- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
الفريق الركن عماد الزهيري يكتب: النموذج الهجين في بناء وتنظيم الجيش العراقي
الفريق الركن عماد الزهيري يكتب: النموذج الهجين في بناء وتنظيم الجيش العراقي
- 10 يناير 2024, 11:55:07 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
(1)
من أهم التحديات التي واجهت الجيش العراقي بشكل عام، والقيادات العليا له منذ عقد السبعينيات إلى يومنا هذا، هو اعتمادنا على نموذج التنظيم والتدريب البريطاني لفرق المشاة، والذي لم يحدث ويطور منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لأسباب تخص انحسار موارد وقدرات المملكة المتحدة اقتصاديا وسياسيا، وفقدانها الزعامة العالمية إلى حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية.
(2)
كما اعتمد الجيش العراقي النموذج السوفيتي للتنظيم والتدريب فيما يخص الفرق المدرعة والألية ليومنا هذا، مع تراكم خبرة جيدة في الحروب التقليدية، ولكنها فقدت بسبب حجم الاندثار الذي يواجه تلك القطعات من التضحيات والإحالة على التقاعد أو عدم وجود دماء جديدة، مع مشكلة لوجستية في البنى التحتية الخاصة بالتدريب التعبوي.
(3)
اعتمدت القوة الجوية على النموذج البريطانية بوجود أسراب مستقلة، وواجهت تحديات ومعاضل باستخدام السلاح السوفيتي بتنظيم بريطاني، مما أضاف أعباء إضافية على قيادة القوة الجوية في مجال تطوير وتحديث عقيدتهم القتالية، مع فقدان الكثير من الخبرة العملية لتأخير بنائها بسبب السياسات الأمريكية بعد عام 2003، ورؤيتهم وأجندتهم في بناء الجيش العراقي.
(4)
فيما يخص الدفاع الجوي، فكان نموذجا سوفيتيا بامتياز، وبالرغم من النجاح المحدود وإمكانية إعادة تأهيل وتصليح معداته، ولكنه يبقى مقيد تكنولوجيا بسبب عدم تزويد الاتحاد السوفيتي أو روسيا النسخ الأحدث لزبائنها، مع مشكلة علمية في الخوارزميات الخاصة بالرادارات.
(5)
كان ولازال سلاح طيران الجيش يمثل التجربة الهجينة بكل معاضلها، لكون التسليح مزيج بين السلاح الشرقي والغربي، مع وجود تحديات في التنظيم والتدريب ومنظومة التصليح، مع تحديات في اللغة والكراسات المترجمة، وأصبح ذلك إرثا ثقيلا لا تستطيع القيادة الخروج أو التخلص منه.
(6)
وبالنسبة إلى القوة البحرية، انتقلت من التنظيم السوفيتي قبل عام 2003، إلى التنظيم الغربي، مع بقاء نفس الضباط والمراتب والخبرة المتراكمة لديهم، حيث تعطل تطويرها وبناءها بسبب ظروف الجيوسياسة مع دول الجوار، وتحديد وتقييد مهمتهم بحماية عملية تصدير النفط ومنع تهريبه، بتعبئة فرضتها جغرافية العراق وما تبقى من خبرة مع نوع السلاح وخصائصه الفنية والتعبوية.
(7)
حاول العراق امتلاك سلاح ردع متمثلا بمنظومة صواريخ أرض - أرض بعيدة المدى، وذراع طويل للقوة الجوية لضمان التوازن، ولكنه فقدها نتيجة السياسات غير المستقرة، والحروب العبثية، مع صناعة رأي عام دولي ضد العراق، ومعاقبته وحرمانه من هذا الخيار، مما يتطلب إعادة النظر في الخروج من هذه القيود.
(8)
مما تقدم، وبغية صناعة مزاج عام للمهتمين وأهل القرار والاختصاص، فعلى العراقيين إعادة إنتاج معادلتهم الوطنية في تنظيم الجيش وتسليحه وتجهيزه وتدريبه، بناء على متطلبات أمنهم القومي ومواردهم الاقتصادية والتهديدات الحالية والمحتملة، وعدم الاعتماد على وجود حرب مع الإرهاب فقط، بل فرض سيناريوهات حقيقية مع عدو محتمل، لإنتاج رؤية وخطط استراتيجية عراقية، تخرجنا من عقود من التنظيم الهجين الذي تم بناؤه على مزاجية وهوى وحسابات سياسية شخصية، وليس مهنية ووطنية بمعايير علمية وعملية، مع مراعاة الدروس المستنبطة وخبرة من شارك بالحروب وانتصر فيها.
وحفظ الله العراق وشعبه ووحدته وجيشه.