هؤلاء المدنيين، في تجاهل واضح لمعاناتهم.
3. الموت تحت القصف وفي السجون:
تعرض الشعب السوري لقصفٍ مكثفٍ من النظام وحلفائه، مستهدفين الأسواق والمدارس والمستشفيات، ما أدى إلى مقتل مئات الآلاف من المدنيين. في الوقت ذاته، امتلأت السجون السورية بالمعتقلين الذين واجهوا التعذيب الوحشي حتى الموت، كما وثق تقرير "قيصر" الشهير صورًا مروعة لآلاف الضحايا.
4. الهروب والمأساة في البحار:
دفع بطش النظام ملايين السوريين إلى الهروب عبر البحر، إلا أن رحلتهم كانت محفوفة بالمخاطر. تعرض اللاجئون السوريون في عرض البحر لممارسات غير إنسانية من قبل خفر السواحل اليوناني، حيث تم ضرب قواربهم لإغراقها أو إعادتهم قسرًا إلى تركيا. تشير تقارير حقوقية إلى أن السلطات اليونانية انتهكت بشكلٍ صارخ القانون الدولي الإنساني بحق اللاجئين السوريين.
5. ظروف المخيمات في الدول المجاورة:
يعيش اللاجئون السوريون في المخيمات على الحدود السورية في إدلب، وفي دول مثل الأردن ولبنان، في ظروف مأساوية تفتقر لأبسط مقومات الحياة. يعانون من نقص الغذاء والدواء، خاصة في ظل تخفيض الدعم الإنساني من المنظمات الدولية. أما في أوروبا، فقد واجهوا العنصرية والتمييز، بالإضافة إلى الإجراءات التعسفية التي اتخذتها بعض الدول بحقهم.
ازدواجية المواقف الغربية: أين حقوق الإنسان؟
1. تجاهل الجرائم في سوريا:
لم يتحرك الغرب بجدية إزاء استخدام النظام السوري الأسلحة الكيميائية أو المجازر المرتكبة بحق المدنيين. بل على العكس، تم استخدام الفيتو في مجلس الأمن لمنع اتخاذ أي إجراءات صارمة ضد النظام، مما سمح باستمرار المأساة.
2. المصالح أولًا:
يظهر التدخل الغربي فقط حين تتعارض مصالحه مع الوضع في سوريا. بينما تُرك الشعب السوري يواجه القتل والتشريد، تركزت التحركات الدولية على قضايا تتعلق بالحد من النفوذ الروسي والإيراني، دون اعتبار للمأساة الإنسانية.
3. الكيل بمكيالين:
يدّعي الغرب أنه يدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، لكنه في المقابل يغض الطرف عن الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها اللاجئون السوريون، سواء في البحر أو في المخيمات.
#الاكراد ودورهم في الأزمة: أجندات غربية تهدد المنطقة
بالنسبة للأكراد، فقد أصبحوا أداة بيد الغرب لتنفيذ مخططاته في سوريا والمنطقة. دعم الغرب المجموعات الكردية، مثل "قسد" (قوات سوريا الديمقراطية)، بهدف زعزعة الاستقرار في سوريا وتركيا، مستغلينهم لتحقيق أهداف جيوسياسية، مثل السيطرة على المناطق النفطية والحد من نفوذ الدول الإقليمية.
خطر على وحدة سوريا وتركيا:
يشكل الأكراد خطرًا حقيقيًا على وحدة الأراضي السورية، حيث يسعون لإنشاء كيان مستقل بدعم غربي، ما يهدد استقرار سوريا وتركيا على حد سواء.
التبعية للغرب:
أثبتت المجموعات الكردية أنها مجرد أداة لتحقيق المصالح الغربية، وهو ما ظهر جليًا في تعاونها مع القوات الأمريكية في شمال شرق سوريا، ما أثار استياء الشعب السوري والدول المجاورة.
لماذا الآن؟
اهتمام الغرب المفاجئ بسوريا ليس نابعًا من تعاطفٍ مع شعبها، بل لأنه:
يريد الحد من النفوذ الروسي والإيراني في المنطقة.
يسعى لتحقيق مصالح اقتصادية متعلقة بالموارد الطبيعية، مثل النفط والغاز.
يعمل على إعادة ترتيب المشهد السياسي بما يخدم أجنداته الخاصة، دون اعتبار لمعاناة الشعب السوري.
أدلة ووثائق توثق المعاناة السورية
1. تقارير الأمم المتحدة:
وثقت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا استخدام النظام للأسلحة الكيميائية.
أصدرت تقارير توثق الانتهاكات ضد اللاجئين في عرض البحر وعلى الحدود اليونانية.
2. صور قيصر:
آلاف الصور المسربة التي توثق تعذيب المعتقلين في سجون النظام #السوري، والتي أثارت استنكارًا دوليًا، لكن دون أي إجراءات فعلية.
3. تقارير حقوقية:
تقارير "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" كشفت الانتهاكات بحق اللاجئين السوريين في أوروبا ودول الجوار، لكنها لم تلقَ سوى تجاهلًا دوليًا.
لقد أثبتت التجربة السورية أن الغرب لا يهتم بحقوق الإنسان أو الديمقراطية إلا عندما تخدم مصالحه. صمت لعقدٍ كاملٍ عن جرائم النظام السوري ومعاناة الشعب، بينما يتحرك اليوم فقط لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية. إن هذه الازدواجية الواضحة تجعل من الديمقراطية الغربية مجرد شعارات فارغة، وتكشف للعالم الوجه الحقيقي لهذا النظام العالمي المنافق.