- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
تعزيزات متتالية إلى شرق سورية: هل تنخرط أميركا بالمعركة؟
تعزيزات متتالية إلى شرق سورية: هل تنخرط أميركا بالمعركة؟
- 20 يوليو 2023, 10:25:29 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
منذ مطلع يوليو/تموز الحالي، تحوّل شرق سورية إلى مسرح للتحركات الميدانية لمختلف الأطراف التي تتقاسم السيطرة هناك، ما أوجد تكهنات حول إمكانية وقوع تصادم بالوكالة بين الأطراف المحسوبة على الولايات المتحدة، وتلك المحسوبة على إيران والنظام السوري، وحتى روسيا، نظراً لانخراط الروس ومليشيات مدعومة من قبلهم في السيطرة الميدانية.
يعزز ذلك، إرسال الولايات المتحدة أخيراً 2500 جندي إضافي إلى كل من سورية والعراق، كجزء من عملية "العزم الصلب" التي لا تزال مستمرة بالنسبة لواشنطن والتحالف الدولي الذي تقوده في كل من سورية والعراق ضد تنظيم "داعش".
ويأتي ذلك، في ظل الحشود العسكرية لكل من التحالف الدولي والقوات الأميركية تحديداً إلى جانب حليفها الرئيسي في سورية "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، على خطوط التماس مع قوات النظام وقوات الحرس الثوري الإيراني والمليشيات التي تدعمها إيران، لا سيما شرقي وشمال محافظة دير الزور، وعلى تخوم محافظة الحسكة، شمال شرقي البلاد.
الولايات المتحدة تركز على "داعش"
وقبل أيام قالت شبكة "7 نيوز" الأميركية، إن "هناك 2500 جندي من الفرقة الجبلية العاشرة في طريقهم للقتال" في كل من سورية والعراق، مشيرة إلى أن الجنود الأميركيين سيقضون الأشهر التسعة المقبلة في العراق وسورية كجزء من عملية "العزم الصلب".
وعلّق مسؤول في الخارجية الأميركية لـ"العربي الجديد" على هذه الأنباء بالقول إن وجود "الولايات المتحدة في سورية لغرض وحيد هو تمكين الحملة المستمرة ضد داعش". وأضاف المسؤول نفسه، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه: "نحن ملتزمون بالحفاظ على وجودنا المحدود في شمال شرق سورية كجزء من استراتيجية شاملة لهزيمة داعش والقاعدة وبالعمل من قبل ومع ومن خلال قوات سوريا الديمقراطية والشركاء المحليين الآخرين".
مسؤول أميركي: الولايات المتحدة متواجدة في سورية لغرض وحيد هو تمكين الحملة المستمرة ضد داعش
وأكد المسؤول الأميركي أن بلاده "لا تزال تركز على مهمة مكافحة الإرهاب ضد داعش من خلال الإبقاء على القوات الأميركية في سورية لمنع عودة داعش، وهذا يتطلب استمرار الوجود العسكري الأميركي في العراق المجاور بدعوة من الحكومة العراقية".
كذلك أشار إلى أن "الولايات المتحدة وأكثر من 80 من شركائنا وحلفائنا الذين يشكّلون التحالف العالمي لهزيمة داعش، يواصلون العمل مع الشركاء المحليين ذوي القدرات المتزايدة لمواصلة الضغط المستمر على فلول داعش في سورية والعراق لضمان الهزيمة الدائمة للتنظيم".
ولم يتطرق المسؤول الأميركي لأي نشاط مستقبلي للقوات الأميركية وشركائها ضد أي طرف سوى "داعش"، لكن وكالة "أسوشييتد برس"، نقلت الأسبوع الماضي عن "مسؤول دفاعي أميركي كبير" قوله إنّ بلاده "تدرس عدداً من الخيارات العسكرية للتعامل مع العدائية الروسية المتزايدة"، في سماء سورية منذ مارس/آذار الماضي. ولم يخض المسؤول الأميركي في تفاصيل هذه الخيارات، بيد أنه أكد أن واشنطن لن تتنازل عن الأراضي التي تعمل فيها في شرق وشمال شرقي سورية وأنها ستواصل التحليق في الجزء الغربي من سورية لأداء مهمات ضد تنظيم "داعش".
وتحدث المسؤول عن "تنامي" التعاون والتنسيق بين موسكو وطهران والنظام السوري لمحاولة الضغط على الولايات المتحدة للمغادرة. وأضاف أن بلاده لمست مزيداً من التعاون والتخطيط وتبادل المعلومات الاستخبارية، بين الروس وقادة "فيلق القدس" الإيراني في سورية، للضغط على الولايات المتحدة للانسحاب من هناك، حيث يوجد نحو 900 جندي أميركي في البلاد.
وفي الخامس من يوليو الحالي، أكدت القيادة المركزية الأميركية في بيان لها، أنّ "طائرات روسية انخرطت في سلوك غير آمن وغير احترافي أثناء تفاعلها مع طائراتنا في سورية". حينها أشارت وزارة الدفاع الروسية في بيانٍ إلى أن "مسيّرات أميركية انتهكت 5 مرات المجال الجوي لمنطقة تدريبات عسكرية سورية روسية مشتركة"، مؤكدةً أنّه "تم تسجيل 12 انتهاكاً لمسيّرات التحالف الدولي في المجال الجوي لمنطقة تدريبات سورية روسية مشتركة".
