- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
دبلوماسية “أوتاوا”: كيف تصاعدت تحركات كندا على الساحة الدولية؟
دبلوماسية “أوتاوا”: كيف تصاعدت تحركات كندا على الساحة الدولية؟
- 15 أغسطس 2023, 8:28:46 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تسعى كندا مؤخراً لكي تصبح دولة محورية عالمية، وإن كان يُنسب إليها إلى حد كبير أنها موالية بوجه عام للسياستين الأمريكية والأوروبية بشأن معظم قضايا السياسة الخارجية الرئيسية على مر السنين؛ حيث تعمل الحكومة الكندية شريكاً مخلصاً في التحالفات الغربية المهيمنة، لكنها في الوقت ذاته تسعى بنشاط إلى وضع أطر مكثفة للتعاون مع مختلف القوى العالمية والإقليمية، ولا سيما أن تضع لنفسها موطئ قدم في العديد من القضايا ذات الأولوية الاستراتيجية بالنسبة إليها، مستفيدةً في ذلك من التحولات القائمة في النظام الدولي والتداعيات الممتدة للحرب الأوكرانية، وتصاعد الصدام بين الدول الغربية والقوى الصاعدة الطامحة، على غرار الصين وروسيا، إلى تغيير شكل النظام الدولي.
مظاهر التحرك
خلال السنوات القليلة الماضية، تبنَّت كندا تحركات ملحوظة تجاه مناطق مختلفة من العالم، ويرجع ذلك في الأساس إلى إدراكها ضرورة مساندة سياسات الدول الغربية المتحالفة معها في القضايا ذات الاهتمام المشترك، وربما جاءت الحرب الأوكرانية لتشكل لحظة مواتية للسياسة الخارجية الكندية. ويمكن إيجاز أبرز هذه التحركات على النحو الآتي:
1– اتخاذ موقف صارم للدفاع عن أوكرانيا: انضمت كندا إلى الولايات المتحدة وحلفاء آخرين في الناتو في فرض عقوبات على روسيا رداً على حربها ضد أوكرانيا، كما شاركت في تقديم المساعدات العسكرية لكييف، ورحَّبت باللاجئين الأوكرانيين. بالإضافة إلى ذلك، تعد كندا أول دولة في مجموعة السبع تسن قانوناً يسمح لأوتاوا بمصادرة الأصول التي يحتفظ بها الأشخاص الخاضعون للعقوبات، بل أيضاً بمصادرة الأموال وتحويلها إلى الضحايا المتضررين من النظام الذي تعرَّض لهذه العقوبات؛ فقد سبق أن صرَّح رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، بأن أوتاوا تخطط لبدء عملية مصادرة طائرة الشحن الروسية المحتجزة لديها، واستخدام أموالها لدعم كييف، وهو ما قد يكون أول استخدام للحكومة لهذا القانون؛ الأمر الذي أثار قلق موسكو خوفاً من اتباع دول أخرى نهج كندا في الأمر ذاته.
وفي يوم 8 أغسطس الجاري، أعلنت وزارة الخارجية الكندية أيضاً عن حزمة العقوبات الـ13 ضد النظام الإيراني، اتساقاً مع مواقف واشنطن ولندن والاتحاد الأوروبي؛ حيث تم وضع 7 أشخاص على قائمة العقوبات، وهم الذين لديهم مسؤوليات كبيرة في الشركات المملوكة للنظام الإيراني، التي تُنتِج طائرات مسيرة حربية، وتُصدِّرها إلى روسيا لدعمها في الحرب.
