من صحافة العدو

معاريف: أسبوع الهزائم.. تصدّعات في جدار قوة نتنياهو

profile
  • clock 14 أبريل 2025, 8:22:06 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
أسبوع الهزائم.. تصدّعات في جدار قوة نتنياهو

معاريف -  ألون بن دافيد

يبدو أنه لم يسبق لنا أن احتفلنا بعيد الفصح في "إسرائيل" قط، بينما يخيّم تهديد واقعي وفوري على حريتنا بهذا القدر. ليس فقط على إخوتنا المختطفين الذين يعانون في الأنفاق، بل إنه تهديد لنا جميعاً، كأمة كاملة تم اختطافها، بعضُها طوعاً، على يد مَن لا يحاول حتى إخفاء نيته فرض حكم مطلق علينا. لكن في هذه الليلة من العيد، وبعد أسبوع تكبّد فيه بنيامين نتنياهو الهزيمة تلو الأُخرى، ربما يكون هناك مجال لأمل حذِر بأن المعركة لم تُحسم بعد.

وسط سيل الأخبار الدراماتيكية التي تنهال علينا، يومياً، غابت قليلاً الحقائق المزلزلة التي وُصفت في الرسالة التي قدّمها رئيس "الشاباك"، رونين بار، إلى المحكمة العليا، وفي الإفادة التي قدّمها سلفه، يورام كوهين. كلاهما وصف بالتفصيل كيف يحاول نتنياهو، بشكل ممنهج وعلى مدى سنوات، تسخير القدرات الكبيرة لجهاز "الشاباك" لخدمته الشخصية، سواء في التعامل مع خصوم سياسيين، أو لإسكات الاحتجاجات، أو لمساعدته على الإفلات من قبضة العدالة.

قبل أعوام، كان ظهور وثيقتين من هذا النوع كفيلاً بهزّ أركان المجتمع الإسرائيلي ومؤسساته، لكن شعب صهيون، المنهك فعلاً منذ عام ونصف العام من الحرب التي لا تنتهي، والغارق في بحر من الحزن والفقدان، بات يتحول، بالتدريج، إلى اللامبالاة. هذا بالضبط هو المناخ الذي تنمو فيه الديكتاتوريات، وإن كان لدى أحد شك، فإن تصريحات رؤساء "الشاباك" أوضحت تماماً أن نتنياهو يوجّه بوصلته نحو هذا الهدف تحديداً: حكم فردي يقضي على كل مَن يهدده.

لذا، فإن العرض الذي قدّمه دونالد ترامب، الإثنين الماضي، وفّر لحظات طويلة من الارتياح. ولعدّة دقائق، جلس بنيامين نتنياهو هناك كطالبٍ معاقَب بابتسامة مصطنعة، وكان يمكن أن نرى كيف بدأ الهواء الساخن، الذي كان ينفخ صدره قبل لحظات، يتلاشى شيئاً فشيئاً. إن الصفعات المؤلمة التي تلقّاها من الرئيس الأميركي، سواء بشأن إيران، أو بشأن الرسوم الجمركية، أو حتى بشأن تركيا، تركت آثارها على وجهه، على الرغم من طبقات المكياج الثقيلة.

في اليوم التالي، جاءت صفعة أُخرى من المحكمة العليا، والتي رسمت لنتنياهو خطاً واضحاً لحدود السلطة. لقد قاد نتنياهو آخر ثلاثة حرّاس للبوابة ما زالوا موجودين في “إسرائيل”: رئيس "الشاباك"، والمستشارة القضائية للحكومة، ورئيس المحكمة العليا، إلى مفترق طرق تكون فيه الخيارات: إمّا الاستسلام أو النضال.

رونين بار وغالي بهراف - ميارا اختارا النضال، أمّا رئيس المحكمة العليا، اسحق عميت، فلم يُظهر بعد إذا ما كان سيسير في طريق المواجهة، لكنه أثبت في الوقت الراهن أنه لا يطأطئ الرأس، ففي القرار المتّزن والواضح الذي أصدره منح رونين بار دفعة دعم، وبهراف - ميارا جرعة تشجيع.

