- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
تركيا.. انطلاق احتفالات الذكرى 99 للـنصر على الحلفاء
تركيا.. انطلاق احتفالات الذكرى 99 للـنصر على الحلفاء
- 30 أغسطس 2021, 12:09:50 م
- 2180
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
انطلقت في العاصمة أنقرة، الإثنين، الاحتفالات الرسمية للذكرى 99 لانتصار القوات التركية على جيوش الحلفاء واليونان الغازية في 30 أغسطس/آب 1922.
وبدأت فعاليات "عيد النصر والقوات المسلحة" بزيارة أجراها وفد من أركان الدولة يتقدمه الرئيس رجب طيب أردوغان، إلى ضريح مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك وسط أنقرة.
وضم الوفد رئيس البرلمان مصطفى شنطوب، ونائب الرئيس فؤاد أوقطاي، ورئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال قليجدار أوغلو، وأعضاء الحكومة، ورئيس حزب "الحركة القومية" دولت باهتشلي، وزعيمة حزب "إيي" المعارض ميرال أقشنر، وعددا من المسؤولين وقادة الجيش.
ووضع الرئيس أردوغان إكليلا من الزهور على ضريح مصطفى كمال أتاتورك، وبعد الوقوف دقيقة صمت، عُزف النشيد الوطني.
ودوّن أردوغان في سجل الزيارات: "أتاتورك العزيز، نحن في حضوركم مرة أخرى في الذكرى التاسعة والتسعين للنصر العظيم، إحدى الحلقات الذهبية على طريق استقلالنا، في هذا اليوم التاريخي نحييكم ونحيي ذكرى شهدائنا الأبرار بالرحمة".
وأضاف: "نقود تركيا إلى مستقبل مشرق يتماشى مع الأهداف التي حددتها لنا، وعبر الخطوات التي اتخذناها في الصناعات الدفاعية، نعمل على زيادة قوة الردع للقوات المسلحة التركية في كل مجال، ونعزز الروابط بين الشعب وجمهوريتنا من خلال الإصلاحات التي قمنا بها في الديمقراطية والعدالة والحقوق والحريات.. تركيا بأيد أمينة".
ويعد "عيد النصر" الموافق 30 أغسطس/آب من كل عام، عيدا وطنيا في الجمهورية التركية وجمهورية قبرص التركية، ويقام بهذه المناسبة أنشطة وفعاليات مختلفة في كافة الولايات والسفارات والبعثات الدبلوماسية في الخارج.
ووفق مراجع تاريخية، بدأت دول الحلفاء عام 1919، بعد الحرب العالمية الأولى، باحتلال الأناضول تحت ذرائع مختلفة بناءً على أحكام اتفاقية هدنة مودروس، فيما عاشت الأمة التركية لحظات عصيبة بعد أن وضع الحلفاء يدهم على ذخائر الجيش العثماني.
وقالت الأكاديمية التركية خالدة أديب أديوار، في كتابها "امتحان الأتراك بالنار"، إنه بعد دخول قوات الحلفاء إسطنبول، احتلت فرنسا "أضنة"، وبريطانيا "أورفة ومرعش وصامسون ومرزيفون"، وإيطاليا احتلت "أنطاليا والجنوب الغربي للأناضول"، كما سمح الحلفاء لجيش اليونان بدخول "إزمير" عام 1919.
لم تستسلم الأمة التركية للاحتلال الغاشم آنذاك، وأطلقت حركتها الوطنية بحس ومسؤولية عاليين للنهوض وإعادة بناء البلد، بعد تدمير شبه كامل خلال سنوات الحرب العالمية الأولى (1914-1918).
وعقب افتتاح الجمعية الوطنية التركية (البرلمان) عام 1920، ركزت قوات الاحتلال كل سياساتها على قمع الحركة الوطنية التي قادها مصطفى كمال باشا (أتاتورك) ورفاقه، وخاصة على الجبهة الغربية.
وفي تلك الأثناء، بدأت قوات الحركة الوطنية التركية عام 1921 بالتحرك ضد القوات اليونانية التي احتلت جميع المناطق الممتدة من إزمير (غرب) حتى قضاء "بولاتلي" الذي يبعد عن أنقرة (مقر قيادة قوات الحركة الوطنية) حوالي 76 كيلومترًا.
