- ℃ 11 تركيا
- 9 يناير 2025
حتى الحمساوي الأخير؟ عندما تتحول الحرب نفسها إلى هدف
حتى الحمساوي الأخير؟ عندما تتحول الحرب نفسها إلى هدف
- 9 يناير 2025, 10:33:26 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
اللواء احتياط يسرائيل زيف - القناة ١٢ العبرية
مرّ الأسبوع الـ65 من الحرب أيضاً، ونحن في الطريق إلى اللا مكان. لا يوجد أيّ نقطة محددة تسمح لنا بأن تعرف أين نعرف بالنسبة إلى اللا - نهاية. شيء واحد واضح الآن أيضاً: نحن نبتعد عن أهداف الحرب، وإنجازاتنا تُستنزف وتختفي.
إن صفقة تبادُل الأسرى تبتعد مرة أُخرى، وحالة التورط في غزة تتعمق، واتفاق وقف إطلاق النار في لبنان هشّ، ووجودنا في سورية يستقطب إدانات من كل أنحاء العالم، هذا بالإضافة إلى أن قصف الحوثيين لا يزال يهدد تل أبيب، و"الانتصار المطلق" لا يبدو واضحاً في الأفق. أهداف الحرب الأطول في تاريخ إسرائيل لم تتحقق بعد: "حماس" لا تزال تحكم في غزة، والمخطوفون يختنقون في الأنفاق، ولم يعودوا، وجنودنا الأعزاء ما زالوا يُقتلون.
فخلال الشهر الماضي، قُتل 17 من أفضل أبنائنا في عمليات، الهدف منها قتل مزيد من "المخربين"، وإيجاد مزيد من فتحات الأنفاق في جباليا - وهي أهداف لن تغيّر شيئاً في الوضع القائم في غزة. وفي الوقت نفسه، تبني "حماس" قوتها من جديد في أغلبية المناطق التي لا يوجد فيها الجيش، ويشهد على ذلك الـ15 صاروخاً التي أُطلِقت خلال الأسبوع الماضي على البلد.
فمن أجل ملاحقة "حماس" حتى آخر "إرهابي"، يجب أن تتخذ الحكومة قراراً بشأن فرض حُكم عسكري كامل وتجنيد فرقتين كاملتين - وهو ما لا يمكننا القيام به الآن - من أجل القتال في مناطق القطاع كلها. هذا بالإضافة إلى الحاجة إلى تلبية حاجات أعداد كبيرة من اللاجئين في القطاع.
البديل هو نقل المسؤولية إلى السلطة الفلسطينية التي ستبني القطاع من جديد، بدعم من دول عربية، في الوقت الذي يحرس الجيش من الخارج، ويمكنه التدخل في كل لحظة.
وللإجابة عن سؤال عمّا إذا كان من الممكن الاعتماد على السلطة الفلسطينية، يوجد جواب واضح: هناك مواقع تنجح فيها، وقاعدة إضافية مفادها أنه بهدف السيطرة على القطاع، سيُقتلون هم، وليس جنودنا. إذا فشلت هذه المحاولة، فلا مشكلة لدينا في العودة. إنه قرار سياسي صعب، لكنه الخيار الوحيد. ما تقوم به الحكومة الآن هو الاستمرار في طريقتها المعهودة بعدم اتخاذ قرار بأيّ شأن، وفي أيّ جبهة.
في لبنان أيضاً، الوضع ينهار. الجهة الوحيدة التي يمكنها حفظ الاتفاق الطري الذي يتفكك هي الجيش اللبناني. إن بناء الجيش من جديد وتقويته في الظروف الحالية، فضلاً عن منع حزب الله من تجديد قوته، أمور يمكن أن تمنع تجدُّد الحرب. يمكن لخطوة كهذه أن تسمح للجيش بالبقاء في الميدان وقتاً أطول بهدف ضمان تحقيق التغيير. لكن لا ينشغل أحد بهذا، لذلك، يمكن أن ينهارالاتفاق.
وربما هناك رغبة خفية في خلق شرعية لبقاء الجيش بشكل دائم في لبنان. صحيح أنه لا يوجد قرار حكومي بشأن الحرب، لكن يوجد قرار بشأن بقاء الحكومة.
فعلى جدول الأعمال هذا الأسبوع قرار تشريع التهرب من الخدمة العسكرية، وهو قانون مجحف وطعنة للأبطال الذين يخدمون والآلاف من جنود الاحتياط، وطعنة أيضاً لكرامة الذين قُتلوا.
إن تمرير القانون المتذاكي - وهو في الحقيقة يعفي عشرات الآلاف من الحريديين من الخدمة العسكرية في الوقت الذي يتوجب على كل واحد منهم أن يكون على الجبهة لأن الحكومة تخلق واقعاً أمنياً ثقيلاً، وهو أمر عبثي ودليل على عدم مسؤولية متفشٍّ واستهتار. وهذا لا يعبّر عن "يمينية"، ولا يتماشى مع "القرارات الشجاعة" التي يتفاخر بها رئيس الحكومة. ببساطة، إنها شهادة عار تشهد على ضعف الحكومة الحقيقي، وعلى بؤسها.
لقد انقلب عالمنا، وهدف بقاء الحكومة على حسابنا جميعاً يُفرض علينا فرضاً، ويحاصرنا. لقد تحولنا إلى شعب يخدم حكومته، ولا يبدو أن الدولة تهمّ أحداً.
