- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
تحليل: أزمة "إن إس أو" تكشف عن علاقات تشوبها "الريبة" بين واشنطن وتل أبيب
تحليل: أزمة "إن إس أو" تكشف عن علاقات تشوبها "الريبة" بين واشنطن وتل أبيب
- 9 نوفمبر 2021, 8:19:49 ص
- 465
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
شكّل إعلان وزارة التجارة الأميركية عن إدراج شركة "إن إس أو" (NSO) الإسرائيلية التي طوّرت برنامج "بيغاسوس" للتجسس، ضمن قائمة الشركات المحظورة باعتبارها تمثل تهديدا للأمن القومي، والتقارير التي أعقبت ذلك وكان آخرها ما نشر صباح الإثنين، حول استخدام السلطات الإسرائيلية للبرنامج، لاختراق الهواتف الذكية لستة ناشطين فلسطينيين؛ مفاجأة بالنسبة لمراقبين، كما طرح تساؤلات حول العلاقات بين الحكومة الإسرائيلية وإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن.
وفي هذا السياق، لفت محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رونين بيرغمان، إلى ما وصفه بـ"المعركة" بين صناعة الإنترنت الأميركية والإدارة في واشنطن في مواجهة شركة NSO، معتبرا أن ذلك أدى إلى "فتح جبهة واسعة بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية (من جهة) وبين الحكومة الإسرائيلية (من جهة أخرى)".
ووفقا لبرغمان، فإن إدراج الإدارة الأميركية لشركة NSO في قائمة الشركات المحظورة، أثار العديد من التساؤلات عن الدوافع الأميركية التي تقف من وراء القرار الأميركي، وأضاف أن "التكهنات" الإسرائيلية في هذا الشأن تمحورت حول ردة فعل محتملة من إدارة بايدن على إقرار الحكومة الإسرائيلية لمخططات استيطانية جديدة، أو بسبب المعارضة الإسرائيلية لإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس.
وكشف أن أجهزة الأمن الإسرائيلية عقدت عدة جلسات لتقييم القرار الأميركي، مشددا على أن القرار شكل مفاجأة للقيادات السياسية والعسكرية في إسرائيل، معتبرا أن الإخطار الأميركي المسبق للجانب الإسرائيلي بشأن القرار المتعلق بـ NSO والذي جاء قبل وقت قصير من الإعلان عن القرار وبواسطة رسالة عبر بريد الإلكتروني أرسلت لوزارتي الأمن والخارجية ومكتب رئيس الحكومة؛ تدل على طبيعة العلاقات التي تشوبها "الريبة" بين إدارة بايدن، وحكومة نفتالي بينيت.
وبحسب بيرغمان، فإن تقرير منظمة "فرونت لاين ديفندرز" عن تجسس إسرائيل على ناشطين حقوقيين فلسطينيين بواسطة برنامج "بيغاسوس"، بالإضافة إلى المعلومات التي تراكمت خلال الأسبوعين الماضيين لدى وزارة الأمن الإسرائيلية، تشير إلى إعلان وزير الأمن الإسرائيلي عن ست مؤسسات حقوقية فلسطينية على أنها "منظمات إرهابية" والإعلان الأميركي حول NSO والتقارير حول تجسس إسرائيل على ناشطين فلسطينيين، لم تحدث عن طريق الصدفة في هذا الجدول الزمني الضيق، وأن جميع هذه الأحداث "متشابكة بشكل كبير".
ولفت بيرغمان إلى القناعة الإسرائيلية بأن التفسيرات التي قدمتها إسرائيل حول الأدلة المزعومة التي دفعتها للإعلان عن المؤسسات الفلسطينية الست على أنها "منظمات إرهابية"، لم تقنع مسؤولين في الإدارة الأميركية، وبالأخص في مجلس الأمني القومي الأميركي ووزارة الخارجية، مشيرا إلى أن أحد الناشطين الحقوقيين الفلسطينيين الذي تعرض للتجسس الإسرائيلي بواسطة "بيغاسوس" يحمل جنسية مزدوجة (أميركية – فلسطينية)، في إشارة إلى مدير مؤسسة "بيسان" أبي العبودي، الذي يحمل الجنسية الأميركية.
وبحسب بيرغمان، فإن الغضب الأميركي من استخدام برنامج التجسس الإسرائيلي "ضد من يرونهم نشطاء حقوقيين"، على حد تعبيره، دفع الإدارة الأميركية باتخاذ إجراءاتها أو تسريعها على أقل تقدير، ضد NSO، بهدف إرسال سلسلة من الرسائل الحادة إلى الحكومة الإسرائيلية.
ورأى بيرغمان أن إعلان واشنطن أن شركة NSO تمثل تهديدا للأمن القومي الأميركي، يتضمن بالضرورة الاتهام ذاته لوزارة الأمن الإسرائيلية، وبالتالي الحكومة الإسرائيلية، وذلك لأن وزارة الأمن الإسرائيلية هي الجهة المسؤولة عن منح التراخيص لـNSO لبيع منتجاتها إلى دول استبدادية استخدمت برنامج "بيغاسوس" لانتهاك حقوق الإنسان.
