تكبير الخط تصغير الخط

معاريف - بيليد أربيلي  

أعلنت الرئاسة اللبنانية، أمس (السبت)، تشكيل حكومة جديدة من 24 وزيرًا، برئاسة رئيس الوزراء المنتخب نواف سلام. وفي فترة ما بعد الظهر، تحدثت وسائل إعلام لبنانية عن لقاء ثلاثي بين الرئيس جوزيف عون ورئيس الحكومة سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري.  

ولكن التفصيل الأكثر إثارة للاهتمام، كما يوضح البروفيسور أمازيا برعام، الخبير في الاستراتيجية والشرق الأوسط من جامعة حيفا، هو الغياب المفاجئ لحزب الله عن الحكومة الجديدة.  

غياب حزب الله: تحول تاريخي  

يقول البروفيسور برعام في مقابلة مع صحيفة "معاريف": "كما أفهم، هناك أمر واحد مدهش في هذه الحكومة، وهو أنه لأول مرة منذ عام 2008، لا يوجد ممثلون لحزب الله".  

ويضيف: "على حد علمي، فإن ما يوجد فعليًا في الحكومة الجديدة هو خمسة ممثلين عن حركة أمل، بقيادة رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهي حركة شقيقة لحزب الله، وهو أيضًا شيعي. ومن المهم أن نتذكر أنه في الماضي حاربناهم أكثر من مرة. لذا فهم حلفاء، ولكنهم أيضًا منافسون".  

بحسب البروفيسور برعام، "إذا كانت الحكومة اللبنانية الجديدة تتألف من 24 وزيرًا، وخمسة منهم من الشيعة - حتى ولو كانوا موالين لحزب الله - فإنها ثورة حقيقية. فبحسب الاتفاقيات التي وقعت في العام 2008، فإن الحزب الذي يشغل ثلث الوزراء في الحكومة يستطيع أن ينقض أي قرار".  

نهاية حق النقض  

يوضح الخبير أن "حزب الله وأمل كانا يسيطران في الماضي على أكثر من ثلث الحكومة، وبالتالي كانا قادرين على منع أي محاولة للحد من سلطتهما. وكانت الحكومة تريد التحرك ضد حزب الله، وخاصة في قضية حمله للسلاح، لكنها لم تستطع أن تفعل ذلك لأن حزب الله كان سيستخدم حق النقض ضدها".  

ويتابع: "وهناك احتمال أيضًا أن يتخلى حلفاء حزب الله من المسيحيين والدروز في الحكومة الجديدة عنهم، وعندها لن يكون لهم ثلث معطل في الحكومة. وعندها سيكون بوسعهم أن يطالبوهم بنزع أسلحتهم الثقيلة".  

لكن الآن، كما قال، الصورة مختلفة تمامًا: "اليوم، اختفى عامل النقض هذا ببساطة، لأنهم لا يملكون حق النقض الثالث. وحتى لو صوت جميع ممثلي أمل الخمسة كما يريد حزب الله، فإنهم لن يصلوا إلى الثلث. وهذا يعني أنه للمرة الأولى منذ عام 2008، لم يعد حزب الله قادرًا على نقض قرارات الحكومة".  

فرصة تاريخية للغرب والكيان الصهيوني  

يؤكد البروفيسور برعام أن هذا التغيير يمثل فرصة نادرة للولايات المتحدة والغرب: "ما يجب على أميركا والغرب أن يدفعا نحوه هو قرار نزع سلاح حزب الله. قد يكون هذا نهاية عملية بدأتها الكيان الصهيوني بعد الضربة القاسية التي وجهناها لها".  

ويضيف أن التغيير قد يكون له تأثير في مجموعة متنوعة من المجالات: "لن يقتصر التأثير على قضية الأسلحة - فهناك إمكانية تفكيك جميع المؤسسات التي بناها حزب الله كدولة داخل الدولة، بما في ذلك البنوك، والسيطرة على مطار بيروت، والسيطرة على ميناء بيروت، وشبكة اتصالاته التي تعمل دون إشراف. هذه أشياء لا تستطيع الحكومة أن تبدأ في القيام بها إلا الآن، وللمرة الأولى منذ عام 2008".  

تأثير التغيير على المنطقة  

إذا نجحت الحكومة الجديدة في لبنان في تحقيق إمكاناتها، فقد نشهد تغييرًا كبيرًا في موازين القوى في المنطقة. وسوف تراقب الكيان الصهيوني والولايات المتحدة ودول الخليج التطورات عن كثب، على أمل أن يتمكن النظام الجديد في بيروت من القيام بما لم تتمكن أي حكومة سابقة من القيام به - الحد من قوة حزب الله والعمل من أجل السيادة الحقيقية للبنان.  

وفي هذه الأثناء، يبقى أن نرى كيف سيرد حزب الله على الوضع الجديد، وما إذا كان هذا هو بالفعل بداية حقبة جديدة في البلاد.  

تحليل التطورات  

1. غياب حزب الله عن الحكومة:  
  غياب حزب الله عن الحكومة الجديدة يمثل انقلابًا سياسيًا غير مسبوق، حيث يفقد الحزب قدرته على استخدام حق النقض ضد القرارات الحكومية.  

2. فرصة لإضعاف نفوذ حزب الله:  
  التغيير يفتح الباب أمام خطوات جدية لنزع سلاح حزب الله وتفكيك مؤسساته الموازية، مما قد يؤدي إلى تقليص نفوذه في لبنان والمنطقة.  

3. دور المجتمع الدولي:  
  الولايات المتحدة والغرب لديهما فرصة لدعم الحكومة اللبنانية الجديدة لتحقيق السيادة الكاملة للبنان وتقليل التدخل الإيراني عبر حزب الله.  

4. رد فعل حزب الله:  
  يبقى السؤال حول كيفية رد حزب الله على هذا التغيير، وما إذا كان سيحاول تعطيل الحكومة الجديدة أو اللجوء إلى العنف لاستعادة نفوذه.