تحليل: التقارب السعودي الإيراني فشل في خفض التصعيد بالشرق الأوسط

profile
  • clock 15 يونيو 2023, 4:56:47 ص
  • eye 388
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

سلط المحلل والكاتب السياسي، ستيفن كوك، الضوء على تأثير التقارب السعودي الإماراتي على خفض التصعيد بالمنطقة، مشيرا إلى اتفاق استئناف العلاقات بين الرياض وطهران، الذي رعاه الصينيون كان، ضربة واضحة لمكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وذكر كوك، في تحليل نشره بملجة "فورين بوليسي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن خبراء وحدة الاستخبارات الاقتصادية، التابعة لمجلة "الإيكونوميست"، توقعوا أن "الحوار والتعاون بين السعودية وإيران سيمنع وجود ديناميكية مهمة مزعزعة للاستقرار من مناطق الصراع في المنطقة"، لكنهم اعترفوا أيضا بأن "العنف لا يزال خياراً قائماً".

فرغم تبادل السفراء بين البلدين، ودعوة الملك السعودي الرئيس الإيراني لزيارة الرياض، لم تحدث تهدئة تذكر للتوترات، بل إن نظرة فاحصة لأحوال المنطقة، من سوريا إلى إسرائيل إلى مضيق هرمز، تشير إلى عكس ذلك.

صحيح أنه ما زال مبكراً الحكم على ما آلت إليه الأمور، خاصة أن الاتفاق الذي رعته الصين لا يتجاوز عمره 3 أشهر فقط، ولكن حتى الآن، "يبدو أن الإيرانيين يستغلون التطبيع للضغط من أجل تعزيز مصالحهم الإقليمية بدلاً من تقليل التوترات"، حسبما يرى كوك.

وأوضح أن أكبر وعد بصفقة تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية هو تحقيق السلام في اليمن، فالسعوديون يرغبون في إنهاء تدخلهم العسكري هناك، وطلبوا مساعدة من طهران، التي أصبحت راعية للحوثيين المعادين للرياض، ومع ذلك، حتى الآن، لم يكن للتطبيع تأثير كبير على وضع اليمن الراهن.

 هناك وقف لإطلاق النار، ويمكن للسفن تفريغ المساعدات والبضائع في الموانئ التي كانت مغلقة في السابق، ومطار العاصمة اليمنية صنعاء مفتوح، وهذه كلها أخبار جيدة، ولكنها جميعا كانت سابقة على اتفاق السعودية وإيران والصين.

عناد الحوثيين

ورغم وجود محادثات سلام، لكن لا يزال من الصعب إنهاء الصراع في اليمن بسبب عناد الحوثيين، حسبما يرى كوك، مشيرا إلى احتمال لتغير ذلك نتيجة للحوار الجديد بين السعودية وإيران، و"لكن حتى الآن من الصعب القول إن مسار اليمن قد تحسن بشكل كبير نتيجة للاتفاق" وفق تقديره.

وأضاف أن الوضع في أماكن أخرى في الشرق الأوسط لا يبدو أفضل، فبعد انقضاء 3 أسابيع بعد التوصل لاتفاق بين السعودية وإيران، قام وكلاء إيران بشن هجمات على قوات الولايات المتحدة في سوريا، ما أدى إلى مقتل متعاقد أمريكي وإصابة عدة جنود أمريكيين.

ويستهدف وكلاء إيران بشكل روتيني القواعد الأمريكية في سوريا، التي تضم 900 جندي، بالإضافة إلى عدد غير معلن من المتعاقدين، وكان من المفترض أن يؤثر استئناف العلاقات بين السعودية وإيران إيجابيا على التوترات في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وهنا يشير كوك إلى أن إيران تبدو ملتزمة بدفع الولايات المتحدة للخروج من الشرق الأوسط؛ "ومن الواضح، أنها ترغب في تعريض الأمريكيين لمخاطر شن الهجمات لتحقيق هذا الهدف".

