- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
توتّر في «القرن».. أبرز التحوّلات العسكرية في أفريقيا بالعام المنصرم
توتّر في «القرن».. أبرز التحوّلات العسكرية في أفريقيا بالعام المنصرم
- 30 أبريل 2022, 12:53:40 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
استمر الإنفاق العسكري في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء في الانخفاض في عام 2021، بل تراجع إلى المستويات التي كان عليها في سنة 2012؛ فيما أصبحت منطقة غرب أفريقيا تستحوذ على حوالي 40% من الإنفاق العسكري في القارة، حسب تقرير «المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية» الذي أشار إلى أن أحد أهم المتغيّرات العسكرية في غرب أفريقيا في السنة الماضية هو إعادة التموضع العسكري الفرنسي فيها، مع دخول روسيا بقوّة في الساحة الأمنية العسكرية.
ويصدر تقرير المعهد اللندني الذي يعد من أبرز مراكز الأبحاث في ميدان العلاقات الدولية، بشكل سنوي وهو يتناول توجّهات سياسيات الدفاع في مختلف أنحاء العالم لسنة 2021، ويعرض التقرير معطيات تفصيلية عن توجّهات الجيوش في مختلف مناطق العالم، ومعلومات عن ميزانياتها وإستراتيجيات التحديث والانتشار والردع، مطعّمة بالإحصائيات والتطوّرات التقنية التي تعرفها القوات المسلّحة في مناطق العالم، وفي السطور القادمة سنتطرّق إلى أهمّ ما احتواه التقرير حول منطقتي غرب أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء.
غرب أفريقيا.. انقلاب في مالي وانسحاب فرنسي يغيّر الخريطة العسكرية لـ«الساحل»
كانت منطقة غرب أفريقيا ساحةً للتوتّر الأمني والعسكري في السنة الماضية، فبالإضافة إلى نشاط الحركات الإسلامية المسلّحة، فقد شهدت المنطقة انقلابين في كلّ من مالي وغينيا، بالإضافة إلى استمرار الحكم العسكري في تشاد بعد وفاة الرئيس إدريس ديبيه في أبريل (نيسان) 2021 وخلافة ابنه له.
كما أعلنت فرنسا إعادة تموضعها في المنطقة وتغيير خططها العسكرية بالتراجع عن عملية برخان، على إثر الخلافات مع الطغمة العسكرية الحاكمة في مالي والتي اتخذت اتجاهات معادية للوجود الفرنسي؛ لتبقى فرنسا أهم الفواعل العسكرية الأجنبية في منطقة الساحل.
وتشهد هذه المنطقة نشاطًا للحركات الإسلامية المسلّحة التي تعجز دول «المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس)» وهو تجمّع يضمّ 15 دولة، عن التصدّي لها بصورة فعّالة، خصوصًا وأنّ هذا التجمّع السياسي كان قد وضع إستراتيجية عمل لـ«استئصال الإرهاب» بين 2020 و2024، إلا أنّ هذه الجهود لا يبدو أنها تؤتي ثمارها لحدّ الساعة.
عصيمي جويتا – قائد المجموعة العسكرية الحاكمة في مالي
وأشار التقرير إلى أن الحركات المتمرّدة تشهد انتعاشًا في كل من بوركينا فاسو ومالي والنيجر، وقد أسفرت عن مقتل العديد من المدنيين في سنة 2021، وتعتمد هذه الحركات على تكتيكات تمزج بين حروب العصابات والعمليات الإرهابية، بالاعتماد على سرعة الحركة والهجمات الخاطفة التي توفّرها الدرّاجات النارية وعربات نصف النقل.
ورغم أن الجهود الأوروبية التي تقودها فرنسا قد أظهرت نتائج ناجحة من الناحية التكتيكية، فإن خطر هذه الجماعات المسلّحة يظلّ قائمًا، وتزامن هذا مع إعراب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن إحباطه من الجهود العسكرية في مالي واعتبر أنه من المستحيل الاستمرار إلى الأبد في الوجود العسكري بالمنطقة، واتهامه السلطات المحليّة بعدم تحمّل مسؤولياتها في حفظ الأمن، كما أعلنت فرنسا وقف التنسيق العسكري مع الجيش المالي بعد انقلاب أغسطس (آب) 2020.