تحشيد في ريف دير الزور الشرقي
أما على الأرض، فتواصل جميع الأطراف حشد قوات في ريف دير الزور الشرقي، وهو المسرح المتوقع لأي صدام عسكري محتمل. ويستقدم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، تعزيزات من العراق إلى قاعدتي حقلي "العمر" للنفط، و"كونيكو" للغاز، بينما يواصل الروس والإيرانيون حشد مليشيات تتبع لهم إلى خطوط التماس مع "قسد"، التي تعد الذراع البرية للتحالف الدولي والولايات المتحدة، والتي نقلت هي الأخرى وحدات قتالية إلى ريف دير الزور، شمال نهر الفرات.
ونقلت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام السوري، الأحد الماضي عن نواف البشير، زعيم مليشيا "أسود العشائر" في دير الزور، قوله إنه "في حال كسر قواعد الاشتباك، فالأمور ستكون مفتوحة". وتنتشر في ريف دير الزور الشرقي جنوب نهر الفرات مليشيات إيرانية، وأخرى محلية، مرتبطة بالروس والإيرانيين، وتتحرك وفق أوامرهم. ولم يسبق أن دخل الروس والأميركيون في مواجهات مباشرة أو غير مباشرة في سورية، سواء غربي الفرات أو شرقه، ما خلا احتكاكات بين دوريات في ريف الحسكة.
استقدم التحالف الدولي تعزيزات من العراق إلى قاعدتي حقلي العمر للنفط، وكونيكو للغاز
ويفصل نهر الفرات بين المناطق الخاضعة للنفوذ الأميركي في شماله، أو ما بات يُعرف اصطلاحاً بمنطقة "شرق الفرات"، وتلك الخاضعة للنفوذين الروسي والإيراني في محافظة دير الزور، جنوب النهر، في أقصى الشرق السوري. وسبق للمليشيات الإيرانية أن استهدفت القوات الأميركية في قاعدتي العمر وكونيكو، ما أدى في مارس/آذار الماضي إلى مقتل متعهد أميركي بعدما قصفت طائرة مسيّرة يشتبه بأنها تابعة لمليشيا موالية لإيران، منشأة تؤوي موظفين أميركيين في شمال شرق سورية، ما استدعى رداً عسكرياً أميركياً محدوداً.
ويوم الجمعة الماضي، اجتمع وزير الدفاع لدى النظام السوري، اللواء علي محمود عباس، مع قيادات من الحرس الثوري الإيراني في مدينة دير الزور، بالتزامن مع زيارة لنقاط عسكرية تقع على خطوط التماس مع "قسد"، شرقيّ محافظة دير الزور، إلى الشرق من البلاد.
وكان الناشط وسام العميدي قد كشف لـ"العربي الجديد" في وقت سابق أن اجتماعاً جمع في نادي الضباط في مركز المحافظة وزير الدفاع وكلاً من الحاج كميل، وهو المسؤول العسكري العام في الحرس الثوري الإيراني عن محافظة دير الزور، والحاج حسين، وهو المسؤول العسكري عن مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي، والحاج عباس، المسؤول العسكري عن مدينة البوكمال الحدودية مع العراق شرقيّ المحافظة.
اجتمع وزير الدفاع لدى النظام، مع قيادات من الحرس الثوري الإيراني في دير الزور
وأعقب ذلك جولة للوزير على نقاط عسكرية تابعة لقوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية على خطوط التماس مع "قسد" في بلدات حطلة، والجنينة، ومراط، ومظلوم، والحسينية، والطابية، وخشام بريف محافظة دير الزور الشمالي الشرقي، بالإضافة إلى زيارة لقيادة "اللواء 137" و"معسكر الطلائع" بريف دير الزور الغربي، شرقيّ البلاد.
وفي 16 يوليو الحالي، أجرى التحالف الدولي تدريبات في محافظة الحسكة شمال شرقي سورية، إذ جرت تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية في قاعدة الشدادي جنوبي المحافظة، وجاءت بالتزامن مع إرسال التحالف تعزيزات ضمت مدافع ودبابات وناقلات جند من الشدادي إلى قاعدة حقل كونيكو للغاز في دير الزور.
وكانت تقارير إعلامية قد أفادت سابقاً بنقل قوات التحالف صواريخ من نوع "هيمارس" الأميركية، إلى قاعدة حقل العمر النفطي وقاعدة كونيكو، وتلك صواريخ تطلقها الراجمات وتستخدم في معارك الميدان وضرب خلف خطوط العدو.