نتنياهو، الذي أعلن بصوتٍ مدوٍّ أنه لن يلتزم حُكم المحكمة إذا قررت منع إقالة رونين بار، صمت فجأة، ففي حين سارع الهامش المتطرف في حكومته، بتسلئيل سموتريتش وشلومو كرعي، إلى إطلاق صيحات الاحتجاج ساد الصمت من جهة نتنياهو.

أصبحت تحركات نتنياهو لتغيير نظام الحكم في “إسرائيل”، من ديمقراطية برلمانية إلى نظام سلطوي، ممكنة بعد أن حوّل حزب الليكود، الذي كان في السابق حركة نابضة بالحياة ومليئة بالحيوية، إلى قطيع من الخراف المذعورة التي لا تتنافس سوى على التملق للزعيم. لكن داخل هذا القطيع الخاضع، ما زال هناك أشخاص يتطلعون إلى الحياة والمستقبل. فهل ستظل هذه الفئة الخاضعة على حالها حتى عندما تظهر علامات الضعف على الزعيم؟ ما مكّن نتنياهو أيضاً من دفع الانقلاب قدماً هو وجود معارضة ضعيفة ومهذبة في مواجهته، وقطاع عام نجح في زرع الخوف في صفوف كبار مسؤوليه، وقد تجلّى هذا الخوف هذا الأسبوع في رد الفعل الهستيري لرئيس الأركان وقائد سلاح الجو على رسالة منتدى الطيارين.

الرسالة نفسها عبّرت عن موقف مبدئي بشأن الأهمية القصوى لتحرير الأسرى على حساب استمرار الحرب، ولم تتضمّن كلمة واحدة، أو تلميحاً إلى دعوة للعصيان، أو عدم الالتحاق بالخدمة. في أيّ حال، فإن معظم الموقّعين لم يعودوا يخدمون في الاحتياط.

على الرغم من ذلك، فإن رئيس الأركان وقائد سلاح الجو قرّرا إقالة جميع العناصر الناشطين الذين وقّعوا هذا النداء العلني. وهدفهما، بحسب قولهما: "منع إدخال السياسة إلى الجيش". لكن جيش الاحتياط لدينا يتكوّن من مواطنين، ويُسمح للمواطنين، على الأقل في الوقت الراهن، بالتعبير عن موقف مبدئي.

في حرب لبنان الأولى، والتي كانت موضع جدل، كان هناك جنود احتياط قاتلوا طوال شهر في بيروت، وعندما عادوا إلى منازلهم خرجوا للتظاهر في الميدان. في ذلك الوقت اعتقدنا أن هذا التصرف جزء من قوة الديمقراطية الإسرائيلية: القدرة على التعبير عن رأي حرّ عندما تخلع الزيّ العسكري، وعندما ترتدي الزيّ تتحمّل عبء الانضباط الرسمي وتنفّذ سياسة لا تؤمن بها. المفهوم السابق للمسؤولية الرسمية استُبدل، اليوم، بالولاء للملك، ومن المؤسف أن الملك ينجح في بثّ الرهبة في نفس رئيس الأركان، الذي أظهر حتى الآن مؤشرات إلى الاستقلالية.

البارقة الإيجابية، هذا الأسبوع، جاءت من مكان غير متوقع: مفوّض الشرطة ـ داني ليفي، الذي أصرّ على التأكيد أمام الكاميرات أنه سيلتزم قرار المحكمة، على الرغم من المحاولات المتكررة من الوزير إيتمار بن غفير لإسكاته.

من المبكر القول، إذا ما كان هذا بمثابة إعلان استقلال من المفوّض، لكن ربما ينجح داني ليفي في كشف التصدّع في جدار الخوف، ويختار أن يكون في الجانب الصحيح من التاريخ.

إن سلسلة الانتصارات الصغيرة هذه لا تشير بعد إلى الاتجاه الذي تتخذه المعركة من أجل حريتنا. نتنياهو، هو الآخر، يناضل هنا من أجل حريته الشخصية، وقد أثبت فعلاً أنه في هذه المعركة لا يملك أيّ كوابح أو محرمات.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
المصادر

معاريف

التعليقات (0)