وتطمح فرنسا أن يقدّم المجتمع الدولي دعمًا أكبر مجموعة «تاكوبا» الأوروبية المتواجدة في المنطقة، بالإضافة إلى «مجموعة الخمسة» في الساحل؛ إلاّ أن فرنسا من خلال طلب الدعم الدولي تعبّر في الحقيقة عن إحباطها من هذا التورّط العسكري، خصوصًا مع التقارير التي تصلها عن أنّ بعض العواصم الإقليمية تنخرط في مفاوضات مع ذات الجماعات التي تحاربها في المنطقة.
أحد أهمّ المتغيّرات في القطاع العسكري في منطقة الساحل التي يشير إليها التقرير هو دخول روسيا إلى المنطقة من بوّابة مالي، إذ وقّع الطرفان اتفاقية تعاون دفاعية في سنة 2019، كما شهدت البلاد عدّة مظاهرات رافضة للوجود العسكري الغربي في البلاد، وقد عبّرت كل من واشطن وباريس عن قلقها بسبب التقارير التي تشير إلى اعتماد مالي على مجموعة «فاجنر» الروسية.
توتّرات عسكرية في القرن الأفريقي.. وحرب أهلية في إثيوبيا
تشهد منطقة القرن الأفريقي توتّرات أمنية لا تهدأ، ووجودًا عسكريًا دوليًا بعدّة صيغ مختلفة، هذا ما أشار إليه التقرير العسكري بالنظر إلى الحروب والأزمات الأمنية التي عرفتها المنطقة خلال السنة الماضية. وفي الوقت الذي سحبت فيه الولايات المتحدة قوّاتها من الصومال مع منتصف يناير (كانون الثاني) 2021، مع بقاء التنسيق العسكري بين الطرفين؛ فإن القصف الجويّ الأمريكي على من تصفهم بـ«الإرهابيين» مستمرّ.
وفي أبريل 2021 أعلنت الولايات المتّحدة تجميد بعض أجزاء برنامجها الاقتصادي والأمني مع إثيوبيا، في ضوء الحرب الأهلية بين الحكومة المركزية بقيادة رئيس الوزراء آبي أحمد و«الجبهة الشعبية لتحرير تجراي» في المقابل جددت روسيا علاقاتها العسكرية مع إثيوبيا بتوقيعها اتفاقية تعاون عسكرية معها في يوليو (تموز) 2021.
أما الصين فقد واصلت حضورها العسكري بجانب الحكومة الاثيوبية ولو بصورة أقلّ صخبًا، في إطار منتدى التعاون الصيني الأفريقي (2019-2021) الذي يدخل في نطاق مبادرة «طريق الحرير». وقد اشتملت الإعانات العسكرية لإثيوبيا على التدريب ومشاركة المعلومات الاستخباراتية ومكافحة «الإرهاب».
وبسبب ظروف الحرب مع جبهة تحرير تجراي، والدروس التي استخلصتها إثيوبيا بضرورة الاعتماد على الطائرات المسيّرة من دون طيّار، اتّجهت الحكومة الإثيوبيّة إلى مورّدين جدد، من بينهم إيران وتركيا، وفي ذات السياق فإن بريطانيا عزّزت من وجودها في منطقة شرق أفريقيا من خلال اتفاقية جديدة مع كينيا في يوليو 2021.
وقد عرفت منطقة القرن الأفريقي في سنة 2021 توتّرات عسكرية بالغة الخطورة سواء على مستوى الداخلي لدول المنطقة، أو بين الدول نفسها، إذ كادت المنطقة تشتعل على ضوء صراع بين السودان وإثيوبيا حول منطقة الفشقة الحدودية المتنازع عليها، ويشير التقرير إلى أنّ النزاع من المرجّح أن يستمرّ خصوصًا مع سيطرة الجيش السوداني على 90% من منطقة الفشقة، في الوقت الذي كانت إثيوبيا هي من تسيطر عليه في السابق.
وقد ربط بعض المحلّلين بين هذا التوتّر الحدودي السوداني الإثيوبي في إقليم الفشقة، مع التوتّرات بين كل من مصر وإثيوبيا والسودان حول «سدّ النهضة» واستمرار إثيوبيا في علميات الملأ التي تهدّد حصص السودان ومصر في مياه النيل.
