تحليل: النفوذ الصيني حقيقة بالشرق الأوسط لكن حل تعقيداته المستعصية مشكوك فيه

profile
  • clock 6 مايو 2023, 2:32:17 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

اعتبر تحليل أورده المعهد الأسترالي للشؤون الدولية، النفوذ الصيني المتنامي في الشرق الأوسط أصبح حقيقة لا يمكن لأحد إنكارها لكن قدرة بكين على تجاوز تعقيدات الشرق الأوسط أمر مشكوك فيه للغاية وقد تتورط بكين من غير قصد في تحديات المنطقة المعقدة والتي تبدو مستعصية على الحل.

واستشهد التحليل بنجاح الصين في الوساطة بين السعودية وإيران، واعتبرت اتفاق عودة العلاقات بين الرياض وطهران بمثابة تحولا جديدا جاريا في العلاقات الجيوسياسية الإقليمية.

لكن بينما تتنقل الصين في تعقيدات السياسة في الشرق الأوسط، فإنها تواجه تحديات ومسؤوليات جديدة، الأمر الذي قد يربطها في نهاية المطاف بمشاكل المنطقة، ما يمثل تحولا في نهجها الذي تتبعه منذ عقود.

وذكر التحليل أن الصين سعت تاريخيا إلى وجود مقيد ومركز اقتصاديا في الشرق الأوسط، مبتعدة عن التورط المباشر في النزاعات، وامتنعت عن اتخاذ مواقف بشأن النزاعات الخلافية.

في هذا الصدد، استفادت بكين إلى حد كبير من الترتيبات الأمنية التي قدمتها الولايات المتحدة، وبالتالي تهربت من النفقات الأمنية والتحديات الاستراتيجية التي واجهتها واشنطن.

ومع ذلك، فإن وساطة الصين الناجحة في اتفاقية التطبيع بين السعودية وإيران تعني خروجا عن السياسة طويلة الأمد وتبرهن على توسع دورها الإقليمي من التبادل الاقتصادي إلى المشاركة الدبلوماسية المبتكرة.

ويمكن أن يعزى النجاح الواضح لجهود الوساطة الصينية إلى استراتيجيتها التقليدية لتحقيق التوازن بين العلاقات بين إيران السعودية.

يرتكز هذا النهج على ركيزتين رئيسيتين: أولا، عززت الصين العلاقات الاقتصادية والتجارية والدفاعية العميقة مع كلا البلدين على مر السنين.

ثانيا، على عكس الولايات المتحدة، تلتزم الصين بسياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وبالتالي القضاء على الحساسيات المتعلقة بالسياسات الداخلية للأنظمة في طهران والرياض.

في مارس/ أذار 2021، وقعت الصين وإيران اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة لتعميق علاقاتهما الاقتصادية والسياسية لمدة 25 عامًا، كما تساعد الصين المملكة المتحدة في انتاج محلي للصواريخ البالستية، وفق تقارير وردت في ديسمبر/ كانون أول 2021.

وبناء على هذه الشراكات الاستراتيجية، تبنى الشرق الأوسط بشكل متزايد بكين كشريك مفضل، كما يتضح من العدد المتزايد من الاتفاقيات التجارية ومشاريع البنية التحتية والاستثمارات.

ارتفعت تجارة الصين في المنطقة منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، لتصبح الشريك التجاري الأول لكل من إيران والمملكة العربية السعودية، في المقابل، انخفضت التجارة في الشرق الأوسط مع الولايات المتحدة.

يمثل الشرق الأوسط حجر الزاوية في مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث يمثل 29% من استثمارات مبادرة الحزام والطريق في عام 2021.

بالنسبة السعودية، يمثل اتفاق استعادة العلاقات مع إيران بوساطة بكين تحولا استراتيجيا جريئا، بعد أن وصلت العلاقات بين الرياض وواشنطن إلى مستوى تاريخي منخفض، حيث تعبر الأولى عن عدم رضاها عن السياسة الأمريكية في المنطقة وقيادة الأخيرة.

من خلال بناء شبكة متنوعة من الشركاء، بما في ذلك الصين وروسيا والولايات المتحدة، ومن خلال تعزيز العلاقات المحسنة مع الخصوم مثل إيران وتركيا، يهدف النظام السعودي إلى ضمان استقراره على المدى الطويل.

وعلى الصعيد الإقليمي، فإن للوفاق الناشئ تداعيات بعيدة المدى، لا سيما بالنسبة لإسرائيل، التي تعتبر برنامج إيران النووي تهديدا مباشرا لأمنها.

وفي حين أن هذا الاتفاق قد يعزز زيادة التعاون الاقتصادي، فمن غير المرجح أن يؤدي إلى أي تغيير كبير في السياسة النووية الإيرانية، مما يترك مخاوف إسرائيل دون معالجة.

مع انفتاح السعودية الآن على التعاون مع إيران، أصبحت خيارات إسرائيل للقيام بعمل عسكري أحادي الجانب لمنع تطوير إيران النووي مقيدة بشكل متزايد.

وبالمثل، تم تقويض محاولات الولايات المتحدة لإنشاء تحالف إقليمي متماسك يركز على احتواء نفوذ إيران وبرنامجها النووي.

وفي الوقت الذي تتصارع فيه الصين مع هذه المصالح المتضاربة، يمكن أن تتحول استراتيجيتها الإقليمية القائمة على المشاركة الحذرة عن غير قصد إلى موازنة نشطة للقوة. تقدم الصين الصاعدة احتمال شرق أوسط متعدد الأقطاب؛ ومع ذلك، يجب عليها أيضا معالجة نفس العقبات التي واجهتها الولايات المتحدة إذا كانت تهدف إلى إحداث تغيير كبير في المشهد الإقليمي.

وخلص التحليل إلى أنه في كلتا الحالتين، أصبح نفوذ الصين المتنامي في الشرق الأوسط حقيقة لا يمكن إنكارها، لكن قدرتها على التنقل في تعقيدات القوى الشرق أوسطية الأكثر حزما أمر مشكوك فيه إلى حد كبير. قد تتورط الصين عن غير قصد في تحديات الشرق الأوسط المعقدة والمستعصية.

التعليقات (0)