- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
تفاوت دور مصر في الشأن السوداني والليبي.. تأثير التحولات المراوغة
تفاوت دور مصر في الشأن السوداني والليبي.. تأثير التحولات المراوغة
- 3 مارس 2023, 7:58:55 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
"يتفاوت دور مصر من التطورات الحاصلة في كل من السودان وليبيا، ففي الوقت الذي لعبت فيه القاهرة دورًا رئيسيًا في تسهيل اتفاقات فرقاء ليبيا ، لم يكن لها تأثير يذكر على عملية الانتقال في السودان".
هذا ما خلص إليه أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية خليل العناني، في تحليل نشره المركز العربي للأبحاث، وترجمه موقع الخليج الجديد.
وحسب العناني، فقد أثارت التطورات السياسية الأخيرة في السودان وليبيا بعض التفاؤل بشأن حل محتمل للأزمات السياسية التي طال أمدها، والتي ابتليت بها كلا البلدين على مدى السنوات الماضية.
ففي ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، دخلت القوات العسكرية والمدنية السودانية في اتفاق إطاري بهدف وضع حد للأزمة السياسية الجارية وتسهيل الانتقال إلى الحكم المدني.
وبالمثل، في ليبيا، يرى العناني في تحليله أن هناك بصيص أمل على المدى الطويل، وأن انتخابات رئاسية وبرلمانية مرتقبة ستجرى هذا العام.
ففي يناير/ كانون الثاني، توصل "عقيلة صالح"، رئيس مجلس النواب، و"خالد المشري"، رئيس المجلس الأعلى للدولة، إلى توافق في الآراء بشأن خارطة طريق يمكن أن تمهد الطريق لإجراء الانتخابات في نهاية عام 2023.
وبالرغم من أن مصر ليست بعيدة عن هذه التطورات في كلا البلدين، إلا أنها لا تتمتع بنفس الوزن أو التأثير في كلتا الحالتين، كما أن محاولة مصر لاتباع سياسة من شأنها التأثير على التحولات السياسية في كلا البلدين، واجهت تحديات على أرض الواقع.
حيث لا تزال القوى المدنية السودانية حذرة من مشاركة مصر في العملية الانتقالية، بينما أدت الانقسامات الداخلية في ليبيا وتأثير الجهات الخارجية إلى تعقيد الوضع السياسي وقد تؤدي إلى دفع الانتخابات إلى وقت آخر غير مؤكد.
ويرى الكاتب أنه بالرغم من أن مصر رحبت ظاهريًا بالاتفاق الإطاري بين القوات العسكرية والمدنية في السودان وأعربت عن دعمها الكامل لها، إلا أن تأثيرها كان محدودًا على نتائجه.
ولم تفشل القاهرة فقط في لعب دور رئيسي في تسهيل توقيع الاتفاق من قبل الأطراف السودانية، بل قامت أيضًا بمحاولات لتقويض تنفيذها وعرقلة تحقيقها.
ويرى أستاذ العلوم السياسية أنه منذ بداية العملية السياسية في السودان عام 2019، كان النظام المصري حريصًا على منع الانتقال إلى الحكم المدني.
ومن منظور نظام الرئيس "عبد الفتاح السيسي"، يمكن أن يشكل وجود حكومة مدنية على الحدود الجنوبية لمصر تهديدًا وجوديًا. ولذا لم يكن من المستغرب أن يلقي نظام "السيسي" دعمه وراء الجيش السوداني ويحاول استمالة بعض القوات المدنية.
علاوة على ذلك، وإدراكًا للتأثير المحتمل للاتفاقية الإطارية على مصالح مصر في السودان، سعت حكومة "السيسي" إلى زرع الخلاف بين القوى السياسية السودانية، بالإضافة إلى تطوير إطار عمل بديل يمكن أن يتماشى بشكل أفضل مع مصالح القاهرة.
ويؤكد الكاتب أن نهج مصر تجاه النزاعات الجارية في السودان وليبيا قد تأثر بمجموعة معقدة من العوامل، بما في ذلك حساب مصالحها الوطنية وطبيعة علاقاتها مع الأطراف المعنية.
فكما يتضح من مشاركتها الأخيرة في ليبيا، تمكنت مصر من لعب دور بناء في المساهمة في حل النزاع، بالرغم من وجود عقبات كبيرة.
في المقابل، اتسم نهج مصر تجاه الصراع في السودان بالقيود والعقبات التي حدت من قدرتها على لعب دور بناء، وأدى انعدام الثقة بين مصر والقوى الثورية في السودان، التي كانت تسعى للإطاحة بنظام الرئيس السابق "عمر البشير"، إلى تقويض نفوذ مصر وقدرتها على المساهمة بشكل هادف في عملية حل النزاع.
وقد تفاقم هذا بسبب تصور القوى الثورية أن مصر كانت متحالفة مع النظام السابق، مما أدى إلى تدهور علاقات مصر مع هؤلاء الفاعلين.
باختصار، أثرت تعقيدات الصراعات في السودان وليبيا، فضلاً عن الديناميكيات الإقليمية والدولية المتطورة، على سياسة مصر الخارجية تجاه هذه البلدان.
وفي حين، كان انخراط مصر في ليبيا أكثر نجاحًا، فإن قيودها في السودان تسلط الضوء على الحاجة إلى إعادة تنظيم استراتيجي لتعزيز فعاليتها في التعامل مع هذه الصراعات.
وينتهي العناني إلى أن مثل هذا التحول في السياسة سيتطلب نهجًا دقيقًا لعلاقاتها مع مختلف الأطراف المشاركة في هذه النزاعات، فضلاً عن موازنة مصالحها الوطنية مع حتمية بناء علاقات بناءة مع جيرانها الإقليميين.