- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
انعدام الثقة يلقي بظلال على اتفاق الانتقال السياسي في السودان
انعدام الثقة يلقي بظلال على اتفاق الانتقال السياسي في السودان
- 16 ديسمبر 2022, 7:22:41 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الخرطوم: يقول محللون إن اتفاقا يهدف لإعادة إطلاق عملية الانتقال السياسي في السودان وفتح الطريق أمام تسلم مليارات الدولارات من المساعدات الدولية المجمدة يواجه عثرات كثيرة، بينها عدم ثقة الأطراف التي وقعته وانقسامات بشأن قضايا تُركت دون حسم إلى مرحلة ثانية من المحادثات.
ويرى المحللون أن الاتفاق الإطاري الذي وقعه الجيش وأحزاب مدنية في الخامس من ديسمبر كانون الأول لا يوفر أي ضمانات بأن قادة الجيش الذين قاموا بانقلاب قبل ما يزيد قليلا على عام سيتنازلون عن السلطة الحقيقية، على الرغم من وعدهم بالابتعاد عن السياسة.
وأدخلت سيطرة الجيش على السلطة في أكتوبر تشرين الأول 2021 السودان في حالة عدم يقين، مما أثار حملة طويلة من المظاهرات الحاشدة ضد الجيش وعرقلة الانفتاح الاقتصادي والسياسي الذي بدأ بعد الإطاحة برئيس السودان لفترة طويلة، عمر البشير، قبل عامين ونصف.
ويرسم الاتفاق الإطاري الموقع هذا الشهر طريقا للخروج من الأزمة للبلد الذي يبلغ عدد سكانه 45 مليون نسمة، ويتميز بموقع استراتيجي بين البحر الأحمر ومنطقة الساحل الإفريقي، لكنه لا يحدد موعدا نهائيا وينطوي على غموض بشأن الخطوات التالية.
ومن بين العقبات معالجة الأسباب التي أججت التوترات بين العسكريين والمدنيين عندما تقاسموا السلطة قبل الانقلاب: إصلاح قوات الأمن، وتحقيق العدالة للمدنيين الذين قتلوا خلال الاحتجاجات، وتفكيك نظام البشير، والدفع لإنهاء عقود من الصراع الداخلي في دارفور وغيرها من المناطق.
وقال خالد التيجاني المحلل ورئيس تحرير صحيفة إيلاف السودانية إن هذه هي القضايا الأساسية في السياسة السودانية وهي أكثر نقاط الخلاف تعقيدا، وقد تكون السبب في انهيار الاتفاق مستقبلا.
مجلس دفاع
تم إبرام الاتفاق برعاية قوى دولية من بينها الولايات المتحدة والسعودية التي أيدت بتردد الانتقال بعد عزل البشير.
وينص الاتفاق، نظريا، على انسحاب الجيش من السياسة واقتصار دوره الرسمي على مجلس دفاع تحت إشراف رئيس الوزراء. لكنه يسمح للجيش بالتحكم في أي إصلاحات هيكلية به ويسمح للحكومة بطلب تدخله في أمور غير عسكرية في حالات غير محددة.
وقالت مصادر من الأطراف المدنية التي وقعت الاتفاق إن هناك أيضا اتفاقا على إبقاء رئيس مجلس السيادة الحالي، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع، في منصبيهما العسكريين. ومن شأن ذلك أن يمنحهما حصانة مؤقتة من المحاسبة على العنف الذي ارتكبته قوات الأمن بحق المتظاهرين وفي دارفور.
وقال مجدي الغزولي الباحث في معهد ريفت فالي إنه يرى أن هناك بابا مفتوحا بشكل ما للتدخل العسكري في الشؤون المدنية مع غلق الباب أمام التدخل المدني في الشؤون العسكرية.
ويصف دبلوماسيون غربيون الاتفاق بأنه خطوة أولى إيجابية، ودعوا إلى الإسراع في تعيين حكومة مدنية.
ووّسعت الولايات المتحدة سياستها الخاصة بتقييد منح التأشيرات لأولئك الذين يُعتقد أنهم يقوضون الانتقال الديمقراطي في السودان، فيما قالت إنها تتعاون مع شركاء لتنسيق الدعم الاقتصادي.
وقالت مصادر من الأطراف المدنية في الاتفاق إن هناك مشاورات تجري في الخرطوم لإجراء محادثات بشأن القضايا العالقة. لكن لم يتضح بعد توقيت تعيين رئيس للوزراء، ويتوقع المحللون أنه بشكل متفائل للغاية، فإن هناك مهلة غير رسمية مدتها شهر لاستكمال الاتفاق.
“ثقة شعبية محدودة”
على المستوى المحلي، فقدت أحزاب تحالف مدني كان يحظى بدعم شعبي عقب انتفاضة عام 2019 ومخضرمون على الساحة السياسية في الخرطوم مكانتهم وانقسموا على أنفسهم.
وقال الجزولي إن نوعية من كانوا في تلك القاعة التي تم توقيع الاتفاق بها لا يتمتعون سوى بثقة شعبية محدودة وإن الأمر يبدو وكأن أناسا ثمانينيين يخططون للمستقبل.
وقالت خلود خير من مؤسسة إنسايت استراتيجي بارتنرز السودانية للأبحاث إن الكثير من الأمور يتوقف على مدى قدرة التحالف المدني الذي وقع الاتفاق، قوى الحرية والتغيير، على حشد دعم المجتمع الدولي للضغط على القادة العسكريين وعلى القوى الإقليمية بما في ذلك مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية التي تربطها علاقات وثيقة بالجيش السوداني.
وأضافت أنه مع ذلك فإن هناك خطر استمرار الجيش في التدخل في السياسة الاقتصادية والخارجية، مع ترك عبء الحكم وسط تدهور الوضع الإنساني ليحمله المدنيون. وأضافت أن ذلك سيكون مزعزعا للغاية للاستقرار بالطبع.
وعاد الشباب السوداني الذي خرج بمئات الآلاف للمطالبة بالديمقراطية، على الرغم من تسجيل المسعفين لأكثر من 120 وفاة في صفوف المتظاهرين، إلى الشوارع عند توقيع الاتفاق.
ويخططون لمزيد من الاحتجاجات في 19 ديسمبر كانون الأول، الذكرى الرابعة للانتفاضة ضد البشير.
وقال حسن بابكر (35 عاما)، أحد المحتجين في الخرطوم الأسبوع الماضي إنه لا يمكن الوثوق بالبرهان وإنهم يخشون من أنه لن يسمح للطرفين بالتوصل إلى اتفاق أو يقوم بانقلاب على الاتفاق لمحاباة فلول البشير والإفلات من العدالة.
(رويترز)