- ℃ 11 تركيا
- 23 نوفمبر 2024
الدور الوظيفي للإمارات والبحرين: تسريب عقارات مقدسية وبناء ودعم المستوطنات
الدور الوظيفي للإمارات والبحرين: تسريب عقارات مقدسية وبناء ودعم المستوطنات
- 4 مارس 2021, 2:43:06 ص
- 916
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي نشاطها المحموم بالاستيلاء على العقارات والمنازل الفلسطينية عبر أساليب وذرائع مختلفة؛ بتجنيد شركات استيطانية تمّ إنشاؤها لذلك الغرض، وعبر وسطاء وسماسرة ، بهدف الاحتيال على الفلسطينيين وتزوير عقاراتهم، لممارسة إجراءاتها العنصرية وبناء عدد من المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، المحتلة منذ العام 1967.
كما تحمل عملية تسريب العقارات في القدس أبعادا أمنية وسياسية واقتصادية ودينية ونفسية أيضًا، بدت تتضح معالمها أكثر مع إعلان اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، وعدَّ رئيس لجنة الحريات التابعة للجنة المتابعة العربية في الداخل المحتل كمال الخطيب، أن عنصر المفاجأة كان غائبا عن مشهد الإعلان عن اتفاق بين الامارات و(إسرائيل)، خاصة أن هناك علاقات وتواصلا غير رسمي وغير معلن كان يعرفه كل متابع لما يجري بين الطرفين.
وذكر الخطيب في تصريحات صحفية: منذ أكثر من 20 سنة هناك تبادل اقتصادي وتبادل زيارات إلى أن وصل الأمر إلى تجوال شخصيات إسرائيلية في مدن إماراتية بينهم أعضاء في حزب "الليكود" اليميني، ورأى أن كل ذلك يشير إلى أن هناك أمرا يحدث، ولكن شعبنا يدرك تمامًا الدور الاماراتي الخدماتي والوظائفي للسياسة الأمريكية، وواضح جدًا أن الاتفاق لم يكن بتوقيت أبو ظبي بقدر ما كان بتوقيت واشنطن و(تل أبيب).
وعلى صفحته على فيسبوك وجه الخطيب اتهاما لرجل أعمال إماراتي وصفه بـ"المقرب جدا من محمد بن زايد" بالعمل على "شراء بيوت وعقارات في البلدة القديمة، خاصة البيوت الملاصقة للمسجد الأقصى المبارك بمساعدة رجل أعمال مقدسي محسوب على محمد دحلان".
وأضاف الخطيب أن "رجل الأعمال هذا عرض على أحد سكان القدس مبلغ خمسة ملايين دولار لشراء بيت ملاصق للمسجد الأقصى وعندما رفض العرض وصل المبلغ إلى عشرين مليون دولار لنفس البيت".
وعدَّ الخطيب أن إعلان اتفاق العار الإماراتي-الإسرائيلي، يؤكد ما كان يشاع عن مشاركة رجال أعمال إماراتيين في تسريب عقارات لجمعيات يهودية، بذريعة أنهم يريدون تهيئتها لتصبح مساكن سياحية بإمكانها استقبال المسلمين الزائرين للمسجد الأقصى. وقال: "ما حصل في الأيام الأخيرة، أشار بشكل واضح إلى أن للإمارات دورا سياسيا واضحا في تسريب بيوت مقدسية سجلت باسم جمعيات استيطانية يهودية لها مقرات في أبو ظبي".
صفقات بتمويل اماراتي
شكَّلت مرحلة تسريب العقارات بداية الخلاف المقدسي الخليجي، ولا سيما بعد ارتباط دول خليجية، مثل الإمارات والبحرين، بتمويل صفقات لبيع هذه الشقق، وذلك بعد تحقيقات أجرتها لجان مقدسية، كشفت تورط هذه الدول بشكل مباشر في تمويل هذه الصّفقات.
بدأ التدفّق الخليجيّ إلى المدينة بالتزامن مع فتوى أطلقها الشيخ محمد حسين، دعا فيها إلى وجوب زيارة القدس، وذلك بعد لقاء جمعه بشخصيات خليجية في القاهرة، بذريعة أنَّ "زيارة السجين لا تعني الاعتراف بالسجّان" .
