العلاقات التركية الإماراتية.. تعاون اقتصادي رغم عدم التوافق الجيوسياسي

profile
  • clock 17 يناير 2022, 3:41:35 م
  • eye 581
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

أظهرت كل من تركيا والإمارات عزمهما على إصلاح العلاقات بينهما عبر خطوات متتالية. ويبدو أن الإمارات حريصة على إعادة تشكيل صورتها كجسر في السياسة الإقليمية وتعمل على التحوط في خياراتها في مواجهة تقليص حجم الولايات المتحدة لالتزاماتها الأمنية الإقليمية في الشرق الأوسط.

أما تركيا، فهي حريصة على الخروج من الصندوق السياسي والأيديولوجي الذي وجدت نفسها فيه منذ بداية الانتفاضات العربية ولتقليل التكلفة الاقتصادية لنشاطها الجيوسياسي في وقت الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في الداخل.

وبالرغم من أن المصالح الاقتصادية يمكن أن تقرب بين البلدين، إلا أن العوامل الجيوسياسية يمكن أن تفرق بينهما بسهولة. وبالرغم من الذوبان الواضح للجليد، فلا تزال هناك مصادر رئيسية للتوتر في هذه العلاقة.

وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، قام الزعيم الفعلي لدولة الإمارات الشيخ "محمد بن زايد آل نهيان" بزيارة تركيا. وردا على ذلك، أعلن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" أنه سيزور الإمارات في فبراير/شباط مع وفد كبير. ويمثل هذا نقطة تحول رئيسية في العلاقات بين البلدين.

ومنذ بداية الربيع العربي، يمكن القول إن تركيا شهدت أعمق صدع في الشرق الأوسط مع الإمارات. وكانت مصادر ذلك أيديولوجية وجيوسياسية وشخصية. ومثلت المقاربات المتضاربة للإسلام السياسي والانتفاضات العربية الصدع الأيديولوجي والسياسي. وفي غضون ذلك، مثّلت المواقف العدائية تجاه الأزمات الجيوسياسية من حصار قطر في عام 2017 إلى الأزمات الليبية وشرق المتوسط وسوريا الصدع الجيوسياسي. ولطالما انخرط الطرفان في حرب معلومات ضد بعضهما البعض. واتهمت تركيا الإمارات بتمويل محاولة الانقلاب في تركيا عام 2016، ويمكن القول إن هذه الحلقة تركت بصمة قوية على فكرة "أردوغان" عن الأصدقاء والأعداء في السياسة الخارجية، حيث كانت الإمارات في الفئة الأخيرة في ذلك الوقت بالتأكيد.

وبالإضافة إلى ذلك، تبادل "أردوغان" والمسؤولون الإماراتيون حتى الآن الاتهامات والإساءات. على سبيل المثال، نشر وزير الخارجية الإماراتي الشيخ "عبدالله بن زايد آل نهيان" سابقا تغريدة ألقى فيها باللوم على الجنود الأتراك في نهب المدينة المنورة منذ أكثر من قرن. وانتقده "أردوغان" علنا وقال إنه كان غارق في النوم وقد أفسده النفط والمال. وزادت هذه الأنشطة الكلامية من مستوى العداء الشخصي بين القيادة السياسية في البلدين.

ومن بين جميع الدول التي تربط تركيا بها علاقات صعبة في المنطقة مثل السعودية ومصر وإسرائيل، تحركت الإمارات بأسرع ما يمكن لإصلاح علاقاتها مع تركيا. ومن الواضح أن الإمارات تريد إعادة صياغة صورتها في السياسة الإقليمية باعتبارها جهة فاعلة تصالحية وربما كوسيط لتسوية الخلافات الإقليمية لأنها تسعى أيضا إلى إصلاح علاقاتها مع إيران والنظام السوري، وفي الوقت نفسه إقامة علاقات وثيقة مع إسرائيل كما ينعكس من خلال اتفاق التطبيع.

وبالمثل، فإن تركيا حريصة أيضا على الخروج من الصندوق السياسي والأيديولوجي الذي كانت فيه منذ بداية الانتفاضات العربية، حيث قدمت تركيا نفسها منذ ذلك الحين على أنها البطل الإقليمي لهذه الانتفاضات وأقامت علاقات وثيقة مع الفاعلين الإسلاميين السياسيين عبر المنطقة، وهو ما عارضته الإمارات بشدة.

