دلاوي نصر الدين يكتب: عيد بأيّة حال عُدت يا عيد

profile
دلاوي نصر الدين كاتب وصحفي
  • clock 29 مارس 2025, 7:32:11 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

و دخل علينا تَسبقه بَسْمتُه الخفيفة، يمشي وئيدًا، و تَعْلو المَهابة مُحيّاه.ألقى بجسده المُتعَب على كرسيّه الخشبيّ، و كَسَت وجهَه ذا التّجاعيد سَحْنتُه المعهودة.تفحّص الحاضرين طويلاً، ثمّ مسح المكان بعَينيه الغائرَتين، كأنّما يبحث عن غائب، أو يتطلّع إلى قدوم مسبوق.أطرق رأسه قليلاً، و صمت صُماتًا، كأنّما يبحث عن الكَلِم المناسب، أو يحاول اسْتحضار المعنى البعيد.ثمّ ابتسم ابتسامة أضاءت وجهه، و الْتفت إلى الجُلوس مِن حوله، مردّدًا بيت المتنبّي في هدوء و خشوع: 


عيدٌ بأيّة حال عُدت يا عيدُ بما مضى أم بأمر فيك تجديدو كان هذا البيت لُمْجته التي فتحت شهيّته، و مَدخلَه الذي أطلقه من عِقاله و حرّره، و فأنشأ يقول


عيدٌ يجيء، و عيدٌ مضَى
و عيدُ اليوم، شبيهٌ بعِيد قَضَى
يجيء العيدُ، و ما جَفَّت مآقينا
و هَذي الآلام تَلبِسنا
و الأحزانُ ما بَرِحت،يومًا، نَوادينا
فلسطين ثَكلَى، و السّودان تَندُبنا
و الشّام تَنزف، و أوطانٌ أخرى تُنادينا
فكيف العيد ؟ و هل يجوز العيد في نَوادينا ؟ 

و مضى الشّيخ الجليل، يَسرد الوقائع و الأحداث، و يُلقي بالأمثلة و الكلمات، ممزوجةً بالألم و المعاناة.يَصهر بها الحاضرين صَهرًا، و يَعصرهم عَصرًا، فتراهم مِن شدّة الموقف يَتمَلملون، و لحَرِّ الخطاب يَستجيبون، و هم،في كلّ الأحوال، إليه مُنجذبون و لكن وجدتُني أردّد لحنًا آخر جميلاً، شعرتُ به بين جوانحي، يُطْربني فيُؤْنسُني، و تهتزّ له روحي فيُحْييني
نعم فَلْنفرحْ بالعيد، هذا العيدُ و كلُّ عيد


فالعيدُ هو عُدّتنا،و العيد هو قوّتنا
و العيدُ هو عَودة وَحدتنا
العيدُ مَضاء عزائمنا
و العيدُ جَلاء مآسينا
العيدُ انتصارٌ على غفلتنا
و العيدُ هو إخراجٌ مِن وَهْدتنا 
و العيدُ حياةٌ أخرى بعد مَوتتنا
فَلنفرحْ بالعيد، هذا العيدُ و كلُّ عيد 
و لْنكبِّرْ تكبيرة مَن وَقَفوا يومًا
هاتفين في بَدر، و على أُحُدٍ: 
الله مَولانا، و لا مَولَى لكم
الله مَولانا، و لا مَولى لكم

كلمات دليلية
التعليقات (0)