غزة تتحول إلى نموذج فيتنام
يقول يارون أبراهام في مقاله الذي نشره هذا الأسبوع، إن وتيرة تجنيد "حماس" أعلى كثيراً من وتيرة قتل الجيش لـ"المخربين"، ويرى في ذلك إشارة إلى تراجُع إنجازات الحرب في غزة. وفي تقرير نُشر في "هآرتس"، قبل أكثر من أسبوعين، كان هناك إشارة إلى أن قوات الجيش لديها أهداف لقتل "مخربين". وأشار يانيف كوبوفيتش في نهاية الأسبوع إلى أن المدنيين القتلى في "محور نتساريم" يتم احصاؤهم ضمن القتلى من "المخربين".
ظاهرة "إحصاء الجثث" ليست جديدة، وهي تميز الجيوش التي تفقد البوصلة- نوع من تدمير ذاتي بسبب غياب الأهداف والخطة الاستراتيجية. هذا النموذج اختُرع في فيتنام، حيث استمر الغرق هناك، وازداد الإحباط، حتى دُفعوا إلى الاختراع "المتنور" القائل أنه كلما قُتل عدد أكبر من مقاتلي حرب العصابات في شمال فيتنام، كلما يئس الفيتكونغ، وخضعوا في نهاية المطاف. استمرت الحال على ما هي عليه 15 عاماً، وخرج الأميركيون من هناك هرباً، وتكبدوا نحو 60 ألف قتيل، أمّا الفيتكونغ فلم يستسلموا.
لا يوجد أيّ نموذج في التاريخ لاستسلام تنظيم أيديولوجي متطرف، وخصوصاً إذا كان دينياً. هناك كثير من النماذج من دول قاتلت ضد هذه التنظيمات بدافع "الإيغو"، ولم تكن تريد الوصول إلى اتفاق معين في النقطة التي حققت فيها إنجازات، وأُرغمت في نهاية المطاف على القيام بذلك بعد نحو 15 عاماً (في المعدل) في ظروف أسوأ كثيراً، وبأثمان أغلى كثيراً. انظروا إلى ما حدث لنا في لبنان في نهاية الحرب الأولى، وكيف خرجنا من هناك بعد 18 عاماً. حالياً، وضعنا أفضل كثيراً - يمكن التوصل إلى اتفاق جيد، وهناك احتمال لإنهاء حُكم "حماس" إذا تم اتخاذ القرار.
حتى لو استبعدنا عن الطاولة إمكان أن تكون حسابات نتنياهو شخصية وسياسية، فيجب عليه هو أيضاً أن يصحو من وهم "الانتصار المطلق" والأمل بأن "حماس" ستستسلم بعد قليل، وبعد استعمال مزيد من الضغط العسكري. ما يجري سيستمر وسيؤدي إلى طرح الشك، حتى في أوساط الجهات الأقل عقلانيةً، هذه الجهات التي تفهم متأخرة، عادةً، بعد الذين دفعوا الثمن سابقاً.
الوضع الحالي الناشىء من الفراغ في اتخاذ القرارات، هو أسوأ وضع، ويكلفنا أثماناً غالية جداً في الطريق إلى اللا - مكان. المشكلة هي أنه كلما مرّ مزيد من الوقت، كلما كان الخروج من هذه الحال أصعب، وكلما كان الاعتراف بالخطأ المتأخر مع ازدياد الأثمان أصعب أيضاً. للأسف، الشخص الذي لا يريد اتخاذ القرارات في نقطة الذروة، حيث هناك انتصار جدي على "حماس"، فإن احتمال أن يتخذه عندما يصبح الانتصار بعيداً وتتراجع الإنجازات ضئيل.
من أجل مَن نقاتل
في عيد الأنوار، عيد البطولة، التقيت جرحى الجيش خلال زياراتي للمستشفيات. رؤية هؤلاء الجنود وهم يقاتلون من أجل تعافيهم بصعوبة يخلق شعوراً بالفخر. قالوا لي إنه على الرغم من كل ما جرى لهم، فإنهم كانوا سينهضون اليوم أيضاً من دون تردد، وسألت لماذا، فكان جوابهم جميعاً من دون استثناء - من أجل إنقاذ المخطوفين.
التقيت خلال الحرب عدداً كبيراً من الجنود الذين قالوا إن السبب الأول الذي حرّكهم كان إنقاذ المخطوفين الذين فشلوا في الدفاع عنهم، وليس الانتقام. في نظرهم، هذا هو التصحيح الأكبر. هؤلاء الجنود هم جوهرنا كيهود وإسرائيليين وشعب فخور. أحد الأشخاص المهمّين من معسكر نتنياهو قال لي، في سياق الحديث عن المختطفين، "أنا لا أعتقد أن هناك يهودياً لا يريد، وغير جاهز للقيام بكل شيء من أجل إنقاذ يهودي". في الوقت الحالي، تمر الأيام الطويلة والليالي القاسية المتجمدة ومن غير الواضح كيف ينجو الناس هناك. يقلقني كثيراً في كل لحظة من جديد عندما أفكر أن لدينا قيادات منغلقة وباردة لا تقاتل من أجل عدم مرور يوم آخر من دون عودتهم.
قال جورج بوش يوماً عن تشرشل: أحد التحديات الكبيرة والإشكالية في القيادة هو أن يغرق القائد في الشفقة على الذات. يبدو لي أن ونستون تشرشل لم يشعر يوماً بهذه المشاعر من الشفقة على الذات". نتنياهو، هذه لحظاتك المهمة، وهذا قرارك، قم بإعادة المخطوفين.