لكن العديد من مصادر التوتر في العلاقات بين أنقرة وأبوظبي لا تزال قائمة. لهذا السبب، يفضل الجانبان التركيز على الاقتصاد. وتركيا في حاجة ماسة إلى العملة الصعبة والاستثمار للتعامل مع التباطؤ الاقتصادي. أما الإمارات، كدولة لديها فائض نقدي، فهي تحتاج إلى استكشاف فرص استثمار جيدة. وبالإضافة إلى ذلك، يبحث الجانبان عن طرق لتقليل العبء الاقتصادي لسياساتهما الإقليمية والتوسع المفرط.

التعاون الاقتصادي

ولتعزيز التعاون الاقتصادي، خصصت الإمارات 10 مليارات دولار لصندوق الاستثمار في تركيا. ووقعت تركيا والإمارات 10 اتفاقيات ومذكرات تفاهم. لكن يظل السؤال مطروحا حول كم عدد ما سيتحقق منها. ومع ذلك، نتيجة لانخفاض قيمة الليرة التركية، أصبحت الأصول التركية حاليا أرخص بكثير مما كانت عليه قبل عام واحد فقط، ومن المحتمل أن تحقق الاستثمارات الإماراتية أرباحا كبيرة في المستقبل. بالإضافة إلى ذلك، بالرغم من كل الاضطرابات في العلاقات بين أبوظبي وأنقرة، تعد الإمارات بالفعل الشريك التجاري الأكبر لتركيا في الخليج.

ومن الواضح بالتأكيد المنطق الاقتصادي لهذه الصفقات التجارية، لكن منطقها الاستراتيجي ليس واضحا. ويمكن تصنيف هذه الاتفاقيات تحت 3 عناوين.

الاستثمار في شركات التكنولوجيا المربحة: وقعت شركة "أبوظبي التنموية القابضة" صفقة للاستثمار في شركات التكنولوجيا التركية وإنشاء صندوق موجه نحو التكنولوجيا. وفي الواقع، تستثمر "أبوظبي القابضة" بالفعل في العلامات التجارية المربحة عبر الإنترنت في تركيا "جيتر" (شركة التوصيل السريع للبقالة) و"ترنديول" (منصة التجارة الإلكترونية). وأصبحت "ترنديول" أول شركة تتخطى قيمتها 10 مليارات دولار في تركيا بتقييم يحوم حول 16.5 مليار دولار بحلول أغسطس/آب من هذا العام، في حين أصبحت "جيتر" ثاني "يونيكورن" في البلاد، بتقييم يبلغ نحو 7.5 مليار دولار.

الاستثمارات الاستراتيجية: وكان هناك الكثير من التكهنات حول شراء الإمارات لأسهم في صناعة الدفاع التركية المتنامية أو أحد موانئ تركيا. وفي الواقع، من بين الصفقات التي وقعتها تركيا والإمارات تتعلق إحداها بالتعاون التركي الإماراتي في الموانئ والخدمات اللوجستية. ومع ذلك، تفتقر هذه الصفقة إلى الخصوصية. فإذا حصلت الإمارات على حصة في إحدى شركات الدفاع التركية مثل "أسيلسان" أو ميناء تركي، فإن هذا يعني أن التقارب في العلاقات أكثر جوهرية من كونه مجرد توقف تكتيكي عن العداوة. ومع ذلك، فإن الحصول على حصة في شركات الدفاع التركية، وخاصة الشركات العامة مثل "أسيلسان"، سوف يتطلب عملية بيروقراطية مرهقة. ومن دون إحراز بعض التقدم في خلافاتهما الجيوسياسية، من غير المرجح أن تسمح أنقرة للإمارات بأن يكون لها نصيب في الصناعات الدفاعية الاستراتيجية لتركيا.

