بشارة مرهج يكتب: في ذكرى الاستقلال و تأسيس " دار الندوة "

profile
بشارة مرهج نائب سابق وسياسي لبناني
  • clock 23 نوفمبر 2024, 3:37:04 م
  • eye 177
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
بشارة مرهج

في ذكرى استقلال لبنان الذي خضع لامتحان قاس خلال الأشهر الماضية برهن اللبنانيون انهم يستحقون هذا الشرف الكبير الذي يندر ان يحرزه شعب محدود الموارد مُعّرض لحصار مزمن بمواجهة قوى عاتية متعجرفة تجثم على حدوده وتحتل بعض أرضه وتمتد بقنواتها وعلاقاتها العضوية الى معسكر تقوده الولايات المتحدة الأميركية التي أدت دورها بامتياز كزعيمة للعنف والاستبداد.
لقد صمد لبنان عبر مقاومته وشعبه ولا سيما أهل الجنوب والبقاع الغربي والضاحية الجنوبية بوجه عدو عنصري يعمل على توسيع مملكته وسلطته على حساب لبنان وفلسطين والدول العربية، كما على حساب السلام والاستقرار الدوليين.
وهذا الصمود الذي يحاول البعض التقليل من شأنه هو صمود تاريخي ستتحدث عنه الشعوب لأجيال عديدة، خاصة انه حصل في ظل تكالب القوى الرأسمالية الامبريالية على لبنان وتقاعس العديد من الأنظمة العربية عن نجدته ونجدة فلسطين الجريحة بمواقف سياسية – على الأقل – كسحب السفراء وقطع العلاقات مع المعتدين والتصدي للإبادة الجماعية.
إن فكرة الاستقلال التي ارادت إسرائيل ومعها الولايات المتحدة الإطاحة بها لصالح مفاهيم التبعية والارتهان عادت مشرقة عبر تضحيات المقاومة والشعب اللبناني ومعه الشعب الفلسطيني وكل الدول والهيئات المساندة، عادت لتنير الطريق امام شعوب العالم التي تعاني الأمرين من استغلال واضطهاد أنظمة المال والاحتكار، تلك الأنظمة التي ظهر كم هي حريصة فعلاً على حقوق الانسان بما فيها حقه في الاستقلال والتطور والازدهار.


لقد برهن الشعبان اللبناني والفلسطيني وكل المقاومين عبر تضحياتهم الغالية وصلابتهم التاريخية انهم أول الحرصاء على المفاهيم الديمقراطية الإنسانية كما على القوانين الوضعية والمواثيق الدولية التي انتجتها البشرية وخاصة بيروت التي احتضنت أهم مدرسة للحقوق في العالم.


وإذ تتزامن ذكرى الاستقلال مع ذكرى تأسيس " دار الندوة " يوم كانت بيروت في " عهدة " القوى الانقسامية المليشياوية فلا بد من التنويه بإصرار الشعب اللبناني يوم ذاك ، كما اليوم، على رفض كل  أشكال التقسيم، ذلك الإصرار الذي حمى وحدة اللبنانيين ومهد الطريق نحو استعادة الدولة  ومؤسساتها .
واليوم، إذ يسعى لبنان للنهوض من بين الركام والحريق الذي أضرمه كيان عنصري مستبد لا يرعى حرمة أرض ولا يحترم حق انسان، لا بد من استلهام مبادئ " دار الندوة" ومسيرتها في خدمة لبنان ووحدته وعروبته واستقلاله بوجه كل نزعات التغريب والانفصال، كما بدورها الثابت في مساندة القضية الفلسطينية ومقاومة الفكر الصهيوني  المنغلق و " تجلياته" الدموية . فهذا الاستلهام هو الذي يوجهنا اليوم لتجديد العهد ، في هذه اللحظة المصيرية ، الى لبنان السيد الحر الذي يرفض الظلم على أي  انسان وعلى أي فرد أو جماعة فيه ، ويرفض الخضوع لأي نوع من الاحتلال أو  الاستبداد أو الاستعباد ، فوجودنا لا معنى له بدون حريتنا التي تكرست بدماء كل الذين استشهدوا من أجل لبنان.
تحية الى كل الشهداء والمدافعين عن لبنان، وتحية  لكل الاخوة والرفاق من أسرة " دار الندوة" الذين رحلوا بعد أن أدوا الأمانة. تحية الى كبير مؤسسي الدار ورئيس مجلس ادارتها المفكر العربي الكبير منح الصلح الذي أثرى الثقافة العربية بفكره وانفتاحه وصلابته في الدفاع عن وحدة لبنان والقضية الفلسطينية.
وتحية الى المؤسسين الراحلين: د. انيس صايغ، أ. ايلي بوري، أ. بسام قدورة، والنائب أ. بهاء الدين عيتاني، أ. جورج عويضة، د. حبيب زغيب، أ. حسين عثمان،  أ. رامز بشور،  أ. رفعت النمر، أ. رفيق بلعة ،أ. رمزي كتيلي، د. زاهية قدورة، أ. سالم عبد الباقي، د. صلاح الدين الدباغ، أ. عفيف خضر،  د. علي حسن، أ. مرشد بشور، د. معن زيادة، أ. هاني فاخوري.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)