واعتبر محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن هذا التطور قد يدل على "تغيير جذري في العلاقات والتفاهمات بين إسرائيل والولايات المتحدة"، وضرب مثلا لتوضيح المقاربة التي يشير إليها، قائلا: لنفترض أن الشركة الحكومية الإسرائيلية "رفائيل" (سلطة تطوير الأسلحة) باعت صاروخا للهند، والهند بدورها استخدمته لاستهداف قرية في كشمير، وردا على ذلك، تُقدِم الإدارة الأميركية على إدراج "رفائيل" على قائمتها السوداء.
وأضاف أن "المسؤولين في إسرائيل لم يدركوا التغيير في الرأي العام الأميركي تجاه إسرائيل، وخاصة تجاه أي شيء يُنظر إليه على أنه انتهاك لحقوق الإنسان"، مستدركا بالقول: "ربما يكونون الآن قد باتوا أكثر انتباها إلى هذه المسألة".
وكشف أن الحكومة الإسرائيلية، متمثلة بوزارتي الأمن والخارجية ومكتب رئيس الحكومة، "تستعد لفتح جبهة واسعة وإطلاق حملة ضد الإدارة الأميركية لدفعها إلى إلغاء قرارها بشأن NSO"، في محاولة لمنع تغيير التفاهمات الإسرائيلية التاريخية مع واشنطن.
وقال إنه "بالنسبة لإسرائيل، هذا ليس مجرد معركة لخدمة شركة إسرائيلية خاصة (في إشارة إلى NSO) وإنما حربا على عدد من القضايا الرئيسية والسرية والحساسة للغاية التي تتعلق بالأمن القومي الإسرائيلي".
يذكر أن مجموعات حقوقية كشفت، الإثنين، أن السلطات الإسرائيلية اخترقت الهواتف الذكية لستة ناشطين فلسطينيين، أحدهم يحمل جنسية مزدوجة، ببرامج بيغاسوس للتجسّس الذي طورته شركة NSO الاسرائيلية.
وفي 22 تشرين الأول/ أكتوبر، أعلنت وزارة الأمن الاسرائيلية عن تصنيف ست منظمات فلسطينية غير حكومية على أنها "إرهابية" بذريعة علاقاتها بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
والمؤسسات أو المنظمات غير الحكومية التي تم تصنيفها هي مؤسسة "الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان" و"الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال - فلسطين"، و"الحق" و"اتحاد لجان العمل الزراعي"، و"اتحاد لجان المرأة العربية"، و"مركز بيسان للبحوث والإنماء".
وقامت مؤسسة الحق بتكليف منظمة "فرونت لاين ديفندرز" غير الربحية، ومقرها أيرلندا (المنظمة الدولية لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان أو منظمة مساندي الخط الأمامي) بالتحقيق الاستقصائي وفحص 75 حاسوبا محمولا للعاملين، إذا ما كانوا مخترقين ببرمجيات التجسس بيغاسوس .
وخلصت "فرونت لاين ديفندرز"، الإثنين، بعد التحقق مع من مختبر "سيتزن لاب" في جامعة تورنتو ومختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية، إلى أنه "تم اختراق" ستة أجهزة يستخدمها موظفو المؤسسات الفلسطينية المستهدفة ببرنامج بيغاسوس.
وفي بيان منفصل، أكدت منظمة العفو المعلومات الواردة من "فرونت لاين ديفندرز"، التي شارك مختبرها التقني في العمل على التحقيق الاستقصائي، قائلة إن الهواتف الذكية قد تم اختراقها "قبل" أن تصنف الحكومة الإسرائيلية هذه المنظمات غير الحكومية الست على أنها "إرهابية".
وكانت الولايات المتحدة قد أدرجت، الأربعاء الماضي، مجموعة NSO الإسرائيلية، التي طوّرت برامج بيغاسوس، إلى قائمة الشركات المحظورة، بعد أن كانت الشركة محور فضيحة تجسس هذا الصيف استهدفت مسؤولين وصحافيين.
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، قد ادعى في تصريحات مساء السبت الماضي، أن NSO "شركة خاصة وليست مشروعا حكوميا" زاعما أن الشركة "لا علاقة لها بسياسات الحكومة الإسرائيلية".
وكان جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) قد اتهم هذه المنظمات في أيار/ مايو الماضي، باختلاس أموال من "عدة دول أوروبية" لصالح الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مدعيا تحويل "عشرات الملايين من الدولارات".
وبعد الاطلاع على تقرير الشاباك المكون من 74 صفحة، تبيّن أنه لا يحتوي أي إثبات على علاقة المنظمات الست بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.