صفقات مقايضة العملات: تمس الحاجة في تركيا إلى مثل هذه الصفقة من أجل دعم احتياطياتها من العملات ومساعدة العملة الوطنية "الليرة". وفي الوقت الحالي، أبرم البنك المركزي التركي اتفاقيات مقايضة بقيمة إجمالية قدرها 23 مليار دولار، 6 مليارات دولار مع الصين، و15 مليار دولار مع قطر، و2 مليار دولار مع كوريا الجنوبية. ويشير المسؤولون الأتراك إلى أن اتفاقية مبادلة العملات مع الإمارات قد تكون وشيكة.

الدوافع النظامية والجيوسياسية

وبالرغم من أن الاقتصاد كان محور هذه الزيارة الأخيرة، إلا أن تراجع العلاقات يحدث نتيجة للديناميكيات الإقليمية والدولية الأوسع.

ويوفر تقليص الولايات المتحدة لالتزاماتها الأمنية الإقليمية في الشرق الأوسط ووصول إدارة "جو بايدن" إلى البيت الأبيض الإطار الشامل لإعادة ضبط المنطقة. وتطلب الإدارة الأمريكية الجديدة من جميع الأطراف التهدئة في المنطقة. ونتيجة للتغيير في سياسة الولايات المتحدة، انخرط العديد من اللاعبين الإقليميين في التحوط في سياساتهم. وعلى الصعيد العالمي، تسعى دول المنطقة إلى تكوين علاقات أوثق مع الصين وروسيا، وهي عملية جارية بشكل كامل. وعلى المستوى الإقليمي، تقوم الجهات الفاعلة بإعادة ضبط سياساتها، وتسعى إلى تقليل التوتر مع خصومها.

وخلال حقبة "دونالد ترامب"، حاولت الولايات المتحدة إنشاء كتلة إقليمية مناهضة لإيران، يشار إليها عادة باسم "حلف الناتو العربي"، وهو عامل أدى إلى زيادة التوتر بين الخصوم الإقليميين. لكن إدارة "بايدن" تخلت عن هذه السياسة وتسعى لإيجاد حل دبلوماسي للقضية النووية الإيرانية. لذلك، لا تتواصل الإمارات مع تركيا فحسب، بل تتواصل مع إيران أيضا، من أجل التكيف مع فترة تقلص فيها الولايات المتحدة التزاماتها الأمنية الإقليمية ويبدو أنها غير مستعدة لاختيار جانب في الخلاف بين دول الخليج العربية وإيران.

وأخيرا، نسبيا، يبدو أن الربيع العربي والفاعلين من جماعات الإسلام السياسي فقدوا أهميتهم في السياسة الإقليمية. ولقد أدى ذلك إلى إزالة الكثير من زخم المعارك السياسية والأيديولوجية التي كانت مستعرة في السابق في جميع أنحاء المنطقة وبين تركيا والإمارات على مدى العقد الماضي. وفي مناطق الصراع الإقليمي مثل ليبيا، لم يظهر أي طرف كفائز واضح. وبدلا من ذلك، هناك مأزق جيوسياسي بين تركيا والإمارات ومصر، وكذلك يمس الأمر روسيا وفرنسا.

حالات الاختبار الجيوسياسي

وبالرغم من أن الاقتصاد يمكن أن يقرّب بين البلدين، إلا أن الجيوسياسية يمكن أن تفرق بينهما.

وتمثل ليبيا التنافس الجيوسياسي الأكثر تفجرا بين أنقرة وأبوظبي، اللتين تدعمان الأطراف المتصارعة. وحتى الآن، يتمسك الطرفان بسياساتهما، لكنهما امتنعا عن التصعيد. وربما يكون هذا مقدمة لمزيد من التطبيع أو مجرد تخفيف تكتيكي. على أي حال، فإن الصراع الليبي هو نقطة مفضلة يمكن من خلالها تحليل عمق وهشاشة ذوبان الجليد الحالي بين تركيا والإمارات.

ويعد شرق البحر الأبيض المتوسط سياقا آخر للنزاع يمكن أن يكون بمثابة أرضية اختبار لتحليل مدى جدية واستمرارية وعمق خفض التصعيد هذا. وشاركت الإمارات بنشاط أو دعمت جميع الكتل الإقليمية المناهضة لتركيا في شرق المتوسط. كما أقامت علاقات أوثق مع اليونان ودعمت أثينا دون تحفظ في نزاعها مع تركيا. وإذا استمرت الإمارات في هذه السياسة، فمن المؤكد أن هذا سيرفع الأعلام الحمراء في أنقرة حول النوايا الحقيقية للإمارات والتزامها بتطبيع العلاقات مع تركيا.

