- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
حرب أوكرانيا تهدد النفوذ الروسي في الشرق الأوسط
حرب أوكرانيا تهدد النفوذ الروسي في الشرق الأوسط
- 17 مارس 2022, 2:00:22 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تسير الحرب في أوكرانيا بشكل سيئ بالنسبة للرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" رغم أنه كان يخطط لتلك الحرب منذ فترة طويلة. وقد يكون التدهور الشديد في مكانة روسيا الدولية أكثر إيلاما لـ "بوتين" من الخسائر العسكرية أو العقوبات الاقتصادية.
وقد سعى "بوتين" إلى استغلال الضعف المفترض في قيادة الولايات المتحدة واعتماد الاتحاد الأوروبي على استيراد الغاز لتأكيد وضع روسيا "كقوة عظمى" لكنه واجه شكلا مفاجئا من أشكال الوحدة الغربية. وكما وعد الأمين العام لحلف الناتو "ينس ستولتنبرج" سيتزايد تواجد الحلف من القطب الشمالي إلى البحر الأسود.
وتم الاعتراف بهذا التصاعد في التهديدات المحتملة في اجتماع مجلس الأمن الروسي يوم الجمعة الماضي. لكن ما لفت انتباه وسائل الإعلام هو تعليمات "بوتين" بنشر "متطوعين" من الشرق الأوسط في منطقة دونباس.
وإذا تم تنظيم مثل هذا الانتشار بالفعل، فلن يحدث فرقا في العمليات الهجومية الروسية، لكنه يعطي انطباعا عن درجة ما من الدعم للموقف الروسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وبالفعل، فإن الانتقادات للحرب تبدو محدودة في الشرق الأوسط مما هي عليه في الغرب، حتى لو صوتت معظم تلك الدول لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يدين العدوان الروسي.
ويحاول الروس الحفاظ على العلاقات القائمة منذ فترة طويلة مع إسرائيل. ومنذ بداية الحرب، جرت 4 مكالمات هاتفية بين "بوتين" رئيس الوزراء الإسرائيلي "نفتالي بينيت" الذي زار موسكو في 5 مارس/آذار. ويدين الرأي العام الإسرائيلي الحرب بشدة، لذلك يبقي "بينيت" قنوات الاتصال مفتوحة أيضا مع الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي"، الذي يخطط لإلقاء كلمة في الكنيست في الأيام المقبلة.
وقد توجد مساحة محدودة للوساطة الإسرائيلية، ولكن ما يهم إسرائيل هو قدرة روسيا على طرح شروط جديدة لعرقلة المحادثات حول البرنامج النووي الإيراني.
وقدمت الحرب في الوقت نفسه دافعا جديدا للتقارب بين إسرائيل وتركيا. وقبل أيام، زار الرئيس الإسرائيلي "إسحاق هرتسوج" أنقرة للوقوف على أرضية مشتركة مع الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" الذي يرسم مسارا حذرا في مسرح البحر الأسود العاصف.
وقد نجحت المكالمة الهاتفية الوحيدة بين "بوتين" و "أردوغان" في تأمين استثناء لتركيا من القائمة الروسية لـ "الدول المعادية" التي شملت جميع أعضاء "الناتو" والاتحاد الأوروبي. فيما كانت بادرة حسن النية التركية في تنظيم اجتماع في 10 مارس/آذار بين وزيري الخارجية الروسي والأوكراني في أنطاليا غير مثمرة كما هو متوقع.
وكان الأمر الأكثر تأثيرا هو قرار أنقرة إغلاق مضيقي البسفور والدردنيل أمام البحرية الروسية. وكان على وزير الدفاع الروسي "سيرجي شويغو" الاتصال بنظيره التركي "خلوصي أكار، للحصول على توضيحات، وتم إبلاغه بأن تركيا تتعامل مع "العملية الخاصة" الروسية على أنها حرب، لذلك ينطبق عليها المادة 19 من اتفاقية مونترو لعام 1936.
ولا تحتاج روسيا إلى إحضار المزيد من السفن القتالية إلى البحر الأسود، لكن هذا القرار يؤثر على الدعم اللوجيستي لقواتها في سوريا. وناقش الخبراء الروس هذا الوضع بقلق كبير قبل عامين على خلفية تصاعد التوترات حول محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا. ومع ذلك، فإن اتفاق وقف إطلاق النار أزال هذا الخطر منذ ذلك الوقت.
وتحدث "بوتين" مؤخرا مع الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي"، لكن لا توجد سجلات لاتصالاته مع قادة الدول العربية المنتجة للبترول، بالرغم أن الوضع في سوق النفط العالمي له أهمية حاسمة بالنسبة لروسيا.
ولم يكن قرار الرئيس الأمريكي "جو بايدن" بوقف واردات الولايات المتحدة من النفط الروسي ضربة كبيرة في حد ذاته، لكنه أدى إلى تفاقم صعوبات تدفق الإيرادات قصيرة الأجل لدى "روسنفت" وترانس نفت".
ويكاد يكون من المستحيل التوقيع على صفقات جديدة، لذلك حتى الشركات الروسية الخاصة مثل "لوكويل" مجبرة على تقليص إنتاجها. ويعتقد الكرملين أن روسيا مورد لا غنى عنه، لكن في الواقع تضررت الأوضاع المتميزة للموردين الروس، وأولهم "غازبروم"، بشكل لا يمكن إصلاحه.
ويبدو أن سوق النفط العالمي استوعب الصدمة الأولية من اندلاع الحرب، ولا يمكن لموسكو أن تأمل في تنسيق حصص إنتاج "أوبك+" بالشكل الذي يحمي مصالحها.
واستند النفوذ الروسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا دائما إلى قدرة موسكو المتصورة على معارضة السياسات الأمريكية وإبراز القوة العسكرية عند الحاجة. لكن كل يوم من أيام الحرب الكارثية يقدم دليلا جديدا على حماقة تصور "بوتين" عن الضعف الغربي.
لذلك فإن قادة السعودية وإيران وإسرائيل ستصيبهم شكوك بمرور الأيام حول تصوراتهم عن النفوذ الروسي، حيث كشفت الحرب عن خلل الآلة العسكرية الروسية بشكل صارخ. وتلقي خطة الكرملين المفترضة لتجنيد "متطوعين" أجانب، بمن فيهم "محاربون" من جمهورية أفريقيا الوسطى، الضوء على هذا التدهور.
ومن المقرر أن تشهد سوريا، وهي الركيزة الأساسية للتمركز الروسي في شرق البحر الأبيض المتوسط، هزات جديدة. ولن تتقلص الصراعات في الشرق الأوسط بسبب الحرب الكبرى في أوروبا. لكن مغادرة روسيا لساحات الصراع في المنطقة قد تجعل هذه النزاعات أكثر قابلية للإدارة.
المصدر | بافل باييف/مؤسسة جيمس تاون