2– تبني سياسة صدامية مع بكين: مع انخراط الصين والولايات المتحدة في حرب تجارية وتقنية، واعتبار بكين منافساً استراتيجياً واقتصادياً، فإن كندا ليس لديها مجال للمناورة، بل تسير وفقاً للتوجهات الأمريكية في الشأن ذاته، وأبرز مثال على ذلك فرض أوتاوا حظراً نهائياً على شركة هواوي وZTE من شبكات “5G” الكندية، وهو الحظر الذي أعلنت عنه الحكومة الكندية في مايو 2022، كما سبق أن اعتقلت السلطات الكندية السيدة “مينج وانزو” في ديسمبر 2018 بمطار فانكوفر الدولي بناءً على طلب الولايات المتحدة، وذلك قبل أن يُطلق سراحها في سبتمبر 2021. و”مينج” مسؤولة رفيعة المستوى بالشركة، بل ابنة مؤسسها أيضاً ورئيسها التنفيذي، وقد تم اعتقالها على خلفية اتهام شركتها بمحاولة سرقة أسرار تجارية، وتفاديها للعقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران.
وفي الأشهر الأخيرة، أصدرت وسائل الإعلام الكندية تقارير إعلامية تستند إلى معلومات استخباراتية مسربة، حول مزاعم مفصلة عن تدخل صيني في الانتخابات الفيدرالية الأخيرة في البلاد خلال عامَي 2019 و2021، بالرغم من نفي المسؤولين الصينيين أي تدخل لبلادهم فيها، بيد أن تلك المزاعم قد عرَّضت “ترودو” لضغوط لبدء تحقيق عام وطني يبحث في هذه الادعاءات؛ الأمر الذي تسبَّب في إحداث توتر وتصعيد في العلاقات الدبلوماسية الصعبة بالفعل بين البلدين، وصل إلى حد الطرد الدبلوماسي المتبادل بين الطرفَين في شهر مايو الماضي.
3– تعزيز الدور العسكري دولياً: على خلفية التوترات الجيوسياسية العالمية، أقدمت كندا على زيادة حجم إنفاقها العسكري خلال السنوات الأخيرة؛ إذ وصل إلى نحو 27 مليار دولار أمريكي في عام 2022، وهو أعلى مستوى إنفاق منذ الحرب الباردة؛ وذلك مقارنةً بنحو 25 مليار دولار أمريكي خلال عام 2021، بيد أن كندا لا تزال بعيدة عن هدف الناتو الذي يرمي إلى زيادة الإنفاق العسكري بحيث يصل إلى نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي كحد أدنى؛ حيث لا تزال ميزانية الدفاع الكندية عند حد 1.22% فقط في عام 2022.
ولكن في الوقت ذاته، قررت كندا زيادة إنفاقها العسكري بمقدار 6,4 مليار دولار أمريكي على مدى 5 سنوات؛ بسبب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وفق ما جاء في الميزانية الفيدرالية؛ حيث وصفت وزيرة المالية الكندية “كريستيا فريلاند”، خلال مؤتمر صحفي، ما يجري في أوكرانيا بأنه “أخطر تهديد حالي للعالم”. وبالرغم من ذلك، فإن ميزانية الجيش الكندي في عام 2023 ستصل عند حد 1.3% من الناتج المحلي الإجمالي لكندا، وفقاً لإحصائيات حلف الناتو، وتجدر الإشارة إلى أن الوصول إلى مستوى 2% هذا العام يعني زيادة قدرها 20 مليار دولار في الإنفاق، إلا أن ذلك لن يأتي في الوقت الذي تواجه فيه كندا بالفعل عجزاً قدره 40 مليار دولار.
هذا وتعمل كندا على زيادة مشاركتها في البعثات العسكرية الدولية؛ حيث تمتلك عدة عمليات وتدريبات عسكرية مشتركة في مختلف مناطق العالم، وخاصةً في محيطها الإقليمي وأوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط، كما تقوم بتحديث جيشها بمعدات جديدة، مثل الطائرات المقاتلة والسفن الحربية والعربات المدرعة؛ ما يشير إلى التزامها بالحفاظ على جيش قوي قادر على مواجهة أي تهديدات محتملة، وضمان وفائها بالتزاماتها العسكرية تجاه حلفائها.
