- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
الدولة بيروكي تكتب: الشاهدة والشهيدة: "الجزيرة.. غزة"
الدولة بيروكي تكتب: الشاهدة والشهيدة: "الجزيرة.. غزة"
- 21 ديسمبر 2023, 9:50:47 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لطالما كانت الجزيرة منذ انطلاقتها في 1نوفمبر 1996 مصدر قلق للعالم الغربي والولايات المتحدة كما كانت الدعاية الألمانية مصدر قلق لهذا العالم إبان الحرب العالمية الثانية ، فالجزيرة تملك القدرة على القيام بمهام السلطة الرابعة التي غطت الحرب في أفغانستان وغزو العراق من طرف امريكا ولم يكن التخلص من عبء الجزيرة الا بعدما استهدف مكتبها في بغداد وبعد اعتقال مراسلها في أفغانستان، لأنها تسعى الى التأثير بالحقيقة على عقلية الفرد العربي والذي كان مغيبا وهامشيا وغير حاضر في خلق ذلك الوعي الذي غيبته أنظمة كانت تهيمن على نظام الحكم العربي وكانت تابعة للبيت الأبيض.
سرعان ما اشتعلت الانتفاضة الثانية عندما حاول ارئيل شارون التجول في ساحات المسجد الاقصى تحت حماية الفين من جنوده وقواتها الخاصة وقال بالضبط" ان الحرم القدسي سيبقى منطقة اسرائيلية " واندلعت مواجهات عنيفة غطت الجزيرة هذه المواجهات ، في كل فلسطين من الضفة الغربية الى قطاع غزة ومما أجج الصراع في فلسطين هذه المشاهد لإعدام الطفل محمد الدرة بجانب أبيه في شارع صلاح الدين جنوبي مدينة غزة ، أدى إلى تكوين الوعي بأن هذا الكيان الإسرائيلي لا يريد سلاما في المنطقة من هنا بدأ الصراع بين بين الحقيقة وبين من يحاول طمسها فأصبحت الجزيرة أكثر قدرة من هذه الأنظمة على التأثير بالجماهير.
وهكذا برزت وسائل إعلام غربية وعربية ممولة من طرف الأنظمة العربية وقد ساندت هذا الكيان في جل قرارته في شتى الميادين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ذلك لأنها تستمد قوتها وسيطرتها الإعلامية من خلال مكانتها في المجتمع الأوروبي أو حتى العربي لذلك عرفت بالانحياز من ناحية ف بي بي سي وسي إن إن وقنوات مضللة قد مارست معالجة الاخبار بصورة كاذبة فنجدها تنقل الخبر ولاتوجد الصورة المسؤولة عنه وهذا يؤكد على أن هذه القنوات تمارس الصحافة أو التلفزيون دون استيعاب ووعي لثقافة الأفراد وقد شهدت نوعا من التزييف في حرب غزة.
