- ℃ 11 تركيا
- 17 نوفمبر 2024
بيسان عدوان تكتب: موت أوسلو .. سموتريتش رئيس السلطة الفلسطينية القادم
بيسان عدوان تكتب: موت أوسلو .. سموتريتش رئيس السلطة الفلسطينية القادم
- 7 يناير 2023, 4:07:10 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يبدو أن السلطة الفلسطينية أو بالأحرى سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني المحدود على وشك الانتهاء، وماهي غير أيام معدودة ويحل تسلئيل سموتريتش الحاكم الفعلي المدني للضفة الغربية المحتلة والمسؤول المباشر عن تعيين منسق فلسطيني ما يتعامل مع حكومته بشأن إدارة حياة السكان الفلسطينيين. ربما يدعي من يقرآ مقالي هذا أن ذلك الاستهلال هو مشهد تشاؤمي لا يحدث إلا في الواقع رغم عبثتيه. لكن في الحقيقة هذا المشهد هو الذي سيحكم الواقع الفلسطيني خلال السنوات القادمة من عمر الدولة الصهيونية دون مواربة أو زيف حتى لو فشل بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومته تلك، أو سقطت بعد مدة من اقامتها. فالواقع الصهيوني الجديد يخلق شكل جديد للتعامل مع الفلسطينيين في الضفة الغربية على الأخص.
وفقا لاتفاقيات التسوية وخاصة اتفاقية أوسلو، الضفة الربية كاملة تخضع لسيطرة القائد العسكري الإسرائيلي، وجميع صلاحيات السلطة الفلسطينية تقع في ايدي القائد العسكري للمنطقة الوسطي في إسرائيل، وكل الهيئات المدنية التي أنشئت بهدف تسيير حياة السكان الفلسطينيين فإنها تخضع للإدارة العسكرية بشكل كامل، أي أن الأراضي المحتلة في الضفة الغربية تخضع للأمن وبالأحرى لجيش الاحتلال، لكن بعد الاتفاق الحكومي بآن يتولى سموتريتش حقيبة المالية وينقل حقيبة الإدارة المدنية للضفة الغربية لوزارته يعني ذلك آنه تم انتقال وضع الضفة الغربية من أراضي تخضع للإدارة العسكرية إلي أراضي مدنية إسرائيلية بحتة وبالتالي يعني الترجمة الحرفية لضم الضفة الغربية للدولة الصهيونية.
كتب يوئيل زينغر القاضي الذي صاغ اتفاقيات التسوية مع الفلسطينيين في هآرتس " أنه في حال إبطال خضوع "الإدارة المدنيّة" لقائد المنطقة العسكريّ، وإخضاعها سموتريتش عِوضا عن ذلك، مثلما يطالب الأخير؛ فإن ذلك قد يقود إلى الادّعاء بأنّ "إسرائيل" تغيّر وضعيّة المنطقة، من منطقة واقعة تحت سيطرة عسكريّة إلى منطقة مدنيّة إسرائيليّة، وتقوم بذلك بخرق القانون الدوليّ".
مع تشكيل الائتلاف الحكومي اليميني الجديد في الدولة الصهيونية بزعامة نتنياهو، فإن التقاسم السلطة مع الصهيونية الدينية بزعامة سموتريتش يضعنا في واقع جديد في الضفة الغربية وهو تفكيك الإدارة المدنية للسلطة الفلسطينية التي طالما لعبت دور وظيفي وفقا لاتفاقيات التسوية بات غير ضروري ولا مجدي في هذه المرحلة، فحيازة سموتريتش للإدارة المدنية للضفة الغربية تعني بكل وضوح الضم الفعلي للضفة الغربية ورفع عدد المستوطنين الي مليون وتسوية كل آراضي منطقة "ج " لصالح اليهود الأمر الذي يعني تغييرات جوهرية فيما يخص التسوية القانونية وبالبنية التحتية والعلاقة مع الفلسطينيين .
ليس مجازيا إذا قلنا إن في الدولة الصهيونية ستقام حكومتين: واحدة يرأسها نتنياهو تكون مسؤولة عن كل الإسرائيليين في فلسطين التاريخية، وأخري يرأسها سموتريتش في الضفة الغربية تكون مسؤولة عن المستوطنين والفلسطينيين سواء كانوا سكان أو مؤسسات وهيئات أنشئت في عهد التسوية السابقة التي لم تعد مقبولة الأن.
