المحامي ياسر عبدالله : السد بين الخيانة والسذاجة

profile
  • clock 9 أبريل 2021, 9:32:23 م
  • eye 871
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يعلم الله اني منعت نفسي كثيرا عن الكتابة في هذا الموضوع واكتفيت بمتابعة كتابات الاصدقاء علي اختلاف انتماءاتهم واكتفيت ايضا ببعض التعليقات ، وضعتها علي كتاباتهم مشاركة في الحوار ، وذلك انتظارا للوقت الاخير الذي تتسع فيه الصورة وينفتح فيه كادر المشهد ليتضح اكثر ، وأيضًا لكي اعطي فرصة اكبر لمن لا اظن فيه خيرًا ولا نفعًا ان يخيب ظني به واعود إلي رأي مخالف لقناعاتي حبًا للوطن ولا مشكلة في ذلك عندي . 


الا انني وبعد مرور ست سنوات من الخيبات المتلاحقة والمفاوضات العبثية واطلاق الدبلوماسية المصرية صوتها في أذان صماء لا تسمعها واهدار لكرامة اعرق دولة في التاريخ الانساني علي هذا الكوكب ، والاصرار المنبعث من النظام علي السير في هذه المسرحية الهزلية التي يشاهدها العالم فنبدو فيها كمهرج الفيلم الذي يقوم بضربه كل ابطال الفيلم وطول مدة العرض كي يضحك المتفرجين والمحزن الغاضب اننا نحن نضحك ايضا . 

لذا وبعد كل هذا وانتهاء  بحديث الخط الاحمر ثم التراجع سريعا في حديث يليه الذي تكلم عن بدائل المياه والذي زامنه حوارات الاعلاميين ومحاولة التملص من الجريمة والصاقها بآخرين كالعادة ، فكان لزاما ان اخرج عن صمتي لا تحدث عن قضية السد وادلي بدلوي الذي كنت قد عقدت حباله منذ فترة ليست بالقصيرة حتي يتضح دور كل مسئول فيها وموقفه تجاه وطنه مساندا ام خائنا واتحدث هنا حديث التاريخ والحوادث ولا حديث للرأي لان الذي يخالفني فيه الكثير 

اذا عدنا بالذاكرة للوراء وتحديدا في ابريل ٢٠١٤ حيث نجحت الدبلوماسية المصرية في استصدار قرار اوروبي بوقف تمويل سد النهضة الذي يؤثر حال اكتماله - حسب القرار - علي ٢٠٪؜ من حصة مصر في مياه النيل 

- وبالفعل صدر قرار رسمي من الاتحاد الاوروبي وروسيا والصين وايطاليا والبنك الدولي بوقف تمويل السد بل وتجميد قروض دولية لأثيوبيا بقيمة ٣،٧ مليار دولار ، بينهما قرض صيني بمليار دولار ( تذكر اسماء الدول والهيئات الموقعة علي القرار لأنك ستجدها نفس الدول المشاركة في بناء السد وذلك بعد موقف النظام المتحول من السد وتوقعه علي اتفاقية ٢٠١٥ التي اعطت شرعية مجانية غير مشروطة وبامتيازات لأثيوبيا غير مسبوقة واذعان لنا نحن الطرف الاضعف في الاتفاقية ) .

- وعودا الي ذات التاريخ ٢٠١٤ ، كانت مصر تعلم جيدا ان التمويل المعلن للسد ٢٥٠ مليون دولار ولكن حجم الاعمال يفوق المعلن بأضعاف ، الامر الذي يؤكد- حسب تصريح رسمي - أن هناك تمويلًا خفيا من دول تسعي لإحداث فقر مائي في مصر

- وحيث ان القانون الدولي يحظر علي اي منظمة او دولة أن تساهم في تمويل اي مشروع علي النهر سواء من خلال قروض او منح او مساعدات من شأنها الاضرار بحقوق دول اخري وذلك وفقا لقواعد القانون الدولي للأنهار الدولية ، ووعت مصر وقتها انه من الضروري القيام بضغوط علي اثيوبيا خاصة مع قيام دول اخري بتحركات معادية ضد مصر لإثناء الاتحاد الاوروبي والبنك الدولي عن موقفهما الرافض لتمويل السد 

بمعني انه لزاما علي النظام المصري ان يستغل قرار وقف تمويل السد في اجبار اثيوبيا علي التفاوض مع مصر لاسترجاع مواصفات السد الأولية التي كان من المقرر البناء علي اساسها وهي ان تكون سعة السد التخزينية ١٤ مليار متر مكعب فقط بدلا من ان تكون ٧٤ مليار متر مكعب وهو الذي كانت تخفيه اثيوبيا وعلمت به مصر ، وهو ما كان يضمن عدم التأثير على حصة مصر من مياه النيل ....... ولكن بدلا من يقوم النظام بهذه الخطوة وهي خطوة الاصطفاف مع الوطن ومصلحة الوطن والتي تعلو على اي مصلحة اخري ، فإذا بنا يفاجئنا النظام بقيامه بأرادة منفردة ذاتية ودون الرجوع الي الخبراء والمستشارين المصريين في الرئيس والقانون وكذا الجهات الامنية وقام وحده بالتوقيع علي اتفاقية اعطت جرة مداد القلم الذي امسك به ، قبلة الحياة لمشروع سد النهضة بل ومنح اثيوبيا حقوقا علينا ما كان تحلم بها ولم يكن خيالها يستطيع ان يعانق هذه الامتيازات وهو ما جعل الاتحاد الاوروبي والبنك الدولي والصين تجمد قرار وقف تمويل السد بل وتشارك في بناءه باستثمارات غير مسبوقة لانهم لن يكونوا اكثر حرصا علينا من النظام المصري الذي تخلي عن الوطن وحقوقه ، فما الذي جعل رأس النظام يقوم بهذه الخطوة الخطيرة . 

- اثيوبيا كانت ترأس الاتحاد الافريقي وقامت بتجميد عضوية مصر من الاتحاد ولم تعترف بالنظام القائم باعتباره منقلب علي نظام شرعي منتخب ، وشعر النظام القائم وقتها ان خطته في الاستيلاء على الحكم قد يعوقه قرار الاتحاد الافريقي ، وقامت اثيوبيا بابتزاز النظام وقتها ومطالبته بالتوقيع على الاتفاقية مقابل الاعتراف بشرعيته ، ولان من المفترض ان يطلب الحاكم الشرعية من شعبه فقد ارادها من الخارج حتي لو كان الوطن هو من سيقوم بدفع الحساب 

فسارع رأس النظام بقبول المقايضة الرخيصة بإضفاء شرعية افريقية لوجوده مقابل منح اثيوبيا قبلة الحياة لمشروعها بغير قيود ولا شروط حتي وان كان من شأن ذلك تهديد الامن القومي المائي لمصر.

التعليقات (0)