4– تقديم دعم للمهاجرين واللاجئين: في عام 2022، استقبلت كندا أكثر من 90 ألف لاجئ، ليُعَد بذلك أكبر برنامج لاستقبال اللاجئين في التاريخ الكندي، وقد ساعد ذلك في إظهار كندا بلداً مرحباً بالجميع والتزامها بمساعدة الذين نزحوا بسبب النزاعات المسلحة وتوفير ملاذ آمن لهم، خاصةً في ضوء ما يشهده العالم من تضاعف في عدد هذه النزاعات.
5– التمتع بنفوذ اقتصادي عالمي: باعتبارها دولة غنية ومزدهرة ذات اقتصاد قوي، تتمتع كندا بتأثير اقتصادي متزايد على الاقتصاد العالمي؛ إذ تشارك كندا في العديد من اتفاقيات التجارة الحرة، بما في ذلك اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا)، والاتفاقية الشاملة والمتقدمة للشراكة عبر المحيط الهادئ (CPTPP)، واتفاقية التجارة والاقتصاد الشاملة بين كندا والاتحاد الأوروبي (CETA)، فضلاً عن توقيعها اتفاقية التجارة الحرة مع المملكة المتحدة عقب خروجها من الاتحاد الأوروبي؛ وذلك باعتبارها أكبر شريك تجاري لها بعد الولايات المتحدة. وقد فتحت هذه الاتفاقيات أسواقاً جديدة للسلع والخدمات الكندية؛ الأمر الذي نتج عنه ارتفاع كبير في حجم تجارتها الخارجية، الذي وصل إلى نحو 1.17 تريليون دولار خلال عام 2022، مقارنةً بتريليون دولار في عام 2021، بمعدل زيادة وصل إلى نحو 17%.
6– توسع الدور في منطقة الهندو–باسيفيك: في شهر نوفمبر الماضي، أعلنت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي، عن استراتيجية الهند والمحيط الهادئ الكندية في مؤتمر صحفي عُقِد في فانكوفر، واصفةً المنطقة بأنها الأكثر ديناميكيةً في العالم. ويأتي ذلك تماشياً مع توجهات العديد من الدول الغربية على إصدار استراتيجيتها الخاصة بهذه المنطقة، في ضوء النفوذ الصيني المتنامي هناك. وتتكون الاستراتيجية الكندية من خمسة أهداف محورية تغطي الأمن، والاقتصاد، والأولويات الاجتماعية والبيئية. وتحدد المبادرات المصممة في هذه الوثيقة تأسيس كندا “شريكاً نشطاً ومشاركاً” للدول الآسيوية.
لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، خصصت حكومة ترودو 2.3 مليار دولار كندي لتمويل هذه المبادرات، تم تخصيص ما يقرب من 500 مليون دولار منها لمبادرات الدفاع وتعزيز الوجود العسكري الكندي هناك، وهو ما يعد دليلاً واضحاً على أن الحكومة الكندية جادة في تحسين وضعها لتكون لاعباً نشطاً في آسيا. بالإضافة إلى ذلك، فقد سبق أن أعلنت أوتاوا عن استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ خلال عام 2021، بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول المنطقة.
7– دعم الحضور في منطقة الشرق الأوسط: على مدار ست سنوات، بين عامي 2016 و2022، استثمرت كندا أكثر من 4 مليارات دولار للمساهمة في الجهود الدولية لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، وتقديم المساعدة الإنسانية الحيوية للمحتاجين، وزيادة المشاركة الدبلوماسية لكندا في العراق وسوريا والأردن ولبنان، كما سبق أن أعلنت وزيرة الدفاع الكندية أنيتا أناند، في بيان إعلامي، أن عملية “Impact” – وهي مهمة عسكرية كندية أطلقتها كندا لمحاربة تنظيم داعش منذ ما يقرب من عقد من الزمن – ستظل مستمرة حتى عام 2025؛ حيث سبق أن ساهمت في مساعدة القوات العراقية والكردية على استعادة جميع الأراضي التي استولى عليها التنظيم في العراق، بدعم من قوات التحالف الدولي.