الصلاحيات التي نقلت لكل من سموتريتش تؤسس فعليا لحكومة في الضفة الغربية متزامنا مع حكومة إسرائيل الحالية، يكون بن غفير الذي نقلت له في وزارة الآمن القومي تبعية حرس الحدود إليه ليكون بهم جيش خاص له قوامه وصلاحياته وميزانيته الخاصة غير التابعة لميزانية الأمن ولا الجيش. وهذا ما أشار إليه زينغر في مقالته الأخيرة حول خطورة الوضع " بآنه سيجري الحديث عمليًّا عن "دولة المستوطنين" في الضفة الغربيّة التي سيكون رئيس حكومتها سموتريتش ووزير أمنها بن غفير".
بدءا من برنامج سموتريتش الانتخابي ووصولا لبنود اتفاقية الائتلاف الحكومي والحقيبة التي أسندت له، نجد أن سموتريتش وضع خطوات حقيقية لتنفيذ خطته كحاكم مدني للضفة الغربية وفرض السيطرة كاملة علي المنطقة وضمها فعليا للدولة الصهيونية، ليس بالإعلان عن زيادة عدد المستوطنات في الضفة ولكن في طبيعة تلك المستوطنات وتقنين أوضاع البؤر الاستيطانية وتلك التي صودرت وفي انتظار قرار المحكمة الإسرائيلية العليا، كما أن صلاحيات بن غفير ممثل وزارة "المهمات القومية " وعضويته في مجلس أراضي إسرائيل، واللجان الموازية التي تتعلق بالتخطيط والبناء في الأراضي "ذات الأولوية القومية"، تمنحه يد عليا في صياغة قرارات المحكمة العدل العليا الخاصة بالقضايا المتعلقة بالأراضي منطقة "ج" المتنازع علي ملكيتها بين الفلسطينيين والمستوطنين.
حددت اتفاقية أوسلوا حوالي 60٪ من أراضي الضفة الغربية ضمن ما يسمي بمنطقة "ج" وهي منطقة واقعة تحت الحكم العسكري الإسرائيلي كليا، تضم نحو 480 الف مستوطن بالإضافة الي 120 الف فلسطيني، وبحسب برنامج سموتريتش يري أنه لا يجوز أن تخضع تلك المنطقة وسكانها من المستوطنين للحكم العسكري من أجل قلة من الغرباء الفلسطينيين، ويري ضرورة وضع حد فوري في غضون عام أو عامين علي الأكثر، وعليه يجب التخلص من القلة الفلسطينية والقضاء علي أي مؤسسات فلسطينية لأنها أرض لليهود ولهم حق تاريخي وواقعي عليها، ويجب علي الإدارة المدنية أن توقف أي اعتداء فلسطيني علي الأرض المفتوحة "ج" عبر توسيع الاستيطان وتخصيص الأراضي والمناطق الصالحة للبناء وبنيتها التحتية وغيرها من الأمور الخاصة بتصاريح البناء وتخصيص مناطق للسكن دون الرجوع الي قرار حكومي بهذا الشآن، وعقود التأجير للجمعيات الاستيطانية باعتبارها أملاك دولة وليست ملكية خاصة، والبناء الاستيطاني دون الرجوع الي اصدار أحكام قضائية كما هو معمول به. ويكون بذلك قد غير من طبيعة الأراضي وقانونيته للوضع الذي ينهي المنازعات القانونية القائمة بين الفلسطينيين والحاكم العسكري علي ملكية الأرض، كما في منطقة بيتا وجبل صبيح لصالح الاستيطان وبالتالي سيتم مصادرة آراضي في الضفة الغربية تفوق ما صادرته الحكومات الإسرائيلية منذ عام 1967.
وأخيرا فإن حكومة سموتريتش ووزراته المالية تجعله من يدير الملف الاقتصادي في الضفة الغربية، أي بمعني أكثر وضوحا فأنه سيكون المسؤول المباشر لإدارة العلاقات الاقتصادية بينه وبين الفلسطينيين في الضفة الغربية أي سيكون هو الحاكم الفعلي للاقتصاد الوظيفي الفلسطيني الخاضع لبرتوكول باريس المنبثق عن اتفاق أوسلو، ولهذا الملف شآنا أخر.