- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
حامد أبو العز يكتب: الخلاف بين بايدن ونتنياهو.. هل سيؤثر على التحالف الاستراتيجي بين أمريكا وإسرائيل؟
حامد أبو العز يكتب: الخلاف بين بايدن ونتنياهو.. هل سيؤثر على التحالف الاستراتيجي بين أمريكا وإسرائيل؟
- 31 مارس 2023, 3:16:51 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
عند مراقبة تصاعُد لهجة الخلاف بين إدارة بايدن في الولايات المتحدة وإدارة نتنياهو في إسرائيل، علينا كمراقبين أن نتريث قليلاً قبل الضرب على طبول الفرح والبهجة، فالمستعمرون والفاشيون قد يختلفون إلا أنهم لا يفترقون.
تصاعدت حدة الخلافات بين الرئيس بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل غير مسبوق حول التعديلات القضائية، حيث تحدثت الصحافة الإسرائيلية عن توجيه بايدن رسالة سرّية إلى نتنياهو يطالبه فيها بالتخلي عن موضوع التعديلات القضائية، وتؤكد وسائل الإعلام الإسرائيلية على أن الرسالة كانت شديدة اللهجة وغير مسبوقة.
في الحقيقة، إن تصاعد الخلاف بين الإدارتين الإسرائيلية والأمريكية حول ملف التعديلات القضائية لا يعني أن هناك تحولاً في التحالف الاستراتيجي، وذلك لأن مقومات هذا التحالف قائمة لم تتغير بعد، بحيث يقوم هذا التحالف على أساس تاريخي منذ الدعم الأمريكي للإسرائيليين في حرب 1948 وما قبل هذه الحرب، من خلال تقديم الدعم المادي والعسكري لتأسيس كيان مغتصب على الأراضي الفلسطينية.
كما أن اللوبي الإسرائيلي في واشنطن هو من أعقد وأقوى اللوبيات في العالم، وهو ما زال يمارس أعماله في الضغط على الولايات المتحدة لحماية إسرائيل والحفاظ على مصالحها، وضمان تفوقها العسكري في منطقة الشرق الأوسط، ولذلك لا يجب التعويل على هذه الخلافات واعتبارها مقدمة لتغيير حقيقي على مستوى القضية الفلسطينية، خصوصاً إذا ما علمنا أن هناك سوابق تاريخية لتوتر بين العلاقات الإسرائيلية-الأمريكية.
الخلاف بين أوباما ونتنياهو
تعود هذه الخلافات إلى حقبة الرئيس باراك أوباما، وللمصادفة فقد كانت الخلافات كذلك مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه. في العام 2015 وإثر الخلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة، حول توقيع الأخيرة للاتفاق النووي مع إيران، خاطب نتنياهو دون دعوة، ودون علم الرئيس الأمريكي باراك أوباما، كلاً من أعضاء مجلس النواب ومجلس الشيوخ الأمريكيين في جلسة مشتركة، فيما اعتُبر لاحقاً إهانةً للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
خطاب نتنياهو آنذاك أشعل جدلاً سياسياً في واشنطن والعالم، ليس فيما يتعلق بموقف إدارة أوباما من الملف النووي، والاختلاف العميق مع إسرائيل وحسب، بل شملت العاصفة السياسية أصل ومستقبل التحالف الاستراتيجي بين إسرائيل وأمريكا. لم تمضِ أشهر فقط إلا وقامت إدارة أوباما بتقديم أكبر حزمة مساعدات اقتصادية إلى إسرائيل، بلغت نحو 38 مليار دولار، تمتد لنحو عشر سنوات. شملت هذه المساعدات تطوير الأنظمة الصاروخية والجوية الإسرائيلية، والتأكيد على تفوق القوة العسكرية الإسرائيلية. في ذلك الوقت أشار نتنياهو إلى هذه المساعدات على أنها تأكيد على عمق العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، والتأكيد على أن العلاقات هي أقوى اليوم من أي وقت مضى، ويشمل ذلك كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
إن الخلافات بين الإدارة الأمريكية والإدارة الإسرائيلية تتركز في نظرة الولايات المتحدة للحل طويل الأمد بالنسبة لفلسطين، حيث تدعم الإدارات الجمهورية الرؤية الإسرائيلية القائمة على التطرق وتصفية القضية بشكل كامل، بينما تتجه الإدارات الديمقراطية إلى التخفيف من حدة هذه المواقف. بالطبع تنظر الولايات المتحدة إلى التعديلات القضائية على أنها مقدمة للحرب الأهلية، واحتمالية السقوط، خصوصاً من خلال قراءتها للإشارات القادمة من الجيش وقوى الأمن الإسرائيلي، التي رفضت الانخراط فيما تقوم به إدارة نتنياهو المتطرفة.
وبينما يختلفان في ملف التعديلات القضائية إلا أنهما يتفقان اليوم على سبيل المثال حول خطورة الوجود الإيراني في سوريا، على مستقبل إسرائيل، ويراقبان بعناية وحذر اتفاق المصالحة السعودية-الإيرانية. هذا الحذر الذي عبّر عنه "إيال حولاتا"، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي سابقاً بالقول إنه لا يجب على إسرائيل أن تنتظر أن تنظم السعودية لاتفاقيات أبراهام، وذلك لأن السعودية لديها مسؤوليات أبعد من العلاقات المشتركة مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وانعكست هذه المسؤوليات والطموحات بتوقيع اتفاق مصالحة برعاية صينية.
ختاماً، قول الرئيس بايدن بأنه لا يعتزم أن يدعو نتنياهو لزيارة البيت الأبيض في المدى القريب، لا يجب اعتباره خلافاً عميقاً في العلاقات مع إسرائيل، بل يجب أخذه في سياق حملة الضغوط الهادئة التي تقودها إدارة بايدن، لثني نتنياهو عن المضي قدماً في تمرير مشروع التعديلات القضائية. علينا ألا نتفاءل كثيراً بهذه الخلافات، لأنه من المحتمل أن نشاهد نتنياهو في واشنطن بعد أسابيع.