وتلك التدريبات تزامنت مع إرسال النظام لتعزيزات انطلقت هذه المرة من دمشق ومحيطها إلى دير الزور في الـ17 من الشهر الحالي، إذ ذكر مصدر عامل ضمن وحدات الرصد والمتابعة، التابعة للمعارضة السورية، لـ"العربي الجديد"، أن "الفرقة 18" و"الفرقة 11" (دبابات)، وقوات "الحرس الجمهوري"، أرسلت تعزيزات عسكرية ثقيلة من قطعها العسكرية المنتشرة في الريف الغربي من دمشق، ومدينة حمص، إلى مدينة الميادين التي يسيطر عليها الحرس الثوري الإيراني بريف محافظة دير الزور الشرقي، شرق البلاد.
وأكد المصدر أن التعزيزات ضمّت 7 دبابات من طرازات مختلفة، 5 مدافع ميدانية من طراز "130"، و 3 عربات "بي.إم.بي"، وراجمتي صواريخ من نوع "غراد"، رافقها قرابة 200 عنصر من الفرقتين وقوات الحرس الجمهوري.
كل تلك التطورات، جاءت بعد تناقل أنباء حول نوايا أميركية بدعم وتنسيق بين "قوات الصناديد"، والتي هي جزء من "قسد"، و"جيش سورية الحرة"، الذي يعد حامية لقاعدة التنف العسكرية عند مثلث الحدود السورية الأردنية العراقية، والمدعوم من التحالف الدولي، لقطع الطرق بين إيران والعراق أمام مليشيات إيران إلى سورية، وذلك بعد تنظيف الطريق الذي يعبر من البادية من مليشيات إيران. وتلك الأنباء لم تؤكدها أي من أطراف المذكورة، ولم تنفها بطبيعة الحال.
فرص الصدام الأميركي الروسي الإيراني
وحول ذلك، رأى العميد المنشق عن قوات النظام أسعد الزعبي، أن أي صدام عسكري في سورية، لا سيما في شمالها الشرقي، لا بد أن يكون بالوكالة. نوّه إلى أن الولايات المتحدة تعمد إلى ذلك كونها تدرك حجم خسائر المعارك البرية في حال حدوثها، لكنها تدعم حلفاءها في الأرض بسلاح الجو، ولا يمنع ذلك وجود خبراء يوجهون خلف خطوط القتال. وافترض الزعبي في حديث لـ"العربي الجديد" أنه إذا كان وكلاء واشنطن هم "جيش العشائر" و"جيش سورية الحرة" و"لواء ثوار الرقة"، فإن وكالة روسيا هم إيران والمليشيات التي تدعمها بالإضافة للنظام والمليشيات الرديفة له.
وأضاف الزعبي أن "القوات الروسية ربما يكون لها تدخّل رمزي خلف خطوط القتال من خلال مناورات معينة". واعتبر أن "احتمالية التصعيد بدت واضحة بعد أن أرسلت واشنطن قوات من الفرقة العاشرة ذات التدريب العالي، بالإضافة إلى نشر أسطول كبير من المقاتلات والطائرات المتطورة في الشرق الأوسط".
الزعبي: أي صدام عسكري في شمال شرقي سورية، لا بد أن يكون بالوكالة
وقارن الزعبي بين القوات الأميركية والروسية فيما يخص التصعيد المحتمل بينهما في سورية، قائلاً إن الولايات المتحدة تمتلك القوة الجوية ذات القدرة العالية والتدخّل السريع، ما يكسبها التفوق على الرغم من تواجد قاعدة حميميم لروسيا على الأراضي السورية.
واستبعد الزعبي "اندلاع مواجهة مباشرة، بقدر ما يمكن أن نشهد ضربات تحذيرية أو إنذارية بين الطرفين"، منوهاً إلى أن "المعركة تتطلب خطوط إمداد مباشرة، والولايات المتحدة لديها هذه الخطوط، لكن النظام وإيران لا يملكونها فيما لدى الروس خطوط ضعيفة جداً".
ولخص الزعبي التطورات الحالية بالقول إن "احتمالية بدء إيران معركة مفتوحة لا تتعدى 2 من العشرة، في حين تذهب 8 بالعشرة للولايات المتحدة وحلفائها، وستكون فرصة أمام الولايات المتحدة لقطع الطريق أمام التمدد الإيران من بوابة مدينة البوكمال الحدودية مع العراق". وأضاف: "سيكون من مصلحة الروس دفع إيران لمواجهة الولايات المتحدة وحلفائها من دون تدخّل مباشر وحقيقي، وقد يخلص كل ذلك إلى تغيير على الجغرافيا هناك وربما يؤدي إلى انزواء القوات الروسية إلى حميميم وإنهاء تواجدها شرق البلاد".
من جهته، لا يعتقد الباحث رضوان زيادة، المقيم في واشنطن، بـ"اندلاع صدام قريب بين القوات الأميركية وأي طرف آخر". غير أنه أوضح لـ"العربي الجديد" أن "واشنطن تريد أيصال رسائل عبر تعزيز قواتها ضد المليشيات الإيرانية بشكل خاص، وذلك بعد أن كشفت تلك المليشيات عن إمكانية القيام بضربات محدودة من أجل اجبار القوات الأميركية على الرحيل، وبالتالي ردت الولايات المتحدة عبر تعزيز قواتها بشكل كبير هناك".