في السابع من اكتوبر وصف الاعلام الغربي هجوم المقاومة بهجوم دموي واعتبرت ما قامت به حماس وفصائل المقاومة ارهابا وعنفا لم يسبق له مثيل، هذا الاتجاه الغلط كان بعيد عن المهنية وبعيد عن الحرية الانسانية ومكرسة للوجود الاسرائيلي في فلسطين ، ولأن الاعلام الغربي يتبع للسلطة التي أنتجته فهو ينتج تصورات وافكار شخصية لا علاقة لها بالموضوعية لتكون الوسيلة وسيلة تحقيق نوع من قوالب تسويقية تدخل فيها عناصر الجذب والإغراء كما حصل بالنسبة للصحفية بيل ترمو مراسلة صحفية لصحيفة ذي اندبندنت التي شهدت "قطع رؤوس 40طفلا"لكي تنسى ذي اندبندنت لم يكن للصحف الغربية أو الإعلام الغربي الإندماج في حرب غزة بكل مهنية وإنسانية وهذه الصحف لم تبحث عن المعلومات في السابع من أكتوبر وانما جعلت تدخلها كمخطط اسرائيلي هو جلب الاعلام الغربي لتبني الرواية الاسرائيلية ومساندتها في حقها بالدفاع عن نفسها ، فكل هذا المخطط إنهار عندما قصفت مستشفى المعمداني بتاريخ 17من أكتوبر 2023 وأن كل هذا القصف والإبادة الجماعية والمحرقة والتي سلطت الجزيرة الضوء عليها جاءت لتؤكد جرم وبشاعة ودموية اسرائيل وأدى طرح الجزيرة إلى توعية المجتمع الغربي والعربي على حد سواء ، وقد مكن هذا التفرد بجميع عمليات المقاومة التي تبث عن طريق الجزيرة أو دخول الجبهة الشمالية أيضا الى خط المواجهة ثم امتدادها الى اليمن ، أكسب لهذه القناة معرفة ووعيا والتفرد في التأثير المباشر على المجتمع وهذا ما تخشاه إسرائيل ومن وراءها الولايات المتحدة الأمريكية .
فيما مضى كان الاعلام الغربي يتحدث ليل ونهار عن عودة الإرهاب الإسلامي ويصوره انه هو الحاضر الكاسح الذي يخوض العالم كله، والذي يجب ان يكافح ويجتث من جذوره تحت ذريعة ان هذا الكيان الاسرائيلي يمارس حقه في الدفاع عن نفسه ولكن غزة كانت كاشفة فقد تمثل ذلك في ابشع صورة في قتل أصحاب الارض الحقيقيين وتشريدهم وتعذيبهم ومنعهم من حقوقهم الطبيعية ومحاولة الاستيلاء على ارضهم وقصف منازلهم على رؤوسهم ، في حين كانت الجزيرة تبث للدول الغربية قبل العربية حرب ابادة عشوائية وتهرأت بشكل فاضح دعاوي القيم والمبادئ وسقط القناع عن هذا العالم الغربي وعن إعلامه وأصبحت إسرائيل مكشوفة بلا قناع، كان للجزيرة ان تدفع الثمن استهدفت عائلة مدير مكتب الجزير في غزة وائل الدحدوح واسشتهدت زوجته وابنه وحفيد له وعدد من أفراد أسرته لم تكتفي بتسليط الضوء على حقيقة أفعالها المتوحشة إضافة الى قتلها 94 صحفيا وكان آخرهم استشهاد مصوره الجزيرة في غزة سامر أبو دقة ، فهذا الكيان الإسرائيلي لا يريد للحقيقة أن تظهر مثلما قتلوا مراسلة الجزيرة شرين أبو عقلة في العام الماضي في تغطيتها لإقتحام مخيم جنين .
لقد كشفت حرب غزة التي عاشت 73 يوما من القتل والتدمير والتهجير أن العملية قد تكون اكبر وهي استهداف المقاومة واستهداف الإعلام الحر، فما بين الحصار والجوع وبين شهيد وجريح ونازح ومحاصر تقف هذه المدينة غزة في أواخر عام 2023 شهيدة امام تاريخ الحروب العصرية على إبادة جماعية ومنظمة وجرائم ضد الانسانية حسب التوصيف الدولي ، لم تقصف المشافي فقط بل أصبحت المشافي مقبرة لجميع النازحين ، فهل سيغفر اهلها تواطئ الدول الغربية والعربية هذا العقاب النادر جدا في التاريخ المعاصر ؟ وهل ممكن أن تسقط غزة فقط لأنها تروي قصة حرب لم تكن وليدة اليوم ولكنها وليدة عام 1948 التي اكتفى العالم بالكشف عن خباياه من خلال تدوينه في كتب التاريخ وأما الأن نحن نعيش الادلة بالصوت والصورة لتنقل لنا الجزيرة هذا العالم الذي نسي دولة يقال لها فلسطين.