علاوة على ذلك، كانت إحدى هجمات السياسة الخارجية الأخيرة للإمارات هي تواصلها مع نظام "الأسد" في سوريا. وتبرز الإمارات بشكل متزايد كدولة عربية أكثر نشاطا في الترويج للتطبيع مع نظام "الأسد" على المستوى الإقليمي. ويقدم هذا للإمارات أرضية مشتركة مع إيران وروسيا أيضا. ومع ذلك، ستنظر أنقرة بشكل خاص في ما يمكن أن تعنيه السياسة الجديدة للإمارات في سوريا بالنسبة لوحدات حماية الشعب الكردية، حيث يشكل منع مشروع الحكم الذاتي الكردي التوسعي في سوريا أحد الأهداف الرئيسية لسياسة تركيا تجاه سوريا.

وإذا لم تقصر الإمارات جهودها على إعادة تأهيل نظام "الأسد" فحسب، بل أقامت روابط أوثق مع وحدات حماية الشعب، فسوف تعارض أنقرة ذلك بشكل قاطع. ومع ذلك، إذا اقتصرت الإمارات في دورها على إعادة نظام "الأسد" إلى الحظيرة العربية، وعلى الأخص من خلال تسهيل عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، فلن تعترض تركيا بشكل كبير.

وأخيرا، قد يكون للسياقات الجيوسياسية الأخرى مثل السودان والصومال وإثيوبيا وتونس تداعيات على العلاقات التركية الإماراتية. على سبيل المثال، في إثيوبيا، هناك حركة مثيرة للاهتمام من إعادة التموضع والتنظيم. وبالرغم من الاختلافات في أهدافها النهائية وحساباتها الاستراتيجية، ففي إثيوبيا، تدعم تركيا والإمارات نفس الجانب، ألا وهو حكومة أديس أبابا. وفي المقابل، تدعم مصر والسعودية الجانب المتمرّد.

وهذا هو أحد النزاعات القليلة التي كانت تركيا والإمارات فيها جيوسياسيا في نفس الجانب ويمكنهما التعاون في هذا الملف. ومع ذلك، من المرجح أن تعمل تركيا بحذر في إثيوبيا من أجل عدم استعداء مصر والسعودية، حيث تريد أنقرة إصلاح علاقاتها بهما. على أي حال، سيكون لهذه الحالات درجة ثانوية من الأهمية في العلاقات التركية الإماراتية، عند مقارنتها بمجالات التنافس الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

مسألة المؤسسية في العلاقات التركية الإماراتية

ولتقييم عمق العلاقات التركية الإماراتية الحالية والمستقبلية، يمكننا مقارنتها بالعلاقات بين أنقرة والدوحة. ولعلاقة تركيا بقطر أساس مؤسسي على شكل قاعدة عسكرية تركية في الدوحة. ويعني وجود هذه القاعدة العسكرية أنه يمكن العثور على دعم لهذه العلاقة داخل مؤسسة السياسة الخارجية والأمنية لتركيا، وكذلك بين النخبة السياسية التركية، وصولا إلى الرئيس.

وبسبب المواءمة في السياسات الخارجية للبلدين والعلاقات الشخصية الوثيقة بين الزعيمين، فإن الأساس الاجتماعي للحكومات، أي الدوائر المحافظة، لديها نظرة إيجابية إلى حد كبير تجاه قطر والعلاقات التركية القطرية. ومع ذلك، تواجه هذه العلاقة بعض التحديات وأصبحت موضوعا ساخنا في جدول الأعمال والخلافات السياسية الداخلية لتركيا.

وتنتقد المعارضة التركية بشدة هذه العلاقة لأنها ترى ذلك من منظور "أردوغان" فقط، وتنظر إلى قطر على أنها حليف للرئيس "أردوغان" أكثر من كونها حليفا لتركيا. ومع ذلك، إذا وصلت المعارضة إلى السلطة، فمن المعقول توقع أنها ستحكم على ميزة هذه العلاقة بالواقعية السياسية والبراجماتية بدلا من الإطار الثنائي للانقسام بين المعارضة والحكومة.

