- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
تيران وصنافير.. جائزة استراتيجية لـ"إسرائيل"
تيران وصنافير.. جائزة استراتيجية لـ"إسرائيل"
- 16 يوليو 2022, 3:38:09 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تبعد جزيرتا تيران وصنافير عن بعضهما نحو 4 كيلومترات في مياه البحر الأحمر، وتتحكم الجزيرتان في مدخل خليج العقبة، وميناءي العقبة في الأردن، وإيلات في "إسرائيل".
انتقال السيادة على الجزيرتين من مصر إلى السعودية يعني أن الرياض ستسيطر منفردة على مضيق تيران الذي يتحكم في الملاحة البحرية في خليج العقبة، ودخول السعودية في علاقاتٍ رسمية مباشرة مع "إسرائيل" يعني أن الأخيرة ستكون لها اليد العليا في مضيق تيران.
تيران وصنافير.. بين مصر والسعودية
كانت تيران وصنافير تحت سيطرة مصر منذ العام 1950، واحتلتهما "إسرائيل" أثناء حرب السويس التي خاضتها ضد مصر مع فرنسا وبريطانيا في 1956 بعد إعلان الرئيس المصري، جمال عبد الناصر، تأميم قناة السويس التي كانت تدير الممر الملاحي الدولي وتخضع لسيطرة فرنسا وبريطانيا بشكلٍ رئيس.
وأشعلت الجزيرتان شرارة حرب عام 1967 بين الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي وذلك عندما أعلنت مصر نشر قواتها فيهما وإغلاق مضيق تيران.
ولكن عام 1982 استعادت مصر السيطرة على الجزيرتين بموجب معاهدة "كامب ديفيد" التطبيعية مع الاحتلال الإسرائيلي الموقعة في 1979 والتي نصّت على اعتبار الجزيرتين "جزءاً من منطقة لا توجد فيها قوات عسكرية إنما شرطة فقط وتنتشر فيها قوة حفظ السلام المتعددة الجنسيات".
وعمل الإسرائيليون منذ "كامب ديفيد" على طرد الجيش المصري من مضيق تيران، فتم تقسيم سيناء إلى 3 مناطق "أ" و "ب" و "ج"، وقضت الاتفاقية بأن تكون المنطقة "ج" التي تضم خليج العقبة وحتى شرم الشيخ خالية من أي وجود عسكري لمصر، أي منزوعة السيادة، وكان الإسرائيليون يدخلون إليها بدون تأشيرة وينظمون الرحلات إليها بدون تدخل من السلطات المصرية.
وفي الـ 8 من نيسان/ أبريل عام 2016، أبرمت القاهرة والرياض اتفاقية لترسيم الحدود نصّت على "انتقال تبعية تيران وصنافير إلى السعودية" بعد جدلٍ قانوني واسع في مصر وغضب وتظاهرات احتجاجية.
ووصل الأمر إلى القضاء المصري الذي "تضاربت قراراته"، فألغتها كلها المحكمة الدستورية العليا في حزيران/يونيو 2017.
في الشهر نفسه، أقر البرلمان المصري اتفاقية ترسيم الحدود ثم صادق عليها الرئيس، عبد الفتاح السيسي، ونشرت في الجريدة الرسمية.
وانتقال السيادة فعلياً على الجزيرتين إلى السعودية "مرهون بموافقة إسرائيل" لأن الجزيرتين جزء من اتفاقيات "كامب ديفيد" المبرمة مع مصر.
ووافقت "إسرائيل"، أمس الجمعة، على نقل جزيرتَي تيران وصنافير في البحر الأحمر من مصر إلى السعودية، وفق وكالة "فرانس برس".
من المستفيد من خروج قوات حفظ السلام من تيران وصنافير؟
أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، أنّ قوات حفظ السلام ستغادر من الجزيرتين بحلول نهاية العام الجاري، وتتمركز القوات في جزيرة تيران ويبلغ عددها اليوم 1700 جندياً بينهم 450 أميركياً، وهذا الانسحاب يُفيد "إسرائيل" لأسبابٍ عدّة:
- تفضّل "إسرائيل" أن تكون الجزيرتين تحت السيطرة السعودية لسببين؛ الأول أنه يهيئ الظروف لاتفاقية التطبيع التي تعتبرها "إسرائيل" الأكبر والأكثر أهمية بالنسبة لها، والسبب الثاني هو أن "إسرائيل" تخشى من صعود نظامٍ مصري جديد أو ما تسميه الأوساط الأكاديمية السياسية "عبدالناصر جديد"، وفي ذلك هي تقلق من أي تحولات في النظام السياسي المصري أكثر من التحولات الممكنة في السعودية.
ففي السابق عندما هدد الرئيس جمال عبد الناصر، بإغلاق مضائق الجزيرتين، نشبت حرب عام 1957 بين مصر من جهة، وبريطانيا وفرنسا و"إسرائيل" من جهةٍ أخرى، بسبب أهميتيهما الاستراتيجية، وكان قرار عبد الناصر بإغلاق مضيق تيران بمثابة "إعلان حرب" بالنسبة إلى "إسرائيل".
- تبعد جزيرة تيران التي تبلغ مساحتها 61,5 كيلومتر مربعاً قرابة ستة كيلومترات عن الساحل الشرقي لشبه جزيرة سيناء حيث تقع مدينة شرم الشيخ السياحية، عند مدخل خليج العقبة. أما صنافير التي تمتد على مساحة 33 كيلومتر مربعاً، فتقع على بعد 2,5 كلم أخرى شرقاً، ويعتبر مدخل خليج تيران الممر الملاحي الرئيسي للوصول إلى ميناء إيلات الإسرائيلي على خليج العقبة.
- جزيرتا تيران وصنافير ستكونان جزءاً من مشروع "نيوم" الذي سيضم استثمارات تكنولوجية ضخمة تشارك فيها "إسرائيل" بشكل مباشر، وتراهن السعودية على هذا المشروع لرفع مستويات التجارة التي تمر عبر هذه المناطق.
ومشروع نيوم سيكون على شاكلة منطقة دولية مغلقة لا تنطبق عليها قوانين المملكة، ولها قانون خاص، وإدارة أجنبية مستقلة، مخصصة للسائحين والمستثمرين الأجانب بمن فيهم الإسرائيليون ولن يسكنها الشعب السعودي، فالمرخص لهم بالوجود فيها 3 أصناف "مستثمر وسائح وعامل في أحد المشاريع" كما يقول محمد بن سلمان.
المباركة الأميركية لتحرك القوات والقبول المصري في نقل ملكية الجزيرتين يصبان في خانة الحماسة السعودية "الإسرائيلية" لمد جسور التطبيع من جهة، وتقديم أعلى مستويات الطمأنة في الملاحة البحرية ل "إسرائيل" من جهة أخرى.