- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
بوليتكو: أردوغان حليف يصعب التعامل معه ويستحيل العيش بدونه
بوليتكو: أردوغان حليف يصعب التعامل معه ويستحيل العيش بدونه
- 10 أغسطس 2022, 4:25:03 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قال السفير الأمريكي السابق للناتو إيفو دالدر والذي يشغل حاليا منصب رئيس مجلس شيكاغو للشؤون الدولية، إن تركيا بلد من الصعب العيش معه وبدونه. وربما كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حليفا صعبا لكن أهمية بلده الاستراتيجية واضحة.
وجاء في مقال نشره موقع “بوليتكو” أن الرئيس التركي وقف في الشهر الماضي مصافحا يد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والإيراني إبراهيم رئيسي، اللذين يعدان عدوين لدودين للغرب.
وبعد يومين جلس إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوقعان صفقة تسمح بتصدير القمح الأوكراني عبر البحر الأسود. وظهر الرئيس التركي كبطل وشرير مما يجعله حليفا معقدا.
ويضيف دالدر أن تركيا تعتبر مهمة استراتيجيا لحلف الناتو وهذا واضح، فمن الناحية الجغرافية، هي تقع على الطرف الجنوبي للبحر الأسود، وتمثل جسرا بين أوروبا وآسيا، في الجنوب الشرق الأوسط والشرق وسط آسيا والقوقاز في الشمال. وبالنسبة للدول الواقعة حول البحر الأسود، فالمضائق التركية هي المعابر الوحيدة المتوفرة لها إلى بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط والمحيطات الواقعة خلفها. ومن الناحية السياسية، تعتبر تركيا أكبر بلد مسلم في حلف الناتو ويمكن أن تلعب دور المحاور المفيد مع العالم العربي والفارسي. وفي وقت تبدو فيه دبلوماسيتها معرقلة إلا أن علاقة أنقرة القريبة مع عدد من اللاعبين توفر لها تأثيرا سياسيا، كما أظهرت اتفاقية القمح الأوكراني.
وأخيرا، تعتبر تركيا من الناحية العسكرية ثاني قوة في الناتو ولدى جيشها خبرات قتالية ضد التهديدات الداخلية والخارجية. وهي مقر القوات الأمريكية وقدرات عسكرية مهمة ضرورية للدفاع عن الناتو والولايات المتحدة. لكن أنقرة في السنوات الماضية أظهرت أنها ليست حليفا يمكن الاعتماد عليه، فقائمة التجاوزات التي قامت بها والتي يعود بعضها إلى عقود، مثل غزو قبرص عام 1974 والمواجهات المستمرة مع اليونان في بحر إيجة. إلا أن رئاسة أردوغان أخذت تجاوزات تركيا إلى مستوى مختلف. ففي الداخل حاول قمع المعارضة وسجن خصومه واحتجزت حكومته صحافيين أكثر من أي بلد في العالم، وهي العضو الوحيد في الناتو التي يعتبرها مؤشر فريدم هاوس بأنها “ليست حرة”. وهذا أمر مثير للقلق، لكنه ليس غريبا، فالاضطرابات الداخلية والحكم الأتوقراطي ليس جديدا على بلد شهد أربع انقلابات عسكرية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
إلا أن تصرفات تركيا المتقلبة في الخارج هي التي أثارت أسئلة حول كونها حليفا يمكن الاعتماد عليه. فأردوغان ليس الزعيم الوحيد الذي أقام علاقات دافئة مع بوتين، فكر برئيس الوزراء الإيطالي، سيلفيو بريلسكوني والرئيس الهنغاري فيكتور أوربان. إلا أن الزعيم الوحيد في الناتو الذي اشترى من روسيا نظام دفاع صاروخي متقدم بدلا من شراء المعدات الغربية التي يمكن دمجها في شبكة دفاعات الناتو الجوية. وهو أول قائد في الناتو- مع أنه ليس أول زعيم تركي- يهدد حليفا بالقوة، كما فعل في سلسلة تغريدات الأسبوع الماضي ضد اليونان.
وفي داخل الناتو كان أردوغان معطلا، ويستخدم التحالف الذي يقوم على الإجماع لتحقيق ما يريد ومنع التوافق.
وعلى خلاف بقية دول الناتو، فتركيا هي الوحيدة المستعدة للتلويح بالفيتو لكي تحصل على ما تريد. فقد عرقلت تركيا تعاون الناتو مع إسرائيل لعدة سنوات، وذلك بسبب الهجوم الإسرائيلي على سفينة لكسر الحصار عن غزة. واستخدم أردوغان الفيتو لمنع تمرير خطة طارئة للدفاع عن بولندا ودول البلطيق إلا إذا اعتبر الناتو التهديد الكردي إرهابيا. وقبل أسابيع هدد بمنع انضمام كل من السويد وفنلندا للناتو بسبب الدعم للمنظمات الكردية الإرهابية، حيث تم حل الخلاف في قمة مدريد. ولا تزال أنقرة تحمل الورقة الأخيرة بشأن انضمام البلدين الشماليين.
واليوم يدعو البعض إلى تعليق عضوية تركيا في الناتو، بسبب العلاقة مع موسكو ورفض فرض العقوبات عليها بعد غزو أوكرانيا ودعم قادة لا يحبهم الغرب ومتشددين إسلاميين.
ويرى الكاتب أن هناك عدة مشاكل في هذا المقترح، عملية واستراتيجية. فمن الناحية العملية يحتاج الناتو لموافقة تركيا كي يخرجها من التحالف، فهو حلف قائم على التوافق الذي استخدمته تركيا وبشكل ناجح لتحقيق ما تريده. ففي الوقت الذي يمكن فيه لتركيا الانسحاب من الناتو كما فعلت فرنسا عام 1966، يحتاج الحلف للإجماع كي يخرج عضوا منه، وهذه معضلة، فقاعدة التوافق لا تتغير إلا بإجماع كافة الأعضاء.
وهناك اعتبار استراتيجي للحفاظ على تركيا في الناتو واستخدام الدبلوماسية والإقناع والضغط لدفع أنقرة اللعب في نفس الملعب: فمن الداخل والخارج، تحتل تركيا موقعا حيويا واستراتيجيا للناتو وبعلاقات وثيقة مع الشرق الأوسط والقوقاز ولا يملكها أي حليف أو يقلدها. وتلعب أحيانا دورا مفيدا في جمع الأطراف المتصارعة، كما في علاقاتها مع كييف وموسكو. ويمكنها أن تلعب كما فعلت في الدفاع المشترك عن الناتو. وبعبارات أخرى، فتركيا هي حليف معقد من الصعب العيش معه ومن المستحيل العيش بدونه و “من الأفضل الحفاظ عليه داخل الخيمة يسبب المشاكل بدلا من خارجها وهو يفتعل المشاكل”.