جدعون ليفي يكتب: أكلت مع ابني في أور يهودا.. وبسرعة سموني "نازي يهتم بأطفال غزة"

profile
  • clock 6 يناير 2025, 4:40:26 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

“عند التركي” هو اسم محل معروف لبيع الشاورما في أور يهودا، ولكن لا يوجد فيه أي شيء تركي، المشهد شعبي والأسعار أقل شعبية، وشخص منظم يوجد على المدخل وطابور من الزبائن الذين جاءوا من قريب ومن بعيد. خدمة ابني العسكرية اوصلته في حينه الى هذا المكان، ومنذ ذلك الحين وهو يحب أن يأكل هناك.

أول أمس في الظهيرة كنا هناك مرة أخرى. سرعان ما ثارت ضجة. بدأت بالشتائم بصوت مرتفع وانتهت بدائرة تبعث الرعب حول طاولتنا. “ليتك تختنق بالاكل وتموت”، كانت البداية، “لماذا تسمح لهم بأن ياكلوا هنا؟”، استمر التهديد. و”لو لم تكن توجد كاميرات لكنت حطمت وجهك”. هكذا كانت النهاية. “انظروا من يأكل هنا”، قال شخص للمارة، وهؤلاء وقفوا في دائرة وينظرون الى الشيطان الذي جاء الى المدينة. الرجل تقدم واقترب من طاولتنا.غضبه ازداد والعنف كان قريب جدا. ذهبنا من هناك على صوت الشتائم التي رافقتنا الى السيارة. “تبا لمن ياكل مع هذا النازي”، ايضا وجهوا الشتائم لابني. ليس للمرة الاولى ولا للمرة الاخيرة. هذا غير فظيع وليس قصة كبيرة.

لكن كانت هناك جملة قيلت هناك أكثر من مرة، لم أسمعها من قبل وهي “أنت نازي لأنك تهتم بأطفال غزة”. في اور يهودا حصلت النازية على تعريف جديد: النازي هو من يهتم باطفال غزة. التجويع، الحصار، النقص، التدمير، التطهير العرقي والابادة الجماعية في غزة تعتبر في العالم خصائص للنازيين، في حين أنه في اور يهودا انقلب النظام. النازي هو الذي يهتم بالضحية. من يهتم باطفال غزة لا يمكنه الاكل في اور يهودا أو الاقتراب منها – المدينة التي يوجد فيها شارع على اسم يوني نتنياهو، ومطعم باسم “لقاء عنتيبة. وشارع سمي في السابق على اسم عشيقة رئيس البلدية.

خلال هذه الحرب واجهت العنف والتهديد أقل من العادة، الساحة انتقلت الى “نعم” أو “لا” والنضال من اجل المخطوفين. التلفزيون لا يقدم أي رأي بديل أو صوت يعارض جرائم الحرب، وهكذا بالتحديد يخفف على المصدومين من افعال اسرائيل: في هذه المرة مجموعة المعارضين آمنة اكثر من رعب الجمهور. لأن صوته تم اسكاته وتم ابعاده عن الحوار. هذا الإسكات خطير.

حتى الآن لم تكن لدينا حرب لم يكن لها معارضون، على الأقل في المراحل المتقدمة والأكثر إجراما. دائما الحروب هنا بدأت بدعم المجتمع اليهودي، وحتى بانفعال شامل في اوساط ابنائه، الى أن فتحت الشروخ وبرزت الاسئلة. حرب لبنان الاولى كانت مثال على ذلك، لكن أيضا عملية “الرصاص المصبوب” و”الجرف الصامد” اثارت في مرحلة معينة المعارضة، وصوتها تم سماعه. ليست هذه هي الحال في هذه المرة. هذه الحرب، الاطول التي عرفتها الدولة منذ اقامتها، هي الحرب التي كانت الموافقة عليها اوسع من أي حرب اخرى، على الاقل في الخطاب العلني حولها. المحتجون يريدون صفقة. المعارضون يريدون وقف اطلاق النار وحتى انهاء الحرب – لكن فقط من اجل المخطوفين والجنود الذين يقتلون. الضحايا في غزة لا يتم أخذهم في الحسبان بالمرة. ومن يحاول ذكرهم، على الاقل في اور يهودا.

غسل الأدمغة والعمى يسجلان أرقام قياسية غير مسبوقة. خيبة الأمل للكثيرين والجيدين – القلائل جدا الذين استيقظوا منها حتى الآن – خلقت السراب والوهم: للوهلة الأولى يبدو أنه يوجد في الدولة نقاش عميق والمجتمع منقسم اكثر من أي وقت مضى. لا يوجد انقسام: اسرائيل موحدة في تأييدها غير المحدود للجيش الاسرائيلي مهما تراكمت جرائمه. وبفضل هذه الوحدة غير المحدودة يمكن لاسرائيل أن تفعل في غزة ما يخطر ببالها بعد 7 اكتوبر. عمليا، اسرائيل لم تكن موحدة بهذا الشكل كما هي موحدة في بداية العام 2025، رغم كل الضجة في الخلفية والنحيب المصطنع على “الاستقطاب الموجود في الشعب”، إلا أنه محظور في أي حال الاحتجاج على هذا النظام الجيد. ومن يحاول فعل ذلك فهو نازي.

عندما وصلنا أخيرا إلى السيارة أنا وابني، تقدم نحوي شاب لطيف وطلب مباركتي. وقد قال إن من لا يرد على الشتائم والتهديدات يعتبر صاحب خصائص مميزة. وطلب مني أن أعطيه البركة ليجد في القريب زوجة جيدة. أنا فعلت ذلك وكنت مسرورا لتقديم هذه المساعدة.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)