توقع هدم قيم الجمال والتراث والحضارة والرقي .. وتطابق مشهد البلدوزر في هدم مقابر المماليك .. وإزالة فيلا الدكتور مفيد أبو الغار

فمن يوقف بلدوزر العسكر عن هدم آثار مصر ..ودهان التماثيل الأثرية بالدوكو والورنيش

نستكمل في الجزء الثاني من التقرير المطول رؤية تحليلية لمسلسل الراية البيضا الذي سبق الواقع وانتقد تغلب القوة والقبح والفساد والسوقية على الرقي والجمال والتراث والاصالة والعراقة .

على النقيض من الابن الأصغر لحنفي البحر" سيد عبد الكريم " كان الأبن الأكبر سيد العربي " هادي الجيار" مناصراً لفريق د مفيد ومؤيداً للجمال والرقي والفن والتحضر بل واوذي واضُطهد في عمله بالتدريس في وزارة التعليم لمناصرته للحق والخير ، وانضم إلى د.أبو الغار بمجرد علمه بمكائد فضة التي يعمل والده تحت إمرتها ، بل واحتال سيد العربي " هادي الجيار" لينقذ د.أبو الغار من إحدى مكائد فضة عندما زور محاميها عقد إيجار للفيلا لكي يجبروا د. مفيد على بيعها لهم .

وخط فرعي ثالث لتأكيد نفس الفكرة كان نهج د.صبور "، رمز الشرف والنبل والرقي " والد الصحفية أمل استاذ الجراحة الذي يرفض أن يرفع قيمة كشفه الطبي ، ويعمل في الجامعة بشرف ويرفض إعطاء دروس خصوصية يعطية الكاتب ملمحاً للصراع مع أحد نجلي فضة طبيب كان يدفع الرشاوى لأساتذته في كلية الطب حتى يسربوا له اسئلة الامتحانات ورفض دكتور صبور ذلك ورسب ابن فضة في مادته عدة مرات .

كما برزفي المسلسل على الهامش ولكنه مهم خط درامي رفيع رابع عزف المؤلف على وتره قليلاً وهو "مطاوع" خادم على هيئة لورد إنجليزي ، على حد تعبير د ابو الغار ومطاوهع هذا كان مترودتيل في الفنادق العالمية ، ولنزاهته وشرفه حاك له زملاءه اللصوص مؤامرة وتلاعبوا بأرصدته من الاطعمة والمشروبات لكي يزجوا به في السجن، وكان مطاوع ضمن فريق د.ابو الغار لأنه تعرض لمؤامرات من فريق رجال الاعمال واذنابهم الذين يمثلون أيضاً معاني القبح والفساد ... وعاون مطاوع د.مفيد من خلال معارفه في مجلس المدينة وبعض المصالح الحكومية الأخرى بالإسكندرية .

والخط الفرعي الأخير الذي نسجه المؤلف واستحوذ على الجانب الأكبر من المعركة دار بين المحامي أنيس والد هشام و هو محامي د.مفيد " الذي يعمل بشرف ونزاهة في المحاماة ويراعي ضميره ويلتزم بالطرق المشروعة قانوناً وجسد شخصيته " الراحل نبيل دسوقي" ، وعلى النقيض منه " أبو طالب الذي قام بدوره الفنان محمد متولي " محامي فضة" الذي يدلس ويزور ويسرق الملفات ويقدم الرشاوى لكي يفوز في القضايا والصراعات التي يخوضها... ولنا عودة مع هذا الخط في ختام الأحداث ومع نهاية المعركة في الحلقات الاخيرة للمسلسل .

وفي ثنايا الأحداث وخلال جولات المعركة تظهر ملامح وطباع كل فريق ، فالدكتور مفيد بما يملك من نبل اخلاق وطباع طيبة يعقد اجتماعات مستمرة مع أعضاء فريقه قبل اتخاذ أي قرار أو الإقدام على أي إجراء يتعلق بالقضية، ويقوم بدوره التربوي والابوي لأعضاء فريقه فيسعى للإصلاح دائماً بين هشام أنيس وأمل صبور ، ويسامح أحد أهم أعضاء فريقه وهو المحامي أنيس عندما ينجح أبو طالب محامي فضة في خداعه والحصول على عقد إيجار للفيلا عن طريق التدليس بعدما دفع أبو طالب رشوة لسكرتير محامي د.أبو الغار ليدس لأنيس عقد إيجار للفيلا ليوقع عليه بصفته وكيلاً للدكتور مفيد .

وبالفعل يحتل أنصار فضة الفيلا ويذيقون د أبو الغار وفريقه الويلات ونصل لقمة الصراع عندما يتعمد أنصار فضة إغاظة د.مفيد وإرهابه بأن يقيموا حفل عيد ميلاد مصطنع للحاجة فضة ويتراقصون ويتمايلون ويعبثون بالقطع الأثرية والتحف الفنية ، ومراجع وكتب د. أبو الغار في مختلف أنواع المعارف وألوان الثقافة ، فيسارع د. مفيد وفريقه لإنقاذ تلك النفائس من فريق الجهل والتخلف ، ويحمل نونو " فازة أثرية ويضعها فوق رأسه ويتراقص بها على انفام شعبية سوقية مبتذلة ، بدلاً من السيمفونيات التي كان يسمعها د. مفيد ، وتشتعل الأحداث مع تراقص نونو والفازا فوق رأسه، ويفشل د.أبو الغار في إنقاذ الفازة حتى تقع وتتهشم فيبكي د.أبو الغار حزنا عليها فتلقي له فضة برزمة نقود قائلة " ماتعيطشي يادكتور خد هاتلك غيرها " ويتصايح الجميع "هات لك غيرها هات لك غيرها " .. حينها يصرخ د.ابو الغار بحزن وحسرة " همج" لان فريق فضة يظن أن الفازا أو القطعة الفنية يمكن شراءها بالمال بينما هي لا تقدر بثمن لأنها تحمل أنفاس ولمسات الفنان الذي صنعها قبل مئات السنين .