واستشهد المحللون بالمناوارت العسكرية المشتركة بين مصر والسودان في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 وأبريل 2021، والتي شملت نقل طائرات عسكرية مصرية إلى السوادن؛ وقد تزامنت هذه المناورات مع عملية الملء الثاني لسدّ النهضة؛ ورغم هذه المناورات التي تحمل رسائل سياسية وتهديدات عسكرية فإن إثيوبيا استمرّت في عملية الملء، وقد شهدت السنة الماضية أيضًا انسحاب قوّات بعثة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور من المنطقة، من أجل إعادة توزيعها في مناطق أخرى.
كما عرفت سنة 2021 زيادة التوتّرات بين الصومال وكينيا حول جملة من الملفات أهمّها حقوق التنقيب عن الغاز في شواطئ جنود الصومال، وقد أدّى ذلك إلى قطيعة بين الطرفين قبيل الانتخابات الصومالية، وقد تعمّقت هذه القطيعة بسبب التعاون الثلاثي بين إريتريا وإثيوبيا والصومال، وهو ما أدّى إلى انقسام القرن الأفريقي إلى تكتّلات، خصوصًا وأنّ إثيوبيا قد تخلّت عن مقعدها في «إيقاد» (الهيئة الحكومية للتنمية التي تضمّ دول القرن الأفريقي) لصالح السودان في 2019.
في المقابل فإن تورّط إريتريا في نزاعات المنطقة يبقى الصعب التنبّؤ به، خصوصًا وأنّ اتفاقية السلام مع إثيوبيا سنة 2018 قد أعطت الرئيس إسحاق أفورقي المزيد من النفوذ والقوّة في المنطقة، وهو ما لم يكن يتمتّع به قبل 2018.
وقد استفادت الحكومة المركزية في إثيوبيا بشدّة من المساعدة الإريترية من قمع تمرّد إقليم تجراي؛ إلاّ أن تقارير حقوقية قد انتقدت بشدّة تعامل إريتريا مع المدنيين التجراي، وزادت من العزلة الدولية لإريتريا، وأعلنت الولايات المتحدة عن عقوبات ضدّ قيادات في القوات المسلحة الإريترية في نوفمبر 2021.
هل يصبح الجيش الإثيوبي «أضعف جيش في أفريقيا»؟
يشير التقرير إلى أنّ العقيدة القتالية للجيش الإثيوبي تقليديًا، كانت موجّهة إلى الأخطار الخارجية القادمة من إريتريا والصومال، بالإضافة إلى تهديدات أكثر بعدًا مثل مصر، ولذلك فإن توزيع وحدات الجيش الأربعة متمركز في الحدود مع كل من إريتريا والصومال وجنوب السودان والسودان. لكن زيادة التهديدات مع إريتريا منذ 2016 وحالة غياب الاستقرار الداخلي أدّى إلى إعادة تموضع وحدة عسكرية من منطقة شير إلى حوسة في الجنوب، وتشكيل وحدات قيادة جديدة في أديس أبابا ونيكيمتي في غرب أوروميا.
ومنذ نوفمبر 2020، شهد الجيش الإثيوبي نجاحات وإخفاقات في حربه ضد جبهة تحرير تجراي؛ لكن أهمّ ميزة تمتّع بها الجيش الإثيوبي هو حفاظه على هياكله التنظيمية والقيادية رغم الخسائر على أرض المعركة سواء في نوفمبر 2020 أو في مايو (أيار) ويونيو (حزيران) 2021.
وقد ردّت إثيوبيا على الخسائر الأوّلية في حرب ضد التجراي من خلال التوظيف الكثير للطائرات المسيّرة بدون طيّار، وإشراك الجيش الإريتري والقوّات الخاصة للأمهرة، وميليشيات الأمهرة منذ منتصف نوفمبر 2020، لكن رغم هذه النجاحات، فإن إخفاق الجيش الإثيوبي في تحييد القيادات العسكرية والسياسية لجبهة تحرير تجراي من شأنه أن يحوّله إلى حملة تمرّد واستخدام أساليب حرب العصابات والكرّ والفرّ.
