- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
بيسان عدوان تكتب:الفلسطينيون لا يحق لهم الحياة.. القانون الدولي واللعب مع الكبار
بيسان عدوان تكتب:الفلسطينيون لا يحق لهم الحياة.. القانون الدولي واللعب مع الكبار
- 14 أكتوبر 2023, 6:24:30 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متداول
إذا كان القانون الدولي هو قانون الأقوياء، فإن المجتمع الدولي هو مجتمع الأقوياء. الأقوياء هم الذين يقررون، وهم الذين يمنحون ويحرمون، يعطون ويمنعون، مهما كانت التبريرات والحجج القانونية المقدمة في أي صراع أو حروب في العالم فإن القانون الدولي الغربي المطبق خارج حدود أوروبا وأمريكا كان دائما قانونا لتدعيم الأقوى ".
منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي ذلك التاريخ الفارق في تاريخ مقاومة الفلسطينيين للاحتلال الإسرائيلي ومهاجمتهم عسكريا، صدرت مواقف أميركية وأوروبية تدين بشدة ذلك الهجوم على جنود ومستوطني الاحتلال. مؤكدون علي حق الاحتلال علي الدفاع عن النفس في مواجهة ما تعتبره" الإرهاب الفلسطيني "، مستخدمة بذلك القانون الدولي لحق إسرائيل في الهجمات العسكرية العنيفة واستخدامها للأسلحة المحرمة دوليا والحصار والإبادة الجماعية التي تقوم بها في قطاع غزة. لكنها في المقابل تغض الطرف عن جرائم الاحتلال في الأراضي المحتلة. بل تجاوزت كل الأعراف والقوانين الدولية نفسها بشأن الحرب بين طرفين.
ينكرون كل قانون وكل قرار للمجتمع الدولي، الذي يلوحون به لخدمة الأقوى والمعتدي والمستعمر، بل يتجاهلون حقيقة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والمعاناة التي يلقاها الشعب الفلسطيني من معاناة إنسانية القابع منذ سنوات طويلة تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي.
رغم أن" حق الشعوب في تقرير مصيرها "قاعدة قانونية ملزمة في القانون الدولي رسخها المجتمع الدولي دون رغبة الدول الاستعمارية في منتصف القرن الماضي. كان علي القوى الاستعمارية أن تضع تضع العراقيل أمام ممارسة الشعوب لحقها، وتنكر عليه الحق في الكفاح المسلح الذي يعتبر قاعدة أخرى من قواعد القانون الدولي نفسه مقرونا بحق تقرير المصير نفسه.
لم يستسلم الشعب الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة طيلة سنوات النضال ووقف صامد في مواجهة ضغوط المؤامرة الدولية التي استهدفته منذ أوائل القرن الفائت وعارض احتلال إسرائيل لأجزاء من بلاده أكلته باحتلال أجزاء أخرى، وأمام نضالات الشعب الفلسطيني التي تتوقف ومؤازرة المجتمع الدولي، وبعض الدول الغربية في صراعها مع الدول الكبرى علي استحقاقات ونفوذ أكبر، لعبت الأمم المتحدة دورا في إضفاء الشرعية على المقاومة الشعبية المسلحة بمفهومها الواسع بحيث انطوت على ما يوحي بحق المقاومة الشعبية في العمل ضد السلطة الاستعمارية بهدف فوزها بحق تقرير المصير والاستقلال والتسليم بشرعية المقاومة باعتبارها أداة للمساعدة الذاتية تلجأ إليها الشعوب المستعمرة للدفاع عن حقوقها التي يقرها القانون الدولي أو الحصول عليها أو استردادها.
وبلغة القانون الدولي نفسه، يحق للشعوب التي يجري إنكار حقها في تقرير المصير أن تلجأ لاستخدام القوة في مقابل القوة التي استخدمتها القوى الاستعمارية أو المحتلة أو استيطانية الأجنبية وذلك للوصول إلى حق تقرير المصير، وقد تأكد هذا الحق في قرارات الأمم المتحدة بالنسبة لحركات التحرر الوطنية ومن أبرز القرارات الخاصة بالشأن الفلسطيني في بالكفاح من أجل تقرير المصير 2649 في 1970 وكذلك 2787 في عام 1971، وأهم ما في القرار الأخير الفقرة الآتية التي تؤكد على"... شرعية كفاح الشعوب من أجل تقرير المصير والتحرر من السيطرة الأجنبية... خاصة في جنوب أفريقيا... وكذلك الشعب الفلسطيني، بجميع الوسائل المتاحة له والمنسجمة مع ميثاق الأمم المتحدة ".
يلاحظ على القرارات التي صدرت بهذا الشأن أنها لم تكتف بإعلان مشروعية الكفاح الذي طالبت دول العالم بمد يد العون لهذه الحركات ومن ضمنها حركة المقاومة الفلسطينية بل اعتبرت أن رجال المقاومة الذين يكافحون ضد الاستعمار أو أية من أشكال الهيمنة الأجنبية لإقرار حق تقرير شعوبهم في تقرير المصير والاستقلال ينبغي معاملتهم كأسرى حرب يطبق عليهم اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949، وهذا يعني:- إعلان عن مشروعية الكفاح المسلح الفلسطيني، أن حركة التحرير الفلسطينية المنبثقة عن جماهير فلسطينية خارج فلسطين وداخل الأراضي المحتلة من فلسطين وفي داخل الأراضي الفلسطينية التي أقيمت عليها الدولة الإسرائيلية حركة مشروعة، فالفلسطينيون خارج فلسطين يملكون حق اللجوء للقوة من أجل تحقيق عودتهم إلي وطنهم وتقرير مصيرهم فيه، والفلسطينيون في الأراضي المحتلة يعتبرون رجال مقاومة الذين يملكون شرعية اللجوء لاستعمال القوة لطرد المحتلين من أراضيهم من أجل حقهم في تقرير المصير.
