إسماعيل جمعة الريماوي يكتب: عودة الحرب في غزة.. بين الغموض و الفشل و كسر العظم

profile
  • clock 15 أبريل 2025, 8:20:19 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
عودة الحرب في غزة.. بين الغموض و الفشل و كسر العظم

يفرض جيش الاحتلال حالة من الضبابية شبه الكاملة، ويمتنع عن تفسير ما يحدث في حربه المستمرة على قطاع غزة، ويسند في عملياته إلى خدمة المستوى السياسي وزيادة الضغط على المقاومة لإطلاق سراح الأسرى.

المراسل العسكري بصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية يوآف زيتون اكد إنّ "الجيش الإسرائيلي يُخفي شيئا ما عن طبيعة عملياته المستمرة في غزة"، موضحا أنه "بعد حوالي شهر من انهيار وقف إطلاق النار، يواصل الجيش نشاطه العملياتي المحدود في القطاع".

فيما يواصل رئيس الأركان الجديد، إيال زامير، والمتحدث باسمه، إيفي دوفيرين، على الحفاظ على سياسة الغموض فيما يتعلق بالعملية .

لكن معظم النشاط الذي يجري في غزة مخفيّ عن الرأي العام الإسرائيلي، بالتزامن مع غياب دعمه الذي توفر عندما بدأت العملية البرية، وانتهت في آب 2024، وفيما واصل الجيش استيلاءه على محور فيلادلفيا، فقد كثّف عدوانه على رفح .

قيادة الجيش تشرح أسباب إخفاء تفاصيل عملياتها في غزة من خلال رغبتها بعدم تزويد المقاومة بمعلومات حول نوايا وطبيعة العملية الحالية، والرغبة بالتصرف أولا، ثم التحدث للجمهور الإسرائيلي، بعد أن قال زامير في خطاب تنصيبه، تلك الحقيقة المؤلمة أمام رئيس الأركان المستقيل هآرتسي هاليفي ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: لم تُهزم المقاومة، ونحن نواجه سنوات من حرب استنزاف متعدّدة القطاعات، وهذا يكفي عمليا، ودون الكثير من التعليق، أن تل أبيب فشلت بهزيمة المقاومة وإسقاطها: عسكريا وإداريا، بسبب إصرار الحكومة على عدم إقامة أي بديل لها لإدارة شؤون مليوني فلسطيني في غزة".

وأشار إلى أنه "رغم مرور عام ونصف على فشل إسرائيل في السابع من أكتوبر، وخلال الاجتياح البري في غزة طوال 2024، فقد حرص الجيش على إطلاع الجمهور على إنجازات المعركة، والإصابات في صفوف الجنود، وظهر المتحدث باسمه في ذلك الوقت، دانييل هاغاري، أمام الكاميرات بشكل يومي ليطلع الجمهور على تطورات العدوان: الإخفاقات والنجاحات، مع الحفاظ على سرية المعلومات".

في تلك الأثناء، تمت دعوة المراسلين العسكريين للأراضي الفلسطينية الى غزة، مما سمح لهم بنقل أصوات الجنود مباشرة لعائلاتهم في تل أبيب، لكن الواقع اليوم مختلف تماما، حيث يُحظر إظهار وجوه الجنود والضباط، خوفا من تعرضهم للملاحقة القانونية في الخارج والاعتقال بتهمة انتهاك القانون الدولي.

وبعكس هاغاري، فقد ظهر المتحدث الجديد باسم الجيش، إيفي دوفيرين، أمام الكاميرات مرة واحدة فقط، فيما يكتفي الجيش بإعلانات مقتضبة، مرة كل يومين في المتوسط، للإبلاغ عن نشاطه في المنطقة العازلة على الحدود، أو على الطريق القاطع بين رفح وخان يونس.

إلى أن نطاق هذه الإعلانات الإعلامية، وعمقها، وتفاصيلها البصرية، تشبه تلك التي ظهرت في جولات التصعيد "الخفيفة" في غزة في السنوات التي سبقت الحرب،  ولكن تحت قيادة وسيطرة مكتب وزير الحرب يسرائيل كاتس، تم جلب المراسلين العسكريين مع الوزير لاطلاعهم بشكل موجز على محور موراج، الذي أطلق عليه المستوى السياسي لقب "محور الجلاد"، وهو تذكير بالماضي، أو إشارة لمستقبل المستوطنات القريبة منه قبل الانسحاب من غزة في 2005 .

سياسة الغموض التي يتبنّاها الجيش في غزة مريحة للغاية للمستوى السياسي، خاصة محور نتنياهو-كاتس، حيث يتم تقديم العملية البرية الحالية في وسائل الإعلام بأنها تجديد للمناورة ضد المقاومة ، أو تجديد القتال بكامل قوته، مما يسمح لدوائر اليمين بالاسترخاء على الأريكة، والتفكير في أن الجيش "يكسر عظام" المقاومة مرة أخرى، وأن يعود بن غفير للحكومة على هذا الأساس، ويتوقف سموتريتش عن التهديد بالاستقالة، رغم أنهما يعرفان الحقيقة، ومفادها أن المقاومة لا تزال قائمة.

أما عن الفرق العاملة في غزة فهي تضم لواء ونصف فقط، وهو فريق قتالي صغير نسبيا، بما يقرب من ربع الحجم المتوسط لفرقة في المناورة التي جرت بداية 2024، ولذلك يعترف الجيش بأن هدف العملية الحالية في غزة متواضع نسبيا، وهو الضغط على المقاومة لإطلاق سراح المزيد من المختطفين في المستقبل القريب، وربما التوصل لتسوية تتضمن المزيد من المطالب الإسرائيلية، مثل نزع سلاح غزة، ونفي قادة المقاومة .

لكن في ظل عدم وجود اشتباكات تُذكر في العملية الحالية؛ لأنها محدودة وجزئية، فإن الجيش يواصل القصف جوًا، دون أن يسفر بالفعل عن تحول حاسم في مواقف المقاومة من الصفقة المرتقبة .


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)