- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
القيادي اليساري عدلي أحمد يكتب : حول توقيت الكارثة المائية
القيادي اليساري عدلي أحمد يكتب : حول توقيت الكارثة المائية
- 21 مارس 2021, 11:13:33 م
- 1087
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
خطورة التصريحات الأثيوبية الأخيرة في انها كشفت بوضوح وقح عن النوايا الأثيوبية نحو مصير النيل المصري والسوداني.
ولكن في واقع الامر , فان ما تستطيع اثيوبيا حجزه لا يتوقف علي نواياهاوامنياتها , بل علي قدرتها علي الحجز والتخزين لهذه الكميات الهائله من المياه, فالملء الاول ارتبط اساسا بجاهزية التوربينات وبالارتفاع المتحقق للممرالوسط للسد - 560متر فوق سطح البحر - والذي ما كان يسمح بحجز اكثر من 9, 4مليار متر مكعب , وهي الكميه التي اعتبرت حد تخزين ميت تتيح خلط الطمي بالمياه , ومن ثم توجه بقية الفيضان شمالا نحو مصر والسودان من التوربينات فوق الممر الاوسط او الفتحات السفلية, وكذا الامر فيما يتعلق بالملء الثاني الذي يستهدف 5, 13مليار , , باعتبارها الكميه التي تسمح بتوليد كهرباء من خلال تشغيل اول توربينين , وفقا لمناقشات واشنطن التي شرعت اثيوبيا في تنفيذها من طرف واحد بعد انسحابها من استكمال التفاوض وصولا لاتفاق شامل.
ومن هنا فان الخطر الفعلي خلال هذا الفيضان لا يتعدى ضرر حجز مقدار الملء الثاني , وهو ما يمكن بالنسبة لمصر تعويض مقداره من مخزون بحيرة ناصر , التي كانت في العام الماضي ممتلئه تماما بالمياه لدرجة فتح مفيض توشكي لتسريب الفائض, اي انها كانت محمله بما لا يقل عن 140 مليار متر مكعب , تبخر منها وتسرب حوالي 13 مليار , ليتبقى 127مليار, اذا خصمنا منها حد التخزين الميت الخاص بالبحيرة فان المتبقي لا يقل عن قرابة 97 مليار , استهلكنا منها حصتنا المائية ال 5, 55مليار متر مكعب , والمتبقي يفترض ان يكون حوالي 41,5 مليار, يمكن ان نعوض منها الملء الثاني ويتبقى 5, 28 مليار, ومن هنا فلا ضرر سوي نقص هذا المخزون الاستراتيجي يمكن ان يلحق بمصر هذا العام , الخطر في العام القادم عندما لا يتبقي سوي هذا المقدار المتناقص بالتبخر لمواجهة اي حجز اثيوبي يتعدى قيمته , فبعد ذلك لا مصدر للخصم الا من حصتنا المائية التاريخية, وهو ما يعني في اي سنوات لاحقه ان حصتنا المائية ستنقص بمقدار ما تخصم اثيوبيا من مياه سنويا , يتراوح تقديرها حتي الآن بين 18-الي 25 مليار سنويا المقترض انها ستتوزع بيننا وبين السودان, اذا نالنا منها نقصا بمقدار 20مليارفان ذلك يعني ان زراعتنا قد ذهب نصفها ادراج الرياح , باعتبارها المستهلك الاساسي للمياه وبمقدار لا يقل عن 40 مليار متر مكعب.
غني عن القول ان الشروع في استهلاك مخزوننا المائي الحيوي الذي انقذنا من مجاعة نقص الفيضان خلال الثمانينات, يمثل كارثه تساوي مع استهلاكه التام خلال عامين علي الاكثر ,ان السد العالي قد انتهت قيمته الحقيقية و قد صار شأنه شأن خزان اسوان, لا علاقة له بالتخزين القرني للمياه بل لمجرد تنظيم صرف المياه!
كما انه غني عن القول , ان هذه الحدود للكارثه المائية غير مضمونه بالمرة , واي "اتفاقات ملزمه" لن تضمنها بحال , فلا ضمان للنيل من كامل الخطر الا بتغير موازيين القوه فيما يخص علاقة شعبنا بنيله وهو ما لن يتم الا في سياق استكمال ثورة يناير, خصوصا في ظل التصريحات الأخيرة لوزيري الخارجية والري الاثيوبيين والتي اكدت علي دقة تشخيصنا للكارثه المائية منذ ذر قرنها, باعتبارها مشروعا إمبريالي شاملا لن يبقي ولن يذر من مياه لنيل مصر والسودان , وعلي الاخص وان اثيوبيا تبني الآن بالفعل في ثلاثة سدود علي مجري نهر النيل الازرق .
في هذا العام المائي الذي سيبدأ في يونيو المقبل فان السودان هو المتعرض لخطر كبير , سيودي علي الفور بنصف الزراعة المروية ريا سطحيا, ويمكن ان يشرد 20 مليون سوداني كما صرح حمدوك, وهو ما نحاول تناوله لاحقا.