سطرت القوات التركية بأحرف من نور ملحمة مهيبة دخلت التاريخ العسكري العالمي من خلال معركة "جناق قلعة" التي خاضتها ضد قوات الحلفاء خلال الحرب العالمية الأولى.
وعقب سنوات شنت القوات التركية بقيادة مصطفى كمال باشا معركة "الهجوم الكبير" في 26 أغسطس1922 ضد القوات اليونانية الغازية، ودارت بين الجانبين معارك قرب أنقرة (قرب نهر سقاريا)، أجبرت القوات المعادية على التراجع في 30 من الشهر ذاته.
26 أغسطس
باتخاذ مواقعهم على تلة "قوجه تبه" بولاية أفيون قره حصار (وسط)، أدار المعركة القائد العام للقوات المسلحة التابعة للحركة الوطنية، مصطفى كمال باشا، ورئيس أركان القوات فوزي باشا (جقمق)، وقائد الجبهة الغربية عصمت باشا (إينونو) صباح يوم 26 أغسطس 1922.
ومع أولى دقائق بزوغ الفجر، بدأت المعركة بإطلاق نيران المدفعية، أعقبها هجوم قوات الحركة الوطنية التركية على القوات المعادية واستعادت نقاط استراتيجية، أبرزها تلال "طنازتبه" و"بيلان تبه" وموقع "قلعه جك سوريسي".
كما استولت وحدات الحركة الوطنية في أول أيام الهجوم، على مواقع الخط الأول للعدو في منطقة طولها 15 كيلومترًا بين "بويوك قلعه جك تبه" و"جكل تبه"، المتاخمة لنهر سقاريا.
في تلك الأثناء، قامت الكتيبة الخامسة من سلاح الفرسان بشن غارات ناجحة على طوابير النقل خلف خطوط العدو، بينما واصل الجيش الثاني التابع للحركة الوطنية مهمته الكشفية في الجبهة.
ومع صباح يوم 27 أغسطس، جدد الجيش التركي الهجوم على جميع الجبهات، وقام في اليوم نفسه بتحرير مدينة "أفيون قره حصار" من احتلال العدو، بهجوم مباغت شنته الفرقة الثامنة في قوات الحركة الوطنية التركية.
استمرت المعارك يومي 28 و29 أغسطس، وسط تفوق عسكري لافت لقوات الحركة الوطنية، التي تمكنت من تحييد كامل لقوات الفرقة الخامسة اليونانية.
وبعد تقييم موقف أجراه قادة الحركة الوطنية ليل 29 أغسطس، قامت قوات الحركة بدحر القوات الغازية من مناطق وسط الأناضول، التي تحولت إلى مناطق محررة مع بزوغ فجر 30 أغسطس.
يوم الانتصار
مع صباح الانتصار يوم 30 أغسطس، أمر القائد العام مصطفى كمال باشا القوات التركية، بالهجوم على مواقع للعدو في تلة "ظفر تبه" التي تقع في منطقة "ألتينطاش" بولاية كوتاهية.
وفي المعركة الضارية التي دارت قرب بلدة "دوملوبينار"، حاصرت القوات التركية بقيادة مصطفى كمال باشا القوات الغازية (اليونانية) التي كانت متمركزة في المنطقة، وتمكنت من تدميرها بالكامل، فيما تمكن الجنرالان اليونانيان "تريكوبس" و"ديينيس" وقادة آخرون من الفرار عبر وادي "قزلطاش" باتجاه إزمير.
وغداة يوم النصر العظيم، في 31 أغسطس، أجرى قادة القوات التركية برئاسة القائد العام مصطفى كمال باشا، وفوزي باشا (جقمق) وعصمت باشا (أينونو) تقييمًا للموقف العسكري، على خريطة لساحات القتال وضعت على عربة ثور مكسورة في حديقة أحد المنازل.
واتفق القادة الأتراك آنذاك على ضرورة مواصلة قوات بلادهم التقدم حتى دخول إزمير، من أجل منع اليونانيين من إعادة ترتيب صفوفهم وإجبارهم على الخروج من كامل التراب التركي في الأناضول.
** الوصول إلى البحر المتوسط
أصدر مصطفى كمال باشا، بيانًا نشره في دوملوبينار يوم 1 سبتمبر/ أيلول 1922، ليقرأ على جميع الضباط والعسكريين في الجبهة الغربية.