ومن أجل إقامة كيانهم السياسي على أراضي فلسطين، ولفلسطينيين في دولة (إسرائيل) حقهم في حمل السلاح واللجوء للقوة لمقاومة المستوطنين الأجانب الذين استولوا علي أراضيهم وعلي السلطة ومنعوهم من حقهم في تقرير المصير مع باقي أجزاء شعبهم ومارسوا السيادة على فلسطين بشكل غير مشروع.
على هذا الأساس فأننا نرى أن حركة لمقاومة الفلسطينية التي تقوم الآن هي استمرارا لحركة المقاومة التي بدأت منذ عام 1948 والتي أكتسب مشروعية لدى الأمم المتحدة في أواسط السبعينيات وأنها في عملياتها الحالية إنما تلجأ للعمل المسلح دفاعا عن النفس واستمرار لحقها الذي نشا في الدفاع عن النفس. ومن زاوية أخرى فإن الاحتلال الإسرائيلي قد قام بإجراءات اعتبرت انتهاكا للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية والإقليمية، ومنها قيامه باحتلال بضم أجزاء من الأراضي المحتلة واستيلائها علي قسم كبير من أملاك أراضي المواطنين وبناء مستوطنات علي أقسام منها وقيامها بتدمير الممتلكات وتطبيق العقوبات الجماعية على السكان وارتكاب مجازر بشرية في حق السكان المدنيين كما يحدث في جنين وغزة ونابلس وغور الأردن.
كل تلك الإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال وما تقوم به حاليا في قطاع غزة، تشكل بحد ذاتها اعتداء علي حقوق السكان وأمنهم ومصالحهم وحياتهم مما يترتب لهم حق بالدفاع المشروع عن النفس أما بمبادرات أمنية منهم أو من قبل سلطتهم الوطنية السابقة. وفي حالة عجز السلطة الوطنية علي القيام بذلك لاعتبارات ذاتية أو موضوعية فأنها تساوي بذلك بغيابها حيث لا يمكنها الدفاع عن السكان الخاضعين للاحتلال وبالتالي يترتب علي ذلك قيام السكان بالدفاع عن أنفسهم واللجوء للقوة المسلحة.
المحاولات الرفض المستمرة من قبل إسرائيل في التفاوض مع الفلسطينيين وممثليهم الشرعيين منظمة التحرير الفلسطينية بحجة انهم إرهابيين منذ عام 1974، ورغم محاولات المنظمة من إرضاء الشريك الرئيس في تلك المفاوضات عبر تقديم تنازلات بدء من بإدانة جميع العمليات الخارجية وكل شكل من أشكال الإرهاب، مجددة التزام فصائلها ومؤسساتها بهذا القرار ومعلنة اتخاذها الإجراءات الأزمة الرادعة لها وصولا لإلغائها بنود من الميثاق الوطني الفلسطيني لعام 1964 النص الخاص بإبادة إسرائيل كهدف من أهداف النضال الفلسطيني في مقابل الاعتراف بالقرار 242 الصادر عام 1967 والذي تم في حضور بيل كلينتون في غزة صيف 1999 دون أن يسفر ذلك علي شئ من قبل دولة "إسرائيل" ونزول علي رغبة الشريك الأكثر سيطرة في المعادلة إلا أن دولة الاحتلال بقيت علي موقفها من المنظمة بل من السلطة الفلسطينية الحكم الذاتي المحدود الذي استمد شرعية وجوده من اتفاقيات التسوية بين الطرفين!
من خلال التراجع القانوني التي قامت به منظمة التحرير الفلسطينية عمليا وقانونيا ليهم الوسائل في حق تقرير المصير والذي يعد تصرف حقا غير قابل للتصرف وبل انجاز مشروع التسوية اضعف من المركز التفاوضي الفلسطيني والذي اعتبر ذلك سابقا حيث لم تجرا أيا من حركات التحرر من التخلي عن الكفاح المسلح رغم نيلها للاستقلال ولعل تجربة الجيش الايرلندي مثال علي ذلك حيث لم يتخلي عن الكفاح المسلح.
ورغم مبادرة القيادة الفلسطينية علي ادانة ماحدث في 11 سبتمبر ونعته بالعمل الارهابي خوفا من أن تنجح دوائر الضغط اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة في اقناع الإدارة الامريكية بالقاء التهم او شبهة الفعل علي الفلسطينيين، إلا ان الإدارة المريكية ذات العلاقة الوثيقة والعميقة مع اسرائيل لم تغيير وجهة نظرها تجاه الموضوع الفلسطيني النابع من مصالحها السياسية والاقتصادية والثقافية، وقامت بترسيخ المقاومة الفلسطينية التي كفلها القانون الدولي للسكان تحت الاحتلال بانهم "ارهابيين" وبالتالي لا يحق لهم الدفاع عن انفسهم ولا المطالبة بحق تقرير المصير بكافة الطرق.
ليس ثمة مجال للمراهنة علي المجتمع الدولي التي يتحكم بها القوي الكبري، وفي اطار الصراع القائم بين الاحتلال الاسرائيلي والشعب الفلسطيني الذي يناضل ويقاوم ذلك القوي الاستعمارية. لقد اعطت القيادة الفلسطينية الكثير في ميدان التكيف مع الاوضاع الدولية والعربية ودفعت ولاتزال ثمن ذلك. لكن ما يريده الشعب الفلسطيني هو حقه في تقرير مصيره. حقه في نيل الحرية، حقه في ان يحيي كانسان طبيعي، ولا يزال أمامه الكثير من الصعاب والعقبات.