وعلى خلفية هذه الزيارات، تسرَّبت 27 شقة في سلوان في عهد وزير إسكان الاحتلال أوري أرائيل. وتركَّزت عملية البيع على شراء منازل أثرية في منطقة "جنوب الأقصى"، وتحديداً منطقة وادي حلوة، بجوار منطقة القصور الأموية والعباسية، وهي منطقة تمتدّ من محراب الأقصى القبلي نزولاً إلى مسجد سلوان.
وبموجب الصّفقات التي قام بها وسيط معروف لأهل المدينة، جرى شراء شقق من مستأجرين لا يملكون هذه البيوت، وسمح لبعضهم ببناء طوابق عديدة فوق بيوتهم المهترئة. وبعد تحقيق اللجان المقدسيّة، ثبت وقوف جهات خليجية خلف المشتري.
وإلى جانب التّمويل الخليجيّ لشراء هذه المنازل، تنشط 27 مؤسَّسة إسرائيلية في عملية البيع والشراء، أهمها شركات "إلعاد" و"بيت كوهنيم" و"غوش أمونيم"، وهي تقدم دعماً سنوياً بـقرابة 40 مليون دولار. وقد أنيط بها التصرف بالعقارات في محيط الأقصى وحفر الأنفاق في أعماقه، وهي المسؤولة عن تشييد "مدينة داوود" أسفل الأقصى.
وكان الأكثر فظاعة من بين الصّفقات بيع "بيت حي السعدية" لصاحبه "أديب جودة"، وهو يعمل محققاً في شرطة الاحتلال، ومسؤولاً حصرياً عن مفتاح كنيسة القيامة.
باع جودة منزله بمبلغ 17 مليون دولار، تقاضى منها مليوني دولار، كما اعترف في لجان تحقيق شكّلت لاحقاً. وكانت الإمارات حاضرة بالاسم، وإن أشارت أصابع الاتهام إلى تورط أجهزة فلسطينية في القضية.
أغرت عمليّة تسريب العقارات الدول الخليجية ذات العلاقة، فلجأت إلى مرحلة ثانية، في محاولةٍ لشراء عقارات دينية تاريخية وافتتاحها كعقارٍ لممثليات ثقافية تابعة لها، بهدف إيجاد موطئ قدمٍ لها في عملية التمثيل في المدينة والتسلّل عن طريق تمثيلٍ رسميٍّ فيها.
فطن المقدسيّون لهذه المحاولة التي تمثّلت في السعي لشراء زاوية الغوانمة بمليونين ونصف مليون دولار، لجعلها مركزاً بحثياً بحرينياً، فطلبت وزارة الأوقاف من البحرين تحويله إليها، ودشَّنت فيه 120 حماماً تقريباً، ما دفع الاحتلال إلى إغلاقه.
وقد أوقفت البحرين عمليات الشراء، بعدما عرفت أنَّ المقدسيين علموا بخدعتها.
أبعاد مختلفة
من الواضح أن "إسرائيل" تعرف جيدًا ماذا تريد من اتفاقها الموقع مع كل من الإمارات والبحرين، فالخطوات المتسارعة التي تخطوها نحو حلب الإمارتين الخليجيتين عبر استثمارات متعددة داخل الأراضي المحتلة وخارجها يعكس وبشكل كبير أبعاد تلك الخطوة التي تتجاوز بعدها السياسي بمسافات كبيرة.
عملية تسريب العقارات في القدس لها أبعاد أمنية وسياسية واقتصادية ودينية إسلامية ونفسية أيضًا، لذلك يعد كل من سرَّب أي عقار سواء كان مبنى أو غيره، "خادمًا للمشروع الصهيوني". وإن الاتهامات الموجهة للإمارات والبحرين ورجال الأعمال الحاملين لجنسيتهما، بتسريب أراضٍ وعقارات مقدسية من الفلسطينيين بمبالغ باهظة وتحويلها لاحقًا باسم جمعيات استيطانية ومستوطنين يهود، مساهمة عربية في تعزيز الاستيطان وتهويد القدس بطريقة غير مباشرة.
وهكذا يقدم الإماراتيون والبحرينيون على طبق من ذهب تأشيرة العبور لنتنياهو واليمين الصهيوني نحو ترسيخ أركان حكمهما، ليسجل أبناء زايد اسمهم في سجلات تاريخ العار كونهم أول دولة عربية تساهم في تسريب العقارات المقدسية وبناء مستوطنات يهودية على أنقاض الدولة الفلسطينية وأراضي الفلسطينيين وبيوتهم وذاكرتهم.