وقال في بيانه: "لقد قمتم أنتم القوات العسكرية التابعة للجمعية الوطنية التركية (البرلمان)، بعزيمة وإرادة لا تصدق، بالقضاء على كامل قوات جيش محتل وظالم في معركتي أفيون قره حصار ودوملوبينار. لقد أثبتّم أنكم تستحقون تضحيات أمتنا العظيمة، بفضلكم أصبحت الأمة التركية العظيمة قادرة على التطلع نحو المستقبل".
وأضاف: "أراقب عن كثب نجاحاتكم وتضحياتكم وأطلب منكم أن تكونوا على أهبة الاستعداد للمضي قدمًا نحو المعارك الأخرى التي ستحرر كامل تراب الأناضول، متسلحين بقوة العقل والإرادة الوطنية. أيتها الجيوش، هدفك الأول هو الوصول إلى البحر المتوسط .. إلى الأمام!".
أوفت الجيوش التركية بالعهد وتمكنت من تنفيذ أوامر مصطفى كمال باشا، ودخول إزمير بعد إلقاء القوات اليونانية في البحر يوم 9 سبتمبر 1922، وتحرير مدينة أفيون قره حصار في 27 أغسطس، وكوتاهية في 30 أغسطس، وكديز في 1 سبتمبر، وأمت وطاوشانلي في 3 سبتمبر.
الشرف العسكري
ومن أبرز الأحداث خلال الهجوم الكبير، انتحار قائد "الفرقة 57" العميد رشاد بك، بإطلاق النار على نفسه في 27 أغسطس 1922، معربًا في رسالة عن أسفه لعدم تمكنه من أداء واجبه وتأخر قواته في السيطرة على تلة "جكل تبه" الاستراتيجية.
كما أبلغ رشاد بك في محادثة مع مصطفى كمال باشا، عدم قدرته على الاستمرار في البقاء على قيد الحياة بعد تأخر قواته في استعادة التلة وعدم تحريرها في التوقيت المقرر له، ما يعني فشله بالوفاء بالعهد الذي قطعه أمام شرفه العسكري.
وبعد سيطرة قوات الفرقة 57 بقيادة العميد رشاد بك على التلة، اتصل مصطفى كمال باشا بقيادة الفرقة 57، ليتلقى نبأ انتحار رشاد بك تاركًا رسالة يقول فيها: "رغم أنني وعدتك بتحرير التلة في غضون نصف ساعة، إلا أنني لم أستطع فعل ذلك ولن أستطيع مواصلة العيش لأنني لم أتمكن من الوفاء بوعدي في الوقت المقرر".
وتمكنت القوات التركية من تحرير جميع التلال الاستراتيجية وسط الأناضول، خلال اليومين الأول والثاني من معارك الهجوم الكبير، وتنفيذ أوامر القيادة العسكرية في الحركة الوطنية.
احتفالات النصر العظيم
عقب عامين من النصر العظيم، وفي 30 أغسطس 1924، شارك القائد الكبير مصطفى كمال أتاتورك، في حفل أقيم في تلة "ظفر تبه"، لوضع حجر الأساس لنصب الشهيد حامل اللواء (السنجقدار).
وفي ذلك الحفل، ذكّر أتاتورك المشاركين بالأحداث العظيمة التي عاشتها الأمة التركية قبل عامين، واصفًا الانتصارات التي حققتها القوات التركية في معارك الهجوم الكبير بـ"النصر العظيم".
وقال آنذاك: "تعتبر معركة أفيون قره حصار ودوملوبينار، وانتصار 30 أغسطس، أبرز نقاط التحول في التاريخ التركي. تاريخنا حافل بالانتصارات العظيمة والمشرقة، لكنني لا أتذكر معركة كانت حاسمة في هذا التاريخ مثل انتصار الأمة التركية هنا".
وأضاف: "لقد منحنا هذا الانتصار فرصة جديدة لإعطاء زخم متميز لتاريخ أمتنا العظيمة ودورها الرائد في تاريخ العالم. من الواضح أن أركان الدولة الجديدة، أي الجمهورية التركية الفتية، قد توطدت هنا واضعة أسس متينة نحو الاستمرار والخلود".
واختتم أتاتورك خطابه قائلا: "إن الأمة التركية، بالنصر الذي حققته هنا والقوة والإرادة اللذين كشفت عنهما في هذا الموقع، قد غرست مرة أخرى حقيقة وجودها في قلب التاريخ"