الدكتور خالد فهمي خالد يتساءل؟ لماذا لا تصرف كل هذه الأموال على الصحة والتعليم

profile
  • clock 4 أبريل 2021, 8:02:48 م
  • eye 3961
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

الدكتور خالد فهمي أستاذ التاريخ علق على صفحته على فيس بوك حول الاحتفال بنقل المومياوات ال٢٢ بالأمس قائلا:

زي غيري من ملايين المصريين اتفرجت امبارح على موكب نقل المومياوات، وانبهرت بجودة التنفيذ: الموسيقى، والأوركسترا، والغناء، وتفاصيل الموكب من إضاءة الشوارع، لتصميم العربات، لإطلاق المدافع. وانبهرت برضه بالإخراج التليفزيوني والقدر العالي من الاحترافية والمهنية. الحدث حجمه كبير جدا، وتفاصيله كثيرة جدا، والتنسيق بين أجزاءه المختلفة من المتحف المصري في التحرير لأهرامات الجيزة، لهرم سقارة لميدان التحرير لمتحف الحضارة في الفسطاط– التنسيق بين الأماكن دي ينم على قدر كبير جدا من الاحترافية والدقة والتحضير الطويل والتدريب الشاق. وفي المجمل كان واضح إن ده جهد أشخاص وأجهزة وإمكانيات ضخمة اشتغلوا لمدة شهور طويلة في التخطيط والتدريب والتحضير، وفي النهاية كانت أمسية استمتع وانبهر بيها الملايين من المصريين.


وتابعت برضه ردود الأفعال على السوشيال ميديا وتعليقات الناس المؤيدة وغيرها ال عندها تحفظات وتساؤلات. هناك المئات من التعليقات ال كان ليها انتقادات لوزير السياحة والآثار، ولكلمات الممثلين والممثلات، ولبعض التفاصيل وخاصة للغناء الأوبرالي ال شافوه مش مناسب لثقافتنا، وغيرها من التفاصيل النقدية.


وكان فيه ناس قارنت بين العرض المبهر دا واحتفال شاه إيران الأسطوري  بمرور ٢٥٠٠ سنة على تأسيس الإمبراطورية الفارسية، وكان دا سنة ١٩٧١ يعني قبل ما يتخلع هو من حكمه بثماني سنين. وكان فيه ال قارن بين موكب المومياوات وبين افتتاح هتلر لألومبياد برلين سنة  ١٩٣٦ قبل اندلاع الحرب العالمية الثاني بثلاث سنين والتصوير الأسطوري ال عملته ليني ريفنشتال لحفل  الافتتاح. وبرضه كان فيه ناس قارنت بين مقطع تصوير السيسي بعد انتهاء العرض الأوبرالي وهو ماشي في ممرات طويلة لوحده ما قداموش غير الكاميرا لحد ما وقف لوحده يستقبل الفراعنة السابقين والمشهد المماثل بالمسطرة لتنصيب بوتين سنة ٢٠١٨  لفترة رئاسية رابعة لما الكاميرا صورته وهو تارك مكتبه في الكرملين وماشي لوحده في ممرات طويلة وماقداموش غير الكاميرا لحد ما  وصل لمكان تاني برضه في الكرملين علشان يحلف اليمين الدستوري.


أنا برضه عملت مقارنات تاريخية بين حفل امبارح وحفلات تانية (حفل افتتاح قناة السويس سنة ١٨٦٩ هو أكتر حاجة حضرت في بالي)، لكن الحقيقة ما كنتش قادر أحوش نفسي من الانبهار بالموكب الأسطوري، وبدقة تصميمه وتنفيذه. كان واضح بشدة إننا نشهد أجهزة دولة بتعمل بدأب ودقة ونجاح. وكان واضح إن الموكب مصروف عليه بسخاء، وإن الدولة لما تعوز تعمل حاجة بكفاءة بتقدر تنجز.


لكن الحفل الأسطوري دا بيطرح علينا أسئلة مهمة. لما الدولة عندها القدرات والإمكانيات والمهارات دي، ليه مش شايفين لها أثر في الملفات ال بتهم الناس فعلا: الصحة والمواصلات والتعليم؟ إزاي يكون عندنا الفلوس دي كاها ومش عارفين نشتري مصل كافي لتطعيم الناس ضد الكرونا؟ لو الدولة عندها المهارات التنظيمية دي ليه مش شايفين لها أثر في حملة التطعيم ضد الكرونا؟ إزاي يكون عندنا القدرات التنظيمية الدقيقة ال شفناها امبارح وفي نفس الوقت خطة التطعيم فيها القدر الرهيب من التخبط والاستهتار والعشوائية ال كل الناس بتشتكي منها على مدار الشهر ال فات؟ نسبة التطعيم عندنا من أقل النسب في العالم كله، ومش هنقارن بالإمارات أو بإسرائيل، لكن بالأردن أو المغرب. والمقارنة توضح فشلنا الذريع (المغرب وزع أكتر من ٨ ملايين جرعة، ونسبة المغاربة ال حصلوا على جرعتين من المصل وصلت لأكتر من ١٠٪ من السكان). 


نفس التساؤلات ممكن نطرحها بخصوص المواصلات. الدولة الغنية دي ال طلعت علينا امبارح إزاي مش قادرة تصرف على مرفق السكة الحديد؟ إزاي الدولة دي مش قادرة توقف حوادث القطارات ال كل كام شهر بتقتل عشرات المواطنين؟ ودا في الوقت ال الدولة بتتباهى فيه بخط سكة حديد هويصل العاصمة الإدارية الجديدة بالعلمين وهيكلف ٢٣ مليار دولار. 


الفلوس المتلتلة ال واضح إنها اتصرفت على حفل امبارح والجهد والعناية والدقة ال الحفل خرج بيها ليه مش شايفين ليها أثر في سياسة التعليم؟ إزاي بعد سنة كاملة من الوباء وزارة التربية والتعليم للسا ما عندهاش خطة واضحة لتنظيم امتحانات نص السنة وامتحانات آخر السنة، الأمر ال مخللي الطلبة وأولياء الأمور محتارين بيضربوا أخماس في أسداس وبيطالبوا باستقالة الوزير؟ 


في ٢٠١٤ السيسي قال في كلمة شهيرة "أنا مش قادر أديك. أنا لو أقدر أديك هأديك من عيني. بس أنا مش قادر." كان واضح امبارح إنه قادر لكن مش عاوز. 


حفل امبارح كان كاشف عن أولويات الدولة واهتماماتها. دولتنا غنية، وقادرة، ومنظمة، وكفؤة. لكن في مواضيع آه ومواضيع لأ. دولتنا غنية، وقادرة، منظمة، وكفؤة لما يكون الأمر يتعلق بأمنها وتأمين نفسها (القاهرة ذات العشرين مليون بني أدم كانت فاضية امبارح من المصريين). دولة تقدر تصرف الملايين على حفل أسطوري ما لوش معنى واضح أو ضرورة ملحة. لكن لما الموضوع يتعلق بالصحة والستر دولتنا فجأة بتبقى مش قادرة. دولتنا عندها إدارة منظمة لبناء عاصمة إدارية، ولكن ما عندهاش إرادة لحماية صحة المصريين ولا لتحسين تعليمهم ولا لتقديم وسيلة مواصلات آمنة. دا المعنى الحقيقي لحفل امبارح الأسطوري.

التعليقات (0)