تكبير الخط تصغير الخط

توجه الناخبون الألمان، اليوم الأحد، إلى صناديق الاقتراع في انتخابات عامة تُجرى وسط أزمات اقتصادية وسياسية متصاعدة. وتظهر النتائج الأولية تقدمًا لمرشح حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ بزعامة فريدريش ميرز، الذي أدلى بصوته صباح اليوم في مدينة أرنسبيرج. وفي الوقت نفسه، يحقق حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني أفضل نتائجه على الإطلاق، في ظل تراجع ثقة المواطنين في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

ورغم تصدر حزب ميرز لاستطلاعات الرأي، فإن الانقسام السياسي الحاد في ألمانيا يجعل من الصعب تحقيق أغلبية مطلقة، مما يفتح الباب أمام مفاوضات شاقة لتشكيل ائتلاف حاكم. وقد يؤدي ذلك إلى إبقاء المستشار الحالي أولاف شولتز في منصب تصريف الأعمال لعدة أشهر، مما يعرقل الإصلاحات الاقتصادية العاجلة التي يحتاجها أكبر اقتصاد في أوروبا.

اقتصاد ألمانيا في مأزق

تأتي هذه الانتخابات في ظل أزمة اقتصادية خانقة، حيث سجل الاقتصاد الألماني انكماشًا للعام الثاني على التوالي في عام 2024، وسط تراجع القدرة التنافسية للشركات الألمانية أمام منافسيها العالميين. كما أظهرت استطلاعات رأي أجرتها مؤسسة غالوب تراجعًا حادًا في ثقة المواطنين، حيث انخفضت نسبة الألمان الذين يرون تحسنًا في أوضاعهم المعيشية من 42% في 2023 إلى 27% في 2024، وهو أسوأ معدل منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008.

صعود اليمين وتحديات الهجرة

أصبحت قضية الهجرة غير النظامية محورًا رئيسيًا في الحملة الانتخابية، مما أدى إلى صعود الأحزاب اليمينية، وعلى رأسها حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي استفاد من مشاعر الإحباط الاقتصادي والاجتماعي لدى الناخبين.

آمال في إصلاحات اقتصادية

على الصعيد الأوروبي، يترقب الحلفاء نتائج الانتخابات الألمانية، آملين في تشكيل حكومة أكثر تماسكًا قادرة على دفع السياسات الاقتصادية داخليًا وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي. وتتصاعد التوقعات بأن يقوم فريدريش ميرز، في حال فوزه، بإصلاح آلية "كبح الديون"، وهي قاعدة دستورية تحد من قدرة الحكومة على الاقتراض، والتي يرى البعض أنها تعيق الاستثمارات الضرورية.

ائتلافات معقدة

يرجح المحللون أن يكون السيناريو الأكثر احتمالًا هو تشكيل ائتلاف بين المحافظين والحزب الاشتراكي الديمقراطي، رغم أن الأخير يتجه نحو تسجيل أسوأ نتائجه الانتخابية منذ الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، قد تكون هناك حاجة إلى ائتلاف ثلاثي إذا تمكنت الأحزاب الصغيرة من تجاوز عتبة 5% لدخول البرلمان، مما قد يعقد عملية تشكيل الحكومة.

تحديات مستقبلية

في ظل هذا المشهد السياسي والاقتصادي المضطرب، تبقى إعادة إحياء الاقتصاد الألماني والتعامل مع الأزمات الداخلية والخارجية على رأس أولويات الحكومة القادمة. كما يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات كبرى، بدءًا من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، وصولًا إلى محاولة تحقيق سلام في أوكرانيا دون مشاركة أوروبية فعالة.