- ℃ 11 تركيا
- 25 نوفمبر 2024
تونس 2022: اقتصاد مأزوم ومؤشرات مربكة
تونس 2022: اقتصاد مأزوم ومؤشرات مربكة
- 29 ديسمبر 2022, 6:29:16 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في حالة من عدم الاستقرار السياسي، وفي سيرها على مسار تراجعي عن مكتسيات الثورة، وفي وقت يواجه فيه أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ استقلال البلاد في خمسينيات القرن الماضي، تدخل تونس عام 2023 في حالة من الضبابية في ظل المحطات العديدة التي عرفها الاقتصاد التّونسي طيلة 2022.
ولعل أبرز المحطات التي سجلت خلال هذه السنة، هي المفاوضات مع صندوق النّقد الدولي التي انطلقت منذ تموز/ يوليو الماضي، من أجل منح تونس قرضا بحوالي 1.9 مليار دولار على مدى 4 سنوات.
وتوجت المفاوضات باتفاق مبدئي، منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فيما كان ملف البلاد على جدول أعمال الصندوق لشهر كانون الأول/ ديسمبر، إلا أنه وفي 14 من الشّهر ذاته، قرر صندوق النقد الدولي إرجاء ملف تونس، إلى أجل غير مسمى.
هذا القرار أثار تفاعلا لدى أوساط الخبراء في تونس، منهم من أرجع ذلك إلى عدم توافق الأطراف الاجتماعية والحكومية، حول مضمون الإصلاحات المطلوبة من الصندوق، وأن ذلك قد يؤخر خروج تونس أزمتها المالية الخانقة.
واشترط الصندوق برنامج إصلاح، يتضمّن إصلاحات مالية وجبائية، تهدف إلى دفع النمو والاستثمار وتحسين مناخ الأعمال، ومنها إعادة هيكلة المؤسسات العمومية والتحكم بكتلة الأجور.
نمو متباطئ وتضخم في ارتفاع
وأنبأت مؤشرات الاقتصاد التّونسي، منذ بداية العام الجاري، أنه مقبل على أزمة، تستوجب حلولا عاجلة، فنسبة التضخم في البلاد عرفت ارتفاعا "غير مسبوق" وصل إلى 9.8%، خلال تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي وهي أعلى نسبة تسجلها تونس منذ تسعينات القرن الماضي.
ورافق ارتفاع معدلات التضخم، شح في المواد الأساسية ما يزال يرهق المواطن التونسي، فأغلب المساحات الكبرى والمتاجر حددت لزبائنها كمية الشراء لبعض المنتجات، على غرار الحليب والزيت والدقيق والبيض والقهوة والزبدة.
وأرجعت السلطات التونسية ندرة هذه المواد إلى ما اعتبره الرئيس، قيس سعيّد، "احتكار" كبار التجار لهذه المنتجات.
وتوعّد سعيّد المحتكرين في أكثر من مناسبة، فيما يرى خبراء اقتصاديون أن ذلك ناجم عن الظروف الدولية وأزمة كورونا، فضلا عن الحرب الروسية الأوكرانية ونقص إمدادات عديد المواد.
أما نسبة النمو في البلاد، عرفت، بحسب بيانات رسمية، ارتفاعا طفيفا خلال هذه السنة، من 2.4% خلال الربع الأول 2022 إلى 2.8% في الربع الثاني وصولا إلى 2.9% خلال الربع الثالث.
في المقابل، توقع صندوق النقد الدولي في بياناته "تباطؤ النمو في تونس على المدى القريب، بينما سيؤدي ارتفاع أسعار السلع الأساسية الدولية، إلى الضغط على التضخم وكذلك على الميزان الخارجي والمالي لتونس".
أمّا نسبة البطالة فقد شهدت استقرارا في الربع الثاني من السنة الحالية مقارنة بالفترة التي سبقتها، لتعود إلى مستويات قريبة من معدلات ما قبل الجائحة (15.3% مقابل 15.1% في الربع الثاني 2019).
عجز الموازنة
ومع صعوبة خروج تونس للأسواق الخارجية بحثا عن تمويلات واقتراض، فإن الحكومة تتوقع خفض عجزها إلى 5.5% العام المقبل من حوالي 7.7% للعام الحالي، ضمن إجراءات تقشف بهدف للتوصل لاتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي.
وتحتاج تونس قروضا خارجية بمقدار 12.6 مليار دينار (4.05 مليارات دولار) لتعبئة عجز ميزانية 2022، مقارنة بـ 12.1 مليار دينار (3.89 مليارات دولار) في قانون المالية التكميلي لعام 2021.
ووفق قانون الموازنة لعام 2023، تخطط الحكومة لتعبئة موارد خارجية بقيمة 14.8 مليار دينار (4.7 مليارات دولار)، مقابل قروض داخلية بقيمة 9.5 مليارات دينار (3 مليارات دولار).
اتحاد الشغل
وبالإضافة إلى تلك المؤشرات، فقد تميزت علاقة السلطة والاتحاد العام التونسي أكبر منظمة نقابية في البلاد، بشد وجذب.
ففيما يطالب الأخير الحكومة بتوضيح الوضع ومصارحة الشعب بحقيقة الوضع الاقتصادي بالبلاد، وإجراء حوار جدي مسؤول يجمع كل الأطراف، تعتبر الحكومة التونسية أن زيادة النمو وتعزيز قدرة الاقتصاد على الصمود، يتطلب تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتحكم في التوازنات الكبرى على المدى القصير.
كما ترى الحكومة أنه سيتسنى تجسيم هذه النجاعة الاقتصادية، والتحكم نسبيا في التوازنات المالية من خلال إصلاح المنظومة الجبائية (الضرائب) وتحديث القطاع العمومي (الحكومي) وإصلاح منظومة الدعم.
أما فيما يتعلق بالبرنامج الإصلاحي الذّي يطالب به الصندوق، فإن الاتحاد يرفض قطعيا "إلغاء الدعم (الحكومي) على عدد من المواد الاستهلاكية وخصخصة مؤسسات عمومية (بيعها للقطاع الخاص) والضغط على كتلة الأجور وإثقال كاهل الأجراء (العمال) بالضرائب".
ارتفاع أسعار المحروقات
وتزامنا مع ما تشهده الساحة الدولية من أزمات وخاصة منها الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع أسعار النفط، عرفت أسعار المحروقات في تونس زيادات عدة.
هذا العام، رفعت تونس أسعار الوقود في خمس مناسبات، الأولى كانت مطلع شباط/ فبراير، والثانية في آذار/ مارس، والثالثة في 14 نيسان/ أبريل.
فيما كانت الرابعة منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، أما الخامسة فكانت خلال 24 كانون الأول/ ديسمبر، وفي كل مرة تتم الزيادة ما بين 50 و100 مليما.