- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
تونس.. حملة الاعتقالات إلى أين؟ (تقرير)
تونس.. حملة الاعتقالات إلى أين؟ (تقرير)
- 25 فبراير 2023, 10:07:48 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بدأت منذ 11 فبراير.. شملت سياسيين وإعلاميين ونشطاء وقضاة ورجال أعمال
- أحمد الركروكي القيادي "بحراك 25 جويلية" (المساند للرئيس قيس سعيد) للأناضول: "الإيقافات تعد أمرًا طبيعيًا جاء بناء على أدلة وبراهين كشفت مخطط انقلاب للوصول إلى السلطة".
- مراد اليعقوبي المحاضر في الجامعة التونسية، للأناضول: ما تشهده البلاد سيجعلها مقبلة على "نفق بلا نهاية" وأن "الايقافات التي لا معنى لها ستستمر بتهم غير ثابتة نتيجة عمل سياسي"
تشهد تونس منذ أيام، حملة توقيفات شملت مجموعة من السياسيين والإعلاميين ورجال أعمال ومحامين وقضاة.
ويبرر الرئيس التونسي قيس سعيّد الاعتقالات، بأنها تأتي ضمن "محاربته كل من أجرم بحق البلاد ونهب مستحقات الشعب التونسي وتآمر على أمن البلاد الداخلي والخارجي".
ويعتبر معارضون لسياسات سعّيد أن ما تشهده تونس من تصاعد لحملات الاعتقالات "يأخذ البلاد نحو القمع والاستبداد"، معتبرين ذلك "تغطية واضحة لعجز الدولة عن حل المشاكل والتنصل من المسؤوليات".
بينما يرى مؤيدون للرئيس أن ما يحصل "سيخلّص البلاد من الفساد وممن خانوا البلاد" وفق تعبيرهم.
** أدلة وبراهين
أحمد الركروكي، المحامي والقيادي في "حراك 25 جويلية" (المساند للرئيس سعيد)، اعتبر أنّ "الإيقافات الأخيرة تعد أمرًا طبيعيًا، كونها مبنية على أدلة وبراهين كشفت مخططًا انقلابيًا للوصول إلى السلطة"، مشيرًا إلى أن "هناك أموالا تضخ وأفكارًا وتنظيمًا كاملا من أجل قلب النظام" في البلاد.
وقال الركروكي في تصريحات للأناضول، إن "التحقيقات أخذت مجراها والقضاء أصدر أوامر بالسجن في حق الموقوفين"، منوّهًا بأن "كل ذلك تم بناء على تحريات أمنية".
ولفت إلى أن "البراهين والأدلة التي جمعت في التحريات الأولية قاطعة وقوية لإدانة الموقوفين"، وفق قوله، مشيرًا إلى أن "الرئيس سعيد أكد تورط الموقوفين".
واتهم سعيد في 14 فبراير/ شباط الجاري، بعض الموقوفين بـ"التآمر على أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار".
ومقابل تشديد سعيد مرارًا على استقلال المنظومة القضائية، تتهمه المعارضة باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين للإجراءات الاستثنائية التي بدأ فرضها في 25 يوليو/ تموز 2021، مما أحدث انقساما حادا في البلاد.
** مطالبات ب "محاكمات عادلة"
اعتبر المحامي الركروكي أن "سعيّد لم يقم بتصفية خصومه سياسيًا، ولو أراد ذلك لقام به منذ 25 يوليو 2021، ولكن الملفات المنسوبة للموقوفين ثابتة".
وأضاف: "لدينا ثقة في القضاء، فمن يثبت تورّطه سيأخذ جزاءه، ومن ثبتت براءته فسيُخلى سبيله".
وقال الركروكي: "أنا كمحامٍ أدعو إلى احترام الإجراءات والمحاكمة العادلة واحترام آجال الإيقاف القانونية".
وأوضح أن "المعارضة الحاليّة كانت في السلطة طيلة العشر سنوات الماضية، ومعارضتهم مشكوك فيها".
وعلى النقيض من ذلك، اعتبرت جبهة الخلاص المعارضة، السبت الماضي، أن الاعتقالات الأخيرة التي شهدتها البلاد وشملت عددًا من الشخصيات تمّت "عبر دوس القانون ومن خلال العنف ودون أذون قضائية".
وقال رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي، خلال ندوة سياسية بالعاصمة تونس، خصصت لمناقشة حملة الاعتقالات، إن "هذه الهجمة انطلقت معها معركة اتصالية كبرى بين المعارضة والقوى المدنية، والسلطة التي تريد أن تقدم هذه الاعتقالات على أنها تلاحق إرهابيين ومتآمرين على أمن الدولة وسيادتها".
والخميس، طالبت منظمة العفو الدولية الرئيس سعيّد بـ "وقف الملاحقات القضائية للمدنيين أمام المحاكم العسكرية".
ودعت المنظمة سعيّد في بيان، إلى "وقف اعتداءاته على الحق في المحاكمة العادلة"، و"الامتناع عن اعتماد التشريعات التي من شأنها أن تهدد حرية التعبير".
والجمعة، أعربت فرنسا في بيان لوزارة خارجيتها، عن "قلقها إزاء موجة الاعتقالات الأخيرة في تونس"، داعيةً السلطات إلى "ضمان احترام الحريات، لا سيما حرية التعبير".