وعلى صعيد العلاقات التجارية والاقتصادية، عززت كندا وجودها التجاري في الشرق الأوسط بشكل كبير على مدى فترة العقد والنصف الماضية؛ حيث إن نمو صادراتها ووارداتها مع المنطقة يتجاوز نمو كندا في التجارة بشكل عام؛ وذلك بفضل امتلاكها اتفاقيات تجارة حرة مع إسرائيل والأردن فضلاً عن اتفاقيات لتشجيع الاستثمار الأجنبي مع عدة دول في المنطقة، منها مصر والأردن والكويت.
8– المشاركة الفعالة في المنظمات المتعددة الأطراف: تعد كندا عضواً فعالاً في مختلف المنظمات المتعددة الأطراف، مثل الأمم المتحدة ومجموعة السبع وحلف شمال الأطلسي، كما تضطلع بدور قيادي في عدد من المبادرات الدولية، مثل اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ؛ إذ لطالما كانت كندا من المدافعين عن العمل المناخي، وقد تعهَّدت بتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 30% أقل من مستويات 2005 بحلول عام 2030، وساعدت هذه الخطوة على ترسيخ التزامها بالحد من هذه الانبعاثات.
محفزات جوهرية
تأتي التحركات الكندية الأخيرة تجاه العالم مدفوعةً بجملة من المحفزات، ويعد أبرزها ما يلي:
1– الاتساق مع السياسات الغربية وقيمها الوطنية: نتيجة لاعتمادها الهائل على الولايات المتحدة، دائماً ما يلقى اللوم على موقف البلاد الموالي لواشنطن بشكل كبير بشأن معظم قضايا السياسة الخارجية الرئيسية، بيد أنه في الوقت ذاته تهدف أوتاوا إلى اتباع سياسة خارجية أكثر حزماً، حتى تضطلع بلعب دور رائد في الساحة الدولية، وإظهار التزامها بقواعد القانون الدولي؛ ولذلك قامت بإدانة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتوسعت في فرض العقوبات الاقتصادية على دول مثل روسيا والصين وإيران.
هذا وتضع كندا على عاتقها ضرورة الالتزام باستخدام قيمها وتأثيرها لتعزيز السلام والأمن والازدهار العالمي؛ حيث تعتقد أن عليها مسؤولية دعم القانون الدولي وتعزيز حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، وهو ما دفعها إلى اتخاذ عدد من الإجراءات في السنوات الأخيرة، مثل فرض عقوبات على الدول التي تنتهك حقوق الإنسان، وتقديم المساعدات الإنسانية للدول التي تمر بأزمات، والمشاركة في بعثات حفظ السلام.
2– ضرورة تنويع مصادر التجارة الخارجية: تتطلع كندا إلى توسيع نطاق معاملاتها التجارية إلى ما وراء الأسواق التقليدية في أوروبا والولايات المتحدة؛ فبالرغم من توتر علاقاتها السياسية والدبلوماسية مع بكين، فإنها تعمل في الوقت نفسه على زيادة حجم تجارتها معها، خاصةً أن الصين لا تزال سوقاً تجاريةً مهمةً للشركات الكندية؛ لذلك تشهد العلاقات التجارية بينهما نمواً مطرداً؛ حيث وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو 100 مليار دولار خلال عام 2022، مقابل نحو 91 مليار دولار خلال عام 2021، بنسبة زيادة تصل إلى 10% سنوياً.
3– تحدي العقبات الاقتصادية: بالرغم من قوة وحجم الاقتصاد الكندي، فإنه يعمل على توسيع نطاق نشاطه الخارجي في خضم مواجهة تحدياته الداخلية؛ وذلك إثر كبر حجم الدين العام بالنسبة إلى حجم الاقتصاد على مدى السنوات الماضية، خاصةً أن نمو الاقتصاد الكندي لا يزال غير مضمون، في ضوء حالة الغموض العالمي الذي فرضته تداعيات الحرب الأوكرانية، واستمرار عمل كندا من أجل مواجهة تحدي انخفاض معدلات الإنتاج في البلاد. ويعزو الاقتصاديون ذلك إلى ضعف الاستثمار التجاري في الآلات والمعدات، وانخفاض الإنفاق على البحث والتطوير والحواجز أمام التجارة بين المقاطعات، كما تزداد الحاجة إلى زيادة الإنتاجية مع تقدُّم السكان الكنديين في السن، وانخفاض عدد العاملين الذين باتوا ينضمون إلى المزيد من المتقاعدين.