وبعد وقت قصير من قيام الجنود الأمريكيين بصد الهجمات التي شنها وكلاء إيران بواسطة الطائرات المسيرة في سوريا، عقد إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، اجتماعاً مع قادة حركة حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي الفلسطيني في بيروت، وهو الاجتماع الذي يربطه كوك بشن هجمات صاروخية منسقة على إسرائيل من لبنان وسوريا وقطاع غزة.

ويرى كوك أن هدف إيران هو تصعيد الحرب السرية مع إسرائيل، التي تستهدف بانتظام المجموعات الإيرانية والمجموعات الموالية لإيران في سوريا والعراق، ولم تتمكن إيران من الرد عليها بفعالية على الأرض، ولكن مع ذلك، يعتقد قاآني أنه إذا استطاع توحيد وكلاء إيران، فإنه يمكنه تغيير هذا الواقع.

ومع ذلك، قد لا ينجح قاآني في تحقيق ذلك، ففي معارك بداية شهر مايو/أيار الماضي، قتل الإسرائيليون عدة قادة من حركة الجهاد فيما كانت حماس تتفرج دون حراك، ولا يوجد أي إشارة إلى أن هذه الخسارة دفعت قاآني إلى إعادة التفكير في جهوده لتصعيد الصراع مع إسرائيل، بحسب كوك.

وفي مياه الخليج العربي أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية في شهر مايو/ أيار الماضي، أنها تعزز "موقفها الدفاعي" في المنطقة؛ لأن الإيرانيين هددوا المضايق البحرية مجدداً.

وبعد اجتماع قاآني في بيروت، تلقت الولايات المتحدة معلومات تفيد بأن طهران كانت تخطط لشن هجمات على السفن التجارية في مياه الشرق الأوسط. وفي غضون أسبوع واحد فقط في أواخر شهر أبريل/نيسان وأوائل مايو/أيار، احتجزت القوات الإيرانية ناقلتَي نفط.

ووفقاً لمسؤولين أمريكيين، فقد قامت إيران بالهجوم على 15 سفينة تجارية تحمل أعلاماً دولية على مدى السنتين الماضيتين.

مؤشر الإمارات

وهنا يشير كوك إلى أن واحدة من الناقلات التي تم احتجازها من جانب إيران كانت تبحر بين موانئ دولة الإمارات العربية المتحدة في دبي والفجيرة، على الرغم من أن الإمارات قد قامت بتطبيع العلاقات مع إيران.

ولذا يرى الكاتب والمحلل السياسي أن أساس الاتفاق الإيراني- السعودي- الصيني ليس مرتبطاً بتطور منطقة أكثر استقراراً وسلاماً، حيث يتولى الفاعلون الإقليميون الأمور بأنفسهم لبناء مستقبل أفضل، كل حسب رؤيته.

فالأمر في الواقع أكثر بساطة من ذلك، وهو أن السعوديين انكسروا في اليمن، وأن تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إيران ليس إلا غطاء لهذا الانكسار، حسبما يرى كوك.

وبعد أن أزاحوا الرياض من المنافسة، يعمل الإيرانيون حاليا على تقويض ما تبقى من تحالف المنطقة المعادي لإيران، و"هذا يتضمن الهجوم على إسرائيل والولايات المتحدة"، بحسب كوك"، مشيرا إلى أن سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط استندت، لفترة طويلة، إلى افتراضات خاطئة، بما في ذلك فكرة أن قادة إيران يرغبون في تطبيع العلاقات مع جيرانهم.

ويؤكد كوك أن إيران لا ترغب في مشاركة نفوذها بالمنطقة مع أحد، وأن هدف نظامها هو إعادة ترتيب المنطقة بطريقة تخدم طهران، مضيفا: "مع وعود السعوديين باستثمارات في إيران وتعيين سفير، يرى الإيرانيون أنهم أصبحوا أكثر حرية لتعزيز أجندتهم. وبعبارة أخرى: لا يوجد تخفيف للتصعيد".

 

المصدر | ستيفن كوك/فورين بوليسي

التعليقات (0)