وفي يونيو 2021 أعلنت قوّات التجراي عن سيطرتها على منطقة ميليكي وإعلان الحكومة وقفًا لإطلاق النار أحادي الجانب لأسباب إنسانية وانسحابها من وسط إقليم تجراي، واستمرّت قوّات التجراي في الهجوم المباشر على إقليم أمهارة والعفر، وإلى حد سبتمبر (أيلول) 2021، استمرّت قوّات التجراي في مهاجمة شمال جوندار وإقليم أمهرة.
في المقابل فإن الحكومة المركزية بقيادة أبي أحمد تكثّف من جهودها لتجنيد عناصر جديدة للجيش، بالإضافة إلى شراء المزيد من الطائرات بدون طيّار من كل من الصين وإيران وتركيا، وقد أثيرت تساؤلات حول قانونية استعانة الحكومة الإثيوبية بالميليشيات التابعة للأقاليم الفيدرالية خلال الحرب الأخيرة، وطالبت المعارضة بإدماج هذه القوّات المسلّحة داخل الجيش الإثيوبي وحذّرت من خطرها على المدى الطويل.
وأشار التقرير إلى ملاحظة مهمّة متعلّقة بالقوّات العسكرية الخاصة بالأقاليم الفيدرالية، بحُكم أن إثيوبيا دولة تعتمد النظام الفيدرالي إذ يملك كل إقليم قوّة من الميليشيات العسكرية غير تابعة لقيادة الجيش الإثيوبي المركزي، وبالنظر إلى أنّ إقليم التجراي كان قد عمل على تعبئة حوالي 250 ألف عنصر من القوّات الخاصة والشرطة والميليشيات؛ وبالإضافة إلى عدد ميليشيات الأقاليم الإحدى عشر الأخرى كالأمهرة وأوروميا والعفر، فإن أعدادها مجتمعة تفوق عدد قوّات الحكومة المركزية؛ وهو ما يرجّح الكفّة العسكرية والسياسية للأقاليم على حساب حكومة أديس بابا، ويضعف المركز السياسي للدولة، وهو أهمّ تحدّ واجه أبي أحمد منذ استلامه السلطة منذ 2018.
أفريقيا الجنوبية.. تمرّد في موزمبيق ونقص موارد مالية في جنوب أفريقيا
يشير التقرير إلى استمرار حالة التمرّد في منطقة شمال كابو ديلجادو بموزمبيق، وهو ما أدّى إلى إرسال بعثة عسكرية من طرف «المجموعة الجنوب أفريقية للتنمية» (تجمّع سياسي يضمّ البلدان التي تقع في جنوب القارّة)، بالإضافة إلى قوّات من رواندا.
وقد كان انسحاب شركة «توتال» النفطية وإيقاف إنتاج النفط وسحب موظفي الشركة من المنطقة دليلًا على درجة السوء التي وصل إليها الوضع الأمني في منطقة كابو ديلجادو، خصوصًا وأنّ المتمرّدين قد سيطروا على مدينة بالما في مارس (آذار) 2021، إذ افتقدت القوّات الحكومية إلى القوة وسرعة الحركة والغطاء الجوّي، كما فشلت الشركات الأمنية الخاصّة في امتصاص هجوم المتمرّدين.
وفي أبريل 2021 أجرى رئيس موزمبيق فيليب نيوسي زيارة إلى رواندا وطلب مساعدة عسكرية لصدّ التمرّد، وقد أرسلت رواندا في التاسع من يوليو قوّة مكوّنة من 1000 من الجنود والشرطة، بالإضافة إلى تجهيزات عسكرية، وقد انضمّت قوات من بوتسوانا وجنوب أفريقيا إلى جهود مواجهة المتمرّدين وشاركوا بقوّات خاصة جرى نقلها بطائرات «سي – 130» إلى منطقة بيمبا في 21 يوليو 2021.
وشاركت جنوب أفريقيا في هذه الجهود بقوّة بشرية مكوّنة من 1500 فرد من القوّات الخاصة بالإضافة إلى عناصر من القوّات الجوية والبحرية، بالإضافة إلى مروحيتيْن من نوع «أوريكس» وعربات «سيسنا» وطائرة «سي – 130» للنقل الجوي.
أما بوتسوانا فقد شاركت بـ196 فرد من بينهم عناصر من القوّات الخاصة، فيما رفضت زيمبابوي المشاركة الميدانية واكتفت بتوفير 300 منسّق وعناصر مساعدة، وتعاني هذه المهمّة الدولية من مشكلتيْن رئيسيّتين: ضعف القوات البشرية المقاتلة، ونقص التنسيق فيما بينها.