وفي المقابل، لفترة طويلة، اتهمت النخبة الحاكمة في تركيا الإمارات بدعم سياسات وعمليات خبيثة ضد تركيا. وبثت وسائل الإعلام الموالية للحكومة تغطية سلبية للإمارات وسياستها الإقليمية المناهضة للإسلاميين. ونتيجة لذلك، فإن الأوساط الاجتماعية التركية المحافظة لديها آراء معاكسة للغاية تجاه الإمارات.

وفي تطوير سرد الفترة الجديدة في العلاقات، سيلعب الاقتصاد الدور المركزي. ويمكن لحقيقة أن الإمارات هي بالفعل الشريك التجاري الأكبر لتركيا في الخليج أن تساعد في ذلك. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للسياسة الخارجية الإماراتية المناهضة للإسلاميين أن تساعدها على جذب جمهور أكثر تقبلا داخل دوائر المعارضة القومية والأوسع نطاقا في تركيا، والتي قد تؤدي وظيفتها بشكل كبير في حالة فوز المعارضة في الانتخابات المقبلة في تركيا.

ومع ذلك، فإن العلاقة الوليدة بين أنقرة وأبوظبي، في شكلها الحالي، لا تقوم فقط على عدم الثقة وعدم التوافق الجيوسياسي، ولكنها تفتقر أيضا إلى أساس مؤسسي قوي يمكن تطويره في المستقبل المنظور.

لذلك، في حين أن إضفاء الطابع المؤسسي يمثل قوة رئيسية للعلاقات بين الدوحة وأنقرة، فإن حجم العلاقات التجارية لديه القدرة على خدمة نفس الغرض للعلاقات التركية الإماراتية.

الخلاصة والتوقعات

ربما يكون الانقسام سمة أكثر وضوحا للعلاقات التركية الإماراتية. لكن في الواقع، تعد الإمارات بالفعل أكبر شريك تجاري لتركيا في الخليج. وللمضي قدما، تستعد تركيا والإمارات لتوسيع علاقاتهما الاقتصادية. ومع ذلك، من المرجح أن تظل مواقفهما الجيوسياسية عدائية لبعض الوقت، حيث من المرجح أن يستمرا في الوقوف على الجانبين المتعارضين في العديد من الأزمات الإقليمية.

ومع ذلك، وعكس روح وضرورة الفترة الجديدة، قد يمتنعان عن تصعيد التوترات بشكل فعال. ولقد خفضت تركيا والإمارات بالفعل حرب المعلومات بينهما. وفي غضون ذلك، قامت الإمارات بتكميم أفواه رجل العصابات التركي "سادات بيكر"، الذي يعيش في دبي، الذي نشر مقاطع فيديو مؤذية عن الأعمال الفاسدة والأنشطة الإجرامية لبعض كبار المسؤولين والوزراء الأتراك.

وسيكون لذوبان الجليد في العلاقات أيضا أصداء إقليمية. ففي الوقت الذي تزداد فيه الفجوة بين الإمارات والسعودية، والمزيد من الجهود التي تبذلها الإمارات لإصلاح علاقاتها مع منافسيها الإقليميين، قد تقوم السعودية بإعادة ضبط موازينها السياسة الإقليمية وإظهار المزيد من الاستعداد لاستعادة العلاقات مع تركيا. وكنقطة تحول مهمة، أعلن "أردوغان" مؤخرا أنه سيزور السعودية في فبراير/شباط.

وحول هذه النقطة، سيكون من المناسب أيضا ملاحظة كيفية تطور العلاقات الثلاثية بين تركيا وقطر والسعودية.

وأخيرا، بالرغم من التقارب، فهناك أزمات عديدة يمكن أن تؤدي أيضا إلى تصعيد التوتر. على سبيل المثال، إذا استمرت الإمارات في المشاركة بنشاط في الكتل الإقليمية المناهضة لتركيا في ليبيا أو شرق البحر المتوسط أو سوريا، فمن المحتمل أن نرى أنقرة وأبوظبي يتراجعان عن تطبيع العلاقات بينهما أو حتى يبطئان وتيرته.


المصدر | المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية

التعليقات (0)