- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
المستشار أسامة سعد يكتب: هل تفلح الجزائر فيما فشلت فيه العواصم الأخرى؟
المستشار أسامة سعد يكتب: هل تفلح الجزائر فيما فشلت فيه العواصم الأخرى؟
- 19 يناير 2022, 10:10:44 ص
- 800
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الجزائر هي الدولة العربية الأولى من حيث المساحة بعد أن تراجعت مساحة السودان بعد انقسامه، ويبلغ عدد سكان الجزائر حوالي 44 مليوناً حسب آخر الإحصائيات، تعدّ الجزائر قوة إقليمية ومتوسطية، وهي عضو مؤسس في الاتحاد الإفريقي، وعضو مؤسس في اتحاد المغرب العربي، وعضو في جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة منذ استقلالها وأوبك والعديد من المؤسسات العالمية والإقليمية، وبحسب منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، فإن الجزائر تحتل المرتبة ال 16 من حيث احتياط النفط في العالم وثاني أكبر احتياط نفطي في أفريقيا، في حين أنها تحتل المرتبة التاسعة من حيث احتياطيات الغاز الطبيعي.
يُعرف الشعب الجزائري بحبه الشديد للشعب الفلسطيني، وتعدّ القيادة الجزائرية تاريخياً من أشد القيادات العربية دعماً لقضايا الشعب الفلسطيني، ولذلك ليس غريباً أن تتردد جملة على ألسنة الساسة الجزائريين تدلل على عمق الانتماء لقضية فلسطين حينما يقولون "أننا نختلف على كل شيء حتى على وجود الله ولكن لا نختلف على القضية الفلسطينية" وتعدّ من العلامات الفارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني إنعقاد المجلس الوطني في الجزائر في العام 1988م ذلك المجلس الذي أعلن فيه الاستفلال الفلسطيني، وأصبحت وثيقة إعلان الاستقلال تلك ذات رمزية وطنية ودستورية للشعب الفلسطيني، ولذلك جاء النص عليها في صدر ديباجة القانون الأساسي الفلسطيني "مثلما كانت ديمومة إلتصاق الشعب العربي الفلسطيني بأرض آبائه وأجداده التي نشأ عليها حقيقة عبرت عنها وثيقة إعلان الإستقلال الصادر عن المجلس الوطني الفلسطيني"
الشعب الفلسطيني مدعو اليوم لإسناد الجزائر في مسعاها الحميد والضغط من أجل إنجاح هذه الخطوة المهمة التي أقدمت عليها الجزائر، فقد طال أمد الإنقسام ومل الشعب الفلسطيني هذه الحال ، وقد لاحت الفرصة مرة أخرى، ولكن هذه المرة تختلف عن كل مرة فليست الجزائر بالدولة التي تخضع لتعليمات الاحتلال أو الإدارة الأمريكية
ربما كان كل هذا الدعم من قبل القيادة والشعب الجزائري نابعاً من عمق المأساة التي عاشها الشعب الجزائري التي تشبه إلى حد كبير المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني حالياً، وهي مأساة الاحتلال الإستيطاني الإحلالي، فكما تتعرض فلسطين حالياً لهجمة صهيونية استيطانية شرسة تعرضت الجزائر لهجمة إستطانية فرنسة شرسة، حيث إعتبر الاحتلال الفرنسي أن الجزائر هي الإمتداد الطبيعي لفرنسا جهة الجنوب التي لا يفصلها عن "الوطن الأم" إلا البحر، ولذلك قامت السلطات الاستعمارية الفرنسية آنذاك بإنشاء المدن ذات الطراز الفرنسي ونقلت ملايين المواطنين الفرنسيين إليها وأنشأت لهم المزارع والمصانع لإستطيان الجزائر، واستخدمت ذات الوسائل التي يستخدمها الاحتلال الصهيوني حالياً من إقتلاع وقتل وتشريد في سبيل تنفيذ المخططات الإستطانية، ولكن كما كل إحتلال واستعمار في التاريخ زال الاستعمار الفرنسي وبقيت الجزائر وبقي الشعب الجزائري البطل فوق أرض آبائه وأجداده بعد أن قدم مليون شهيد، لذلك أجد أن الوجدان الجمعي للشعب الجزائري يعشق فلسطين كما يعشق الجزائر، لأن المعاناة المشتركة التي عاشها الشعبان ولدت هذه الروح التي إلتقت في العنفوان الثوري والعشق الأزلي للأرض.
الجزائر اليوم تبسط رداءها لفلسطين وهي لم ترغب به عن فلسطين يوماً، وتسعى في وحدة الصف بين الإخوة، والجزائر عندما تقدم على مثل هذه الخطوة فإنها تدرك تماماً أن عواصم عربية وعالمية سعت قبلها في المصالحة ولم تفلح، ولا أظن الجزائر حينما تُقْدم على مثل هذه الخطوة فإنها تقدم عليها من باب الاستعراض أو إستقطاب النفوذ أو سحب البساط من تحت أرجل أي عاصمة أخرى، وأظنها تفعل ذلك فقط حباً وعشقاً لفلسطين، وهذا ما يدفعني للتفاؤل بأن نفس الجزائر الثوري الحر وتاريخها وعشقها لابد من أن يكون له تأثير على "الفرقاء الإخوة" الذين جَفَتْ قلوبهم ببعد الزمان الذي مر على انقسامهم فعسى أن يذيب حنين الجزائر وحبها هذا الجفاء ليصلح ما أفسده الدهر، وإني لأرجو أن يكون في قلوب الفرقاء احترام وتقدير لمواقف سُطّرتْ للجزائر شعباً وقيادةً ليست بحاجة إلى دلائل أو اثبات، فتلين المواقف وتتلاقى الأفكار وتعطى الجزائر القيمة التي تستحق وهي قيمة عظيمة في نفوس الشعب الفلسطيني، وإني لأربأ بقيادة شعبنا أن ترد يد الجزائر صفراً، فليس هكذا يرد الجميل.
الشعب الفلسطيني مدعو اليوم لإسناد الجزائر في مسعاها الحميد والضغط من أجل إنجاح هذه الخطوة المهمة التي أقدمت عليها الجزائر، فقد طال أمد الإنقسام ومل الشعب الفلسطيني هذه الحال ، وقد لاحت الفرصة مرة أخرى، ولكن هذه المرة تختلف عن كل مرة فليست الجزائر بالدولة التي تخضع لتعليمات الاحتلال أو الإدارة الأمريكية، وليست الجزائر التي تخون عهدها مع فلسطين، وهي تسعى للمْ الشمل مخلصة محبة وليس هناك من يتقن صنعته كإتقان العاشقين المحبين، والجزائر عاشقه لفلسطين وستبذل وسعها للوصول للغاية، وما على الأطراف الفلسطينية إلا أن تكون عند حسن ظن القيادة والشعب الجزائري فتعود الركائب من الجزائر حاملة البشرى التي طال إنتظارها.