موزمبيق لم تكن الدولة الوحيدة جنوب القارّة التي تشهد توتّرات أمنية، إذ إن جمهورية أفريقيا الوسطى هي الأخرى شهدت أعمال عنف منذ نهاية 2020، والتي جرى احتواؤها بمشاركة قوّات أممية، من الأمم المتحدة ورواندا بالإضافة إلى مجموعة «فاجنر» الروسية، كما تشهد البلاد تواجدًا دائمًا لمستشارين عسكريين روس.
وتستمرّ أعمال العنف في المناطق الشرقية من البلاد، والتي تشارك فيها مجموعات متمرّدة من رواندا وبوروندي وأوغندا، وتنفذ هجمات بأسلوب حرب العصابات، متّخذة من أفريقيا الوسطى قاعدة لعملياتها، بالإضافة إلى الميليشيات المحليّة والمجموعات الإجرامية، في المقابل فإن قوّات أفريقيا الوسطى لا تنفكّ تعاني من ضعف هيكلي في مؤسساتها وتنظيمها.
أما جنوب أفريقيا فتعاني من نقص في تمويل قطاعاتها الدفاعية والأمنية، وهو ما ظهر جليًا في يوليو 2021 حين طُلب من القوّات المسلحة مساعدة الشرطة على احتواء الانتفاضة في منطقة «كوازولو ناتال» وجوتنبرج.
ولم يستطع الجيش توفير سوى طائرتين من نوع «سي-130» من أصل ستّة تمتلكها البلاد، وقد تزامن ذلك مع طلب موزمبيق لهذا النوع من الطائرات لمواجهة المتمردين، وقد شهدت ميزانية البلاد لسنة 2021 تخفيض حصّة قطاع الدفاع بنسبة 19% مقارنة مع سنة 2020، ناهيك على أنّ 61% من الميزانية تتّجه إلى رواتب العمّال.
كما تعاني القوّات المسلحة في جنوب أفريقيا من ارتفاع سنّ القيادات وحاجة المعدّات للتجديد، خصوصًا وأنّ أغلب معدّاتها ترجع إلى فترة الستينيات والسبعينيات، ومع خفض ميزانية الدفاع فإن الجيش الجنوب أفريقي اضطرّ إلى اتخاذ إجراءات تتماشى مع هذه السياسة التقشّفية، ومنها خفض ساعات الطيران العملياتية من 17200 ساعة إلى 15000 ساعة، خصوصًا وأن تمويل العمليات القتالية الجويّة قد انفخض بـ60%.
رغم ذلك فإن جيش جنوب أفريقيا يبقى نشطًا في العديد من الميادين، إذ جرى إرسال وحدة المروحيات إلى الكونغو الديمقراطية بالإضافة إلى مهام حراسة الحدود، وشارك أفراد من الجيش في جهود مكافحة فيروس كورونا، كما شارك 25 ألف عنصر في مجابهة القلاقل الداخلية في صيف 2021، كما أرسلت البلاد حوالي 1500 عنصر إلى موزمبيق للتصدّي للمتمرّدين.
وتعاني الصناعات العسكرية في جنوب أفريقيا من خفض ميزانية الدفاع، من بينها شركة «دينيل» (Denel) الرائدة في الصناعات العسكرية في جنوب أفريقيا، والتي كانت تعاني من قبل من مشكلة سيولة حتى قبل جائحة كورونا، لتتعمّق مشكلاتها المالية أكثر فأكثر، وتعجز عن دفع الرواتب منذ 2019.
وكانت الشركة قد خسرت 119 مليون دولار خلال سنتيْ 2019-2020، كما خسرت العديد من مهندسيها خصوصًا في وحدة تصنيع الصواريخ والطائرات المسيرة من دون طيّار؛ وقال التقرير إنّ الشركة لطالما رفضت الدخول في شراكة مع الأجانب، في المقابل، يستمرّ قسم البحرية في شركة «بارامونت» الجنوب أفريقية في بيع باخرات المراقبة إلى دول غرب أفريقيا، بينما تعمل الشركة على إجراء تعديلات هيكلية وتحاول جلب التمويل بكل الطرق.