4– تأكيد القوة الناعمة الكندية: تتمتع كندا بقوة ناعمة فريدة من نوعها؛ لذا تسعى إلى استخدامها بشكل متزايد، مثل الدبلوماسية العامة والدبلوماسية الثقافية والمساعدة الإنمائية، لتحقيق أهداف سياستها الخارجية، كما تعد كندا واحدة من أكثر الدول التي تحظى بصورة إيجابية، نتيجة عدم وجود أي تاريخ استعماري لها. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر من أكثر دول العالم أماناً للإقامة؛ ما يجعلها وجهةً جاذبةً للهجرة واللجوء، خاصةً لأولئك الذين يرغبون في العيش بمستويات معيشة مرتفعة.
5– الدعم الشعبي للتوجهات الخارجية: تستمد أوتاوا قدرتها على التحرك خارجياً من الدعم الشعبي الداخلي؛ فقد أوضحت استطلاعات الرأي المنشورة في فبراير 2023، أن ما يقرب من ثلاثة أرباع الكنديين يرغبون في انتصار أوكرانيا في حربها ضد روسيا، بل يعتقدون أنه يجب النظر إلى روسيا على أنها تهديد أو عدو بعد هجومها على أوكرانيا؛ الأمر الذي شجَّع الحكومة الكندية على اتخاذ موقف أكثر صرامةً تجاه روسيا وحلفائها في الوقت الراهن.
وبالنسبة إلى العلاقات مع بكين، فوفقاً لاستطلاع رأي أجراه معهد أنجوس ريد، في مارس 2023، فإن 40% من الكنديين ينظرون إلى الصين باعتبارها تهديداً لمصالح الحكومة الفيدرالية، بينما اعتقد 22% منهم أن الصين عدو لكندا. ويمكن القول إن وجهات نظر الكنديين للعالم قد تأثرت بالتطورات الأخيرة في العلاقة بين كندا والصين، مع مزاعم بأن الحكومة الصينية تدخلت في الانتخابات الكندية الأخيرة مرتين، كما شارك الكنديون وجهات نظر سلبية بشأن روسيا.
خلاصة القول: لا تزال التحركات الكندية على صعيد سياستها الخارجية مرهونة بمواقف حلفائها الغربيين في التعامل مع مختلف القضايا الدولية، لا سيما بعد أن أصبحت البيئة الأمنية الدولية معقدة بشكل متزايد نتيجة الضغوط التي تفرضها القوى العظمى المتنافسة، وخاصةً بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، وبين روسيا والصين من جهة أخرى. بيد أن هذه البيئة المشحونة بالمخاطر لن تحد من عزيمة أوتاوا في تعزيز نفوذها الدولي ومصالحها الخارجية؛ حيث ستسعى إلى تنفيذ استراتيجيتها الخاصة بالهندو-باسيفيك، التي تمثل تحولاً جوهرياً في سياستها إزاء هذه المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية.
بالإضافة إلى ذلك، ستعمل كندا على تبني خطاب قيمي على الصعيد العالمي، وتعزيز العمل المكرس بشأن تغير المناخ والبيئة، وتشكيل نظام دولي قائم على القواعد وسيادة القانون وحماية حقوق الإنسان، فضلاً عن تعزيز نظام التجارة الدولية الحرة؛ لضمان تأمين سلاسل التوريد العالمية، ومكافحة الإكراه الاقتصادي وغيره من الممارسات التجارية غير العادلة.