** "مزاعم بالتخلص من الفساد"
ويرى الركروكي أن الاعتقالات تأتي ضمن "توجّه تونس نحو التحرير من أخطبوط الفساد وتأسيس وطن عادل، وإنشاء اقتصاد وطني وإصلاح التعليم وتجديد الإدارة وتحديثها، وإيجاد موارد جديدة للاقتصاد وقيام ثورة حقيقية للقضاء على البطالة، والرقي بمعيشة المواطن التونسي وأمنه الغذائي".
واعتبر الركروكي أنّ "الصلح يكون في جميع المجالات إلا في خيانة الوطن، فعلى من سرق المال العام إرجاعه، وبعدها نتصالح معه".
وأضاف: "لا حوار مع من خان الوطن".
وفي وقت سابق الجمعة، أوقف الأمن التونسي القيادي في "جبهة الخلاص الوطني" جوهر بن مبارك، وفق تدوينة نشرها والده الناشط السياسي عز الدين الحزقي، عبر "فيسبوك".
وبحسب الجبهة المعارضة، فقد حوّلت وزارة الداخلية الجمعة، معتقلين حزبيين وناشطين سياسيين إلى النيابة العامة "في حالة احتفاظ" (توقيف)، دون تعليق من السلطات.
وذكرت الجبهة أن "المعتقلين حضروا مُقيدي الأيدي وفي ظروف مُهينة، وسط حضور مكثف ومدجج بالسلاح لأعوان الأمن إثر قرار النيابة العمومية إحالتهم على مكتب التحقيق لدى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب".
وقالت الجبهة، إنها "تعبر عن تضامنها الكامل مع المعتقلين وأسرهم والهيئات المختلفة التي ينتمون إليها".
** "سعيّد يصدر أحكامًا قبل القضاء"
من جانبه، يرى المحلل السياسي والمحاضر في الجامعة التونسية، مراد اليعقوبي، أن الاعتقالات تعد "تتويجًا لمسار كان واضحا منذ بدايته في 25 يوليو/ تموز وقبله أيضا".
ولفت اليعقوبي في تصريحات للأناضول، أنّ ما وصفه بـ "التحالفات الرخيصة وخيانة المهمة التي كلف بها الشعب بعض الأطراف (لم يسمّهم) وتحالفها مع جهات أخرى وفشل عمل البرلمان، ساهم فيما بعد في إعطاء الصلاحيات للرئيس".
وأوضح أن "هناك جهات في البرلمان تواطأت مع سعيّد بهدف حله".
وزاد: "وبذلك وجد سعّيد الطريق مفتوحة أمامه للتخلص من كل معارضيه".
وأوضح اليعقوبي أن "ما يحصل يتماشى مع رؤية سعيّد، حيث يُصدر أحكامه قبل القضاء، فتتكفل وزارة العدل وبقية الهياكل بالمهمة".
وأضاف: "الرئيس يحكم والقضاء يقوم بوظيفة وليس سلطة"، في إشارة إلى تماشي أحكام القضاء مع ما يراه سعيّد.
ووصف اليعقوبي سياسة سعيد بأنها "حلقة مفرغة يهرب منها حتى مناصروه".
وأشار أن "سعيّد لا يؤمن بالإجراءات، وإنما يؤمن برأيه، وبنظرية الزعيم الملَهم".
** "نفق بلا نهاية"
ويرى اليعقوبي أن "البلاد مقبلة على نفق بلا نهاية، وأن الايقافات التي لا معنى لها ستستمر بتهم غير ثابتة نتيجة عمل سياسي".
وأضاف: "مسار سعيّد سيؤدي إلى تآكل شعبيته وتدهور أكثر للأوضاع واحتقان سياسي وتأجيج للوضع الاجتماعي دون إيجاد حلول، في وقت تمرّ فيه البلاد بصعوبات اقتصادية".
وقال المحلل السياسي إنه "حتى لو وضعت كل المعارضة في السجون، فإن ذلك لن يحلّ مشاكل تونس، بل سيؤدي إلى انهيار البلاد، فالوضع لا يبشر بخير".
وشدد على أن "السياسة التي يتبعها سعيد لن تخرج البلاد من نفقها".
وأعرب اليعقوبي عن تأييده "محاسبة الموقوفين في حال ثبوت التهم ووجود أدلة قاطعة في حقهم"، مشيرًا إلى أن "مقاومة الفساد التي يتحدث عنها سعيّد تتم عن طريق ملفات ذات طابع غير سياسي".
ووصف اليعقوبي السلطة بأنها "صامتة تخرج لتسبّ معارضيها في الثكنات وغيرها، لتعود بعدها إلى سباتها".
ومنذ 11 فبراير/ شباط الجاري، تشهد تونس حملة اعتقالات شملت سياسيين وإعلاميين ونشطاء وقضاة ورجال أعمال.
وتستمر المعارضة في رفضها لإجراءات استثنائية بدأ فرضها في 25 يوليو/ تموز 2021 ما أحدث انقسامًا حادًّا في البلاد.
ومن أبرز هذه الإجراءات: حل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة وإقرار دستور جديد عبر استفتاء.
وتعتبر قوى في تونس، بينها الحزب الجمهوري، تلك الإجراءات "تكريسا لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى "تصحيحا لمسارة ثورة 2011"، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987 ـ 2011).
أما سعيد، الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، فقال إن إجراءاته "ضرورية وقانونية" لإنقاذ الدولة من "انهيار شامل".